|
فليعد للدين مجده أو ترق من الدماء
|
فليعد للدين مجده أو ترق منا الدماء هذا البيت جزء من أناشيد الإنقاذ ، وقد استخدمه أحد الزملاء في الرد على رسالتي المفتوحة التي وجهتها للزعيم د. جون قرنق نهاية الأسبوع المنصرم ، وأنا الآن أستخدمه كعنوان لهذا البوست ، وأتبنى البيت شعارا لي . نعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم فليعد للدين مجده أو ترق منا الدماء وقد قلت عدة مرات أن النص الذي نطرحه هو نص واحد ، لكن فهم النص ، ووسيلة تنزيله إلى الواقع ، هي المعضلة التي تواجهنا وتشعل البغضاء بيننا وتسحبنا إلى الاحتراب ، وتبقي قسما منا مع التفسير الجديد وقسما منا ضده . وللدخول في الموضوع مباشرة ودون ما هدر للباندويدث أتساءل ما هو مجد الدين الذي ورد كشي أساسي في هذا النص ؟ أقول أن مجد الدين هو نقاؤه من كل شائبة . - وأصل الدين الخالي من الشوائب يستوجب ما يلي : - أولا : العدل : - وهو المساواة في الحقوق والواجبات ، والمساواة في الفرص والتوزيع واقتسام عوائد سعينا في الحياة بمساواة تامة . وهذه المساواة ليست مطلقة ، إذ الله لا يضيع أجر العامل منا ، ومن أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل ، وكثير من الآثار الدالة على أن الأخذ مقابل العطاء هو الأصل ، وتبقى الرجمة والشفقة والصدقة والزكاة . والعدل يستدعي إلغاء الظلم واستبعاده من المجتمع كليا ، فهو ظلمات يوم القيامة ، ومن أستقطع له من أخيه شيئا ليس من حقه فهو قطعة من نار . ثانيا : إقامة العبادات : - إقامة العبادات يستدعي التمكين ، فكيف نمكن الناس من الالتزام بأداء الفرائض ؟ ألا يجب أن يكون الإنسان قادرا من الناحية الصحية على أداء عباداته ؟ ألا يجب أن تكون دور العبادة آمنة ونظيفة ومهيأة لأداء العبادات . إذا لم يتفق أفراد المجتمع على المساواة بين الأديان ومنح كل دين الفرصة كاملة لتابعيه لتأدية شعائرهم ، وللدعوة لدينهم بكل الوسائل الممكنة ، والتعبير عن قيم هذا الدين على المستوى الفردي والجماعي ، إذا لم يتوفر هذا فسنكون قد فتحنا الفرصة لكل ملة أن تهدد الأخرى ، أن تهدم دور العبادة التي يشيدها الآخر ، أن تهدد أمن الذين يباشرون العبادة داخل هذه الدور . لا يمكن أن تهدم معبدي وأن أترك لك مسجدك دون مساس . لا يمكن أن تدعو لدينك وأن تمنعني أن أدعو لديني . ومجد الدين ( لكم دينكم ولي دين ) ، ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ، ( لا إكراه في الدين ) - ثالثا : احترام إنسانية الإنسان : - الدين نص نصا واضحا على أن الإنسان مكرم عند الله لمجرد أنه من بني آدم ، والإنسان هو مطلق بني آدم ، مهما اختلفت الألوان و الأشكال ، والعرق ، والدين ، والنوع واللغة وجهة الانتماء ، ومجد الدين يستدعي أن لا نفرق بينه على أي من هذه الأسس ، وأن لا نقتله ، وأن لا نسجنه أو نعتقله أو نعذبه أو نهين كرامته أو نتعامل معه بدونية لمجرد أنه اختلف معنا في أمر ، حتى ولو كان هذا الأمر دينيا . ( ولقد كرمنا بني آدم ) و ( وإنك لعلى خلق عظيم ) و ( خالق الناس بخلق حسن ) و ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) . - رابعا : استشعار المسئولية : - يستدعي مجد الدين أن يستشعر الحاكم مسئوليته أمام ربه وأمام رعيته ، فهو مسئول عن تعبيد الطرق للبغال ناهيك عن الناس ، ومسئول عن توفير الغذاء والكساء والأمن والصحة والتعليم وتيسير سبل كسب العيش وإتاحة الفرص لكل الفئات . وهذا ما نسميه في عصرنا هذا الخدمات التي هي من صميم عمل الدولة إما أن توفرها أو أن تعين على توفيرها . ويمتد استشعار المسئولية ليشمل كل أفراد المجتمع ولكل منهاج في التربية وحدود من المسئولية لا يتوانى عنها ولا يتجاوزها ، وهو ما نسميه عصريا التربية الأسرية وهذه لا يمكن أن تتوفر إذا كانت الأسرة مفككة ويعادي أفرادهما بعضهم البعض بسبب الاختلاف في تفسير النص والمذهبية ، أو بسبب الضعف المادي المسمى الفقر أو بسبب الجهل والمرض وغيره من العلل . - خامسا : إعمار الوطن : - كل الأديان السماوية تثبت أن الله تعالى استخلفنا في الأرض لنعمرها ، والتعمير هذا فرض علينا لنستمتع بعوائده ، وإعمار الأرض هو ما نطلق عليه عصريا التنمية ، وهي تستوجب العمل ، والعلم ، والتضحية ، والجدية ، والانعتاق من أسر الأنانية ، والتعاون . - والدولة تتحمل النصيب الأكبر من التخطيط والتوجيه والقيادة ، لإنجاز التنمية . و,إهدار الطاقات في الحرب والإعداد لها ليس من إعمار الأرض في شئ ، فهو ضد مصلحة البلاد والعباد .- سادسا : سيادة القيم والمصالح العليا : - التضحية ، الإيثار ، القدوة الحسنة ، التعفف ، التواضع ، البذل ، العطاء . معايش الناس ، رفاهيتهم ، تعليمهم ، صحتم ، أمنهم ، حكمهم بما يرضون وبمن يرضون . هذا الكلام ما أتيت به من عندي ، أنه الدين ، ومنكم علماء يعلمون ما يملأ الكتب والمجلدات ، لكن مجد الدين ليس لا يمكن حصره في العقوبات الخمس أو قوانين سبتمبر ، أو يراد به علوا بإسكات الآخر لأنه أقلية ، أو فرض الدولة الدينية التي تمثل فهما واحدا للنص على المختلفين معها في كليات النص أو جزئياته . ولكل هذا وغيره ممن لم أتطرق إليه من ما يستدعيه مجد الدين لن يتوفر إلا عند قيام نظام ديمقراطي سليم معافى من كل شائبة ومجمع عليه من كل الفئات المكونة للمجتمع من منطلق الرضا والقبول التام عن قناعة تامة أن لا مصلحة لأحد في هدمه أو إلغائه وأنه لا مخرج له سواه .
|
|
|
|
|
|