|
المنافقون هم حزب الشيطان
|
المنافقون هم حزب الشيطان عندما يدور الحديث عن مصدر الإيمان في واقع الإنسان، وضرورة تحسسه الدائم بشهادة الله سبحانه عليه؛ نتساءل: ما هو المقياس الحق للإيمان الصادق، وللإنتماء الصحيح إلى تجمع المؤمنين؟ يزعم الكثير انه يتلخص في الممارسات القشرية للدين، وعليه لانه يصلي ويصوم ويحج يحسب انه من اولياء الله ومن حزبه المفلحين. بينما ينبغي لنا ان نرجع إلى القرآن الحكيم الذي هو الفرقان والميزان في كل قضية، ونتخذ المقياس من آياته. وانه ليؤكد في أكثر من آية ان أهم وأبرز محتوى ومقياس للإيمان وللإنتماء الحقيقي للمؤمنين هو التولي الصادق والعملي لحزب المؤمنين وقيادتهم الرسالية، والتبري من أعدائهم حزب الشيطان. أما أولئك الذين يدعون الإيمان في الظاهر ولكنهم يحتفظون بوشائج صميمة نفسية وسياسية مع حزب الشيطان (اعداء الرسالة من الكفار والمشركين والمنافقين) فانهم وان حلفوا بالإيمان المغلظة، وتكلفوا إظهار صدق الإيمان والإنتماء والولاء، ليسوا إلا من حزب الشيطان. * المنافقون يوالون اعداء الله بلى؛ ان هؤلاء المنافقين كانوا يبحثون عن المناصب والرفعة بإعتبارهم الأكثر مالا واتباعا، ولما في نفوسهم من المرض، وليس لأنهم الأكفاء.. فراحوا يطلبون العزة ويسعون لهذه المطامع من خلال التعاون مع أعداء الأمة الإسلامية، وبيع انفسهم عمالة لهم، لعلهم ينتصرون جميعا على الرسول، ويطفؤون شعلة الرسالة، ويلحقون بالأمة الإسلامية الهزيمة، وبذلك تتحقق مطامعهم وينالون أغراضهم المشؤومة. وقد غاب عن هؤلاء ان الله عزوجل صاغ الوجود على أساس انتصار الحق، وكتب ذلك في سننه، وحتم تنفيذه بقوته، واراد لنفسه ولحزبه العزة، ولأعدائه الهزيمة والذل. قال الله تعالى: (ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم وتحلفون على الكذب وهم يعلمون). ومن طبيعة المنافقين أنهم لا يفصحون عن ولاءاتهم الحقيقية، إنما يتظاهرون بين المسلمين ولدى القيادة الإسلامية بمظهر المخلص، حتى أنهم يتكلفون أكثر من غيرهم في ادعاء الإيمان والإخلاص خشية الفضيحة. ولكن لا يغير من الواقع شيئا، وماذا يبقى للذي يوالي اعداء الله من الإسلام حتى يدعيه؟ بلى؛ قد يصلي المنافقون ويصومون ويحجون وما أشبه، ولكن ذلك كله لا يسوى عند الله شيئا ما دامت العبادات مفرغة من أهم مضامينها وقيمها يعني التولي. ولذلك ينفي القرآن إنتماءهم إلى المسلمين رغم المظاهر الدينية في سلوكهم، وذلك في قوله: (ما هم منكم). إنهم ليسوا على شيء من الإسلام، وليسوا من المسلمين، انما يريدون بذلك تضليل الآخرين عن أهدافهم الحقيقية لعلمهم بأن وعي الأمة بواقعهم كفيل بإسقاطهم وإحباط مؤامراتهم. وهؤلاء-المنافقون- يتوعدهم الله تعالى بالعذاب الشديد، جزاء أعمالهم السيئة، وهو القائل جل وعلا: (أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون). وأعداء الله لا يعني أبدا التكلف، تعالى عن ذلك عولوا كبيرا، انما هم يقبلون على عذاب مهيء ينتظرهم. وإذا استطاعوا الهرب عن لومة اللائمين في الدنيا، وردات فعل المؤمنين، فإنهم لن يفلتوا من جزاء الله على سوء أعمالهم بتوليهم اعداء الله والتستر بالنفاق والحلف بالإيمان كذبا وزورا. قال الله تعالى: (إتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين). أي تدرعوا بالحلف والأقسام المغلظة، واستتروا بمظاهر الإيمان حتى لا تنكشف سرائرهم وحقيقتهم للأمة الإسلامية. وراحوا يعملون لتحقيق أهدافهم الخيانية السيئة، ويزدادون بذلك ضلالا إلى ضلالهم، ويضلون بأساليبهم الماكرة من يستطيعون من الناس، وبالذات أولئك البسطاء الذين تخدعهم المظاهر لقلة وعيهم. وبذلك صدوا انفسهم وغيرهم عن سبيل الله. وهم إنما نافقوا وتستروا بالإيمان لكي يبعدوا عن