|
المناطق المهمشة: صب الزيت على النار
|
تجري الآن مفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية حول المناطق المهمشة ( ابيي ، جبال النوبة ، الأنقسنا ) بمعزل عن بقية القوى السياسية والشعبية السودانية ذات الارتباط بهذه المشكلة ، وان هذا التصرف من قبل الحكومة والحركة لهو محاولة عرجاء لا يمكنها الوصول الى حل جذري لهذه المشكلة دون مشاركة الآخرين فهذه المناطق هي مناطق تمازج سكاني كبير بين العديد من القبائل السودانية والتي يعتبر ابعادها عن الحضور في هذه المفاوضات والاكتفاء بآراء البعض دون الآخر نذير باشعال نار الحروب القبلية في البلاد ولنعطي نبذة عن هذه المناطق لنعلم مدى هذا التداخل . أولاً : منطقة أبيي :- تقع ابيي على بعد 240كيلو متراً الى الجنوب من مدينة المجلد حاضرة قبيلة المسيرية ، ويقطنها خليط من المسيرية والدينكا نوك ، ماريق ، وقليل من النوير ، بالاضافة الى بعض التجار من قبائل شمال السودان جاءوا بهدف التجارة لكنهم تحالفوا مع المسيرية واصبحوا جزء منهم ، وتبعد حوالي 350 كلم شمال حدود 1956 لأقليم جنوب السودان ، وهي منطقة تتوسط المراعي الغنية لقبيلة المسيرية ابان رحلة الصيف . أن الحركة ترى أن هذه المنطقة تعتبر من مناطقها ومبررها على ذلك ان هنالك مجموعة من ابناء ابيي من الدينكا مقاتلون في الحركة ولكي تضمن الحركة اتفاق سلام دائم لابد من حسم مسألة أبيي حتى لا يدخل مقاتليها من ابناء هذه المنطقة في قتال جديد ، والحكومة خضعت لهذا الرأي تحت ضغط دول الوساطة ، ويقيني لو أن الحكومة استعانت كذلك بنفس الطرح بأن هنالك أهل لهذه المنطقة يمكنهم حمل السلاح وفتح جبهة جديدة بسبب هذه المنطقة كان لطرحها مناصر ، وكان بامكان الحكومة أن تشرك أهل المنطقة في هذه المفاوضات لكي تضمن حقهم وحجتهم القوية ، ولكن هذا لم يحدث ، ثم ما المقصود بأبيي أهي المدينة المعروفة بهذا الاسم أم أبيي المحافظة ؟ فأن كان المقصود المدينة فيكفي تعريفاً بها ما قلناه عالياً ، أم المحافظة فذاك أمر غريب فالمحافظة والتي عاصمتها مدينة أبيي فهي كلها منطقة نفوذ للمسيرية اذ انها تشمل المجلد ، الميرم ، المقدمة ، الدبب ، فول ، الدمبلوية ، ناما ، الستيب ، نعمتين ، شاتين والمدن والقرى التي فيما بينها وهذه ارض قبيلة المسيرية ولا جدال فيها ، وأي كان الأمر أن استبعاد الحكومة لمشاركة أهل المنطقة عن المفاوضات لهو أمر يهدد باندلاع نار حرب جديدة . ثانياً: جبال النوبة : - وهذه مسألة اخرى ، فهذه المنطقة يكاد يكون مسألة تمثيلها وتبعيتها قد حسمت ، اذ اعتبرت منطقة نفوذ لأبناء النوبة دون منازع ولذا قرر بعض من أجتمع منهم في مؤتمر( كاودا) الذي انعقد في المناطق المحمية والتي تديرها الحركة قطاع جبال النوبة وبحضور جون قرنق، أن هذه المنطقة تم توكيل أمر التفاوض بشأنها الى الحركة الشعبية بعد أن فوضوا جون قرنق بذلك ، فهذه المنطقة تعتبر منطقة تداخل سكاني قبلي شديد التعقيد خاصة أن أبناء النوبة المهتمين بهذا الأمر قد عرفوا المنطقة وحددوها حسب ما أصدروه من منشورات من هذه المنشورات التي بين أيدينا وجدنا لها تعريفين هما: (1) أن منطقة جبال النوبة هي مديرية جنوب كردفان قبل التوزيع الأداري 1989 م . (2) ان منطقة جبال النوبة هي ولاية جنوب كردفان زائداً محافظة لقاوة في توزيع 1989م. من التعريفين نجد أن هؤلاء القوم قد جانبوا الحق ، فمديرية جنوب كردفان كانت تشمل منطقتين هما المنطقة الشرقية والغربية وهي تشمل بالأضافة الى حدودها الحالية ولاية غرب كردفان الحالية ، وهذه المنطقة توجد فيها قبائل المسيرية والحوازمة وكنانة وبعض من سليم بالاضافة الى النوبة وهم بذلك أقلية في هذا الوسط ، اما ولاية جنوب كردفان الحالية زائداً محافظة لقاوة فهذا ايضاً مجافياً للصواب فمحافظة لقاوة هي منطقة مسيرية لا نزاع فيها كما توجد ضمن جنوب كردفان وخاصة في رشاد وابوجبيهة وابوكرشولا قبائل عربية ليست من النوبة في شيء وهم الحوازمة والمسيرية وكنانة وقبائل أخرى لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تقبل بأن يمثلها جون قرنق ولا أحد سواه غير نفسها . من هنا جاء خوفنا من أن ما تفعله الحكومة والحركة الآن يعتبر صب الزيت على النار ، فقبيلة المسيرية لا يمكن أن ترضى بأن تمنح اراضيها الى أي كان ، فهذه المناطق لابد من حسم أمرها بحضور جميع اصحاب الشأن ونجد أن بعض ابناء النوبة نفسهم ضد ما يدور الآن من مفاوضات لأنهم يعتبرون نفسهم جزء من السودان الواحد وانهم في حالة تعايش سلمي مع اخوتهم من العرب وحالات التزاوج والمصاهرة هي خير دليل على ذلك ، فلماذا السلطة تسعى الى الفتنة بأخذ أقوال البعض الذي يحمل السلاح دون السماح ببروز الصوت الآخر فأن كان ضغط السلاح ولعلعته هي السبب فهناك من هم أكثر قدرة على قعقعة السلاح والحكومة تدرك ذلك جيداً ، لذا فأن على الحكومة أن كانت جادة مع الحركة في نزع فتيل الحرب عليهم أن يشركوا شعب السودان في هذه المفاوضات لضمان استمرار السلام الذي يمكن أن يولد من رحم هذه المعاناة والا فأنهما (يغطيان النار بالعويش) كما يقول المثل الدارج عند المسيرية
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|