|
|
 نقوش مستعجلة على هوامش منشور سرى..الجزولى.. جيم حاء خاء.. بشرى الفاضل
|
جيم حاء خاء
بشرى الفاضل
كنت منذ ليلة الماء أحس بالملاريا ، ولذلك هرعت الى "الدواء- خانة" القابعة فى ركن حينا الشمالى ، قرب تموينية البنزين وسالت كاتم اسرار العقاقير عما هو موجود لدية من قبائل خداع ميكروب الملاريا فجابنى : للاسف ياسيدى اذهب الى شارع الماء المركزى . فهرعت الى هناك حيث كبريات الدوخانات أدخل فى هذه
كاننى قدمان ملحاحتان تجربان احذية فى متجر بمثابرة .ووجدت ضالتى اخيرا فى المدينة الثالثة بسوق الماء الاسود لدى أحدهم ، ممن يعملون فى عشوائية تقليم الاظافر بالبيع الابكم ، ذلك البيع الذى تحميه سرا سكين مجلوبة من تخلف
وعدت الى المنزل وقد ازدادت درجة حرارة كاننى وخلت ذلك بفعل المرض ، ولكن حين ذهب توترى وانزاح غضبى تقلصت مسافة الحمى بمقدار فرسخين ، فعجبت لكون هذه الوردة "تتعلل بكافة الاسباب كى يرتفع شاهقها .انها تدخل تحت سيطرتها حالتى النفسية أو سماعى لنباح كلاب ، وحتى ان مررت بالنايات القارونية فى شارع الماء المركزى ترتفع رعونتها الساخنة
لى حجرة بائسة ، ببيت حالته الاجتماعية : : أعزب . استرضيت واثنين من زملائى المعلمين أهل الحى سنة وتزيد بغية السكن فيه فابوا بشكوك ثم رضوا ثم دخلوا علينا فيه شيبهم وشبابهم فنسوا أننا ربما كنا أوغادا ربما . وبيتنا لو لا الخواء الموبيلوى فهو من صنف "لاباس "حجرتى فيه تتصل بحمام لا يشاركنىفيه غيرى وهذه محمدة أما الحجرة نفسها ففيها سرير من صرير وخمسائة صحيفه ، ونحو من خمسين كتاب ومصباح وتلفاز وشباشب وصوان ، ويعيش معى ضب صموت ، وصراصيرثرثارة ، وحرارة أنسى أنها تغير جلدها فى الشتاء . لامبرد لا مروحة. أما مفاتيح الكهرباء فتعمل بنظام الوردية يوما بعد يوم . عندى قلة ومنبه ، أدخن احيانا . دخلت اليابان دارنا بواسطة صديق معلم كان معنا فأختلج
يأتى فى بعض الامسيات -حين لا اذهب لهم أنا - أصدقاء لى،فيعلو نقاش . أعمل معلما بالثانويات . اسمى محمود .أركب المركبات القديمة التى تشبه " صفائح الجبنة " واحس احيانا انا بداخلها أننى سمكة صغيرة جدا ومفضضة ترقد بلا حراك فى علبة
أنام وأصحوا . أغرق وأطفو ، تزورنى الحمى وانا اتصبب عرقا ثم تغادرنى لبضع ساعات وأنا أكثر تصببا . . وهكذا ايقنت دون طبيب انها ملاريا
وكانت الهجمة العلاجية : فأزدردت اربع حبات من جنس الحنظل ثم اخلدت للراحة . وجاء صحبى ففاجاهم حالى . جلسوا قبالتى
وطايبونى ثم حاولوا اطعامى من طعام بيتنا
وعندما يئسوا من لم شتيته فى طبق ارسلوا شئ من الحوانيت النائية عن البيت والمحفظة، وعاد من ارسلوابطعام من لحم الرأس قدموه لى سبع مرات ورفضت مثلها ، فلكتننى اناء ولغة كلب
وتمنى صحبى لى - وهم خارجون -الصحة والعافية . وقال درديرى وهو زميلى فى المدرسة ، انه سيخطر المدير بوعكتى وهكذا نمت ليلتى الاولى ، بفضل زيارتهم التضامنية المفرحة وانا مبلغ عن مرضه باذن ربهم لدى سلطات العمل ، ومعلوم عما الم به لدى سائر الصحاب والاهل
صحوت فى الصبح محموما ملتوى الرقبه فقلت لنفسى هلعا : سحائى ؟ ولكن تذكرت ابتعاد موسمه عنا فرجعت للملاريا صاحبتى القديمة اتعلل بها ، واقول بها لمن يسال عن حالى وذهبت للمستشفى فجاءت النتيحة سلبية لا ملاريا وقالو مستدركين :
عشان انت استعملت الجرعة !