أنفسهم ذل الدنيا بالفضيحة والخزي عند المؤمنين، ولكي يبلغوا ما يتصورونه عزا وكرامة من المناصب والمغانم الدنيوية، ولذلك فانهم يستحقون إضافة إلى الشدة في العذاب ان يكون مهينا. جذر مشكلة النفاق أما جذر مشكلة النفاق والتولي لأعداء الله، فانه حطام الدنيا وزينتها، مما يلهث وراءه الإنسان بطبعه وهواه. وحينما نتدبر القرآن، ونقوم بدراسة للواقع الإجتماعي والسياسي لتاريخ الأمم، فاننا نجد ان طائفة كبيرة من المنافقين، وبالذات الرؤوس فيهم، هم من أصحاب المال والقوة. ويؤكد ربنا عزوجل ان شيئا من حطام الدنيا لن ينفعهم إذا حل بهم العذاب، أو عرضوا على النار يوم القيامة، لأن ما ينفع الإنسان هنالك إلا عمله الصالح وليس المال والأعوان. قال الله تعالى: (لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا اولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) نعم؛ ان المنافقين قد يتنعمون في الدنيا، وينالون نصيبا من زينتها، ولكنهم في الآخرة لا نصيب لهم إلا العذاب المستمر. ثم يضع القرآن أمامنا صورة للمنافقين في الآخرة، إذ يحلفون لله طمعا في النجاة بالمخادعة. ذلك ان الحلف والإيمان ربما تصلح جنة في الدنيا وأمام الناس، أما الله تعالى فانه قد أحاط شهادة وعلما بكل شيء. ولو أدرك الإنسان هذه الحقيقة بعمق لترك النفاق. قال الله تعالى: (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا انهم هو الكاذبون). والآية تهدينا إلى نسف قاعدة النفاق، ألا وهي الزعم بان الإيمان هو هذه الممارسات القشرية؛ هذه اللحن المرسلة، والثياب القصيرة، والشعارات الفارغة، والإيمان المغلظة، والمبالغة في ادعاء الإلتزام بالدين.. كلا؛ ان كل ذلك ليس من الإيمان في شيء ما دام في القلب مودة للكفار وولاء لهم، لان الإيمان -أصل الإيمان- هو تولي الله وأولياءه، والبراءة من أعداء الله. * أولئك حزب الشيطان ثم يبين القرآن واحدا من العوامل الخفية والمهمة التي تقف وراء شخصيتهم التافهة؛ انه استسلامهم للشيطان، يسوقهم سوقا حثيثا حيث يشاء. (استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله) لانهم ضعفوا امام إغراءاته وتحريضاته وأساليبه. والشيطان ليس الجني وحسب، بل هو كل أحد يدعو الإنسان إلى معصية ربه كعلماء السوء ووسائل الإعلام المضللة والأنظمة المنحرفة.. والشيطان لا يمكنه ان يتسل على احد مادام يملك الإيمان، أوليس الإيمان حصن الاستقلال؟ أوليس الإيمان جنة للفؤاد من الفتن والشهوات؟ فإذا فقد الإنسان ثقته بالله وتوكله عليه عند عصف الشهوات وتواصل الضغوط، فأنى له الصمود؟ انه يضحى كما الريشة في بؤرة الزوبعة، فاقدا لأية ارادة أو اصالة وتفكير، وبذلك يستسلم لمن يسوقه من شياطين الجن والأنس. (اولئك حزب الشيطان) في الدنيا لانهم ليتولونه ويطيعونه ويتجهون حيث يريد، وفي الآخرة لانهم سيصيرون معه في النار. وهذا تقرير من قبل الله تعلى بان المنافقين ليسوا من حزبه، بالرغم من أنتمائهم الظاهر إليه. وكيف يكونون من حزبه وهم يفقدون أهم شروط ومضامين الإنتماء الحقيقي وهو التولي لأوليائه والطاعة للإمامة الرسالية . وحزب الشيطان ليس تجمعا ولا تنظيما بذاته، بل هو الجبهة العريضة الممتدة عبر الزمن لقيم الباطل ورموزه وتجمعاته بشتى مصاديقها وطبائعها، والتي يناصرها في الظاهر القيادات المنحرفة؛ السياسية والإقتصادية والفكرية والعسكرية.. وفي الخفاء تنتمي إلى ابليس الرجيم. (ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون) في الدنيا لانهم يواجهون ذل الإنحراف والهزيمة على ايدي المؤمنين، وتتجسد خسارتهم العظمى في الآخرة حيث يصيرون جميعا هم والشيطان إلى عذاب الذل والهوان خالدين فيه. فهل بعد هذا يرغب احد في ان يدخل في حزب الشيطان؟!
|
|
|
|
|
|