يا ناصف صباحك بالخير يتكلل
إذا عدنا للتاريخ فإن الخرطوم أيضاً جنوبية بصورة أو بأخرى لأنها كانت موطناً للشلك ذات يوم، ولا نريد أن نقول حقاً تاريخياً او ما شابه، ولكن الحقيقة تقول أن الخرطوم اليوم هي وسط الشمال ولا علاقة لها بالجنوب، لأنها تقع شمال الجزيرة التي تعتبر أيضاً جزءاً من الشمال، ولكن السؤال هو هل الإسلاموية التي تطرحها الانقاذ هي الحل ؟ هل إسلام الانقاذ هو الاسلام النموذجي الذي يجب تطبيقه على البشرية لتسري في معارج الخير والفلاح ؟
وسؤال ثاني : هل الدولة الاسلامية ركن من أركان الاسلام ؟ بمعنى أن الاسلام لا يتحقق إلا بتحقق الدولة الاسلامية ؟
أنا لدي نظرة مختلفة عن نظرة المتأسلمين وهي أن الدولة ذات السيادة بصورتها المتعارف عليها منذ فجر التاريخ، هي شكل من أشكال الاجتماع الانساني الذي تفرضه ظروف معينه، وبزوال هذه الظروف تزول فكرة الدولة، بمعنى أننا يمكن أن نصبح ذات يوماً شعوباً بلا دول ولا أوطان وهذا هو ما نراه يتحقق اليوم.
ففكرة الوطن والدولة هي فكرة فرضتها ظروف الانسان ومحدودية قدرته على الحركة والتحليق، ولكن بزوال هذه المحدوديات ستزول هذه الأفكار أيضاً، وربما يعيش أبنائي وأبناءك غداً في أماكن لا يمكن وصفها بالدول أو الأوطان، فكيف ستتحقق الدولة الاسلامية ؟
الاسلام منهج شامل لا تحده حدود الزمان والمكان، ولكن طرحه بهذه الصورة القاصرة هو اجتهاد من الفقهاء على مر العصور جزاهم الله خيراً، وهو غير ثابت، وسيتغير بتغير الظروف التي قادتهم إلى هذا الاجتهاد، ولذا نرى الاسلاميين بصورة عامة يعارضون كل ما من شأنه أن يقوض الوضع المتعارف عليه منذ أقدم العصور، ولكنهم بمرور الزمن يتأقلمون على الوضع الجديد ويؤدلجون إسلامويتهم لتناسبه، وهذا رأيناه في تحريم السيارة والقاطرة والتلفاز والموسيقى والتصوير، ولكن بمرور الزمن زالت هذه المعارضات.
وغداً، ستزول فكرة معارضة الدولة العلمانية من قبل الاسلاميين لأنه ببساطة لن تكون هناك دول بالشكل الذي نعرفه اليوم، ولذا لن تكون هناك لا دولة علمانية ولا دولة إسلامية. فكل ما يحدث اليوم هو فقاعة ناجمة عن بناء الحقائق والثوابت على متغيرات زائلة
.
(عدل بواسطة ود شاموق on 04-08-2003, 06:27 AM)