وأردفوا
واصل-
وواصلت الحصة الاولى مقدارها عشر أقراص زد عليها يا محمود خمس حقن ثم اربعة اقراص ثم حقنتين ثم قرص ..والحمى "هى -هى وفحصت التايفودوكافة مسببات الحميات بلا جدوى حتى استسلمت لحيرة المغلوبين
هاهى ذى اللعينة ..الان الان..تزحف الى صدرى فيعلو من فعلها الواجيب ويتسارع هاهما شحمتا أذنى ساخنتان هاهى اجفانى تجفو العينين . هاهو لسانى يغير لعابه فلا استسيغ مذاقا . وتزداد الحمى كلما جلست على الكرسى أشاهد البدائيات المرئية واذا اتكات مشاهدا فاننى أكون محموما ومحموما اذا شاهدت واقفا
وكنت اتعذ بشيئين : انفاسى المتلاحقة الساخنة والخطب الملتهبة . ففى اسبوع واحد سمعت مائة وخمسين خطبة تحدثت جميعها عن تخفيض درجات الحرارة الغذائية ولجنة الحمى المعيشية وازمة مواصلات الدقيق ، وأمن الماء الاحمر وسقوط الجرادات الطائرة
زطنت أبلغ صيغة منتهى الحمى عقب كل خطبة وذلك حين يصل الخكيب الى موضع الماء فى خطبته أو طائفة احلام اليقظة
انه الجرب . كنت احلم قبل الاتكاءة - بفعل الوظيفة - على ارائك جبلت من صيغ النعومة ، تحف بها مساند من ريش النعامة فى حجرات من نعيم ، فأذا بالامر حين انفض السامر : جرب . فى البدء ظهر الدم " التاير " جزيرة اثر جزيرة فى وجهى حتى اصبح الامر ارخبيلا ثم امتد الجرب الى سائر الجسم وكانت الدوائر فى الجلد تحتل موقعها حتى غدت جيشا
ثم اصبحت اطرافى تتنمل ". سرى النمل الداخلى الى صدرى فأرجلى ويدى .. واستعدت اظافرى لمعركة شرسة كأنها لا تنتمى لمنظومة جسدى . وحان موعد التحام المخالب بالحبوب الجربية وبدأ الهرش " . هذه هى الخائنة تهرش والجرب يزداد كل يتحدى الاخر ، والخاسر دمى.
ورأت عيناى ميدان المعركة الجلدى حيث خردت من كل حبة جرب قطرة دم ثم لبثت فى الفوهات العليا التى صنعتها الاظافر وتقمطرت وجمدت ثم اسود وجهها . جرب
وزارنى اهلى خائفين فلم أر فى جميع ملامحهم شيئا اضخم من عيونهم . اصبحوا اهلا من العيون المبحلقة . وذهبوا لاخصائى شهير ، فشخص ثم شخص وهدته خمته أخيرا الى انى مصاب بحمى جديدة لها كل اعراض الملاريا ولكنها تزوره فى فترات متقاربة جدا وكثيرا جدا. هى ملاريا يامفتنة -وفق ماقال - وأظنه قال ايضا انها الحمى الشائكة "وهمس" لاهلى فيما اظنه يتصل بالتاثير على المخ وأوصانى الاخصائى ، بمستحيل هو الراحة التامة . وبتناول السوائل وبعدم التفكير وبالامتناع عن الاحلام . وقال لى الطبيب الذى بدأ يشك فى صحتى النفسية ان لكوابيس الظلام صلة كبيرة بهذه الحمى . وعندما كشفت له عن مواضع الجرب فى ساعدى قال:
لا.لا دى حساسية . دا مرض منفصل .لا دخل لها بمرضك الاساسى
وهكذا حين عدت بصحبة اهلى اسلمت نفسى للبدائيات فى بيتهم الذى هو فى اطراف المدينة .وقلت بما أننى لا استطيع الان ان افك حرفا فان برنامج المساء السلطانية على بدائيتها خير من الصمت وكان شعارى : ان التلفاز خير من النوم
ولا ادرى أهو فى النوم أم فى اليقظة ما رأيته من أمر ذلك الرجل المائى الذى ما انفك يحدثنا ويحدثنا عن سباق الحمير وحين أوشكنا ان نوليه ظهورنا جذب اكمام قميصه وصاح:
طالعونى الخلا . أو اسمعوا مشروع خلاصكم
هل احدثكم سادتى وانا ساخن عن صعود الحمى الى مدير حياتى العام ؟ وعن السكنى فيه من تلافيه حتى فروته ؟ هل احدثكم عن مضار الجرجير غير المغسول أم عن ضرورة دلك المرفقين ؟ أم فائدة الانحناءة التى فى الزير؟
لا بل يحدثكم هذا الضيف الدينى الزائر من خلال ابتسامته الواثقة عن الكون.ها انذا فى لجة الحمى اسمع صوته الجهير :
ايها الموشا هيدو الكريمو..
