|
|
 بلدة قشــيرة ... من اعمال وادي ســـيدنا
|
يحكي ان رجلا يدعي فقري القشــيري كان يحترف بيع البطيخ في بلدته قشـــيرة ، وكان قبل ذلك يعمل ببناء البيوت فكان بحكم العادة يقوم برص بطيخاته بعضعها فوق بعض كالمدماك فوق المدماك .. بعضه يشد بعض .. يفعل ذلك بجهد ومثابرة كانت تثير اعجاب بعض اهل البلدة من محبي البطيخ .. الاحمر .. وكان لا يمل من رفع بطيخة وقعت وتدحرجت .. يضعها في مكانها فوق اخواتها حتي ولو استغرق ذلك منه وقتا طويلا ..وكان يأتي الي السوق مباشرة بعد صلاة الفجر ويبدأ عمله حتي اذا جاء الناس الي السوق وجدوا البطيخ مرصوصا في احسن هيئة..وبعد ان ينتهي من رصهابحيث لا يكون هنالك منفذ حتي للهواء .. يتراجع قليلا الي الوراء وينظر اليها متراصة متماسكة.. فيغمره السرور ويملأه الاحساس بأهمية عمله..ويكبر امله في ان تجتذب طريقته الهندسية الفريدة في رص البطيخ وعرضه انظار المارة فيقبلوا علي بضاعته.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بلدة قشــيرة ... من اعمال وادي ســـيدنا (Re: ba7ar)
|
وكان( ديموق ليس) الحداد الذي يحترف صناعة السيوف وبيعها .. يقوم بعرضها علي قارعة الطريق علي الجانب الآخر من باحة السوق.. مواجها بطيخات فقــري القشـــيري المتراصة دومابعناد مذهل .. متماسكة بحيث هتف احد ما من المارة : حمدا لله ان نيوتن لم يعش في زماننا هذا .مرتديا لبوس الحرب وشاهرا سيفه يهزه ويلاعبه ويقوم بحركات ارتجالية لجذب الزبائن الي بضاعته ، اصبح ديموقليس معلما من معالم الباحة ، وكان يمكن حتي للواقف علي ضفة النهر تمييزه من تجمهر الصبية الصغار حوله وصياحهم معه وهو يقوم بعرضه وحركاته القتالية دائرا حول الباحة. وكان يقال ان هذه الضجة والجلبة التي يثيرها ( ديموق ليس ) وخلفه الصبية هي اول اسباب الخلاف الذي ثار لاحقا بينه وبين فقــري القشــيرى والذي كانت بطيخاته تفقد انتظامها الهندسي وتتبعثر حول الباحة تحت اقدام ( ديموق ليس )وصبيته..ويفقد هو هدوءه النفسي فيرمي ديموقليس بالجنون والسفه وقلة العقل وتدور بينهما معركة كلامية كانت تشكل اليوم في باحة السوق . بيد ان هذه الخصومة والمنافسة الشديدة بين الاثنين كانت ضارية بحيث يمكن تصديق تلك الرواية التي تقول ان ( ديموق ليس ) كان يتعمد مضايقة فقــري القشــيرى حتي يضطره لمغادرة باحة السوق ، بل ان بعض الرواة ادعي انه رأي ديموقليس يضرب بسيفه احدي البطيخات ويفقشها الي نصفين حتي يبين للمارة انها بيضاء - مع سوء - وقرعة من الداخل. لم يكن ديموقليس يخفي كراهيته للبطيخ وبائعه وضيقه بمزاحمته له في باحة السوق ، وكان ذلك نسبة لانكباب الناس اول الامر علي بطيخ فقــرى القشــيرى والذي صادف صيفا شديد الحرارة ، الامر الذي حدا بفقــرى القشــيرى لمضاعفة الكمية المعروضة ، ثم ما لبث ان تملكه الطمع فطفق ينشر بطيخاته ويرصها مستغلا كامل مدخل الباحة رغم التنبيهات المستمرة من اصحاب الدكاكين ورغم غارات ديموقليس وصبية البلدة.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بلدة قشــيرة ... من اعمال وادي ســـيدنا (Re: ba7ar)
|
كان فقــري القشــيرى كأنه يسابق الزمن ليبيع اكبر كمية ممكنة من بطيخاته ، فلجأ الي توزيع كمية كبيرة منها علي اصحاب الدكاكين في السوق ووضعها في الرفوف والفترينات ، حتي لا يمر احد في السوق الا ويري البطيخات. ثم كان بعد زمن ان بدأ الناس يسأمون رؤية البطيخ في كل مكان .. وخفت شهوتهم له.. ومن عجب ان قانون العرض والطلب كان معروفا حتي في ذلك الزمان الغابر وفي تلك البلدة المنسية، لكن فقــرى القشــيرى استمر في عرض بطيخاته .. في صف طويل متراص يبدأ من مدخل الباحة ويستمر الي ما لا نهاية. ممنيا النفس بالقادمين الجدد الي البلدة كان بين الفينة والفينة يشرئب الي مطلع الدرب.. وكان يمكن رؤيته يستقبلهم هاشا باشا ويصافحهم بيد .. وفي الاخري شقفة بطيخة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بلدة قشــيرة ... من اعمال وادي ســـيدنا (Re: ba7ar)
|
اذا كان الامر قد بدأ لي كما حدثتكم في تلك الرحلة ، فلعله يشفع لي انني لم اتعمد تضليلكم ) 1
لا يعلم احد علي وجه التحديد ماذا حدث بعد ذلك ، ولكن تواترت بعض الروايات الغير مؤكدة من هنا وهناك، وكان يمكن ان تسمع بعض الرواة كبار السن يقولون نقلا عن ابائهم ان بطيخ فقــري القشــيرى قد كســد كســادا شديدا، رغم ان الصيف في تلك السنة كان طويلا وشديد الحرارة ، وكان ليكون البطيخ حلا ناجعا لذاك الحر لولا اصرار بائعه علي محاولة احتكار مدخل السوق ووسطه وحتي تشــاشــات الدكاكين لعرضه بكميات كبيرة الامر الذي ( مـرقه ) - بتشديد الراء - من نفوس الناس.. ويقول آخــر .. لا .. بل كانت طريقته المتقعرة في عرض البطيخ .. صفوف متكدسة بعضها فوق بعض .. اذا رفعت رجلك لم تكد تضعها من كثرة البطيخ..( والعجيب انه بطيخ امس واول امس والاسبوع الفات .. معفص ومكرمش ).ثم ان الروايات اختلفت في مصير فقــري القشــيرى .. فمن قائل انه بعد خسارته الكبيرة اعتكف بداره نادبا حظه لوجوده في بلدة لا يفقه اهلها شيئا.. يتسلي بين الحين والآخر مع بعض رهطه .. وبينهم شقف البطيخ.. وآخــر يقول .. بل اتعظ من خسارته وعمل بنصيحة اهله وجيرانه وترك احتكاره لمدخل السوق وتوزيعه البطيخات في كل مكان وعاش بين الناس مثله مثل غيره.. ثم تسمع غيره يقول ان فقــري القشــيرى استمر في عمله رغم الخسارة وضيق الناس بتقعره
لا تستطيع ان تؤكد اي من هذه الروايات.. تلك احداث قديمة اكل الدهر عليها وشرب
1 - ضوالبيت
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: بلدة قشــيرة ... من اعمال وادي ســـيدنا (Re: ba7ar)
|
ولكن الغريب ان لا احدا من الرواة يعرف شيئا عن مصير ديموقليس الحداد .. بائع السيوف والسكاكين .. ما عدا امرأة مسنة ادعت ان امها كانت آنذاك طفلة صغيرة تلعب مع الصبية الذين كانوا يتجمهرون حول ديموقليس ويرددون صياحه ويقلدون حركاته بالسيف .. وانها رأته لآخــر مرة عند مغيب يوم راكبا بغلته العرجاء خارج البلدة .. متجها نحو مطلع الدرب لا يلوي علي شئ.. ثم تستدرك : كان ذلك مع بداية الخريف تلك السنة .. ( بعد صيفا طويل ســل روحنا معاهو) .ا
| |
|
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست