|
Re: شموس تصتضيف اليوم الشاعر العراقي .. منعم الفقير (Re: zumrawi)
|
الحلم المحق
ماريا فيلب ورغ
ترجمة: عدنان الحسن منعم الفقير شاعر يسعى بلغة مكثفة, ولكنها مفعمة بالحكمة, إلي رصد ما يحدث في الذهن لوصفه, لا لتأويله, الموجود علي هامش الاختبار, الآن تواجه الكون, والدات تقترن بالآخر, والثابت يحاور المتغير. (هل كان للبحر لون آخر فاغتاله الأزرق ؟). مقابل الكون تظهر الروح , معبرة عن دهشتها حيال مهرجان التكوين . (عندما تدرك روحي . يدرك جسدي ). الجسد المستوحد والمتوحد برغباته المعزولة , يعلن عن حضور لا ينقطع, في فضاء روح محاصرة ,(جسدي يطوق روحي بأسلاك الرغبة ) فيجيء الكلام معبرا عن مصالحة متعذرة . هكذا الروح والجسد ثنائية الضدين, لا غالب فيها لأحد, وإذا ما اشتد التناحر بينهما, أعلن النص عن وجوده, واكتملت القصيدة. حتمية الضوء والظل (ظلي بخفة يلامس قدمي, لكنه لا يعرف ما الذي تخبئه العتمة ). التصوف يمنح الرؤيا حالة السفر ألي الأشياء, لتقوم منها عناصر عالم شعري ( أنا الناطق الأوحد, والنادم علي نطقي ). والأفكار موعد سري معالشاعر,, الحكمة تغدو هاجسا للكلام.وتبقى الأسئلة الطبيعة.اعر, ذريعة, غذاء المخيلة, وشرط وجوده.العقل/ خدعة/ الطبيعة. قصيدة الفقير, مستوحاة من هموم وتجارب طبعت حياته إلي الأبد (سأسرق مظلتك, وأرشد إليك المطر ), وهكذا تستدرج القصيدة – التجربة عند القاري رغبة لا تقاوم في الالتصاق مع صورها الشعرية. هناك مباديء كبيرة, ( الوطن المكون من أسلاك وتراب, والجندي الذي عاد في إجازته الثالثة في صندوق ), يمتزج فيها الألم الحياتي المعروف, بجمال وعذوبة الفن في القصيدة. ويظهر الصمت واضحا في كرنفال الكلام المحجوب, حرية الكلام حاجة فيزيائية ( لن تجعلوا فمي زنزانة, يقضي فيها مدي حياته, لساني ). لعله يؤكد الفقير هنا, باسم جميع الشعراء, وفي مختلف الأمكنة, أن ديناميكية اللغة, قادرة علي كسر المحظور, وتمرير الأفكار. (كل صمت العالم, لا يساوي كلمة ). قصيدة الفقير تعكس اغترابا فاجعا يكرس القطيعة مع كل ما هو مألوف في الشعر العربي التقليدي, من حيث البناء والصورة (بهدوء / يرفع الستارة الهواء / ليتسلل الضوء. . . / بهدوء / الهدوء حديث الأشياء ). النص لا يعني بالسرد ة,قدر اعتنائه بالمتخيل المعبأ بالأفكار , عالم الشرق حاضر إلي درجة التماهي مع عالم الشاعر ذاته , مانحا إياه موهبة فطرية ولغة معمارها الاستعارة وأداتها التجريد ( أنا /الحاضر وسط / من غابوا ). الليل ضيف الشاعر ومحدثه الأليف, ووسيلة سفره.( هي ذي الساعة الثانية عشرة / الأشجار غار).بالنوم ).النجوم التي سقطت / التقطتها عتمة الحديقة ). في الليل يصحو بالشاعر الحلم, بالفرح المؤجل, والوحشة. ( ها نحن / أنا والحلم / نحن الاثنان وحيدان /في غابة النوم ). في المنفي يترقب الشاعر آفاق حياته, ويدون شكوكه, حيال كونه, من هنا تأتي القصيدة واعية معافاة لا شان لها مع جدلية "الشكل و المضمون “, المعروفة لدي سواه, هذه الجدلية التي فقدت صرامتها لتفسح المجال أمام الجملة القصيرة القادرة علي قبض المضمون, وعلي الإمساك بأبعاد المحتوي. لا مجال للإطناب أو التزويق في شعر الفقير, وحده التساؤل يحتل بناء القصيدة, والشكل وحده يستدرج المعني إلي دخول عالم, كأنه صدي للفجيعة والحب والألم ( في صحراء الحب, قد يقودك قلبك إلي بئري فتشربين الظلمة ). البعض يطوق البعض: الأنا والموضوع ( الكون / مليء / بي / وأنا / خاو / منه ). وينط فيء الشاعر في منطقة الضوء حيث يصرخ, حين لا مجال للصراخ, ويصمت حيث ينبغي الكلام, وفي كلتا الحالتين يبقي منعم الفقير, منسجما مع وعيه, يتناول الحدث الدرامي بصوت منخفض, ونبرة منكسرة, فيما يحظى الحدث العادي بأهمية فائقة تصل حد التبجيل. ( ظلي / يلامس بخفه قدمي لكنه /لا يعرف ما تخبئه العتمة ) "كتاب أسئلة العقل " كتب في الدنمرك , علي العكس من كتاب " غيمة علي سفر " المتضمن قصائد قديمة ,يقول الشاعر , ( بعد إقامة قصيرة في احدي المدن الدنمركية ) : " كنت اشعر في العزلة ككائن , وكأن علي أن أبدأ من جديد إعادة تعريف وجودي , ومعرفة موضع قدمي" . ( الخطوة / ما املك... أين الطريق ؟ البحث عن الهوية, المقولة الأساسية للكتاب: "أنا / تجمع / لا نهائي للكون ). في العراق كان منعم الفقير ممثلا مسرحيا أيضا , وهذا ما يفسر قرب نصه الشعري وقدرته علي الاستجابة إلي متطلبات العمل الدرامي : العبارة الواضحة والحركة السريعة . القصائد تتعامل مع اللحظة, وكيف يمكن إعطاء كيان للحظة, ومنعم الفقير قد اقلع عن الماضي, واسكت المستقبل, مسجلا اسمه في قلب القاري. ( علي / الكرسي يجلس / جدي. / علي / الكرسي / يجلس / الغبار ). منعم الفقير الذي ولد في العراق عام 1953, يقيم في الدنمرك منذ العام 1986, وقد أ صدر ثلاث مجموعات شعرية, كانت موضوع ترحيب من قبل الوسط الثقافي الدنمركي . Maria Fjeldborg باحثة مختصة في الثقافة والفن الاسلامي
| |
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|