مكي علي بلايل في اخطر مقال :الانقاذ تتحرى الكذب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2024, 10:43 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-07-2003, 08:31 AM

Napta king
<aNapta king
تاريخ التسجيل: 04-03-2003
مجموع المشاركات: 767

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مكي علي بلايل في اخطر مقال :الانقاذ تتحرى الكذب


    أملاً في تعلم بوربون السودان

    الزعم بطرح ناكورو لبنكين مركزيين يجافي الصدق ويدخل في خانة الكذب

    الوثيقة لم تطرح شيئاً خيالياً غير متوقع يبرر كل هذه الضجة وتسميم الأجواء


    بين يدي هذه المقالة التي على الارجح لن تسر اهل الحكم ومن شايعهم شان كثير من سابقاتها ، نرى بعض الجدوى من التأكيد على انه ومهما كان الخلاف مع النظام فاننا لا نتخذ موقفا ضد خطه في كل الاحوال وكيفما اتفق ، فهذا زيغ عن جادة الحكمة التي تلزم الناس في حياتهم عامة وفي شانهم السياسي المعروف بتقاباته خاصة والذي قلما يعرف الموافقة المطلقة .
    ويتمثل جدوى مثل هذا التأكيد في تقديرنا ، في إمكانية ان يبدد ظن البعض في الطرف المشار إلية ، بان مواقفنا من سياساتهم تنطلق من اعتبارات شخصية تغذيها مرارات توهموها واجتهدوا في ترويجها ، بزعم ان سبب الخلاف بيننا هو المنصب ، بيد ان أي مراقب منصف لابد ان يقر بان خلافا مشهورا حول قضايا موضوعية بيننا وبينهم كان سابقا لمغادرة المنصب بل السبب لذلك وليس العكس .
    ونقول تحدثا بنعمة الله ان كل مواقفنا حول القضايا الوطنية تمليها علينا اعتبارات المصلحة العامة كما تهدينا إليها قناعاتها الفكرية وتقديراتنا الظرفية ، فلا شئ اذا يدفعنا لنتخذ معاداة سياسات الحكومة عقيدة.
    وئن اعترت الخشونة اللفظية بعض مخاطباتنا مع القوم ، فانها لم تكن ابتدارا في اي وقت وانما رداً للصاع بصاع وليس صاعين إلتزاما بمقتضى (ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم).
    وبهذه التوطئة ندخل في موضوعنا الذي يدور حول قضية السلام التي هي أولى من بين كل القضايا بتحري الدقة والموضوعية والتزام جانب الحق بغض النظر عن الموقف من هذ الطرف أو ذاك.
    ولقد دخلت قضية السلام مأزقاً بعد ان تمخض عن جبل الآمال التي علقت على جولة ناكورو الاخيرة فولد إحباطاً كبيراً وعلى إثر ذلك بدا المناخ يعود إلى عهد المزايدات والتعبئة غير الموضوعية والإستقطاب مما يشي بان الأطراف ربما حاولت العودة إلى تكتيكاتها القديمة في اللعب على عامل الوقت . وإذ لم تثمر المماطلة في الماضي سوى مزيدا من التعقيدات فلربما ادت هذه المرة إلى الانزلاق إلى هاوية ذات قرار سحيق وهذا ما يحتم الإجتهاد في تبصير الرأي العام بالحقائق لسد الطريق على أعداء السلام وما اكثرهم .
    ونسبة لاهمية الموضوع وحساسيته فقد آثرنا عدم الخوض في تداعيات ما بعد ناكورو قبل الوقوف على الوثيقة التي أثارت كل ذلك الغبار الكثيف ، وبعد الاطلاع على الوثيقة نقول ان غيوم الاحباط الكثيفة التي التي لبدت سماءنا انما هي نتاج للطريقة الدرامية التي اختارتها الحكومة للتعامل مع الوثيقة ،.
    وهذه الطريقة قائمة على دغدغة العواطف بدلا عن الموضوعية بل انها للأسف الشديد تحيد عن الصدق المفروض شرعاً.
    وبرهانا على ذلك وتأكيداً لما قلناه من اننا لا نقف ضد خط النظام بلا هدىً ، يتعين علينا ان نحاكم مادة التعبئة التي تقوم بها الحكومة بما تطرحه الوثيقة ويقتضيه المنطق السليم في مثل هذه الحالات ، ولأجل هذه المحاكمة نورد أساسيات مادة التعبئة هذه والتي تتمثل حسب متابعتنا في ما يلي:
    أولا ان وثيقة ناكورو تنكرت لخيار الوحدة في الفترة الانتقالية كما أكد عليها بروتكول مشاكوس وذلك بطرحها لجيشين وبنكين مركزيين في الشمال والجنوب
    ثانيا : ان الوثيقة سلمت حكم الجنوب كله للحركة الشعبية وتجاهلت بصورة كاملة مشاركة القوى الجنوبية الاخرى .
    ثالثاً : ان الوثيقة قيدت رئيس الجمهورية في إتخاذ القرارات بإشتراطها لموافقة نائب الرئيس على تلك القرارات ما يعني إعطاء الأخير حق النقض ( الفيتو) .
    رابعاً ان الوثيقة في الوقت الذي تحرم الحكومةالمركزية من القيام بدور مؤثر في حكم الجنوب تسمح لقرنق بصلاحيات كبيرة في حكم الشمال
    خامساً : إنها أي الوثيقة تخالف بروتوكول مشاكوس في ما يتصل بعلاقة الدين بالدولة وذلك بطرحها حول العاصمة القومية والذي يعني العلمانية حسب مفهوم الحكومة.
    سادساً : أن الوثيقة غير متوازنة في موضوع قسمة اذ تعطي الجنوب اكثر مما ينبغي دون مراعاة لحاجات الأقاليم الاخرى.
    وقبل التعليق على هذه النقاط في ضوء نصوص وثيقة ناكورو ويجدر بنا تثبيت بعض الامور التي نراها ذات جدوى في الحكم على الاشياء في هذا الخصوص .
    ومن هذه الأمور ما يلي:
    اولاً: إن وثيقة ناكورو قدمت للفرقاء باعتبارها إطار للتفاوض وليست وثيقة نهائية للامضاء.
    ومعنى هذا الكلام ان اي من الطرفين يملك كل الحق نظريا أن يرفض وعلى طاولة المفاوضات كل نقاط الوثيقة من أولها إلى آخرها.
    ثانياً : إن اتفاقية السلام التي تستهدفها المفاوضات وبالمنطق البديهي ستؤسس للترتيبات الاستثنائية سواء بالنسبة لأجهزة الحكم بمشروعيتها وصلاحيتها أو بالنسبة لكيان الدولة في الفترة الانتقالية حيث من الضروري أن تتوازن الترتيبات بين ضرورات الدولة الواحدة ون ناحية واحتمالات الانفصال وقيام دولة جديدة من ناحية أخرى وبالتالي فان اي قياس للترتيبات الانتقالية على أوضاع الدولة العادية غير وارد ولا يعدو ان يكون ضربا من التضليل
    ثالثاً : إن الحكومة المركزية ومؤسساتها ليست شمالية كما يريد البعض أن يوهم الناس بل هي كيانات قومية تخص الشمال والجنوب وحكومات ومؤسسات الولايات الجنوبية تقابلها حكومات ومؤسسات الولايات الشمالية وليست الحكومة الاتحادية ومؤسساتها
    رابعاً : إن عملية السلام الجارية لايمكن أن تطرح جانباً دون اعتبار الإرث الذي تأسس في هذا الشأن بعبرة الموجبة منها والسالبة
    والآن نعود إلى ما زعمته الحكومة من مآخذ على وثيقة ناكورو لتقييمها في ضوء نصوص تلك الوثيقة وفق مقتضيات المنطق السليم لنبلوا لذلك أهدافها الحقيقية من الحملة التي تشنها وبداية فانه لم يكن متوقعا بل لم يكن مطلوباً من الحكومة أن تقبل النقاش الجاد والتعديل إضافة وحذفا ولما كانت الوثيقة مطروحة أصلا للأخذ والرد فان الأمر لم يكن يتطلب الاعتراضات والمقترحات بصورة موضوعية على طاولة التفاوض وحين نأخذ النقاط التي أثارت الحكومة كل هذه الضجة واحدة تلو الأخرى نجد أن الحيثيات التي تستند عليها واهية لدرجة مريعة فالحديث عن مجانبة الوثيقة لخيار الوحدة في الفترة الانتقالية زعم لا أساس له ولا تملك الحكومة على هذا الزعم دليلاً يمكن أن يقف على رجلين فما قيل عن ان النص على وجود جيشين خلال الفترة الانتقالية يعني التأسيس لواقع الانفصال أمر غريب حيث يدرك الجميع ان الحكومة وقعت من قبل اتفاقية الخرطوم للسلام مع فصيل الدكتور رياك مشار وقد انصت تلك التفاقية على بقاء قوات دفاع الجنوب خلال الفترة الانتقالية كقوات مستقلة بتشكيلاتها وقيادتها وبالطبع لا يتوقع ان تقول الحكومة انه كانت تؤسس بواقع انفصالي لاتفاقية الخرطوم للسلام وحيث ان العبرة للمعاني لا الأسماء فان إطلاق أسم قوات أو جيش على التشكيلات العسكرية لا يغير من الواقع شيئاً وصحيح أن الحكومة نكصت على عقبيها بخصوص الترتيبات العسكرية الواردة في اتفاقية الخرطوم للسلام وكان ذلك أحد أسباب خروج مشار ومن تبعه .
    ولكن الحقيقة الباقية هي أن الحكومة قد قبلت في تلك الاتفاقية التي أبرمتها وان لم تحترمها ، مبدأ وجود جيشين خلال الفترة الانتقالية بغض النظر عن الأسماء . وإذا كان ذلك قد حدث مع فصيل مشار الأقل شاناً فمن غير المنطقي ان يتصور أحد شيئاً دونه مع الفصيل الرئيسي الذي يحظى بكل الدعم الدولي والاقليميي الذي نعلم .
    وعلى العكس فمن الطبيعي أن يتصور المرء أن تؤدي عبرة ما جرى في شان الترتيبات العسكرية في اتفاقية الخرطوم للسلام إلى المزيد من التشدد لسد الثغرات من جانب الحركة وهذه إحدى سلبيات نقض العهود.
    إذا فان مبدأ وجود جيشين خلال الفترة الانتقالية أمر مفروغ منه في تقديرنا ويبقي المتاح فقط الحديث عن تفاصيل صلاحيات كل منهما وطبيعة العلاقة العضوية أو التنسيقية بينهما .
    ويبقى من حق الحكومة بل من وأجبها ان تسعى بكل ما أوتيت من مقدرات لتعظيم صلاحيات الجيش القومي وتأكيد دورها كجيش لوطن واحد وليس تشنج لأي حال سبيل إلى هذه الغاية .
    أما عن الزعم بطرح الوثيقة لبنكين مركزيين واعتبار ذلك دليلاً على إقامة واقع انفصالي ، فزعم يجافي الصدق ويدخل في خانة الكذب بكل أسف
    إن الترجمة المباشرة لما تطرحه وثيقة ناكورو في هذا الخوص تقول : "انه ستكون هناك سلطة نقدية واحدة يمثلها البنك المركزي السوداني والذي سيرسم وينفذ السياسة النقدية وان كل المؤسسات المالية ستخضع لقوانين ونظم البنك المركزي" .
    وتمضي الوثيقة بالقول : "انه ستكون هناك واحدة وان البنك المركزي سيضع برنامجاً لإصدار عملة جديدة" وتضيف الوثيقة أن الطرفين يتفقان على ان لجنوب السودان احتياجات تمويلية ومصرفية خاصة وبناء على ذلك تقترح الوثيقة أن ينشئ البنك المركزي فرعاً لجنوب السودان لمقابلة الاحتياجات التمويلية للإقليم في حدود السياسة النقدية القومية إذا فان الحديث عن بنكين مركزيين إحداهما للشمال والآخر للجنوب تحريف صريح للحقيقة .ثم نأتي للادعاء القائل بان وثيقة ناكورو سلمت الحكم في الجنوب للحركة الشعبية وحدها وتجاهلت بقية القوى الجنوبية ، والحقيقة لا أدري ، أمرة هي أم حلوة ، هي أن ما جاء في الوثيقة بهذا الشأن يكذب هذا الادعاء بكل وضوح . فالفقرة (1-6) في باب قسمة السلطة تقول :"تعترف الأطراف بالحاجة لشمول الاستيعاب من أجل تأمين استمرارية الترتيبات الانتقالية من خلال حكومة وحدة وطنية ذات قاعدة عريضة وفي هذا الصدد فان هياكل كلا من الولايات الشمالية والجنوبية والحكومة القومية ستستوعب الأحزاب والقوى السياسية خلاف الطرفين الموقعين على هذه الاتفاقية ، ويعترف الطرفان بالحاجة لاستيعاب عناصر الأحزاب المعارضة في المؤسسات التي تنشئها الاتفاقية مع عدم المساس بمسؤوليات أي منهما في قيادة مسيرة السلام . وسيعمل الطرفان معاً لتحديد والاتفاق على الطريقة المثلى للاستيعاب الكامل لمختلف الرأى السياسي" .
    إن المرء ليحتار بعد الوقوف على نصوص الوثيقة في أمر التعبئة القائمة على صحيح الكذب في هذا الخصوص والتي تمضي إلى حد ان يهدد بعض الجنوبيين باللجوء إلى الغابة إن قبلت الوثيقة كأساس للتفاوض في أسوأ مشهد للمزايدة غير الأمينة .
    وبالنسبة لما تعتبره الحكومة تقيداً لرئيس الجمهورية واشتراط الوثيقة موافقة نائبه على القرارات التي يصدرها ، فان هذا يعدو ان يكون حكماً غير موفقاً على ما هو استثنائي بمعيار الحالة العادية .
    فالحقيقة البديهية التي يجب ان تكون معلومة للحكومة ولغيرها هي ان اتفاقية السلام لا تقيد الرئيس فحسب بل حتى الدستور الذي يقوم عليه النظام وكل المؤسسات المنبثقة عنه .
    فهل يمكن في مثل هذا الواقع السماح لأحد الطرفين إتخاذ قرارات بمفرده قد تؤثر على التطبيق السليم للاتفاق ؟ .
    لقد كان لكل من الطرفين خلال سير المفاوضات الخيار الذي يراه مناسباً من وجهة نظره فطرحت الحركة الشعبية الرئاسة الدورية وطرحت الحكومة أن تعطي الحركة نائباً للرئيس ضمن نواب آخرين .
    وبين هذا وذاك طرحت الوثيقة مؤسسة رئاسية من رئيس ونائب يتخذ القرار فيها بالتوافق لضمان الالتزام بالاتفاقية فما الغرابة في هذا؟ ونقول ان لا غرابة إلا في موقف الحكومة خاصة إذا علمنا ان الطرفين قد اتفقا في مذكرة التفاهم الموقعة بينهما بنيروبي في الثامن عشر من نوفمبر 2002م على مبدأ اتخاذ القرار بالتوافق في مؤسسة الرئاسة ثم ان الحكومة تسرف في التضليل حين تقول أن الوثيقة تمكن قرنق من حكم الجنوب لوحده وهذا كذب كما بينا ، وفي ذات الوقت تعطيه نصيباً كبيراً في السلطة في الشمال ، وفي تقديرنا فان هذا خلط متعمد للأمور فالوثيقة لا تعطي الحركة الشعبية أي حق في السلطة في الشمال وإنما في الحكومة والمؤسسات الاتحادية يعتقد البعض أنها شمالية وهي ليست كذلك .
    فالحالة الوحيدة التي تعطي فيها الوثيقة لرئيس الحركة الشعبية سلطة شكلية في الولايات الشمالية تتمثل في تعيين الولاة ففي هذه الحالة تقضي الوثيقة بان حكام الولايات في الفترة ما قبل انتخابات يتم تعيينهم بواسطة مؤسسة الرئاسة (الرئيس ونائب الرئيس) بعد أن يتقدم المجلس التشريعي للولاية بعدد من الأسماء لشغل المنصب . وفي حالة اختلاف الرئيس ونائبه حول حكم أي ولاية فان رأي الرئيس ينفذ بالنسبة للولايات الشمالية فيما ينفذ رأي نائب الرئيس بالنسبة للولايات الجنوبية ونكرر مرة أخرى إن الحكومة الاتحادية ومؤسساتها ليست شمالية بل هي قومية لكل السودان جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً فمتى يدرك البعض هذه الحقيقة البديهية جداً ؟؟ .
    وأخيراً فان ما تطرحه الوثيقة في قسمة الثروة وفي أمر العاصمة القومية فيه متسع للحكومة للمحاججة والأخذ والرد ، وزبد الرأي في كل ما قلناه هي أن الوثيقة وان لم تخلو من نقائص فأنها لم تطرح شيئاً خيالياً غير متوقع يبرر كل هذه الضجة وتسميم الأجواء بهذا الشكل وهي من قبل ومن بعد إطار للتفاوض كما أسلفنا أن حركة الحكومة في التعبئة والاستقطاب تذرعاً بوثيقة ناكورو بلا مبرر منطقي تدفعنا للتخوف من عودة نهج المتنفذين القديم القائم على المماطلة وشراء الوقت لتلافي استحقاقات السلام ولأطول فترة ممكنة مع توهم إمكانية حدوث متغيرات لصالحهم .وهذا التخوف يقودنا لتكرار نصائح قديمة سبق أن أسديناها ولم يعرها أحد اهتمام ثم جاءت الأحداث بعدها لتؤكد صدقيتها . ونكرر هذه النصائح أملاً في أن يتعلم بوربون السودان من أخطائهم السابقة ويتلافوها .
    وأولى هذه النصائح هي أن التعويل على عامل الوقت بتكتيك المماطلة ليس في صالح الوطن عموماً ولا في صالح النظام خصوصاً وقد قلنا هذا الرأي قبل أكثر من سنتين خلال الفترة القصيرة التي قضيناها في استشارية السلام في وثيقة مكتوبة مرفوعة إلى القيادة العليا بعنوان خطوط عريضة في لاستراتيجية السلام والوحدة .
    وقد جاء في تلك الوثيقة :"أننا يجب أن ننتهج سياسة البحث النشط عن السلام والتعويل على عامل الوقت ليس في مصلحتنا وحتى وان بدأ أن المناخ الدولي والإقليمي يتطور في صالحنا إننا لا نستطيع ضمان محافظة عناصر هذا المناخ للاتجاه الايجابي في ما يتصل بقضية الجنوب والأرجح أن الدول المعنية بهذه القضية ستضيق ذرعاً بتطاول الحرب مما قد يؤدي لتدخل لا تحمد عقوابه" .
    ويوم بذلنا تلك النصيحة كان المتنفذون يرون حتى اتفاقية الخرطوم للسلام ورطة أدخلهم فيها فلان وعلان (يستطيع القارئ بحدسه أن يعرف المقصودين) وكانت الأجواء الإقليمية التي حسبوها ايجابية قد أغرتهم بإمكانية التنصل من حق تقرير المصير والتشبث بالمبادرة المصرية الليبية المشتركة حساب الإيقاد .
    ودفعنا كل ذلك أن نقول في ذات الوثيقة المشار إليها : (إن من الركائز التي يجب أن تنبني عليها استراتيجية السلام والوحدة احترام المواثيق وان التنصل من حق تقرير المصير سيكون خطأ أخلاقياً لأنه نقض لعهد وسيكون خطأ سياسياً لان ببساطة غير ممكن فقد أصبح الأمر التزاماً حكومياً معلوماً دولياً وإقليميا ولا مفر منه) .
    وحيث أن القوم وصفونا بأوصاف أهونها قلت الخبرة وعدم الدراية فلم يكن من سبيل للتعامل بتلك النصائح حتى إذا كان ضحى الغد بعد سبع أشهر من تاريخ تلك الوثيقة تدخلت الولايات المتحدة عن طريق القس الشيخ جون دانفورث لتبرز معطيات جديد ستفرز واقعاً لن يبالغ من يقول شانه يا حليل اتفاقية الخرطوم لسلام .
    ومرة أخرى نقول أن التعويل على عامل الوقت ليس من الصالح فالتداعيات السياسية والاجتماعية في السودان تقول بان الوصول إلى سلام اليوم خيراً منه غداً . ونصحيتنا الثانية المهمة للحكومة تتصل بأمر الوفاق والإجماع الوطني وهذا الأمر صنو للسلام في اعتقادنا .
    ورأينا في هذا أيضا ليس بجديد فقد قلناه قبل أكثر من خمس سنوات في وقت كان الحديث عن الوفاق في صفوف أهل الحكم ضنيناً .
    ففي مقال بجريدة الجمهورية عام 1998م بعنوان السلام الضائع في حرب بلا نصر قلنا ( إن الحرب الدائرة اليوم بين الحكومة والمعارضة المسلحة الجنوبية منها والشمالية هي حرب بلا نصر لأنها في الحقيقة حرب ضد الذات ، ومع ذلك فان معادلة القوة بمفهومها الشامل لن تمكن أي من الطرفين من إحراز نصر حاسم وإملاء كامل لإرادته على الطرف الأخر في المستقبل المنظور وتأسياً على ذلك فان الحكمة تقتضي التوصل على حل على أسس أهمها الاعتراف المتبادل بصورة صادقة بين الطرفين . الاتفاق على برنامج وطني قوامه المصالح الوطنية العامة في الإصلاح الاقتصادي وبسط الأمن وإطلاق الحريات السياسية ، الاتفاق على حل مشكلة الجنوب بالمزاوجة بين اتفاقية الخرطوم للسلام ومقررات اسمرا للقضايا المصيرية ، الاتفاق على فترة انتقالية مناسبة ما بين ثلاثة إلى خمسة سنوات تمكن من انفاذ البرنامج الوطني وتمكن الأحزاب السياسية من بناء نفسها وتساهم في إزالة مرارات الاعتراض من النفوس وقلنا أن الحكومة تتحمل المسؤولية الأكبر للوصول لهذا الوفاق لأنها تمسك بزمام الأمور .
    وقد ظللنا نكرر هذا الرأي في العديد من المنابر وظلت الحكومة تناور حول الوفاق حتى وصلنا إلى هذه المحطة واليوم إذا تطرح الحكومة برنامجاً للإجماع الوطني فإنني لا أقول أن الوقت قد فات وان الأمر مثل الصلاة يوم القيامة كما يقول البعض، إن الأمر في تقديرنا قد يكون اجتهاداً في الوقت بدل الضائع بلغة كرة القدم ومثل هذا الاجتهاد قد يسفر عن إصابة ولكن بشرط توفر المصداقية ! .
    إن العموميات التي طرحتها وثيقة المؤتمر الوطني كأساس للإجماع لا تفي بالغرض فقد فات أوان العموميات والعبارات المفخخة التي تعني كل شئ ولا تعني أي شئ إذا يمكن أن يفسرها كل حسب مزاجه، إن القضايا العالقة في مسألة الإجماع الوطني باتت واضحة ولا تحتمل الالتفاف حول الألفاظ فهناك موضوع إطلاق الحريات ووقف الاعتقال بدون توجيه تهمة وهناك موضوع إشراك كافة القوى السياسية في الشأن الوطني بصورة حقيقية وهناك موضوع إعادة هيكلة أجهزة الدولة لتسع الجميع وهناك أخيراً موضوع قومية العاصمة . فهل اجتهادات المؤتمر الوطني تستوعب هذه المطالب أم أنها تمثل في رأيه تفكيكاً للإنقاذ واهماً من يظن حدوثه كما يقول بعض أركان النظام وختماً فان نصيحتنا الثالثة والأخيرة والتي تتصل بقضية السلام تتمثل في كيفية التعامل مع قضايا النزاعات خارج إطار التفاوض في منبر الإيقاد كقضية دارفور . وفي هذا الخصوص فان الحكومة تخدع نفسها إن هي توهمت إمكانية تحقيق سلام شامل إن توقفت الحرب في الجنوب وظلت مستعرة في دارفور ونقول أن عبارات الاستخفاف بالمشاكل لا تعني شيئاً على أرض الواقع ولذا فان الدعوة موجهة بصدق للحكومة للاعتراف بالطبيعة السياسية ومشكلة دارفور واعتماد الحوار كوسيلة لحلها وبالطبع فان مثل هذا الاعتراف لا يعني التسليم بما يطرحه المسلحون هناك كما أن اعتماد الحوار لا يقيد بالضرورة يد الحكومة في العمل العسكري فقط ظلت الحكومة والحركة الشعبية تتقاتلان وتتفاوضان على مدى سنوات.
    إن الأزمة الوطنية قد بلغت في تقديرنا مبلغاً لا مناص معه من تحول حاسم ورفيق في ذات الوقت وبغير ذالك فان نذر الكارثة التي نشبهها بالانزلاق إلى الهاوية تبدو واضحة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .

    (عدل بواسطة Napta king on 08-07-2003, 08:46 AM)

                  

08-08-2003, 09:18 AM

Napta king
<aNapta king
تاريخ التسجيل: 04-03-2003
مجموع المشاركات: 767

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مكي علي بلايل في اخطر مقال :الانقاذ تتحرى الكذب (Re: Napta king)
                  

08-08-2003, 10:36 AM

johnynl


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مكي علي بلايل في اخطر مقال :الانقاذ تتحرى الكذب (Re: Napta king)

    الاستاذ نبته كنج سلام عليكم قبل فتره كنت قد طلبت توجيه بعض الاسئله لعمل حوار مع الاستاذ الحاج وراق وقد وعدت بنشر الحوار في صحف الخرطوم وكذلك في هذا المنبر وبدوري فقد تقدمت بجمله من الاسئله ؟ اين هو ذلك الحوار واين نشر والا ما مصير تلك الاسئله ومتى ستفي بوعدك
                  

08-09-2003, 07:41 PM

Napta king
<aNapta king
تاريخ التسجيل: 04-03-2003
مجموع المشاركات: 767

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مكي علي بلايل في اخطر مقال :الانقاذ تتحرى الكذب (Re: johnynl)

    johnynlعزيزي
    مازلت عند وعدي باجراء الحوار مع الاستاذ الحاج وراق وقد اعطيته كل الاسئلة التي تقدمتم بها بعد ان قمت بطباعتها ولكن لبعض الظروف الخاصة التي لازمت الاستاذ وراق فقد تأخر نشر الحوار
    أشكرك على الاهتمام وآمل ان تجدني دائما عند حسن ظنك
    ولك الشكر والتقدسر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de