مضى شهر فاصبحت خبير بنوبات الحمى . تاتينى كلما جلست للبدائيات المائية المرئية المؤكد ، اسبوع الماء ، اكدت لى تجربتى أن درجة حرارتى يرفعها الكلام ، وشككت فى ذلك عندما حل اسبوع المهرجان، ساعة أطل من الشاة شخص وتحدث لنصف دقيقة ثم احتفى فنيا فانحفضت حرارة الحمى
ولم اعد متأكد اننى مصاب بحمى التحسس من الخطب الاصدفة ، ذلك حين ذهبت متنزها فى شارع النيل فغادرتنى الحمى .. ومرت وقتها عربة اجرة بها مكبر هنف الصائح بالصوت الجهير ، ودعانى مع بعض المارة للذهاب مساء لميدان الخطب الرسمية حتى استمع لخطبة تحسين السمعة .. نادانى وانا سليم العقل وماانفك ينادينى حتى ارتفعت درجة الحرارة
انقضى زمن ذهبت بعده للاخصائى واخطرته ببرود : أننى ياسيدى مصاب " بجيم حاء خاء "
وتفرس الاخصائى فى طلعتى مليا ثم فحص وجهى ثم ومالبث أن ساح
منه اشفاق - غير متعال على روحى اذا قال:
فعلا : فعلا جيم حاء خاء، جيم حاء خاء وظل يرددها وهو يهز راسه متجها نحو الباب ج ح خ
فقلت له وانا اخرج خلفه :
لست مريضا بذلك الداء ، الذى فى خاطرك ياسيدى الدكتور . أأنت أيضا تخاف ؟ وما اننى مريض بجيم حاء خاء
فعلا .. فعلا لكن أنت ليه بتتكلم الفصحى ؟
دعك من هذا ياصاح .. اننى مصاب بجيم حاء خاء " جرب الحساسية من الخطب"
ونظر الاخصائىفى وجهى بنفاذ صبر هذه المرة . لابد ان فظاظتى اغاظته . هاهو يكتب اسم وعنوان صديقه المختص بالامراض الجلدية
عدت الى حجرتى وانا سعيد لاكتشاف أسباب الحمى الخاصة بى . وكانت درجة الحرارة فى جسدى عادية كسائر الناس وقلت لنفسى فلا جرب مرة اخرى فادرت مفتاح المذياع الاول فالثانى المرئى ، وكان الميدان لمجاور لبيتنا مزروعا بالكراسى . وفى حنجرة المايكرفون المنصوب " من الرعد الواثق يصيح:
التوجه الحضارى بقاطرات المكابس اليابانية وهم اهل كتاب .. نحو جزيرة الملاكمة القارونية
وكان المذياع يقول : الاستقطاب طاب طاب . وفى التلفازكادت دودة القز فى برنامج أجنبى أن تصل الى اعلى الغصن حين داهمها قطع فجائى للارسال أحبط محاولاتها ، ثم اعقب ذلك مباشرة خطبة لم اكن متهيئها لها مما سبب لى احتقانا كلاميا فى الجوف
وعندما اصبحت محموما سقطت جرة كلام من راسى المشحون بالجرات وسقط خلفها " زير يتبعها ويدعوها اليه باغراء ويصبح : هلمى ياجرة .. ياجرة
والهمنى تفكيرى فى الاسبوع السابع الى ابتداع مكان بمنزلى أسميه الخطبخانة " وذلك لافراغ رواسب الخطب ، أوصلته باسلاك التلفونات المعطوبة وهو يختلف عن بيت الادب هذا فرع واحد من الادب : الخطب
فكنت افرغ عبر الاسلاك يوميا عشرة كيلو غرامات من الخطب . وصنفت الادب الذى افرغته : فهناك الادب الاستهلاكوسياسى وادبالماء وادب الربط وهنالك الادب المؤدب والادب المقرون وادب القرون الاوسطى وادب الاسئلة الملتفة والادب البسيط ..الى اخر السخام . كنت أدخل الخانة ثم اطفئ ثم التزم الهدوء التام ثم مالبث أن اصيح فجأة باعلى صوتى : ألم ألم ولم ألم بدوائه .. وأدخل يدى فمى فمى واصرخ اا فتخرد الاصوات أصوات كل الخطب التى سمعتها فى اسبوع مقلوبة من صبابتى الاذنين الى صبابة الخطبخانة الضخمة فتحولها هذه الى ذبذبات ثم تمررها الى شبكة الهاتف المركزية وكانت تلك معطوبة فى مكان ما، هو مقبرة الخطب . فأذا زرت ذلك المكتن تجد حفرة ذات أسلاك عاريات وستسمع مثلا أصواتا من نوع " ط.أريق دم تية " .. وتلك كلمة " ديمقراطية " ترقد أشلاء وسترن فى أذنيك مثل سال السم .. وستعجب
أما انا فأحمده الان فى تمام الصحة . أصحو فجرا مع قهوة الصباح أفرغ الخطب من الخلايا الخاصة بها فى دماغى بواسطة الغسيل الجاف المركزى والاسلاك والصحية الغاضبة الداوية ثم أملا الخلايا بغناء صاحبى قاسم الذى هو من حليب روحه.
قال لى فى مساء صيفى بديع : ان " هدى "تنكر ذاتها حتى يحفرنى ذلك للانشقاق عليها .. وانا احبها ولا ارغب فى أن اشفق أخشى عليها من خشونة قلبى فهذه البنت كالمحبة السائلة يامحمود النسمة تخدشها . وكنت اسمعه واضحك وافرح .. اذا كأن قاسم بحبه هذا يكون قد أحب لنفسه ولى فى ان ، فى ظروف صمتى الراهن عن القول فى أيام البؤس العام..
ويسمعنى قاسم كل مساء معالجاته الشعرية الرهيفة اننى أسمعه الان ، الان يدندن :
ومنحت الشجر
بعض عطر صار فى
جاء من أعطاف حبى
وارتعاشات يدى
فيحتل الغناء حجرات الخطب بقلبى وأقبل على الحياة من جديد بعزيمة شخص وجد العناد ضمن نسيجه الوراثى
نقوش مستعجلةعلى هوامش منشور سرى
كمال الجزولى
ابحث عن وجهك فى الموسوعة
تحت الحرف ( السين)و
ياوطنى المصلوب على خارطة العالم
منذ العام السادس والخمسين
.............................
.............................
مرسوم انت هنالك
بالقطن ، وبالصمغ ، وبالثروات الحيوانية
وبنهر النيل ، وبتعداد السكان
وبكل التفصيلات الديمغرافية
وبنوع التربة ولاشجار
.................................
..................................
اقذف بالموسوعة للنار
الاسم الثورة
غضب الطبقات المسحوقة
والاعمار...و
القادم ركضا فى الصفحات الاولى
الصاهل مثل الفر الجامح
فى نشرات الاخبار
الطالع نارا فى بدنى
هذا وطنى!و
/2/
وجهك الطالع فى كل المواعيد الثرية
ذلك القادم فى كل ولادة
الموشح من عذابات بلادى
من حكايات النخوة الاولى
وملحمةالارادة
..............................
..............................
وجهك الطير الذى انطلقنا
يغمر الساحات هذا الفجر
والطرقا...
ويستريح فى عناق المجد مشرقا
وساطعا من فوق حبل المشنقة!و
/3/
انهض هئنذا من كبوتى
انهض مثلما الفرس الجريح
مضرجا بالدم القانى
ملفعا بالريح
وشامخا فى وجه جلادى اصيح:
بينى وبينك الخيانة بينى وبينك الغضب
والحقد والشوراع المهانة
بينى وبينك التوقيع فى ذيل اغتيالى
بحساب ذئب النفط ، والولار ، والذهب
بينى وبينك الخناجر الجبانة
مغروسة فى الظهر ، والمساخر التى ....و
... تختال فى الديباج والقصب
بينى وبينك الرصاص ، والحبال ، والخشب
بينى وبينك اللهب!و
/4/
امدرمان ليست تغتصب
امدرمان ليست مومسا
رهن الطلب
أمدرمان مفخرة التواريخ النيلة
والصمود
ولهذا نحن ياشعبى العنيد
نولدكل يوم فى ملاحم رفضها العاتى
ونطلع فى اناشيد الغضب
|
|
 
|
|
|
|
امبدويات
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست