"أسطورة السودان".. جدل الذات والآخر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 07:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-22-2009, 02:02 AM

emadblake
<aemadblake
تاريخ التسجيل: 05-26-2003
مجموع المشاركات: 791

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أجيال جديدة في محاولة لإعادة اكتشاف "العقل السوداني": (Re: emadblake)

    أجيال جديدة في محاولة لإعادة اكتشاف "العقل السوداني":
    إن أي أطروحة تحاول دراسة "العقل السوداني"، وبشكل متعمق يكون عليها أن تنطلق من الجذور، ومن خلال التحليل الدقيق للأبعاد غير المرئية، بعيدا عن الثقافة الاجترارية السائدة، في محاولات الفهم. فالبحث الأكثر حداثة والذي بإمكانه أن يلعب دورا مستقبليا والذي من شأنه أن يقدم أطروحات فكرية فاعلة بخصوص العقل السوداني، عليه أن يدرس التاريخ برغبة في إدراك تلك المركبات غير المباشرة، ومن ثم معرفة كيف كان تأثيراتها وانعكاساتها على الراهن. بعيدا عن أسلوب الأحكام المسبقة والنهائية التي تنطلق من "عقائد" أو أيديولوجيات أو رغبات ذاتية بهدف فرض رؤى معينة دون سواها، وهو أسلوب لا يخدم في إدراك الذات بقدر ما يتوّه ويباعد المسافة بين الممكن واللاممكن.
    وإذا كانت "سنوات البشير" قد ردت الاعتبار للسؤال من جديد عن ماهية العقل السوداني من خلال الممارسة والتنظير، ومشروعات الحرب والسلم وإعادة توزيع الثروة وغيرها من أشكال البحث عن الذات، وتمت محاولات للإجابة على السؤال بأكثر من طريقة، ببروز تيارات لم تكن ذات وجود من قبل، بالمعنى الظاهري، حيث أنها كان لها وجودها الخفي في البنى التقليدية، إلا أن واحدة من الإشكاليات التي لا يمكن إغفالها بخصوص هذا البحث، تتعلق بالأجيال الأكثر شبابا، تلك التي عاشت معظم سنوات حياتها بين فترتين من "الحكم الشمولي"، النميري والبشير لاحقا، حيث أن الفترة الديمقراطية كانت قصيرة جدا، قياسا لهاتين الفترتين.
    هذه الأجيال الشابة، كان البعض يظن أنها قادرة على إنتاج تيارات أكثر تقاطعا مع لغة العصر والتحديث الذي غزا العالم، وما رادف ذلك من ثورة التقنيات والمعلومات والانترنت، بيد أن ما تم واقعا أنهم بقدر ما وظفوا هذه "الأساطير الجديدة" إلا أنهم كانوا "كائنات" لا واقعية، حالمة وإلى مدى كبير لم يتخلصوا من التفكير الماوراء أسطوري الذي تعزز بقوة في العشرين سنة الماضية في السودان.
    لهذا فإن الأطروحات التي قدموها بخلاف الأطروحات التي قدمها "السلف" من "رواد الحداثة السودانية" ومن أولئك الذين لا يزالون على قيد الحياة، مشاركين في الحياة الثقافية والفكرية؛ كانت بقدر انشغالها بالسؤال القديم: الذات السودانية، الهوية، العروبة والإفريقانية الخ.. إلا أنها آثرت البعد عن مساءلة المشكلات بطريقة مباشرة وبقصدية، حيث لجأت إلى أساليب الترميز والبعد عن المشروع الهادف والمنظم، برغم أن ثقافة بعض من هؤلاء، كانت قد تقاطعت مع المهجر الذي عاشوا فيه، الغرب بشكل خاص، وهذا يعني أنه من المفترض قد عمل على رفدهم بالمخيال الإبداعي الذي يساهم في تركيب الأشياء من خلال تفكيكها.
    لهذا سنجد أجيال بقدر ما هي تقترب من أسئلة واقعها وبلدها هي منبتة عنه، وهي خيالية في المعالجة، وذات جرأة في غير محلها. ولذلك لم يعملوا على إنتاج خطاب واضح الملامح، مثل غيرهم، بخلاف جيل واحد كان إلى حد ما له تأسيس مبدئي سرعان ما تضعضع، وهو تيار التحديث الأولي ممثلا في التيجاني يوسف بشير وعرفات محمد عبد الله وآخرون، رغم أنه له أيضا إشكالات تتعلق بعدم تخلصه من العقل المأسطر والذي لم يتخلص من النظرة الكلاسيكية للدين، حتى لو تبنى مقولات تبدو شكلاني مفارقة للديني.
    فالطريقة التي نظرت بها الأجيال الجديدة للأسئلة القديمة، وفي ظل الدعم الواسع للنظم غير المرئية في تشكيل الذهن، وهي نظم داخلية مرتبطة بالمجتمع السوداني، حتى لو أن الفرد كان يعيش خارجه. هذه الطريقة جاءت لتعكس حالة تشظي وتناثر في التفكير وإعادة التفكير، حتى لو أنها اقتربت من الجوانب غير المنظورة سابقا، من تلك التي لم يكن لـ "السلف" قصب السبق في اكتشافها. كما أن الاقتراب تم في غياب دافعية بناء رؤى متكاملة أو افتراضات جدلية كبرى، يكون ممكنا لها بالحراك البحثي والتقادم التجريبي خلق حالة من الإحساس بأن ثمة شيء ما له معنى، على الأقل في الحاضر. فالمعالجات الجديدة بقدر ما اقتربت من "اللامنظور" أو "اللامفكر فيه" أو "المسكوت عنه" ، بقدر ما كان اقترابها مسطحا دون الغوص في المدنسات والمخفيات داخل المشكل المكتشف.
    وبتطبيق الحالة على سؤال العقل السوداني، يسمي خالد عويس، المنتمي للأجيال الجديدة، هذه المندسات بـ "المكونات الجوهرية" , ويرى عدم قدرة الفكر السوداني على "تبحر المكونات الجوهرية التي غذت الشخصية السودانية"، كما أن العقل السوداني كان هشا في الاستجابة لشروط الخارج كمؤثر وفاعل، ويأتي هذا "من غير عناء التعمق". فهو يشير إلى غياب عملية الفرز ومن ثم استشفاف الذاتي والخاص، وقد انعكس ذلك بوضوح في جملة تجارب المدنية والسلطان في التاريخ السوداني كما تم تبين ذلك في الفصول السابقة.
    وينبه عويس إلى أن أي دراسة للعقل السوداني تخلوا من العودة إلى بداية التكوين السوداني لتتبع الحراك التاريخي وصولا إلى ما سماه بـ "الشخصية المضمرة"،, لن تكون إلا مجرد إضافة إلى المجهودات التي كرست واقعا من العزلة. فهو يتوصل إلى اكتشاف مفهوم "العزلة السودانية" لكنه لا يعمل على تعميق هذا المفهوم بتأسيسات أكثر تعميقا من خلال القراءة والمقاربة للإنتاج الثقافي: الأدبي والفني، والحراك السياسي وقانون الحياة الجديدة. فالدراسات التي يقدمها عويس وكثيرون من الجيل الذي ولد في سنوات النميري، هي مجرد ومضات، أو إشراقات غير مكتملة البزوغ، تحتاج إلى المزيد من العمل المضن والتفكير الجاد بشأن تطويرها إلى أطروحات تساهم في إعادة بناء التصورات الكبرى للحياة والمجتمع السوداني.
    إن "عزلة العقل السوداني" ليست نتاج اللحظة الراهنة التي توصل فيها عويس إلى هذه النتيجة، بمعنى أنها ليست كردة فعل للنظام السياسي والاجتماعي في "سنوات البشير"، وإن كان النظام قد عمل نوعا ما على تكريسها، رغم الانفتاح الشكلاني للجيل الجديد. بل هي تكاد تكون نتيجة حتمية لانفتاح وتأثر سطحيين بالوافد، طالما كان المكتشف من التاريخ السوداني في أغلب تصوراته يقوم على "اكتشافات الوافد"، ويلاحظ هذا جملة الحركة الثقافية السودانية منذ أيام المدرسة الاستعمارية، الأمر الذي ترتب عنه تراكم حالة الانفصام وغياب الوعي الخلاق في رؤية الأسباب والمسببات.
    وقد لاحظنا كيف أن نموذج شبيكة على سبيل المثال، مارس دوره في توليد "فتوحات ذهنية" مغلقة، لم يكن لها شأن كبير في ترسيخ "السودانوية"، وبدلا من أن يكون رافدا للانفتاح الإيجابي على الذات، كان عاملا من عوامل الضعف وهوان الذات. وبشكل عام كانت الأجيال المتلاحقة خلال القرن العشرين – قرن الحداثة السودانية – وإلى الدخول في الألفية الثالثة، تسعى إلى إنتاج فتوحاتها بخصوص إدراك ماهية العقل السوداني، وماهية محركاته من خلال إشكاليات متراكبة ومجترة، حيث كان وعي الذات دائما ما يبدأ بوعي الآخر، في عملية مضادة للتفكير العلمي، أيضا الديني، الذي يعتقد بأن النفس تفهم من خلال التبصر الداخلي لماهيتها وليس من خلال الخارج.
    إذن بالإضافة إلى عدم القدرة على تبصر المكونات الجوهرية للذات، الذي أدى لتغييب "الشخصية المضمرة"، فإن جملة الدراسات والتجارب التي تمت على مدار قرن من السودانيين تنظيرا وممارسة، كانت تعمل على بنى فوقية ولاوعي جمعي سيطر لمئات السنين، مما جعلها مجرد مكرسات لمزيد من العزلة والانعزال، وبالتالي تعميق ما وصفّه محمد أبو القاسم حاج حمد بـ "المأزق التاريخي". وإذا كان عويس يطرح الحل في البحث عن "الشخصية المضمرة"، إلا أنه في ظل الشروط الآنية والمطروح من تفكير "ما وراء أسطوري" يتسم بالخيال غير العملي، واللامنطقية في العقل، لن تنجز أي إفادات مهمة وإستراتيجية على المدى القريب.
    يعبر نموذج خالد عويس، عن حالة من الرفض المبطن للحظة الراهنة، وبطبقة ثانية من التفكير فهو يعبر عن رفض مجمل التجربة السودانية، باعتبارها لم تؤسس أسطورتها بعد. الأمر الذي يجعل السؤال غير متعلق بالبحث عن الأسطورة أو الجذور، بقدر تعلقه بتشكيل أسطورة وليدة من خلال المتوفر حاليا من بنى لامرئية وهي مهمة إشكالية صعبة. فما يبحث عنه عويس هو في واقع الأمر ليس العقل القديم، بل إبداع عقل جديد مفارق للماضي، حتى لو أنه استفاد نوعا ما من مركبات الأمس، الإيجابي منها. وكل ذلك يعكس حالة من الفوران في إطار البحث عن البديل انطلاقا من الافتراض بأن (العقل السوداني) الحاضر والقائم حاليا، لا يعبر عن حقيقة ما هو مضمر وغائب، أو غير مكتشف.
    ويمكن لفهم المسألة بوضوح، تلخيصها في التالي: لا يعدو الأمر برمته أشواق تأملية لبناء عقل جديد، وأن مجرد هذه الأشواق لن يكون كافيا ما لم يتم تطوير حالة التفكير بتغيبيب حالة التفكير المأسطر، لأن فكرة كـ "الشخصية المضمرة" وبتفكير عميق فيها وتقليبها ستبدو جزءا من الأساطير الجديدة التي ساقتها ظروف آنية. لكن الإيجابي في المشهد، تلك الرغبة في الإبداع والتخلص من إرث الأمس، أي الرغبة في الإنتاج من خلال شروط غير تقليدية للأشياء ومناظير الحياة.
    إن خطاب عويس رغم تبديه بجمالية نقدية تستوحي تمظهرات الراهن السياسي والاجتماعي السوداني في سنوات ما بعد الثلاثين من يونيو، وانطلاقه من نظرية الهدم من أجل البناء المؤسس، إلا أن ذات الخطاب يعبر عن ذات متشتتة الرؤى، غير قادرة على نسج أطروحة متوازنة مع الأسئلة الأكثر إلحاحا، فالأفكار تأتي دون ناظم منطقي، ودون سياقة أهداف واضحة للمطلوب من فعل الكتابة، كما لا يمكن وصف حالة الكتابة بأنها حالة تجريبية. وهذا يجعل الكشف عن مؤشرات ذات فاعلية في تأسيس المستقبل من خلال خطاب كهذا، شبه مستحيلة، لأن الفكرة داخل الخطاب تقود غالبا لأكثر من تأويل، تعمل جميعها كمتضادات لبعضها البعض.
    وعويس ليس إلا نموذجا لانعكاسات سيطرة تيار ما وراء الأسطورة في الحياة السودانية، متجلية هنا في إطار الكتابة والإبداع الفكري. وبالنظر إلى عويس على أنه خارج منظومة التفكير الإسلامي – بتصنيف غير دقيق (المعني الإسلاميين/السلطة)– حيث أنه يلتزم منهجيا بإتباع نمط التيار المهدوي حيث أنه من كوادر "حزب الأمة"، وهو حزب راديكالي إسلامي حتى لو تمظهر بالحداثة. فإن تفسير حالة عويس تصبح أكثر إرباكا، سواء في مشروعه النقدي أو الإبداعي. فالقلق الذي ينعكس على رغبته في إنتاج عقل جديد، أو إعادة التفكير في العقل الراهن، ما هو إلا حالة ارتدادية لمسوقات ما هو ظرفي وآني. ويفسر على أنه "ظرف سياسي"، لاسيما أن ذات الكاتب حاول أن ينتقد مشروع "سنوات البشير" في عمله الروائي "وطن خلف القضبان"، والتي يعرفها الناشر على أنها رواية "تعرض كيفية انتقال المجتمع السوداني، رويدا رويدا، إلى مجتمع قائم على لغة القتل سبيلا وحيدا للحياة" . وهو تلخيص مخل.
    من خلال مشروع "وطن خلف القضبان" ينكشف الحجاب عن ثيمة من ثيمات "القلق السلبي" وتيار "ما وراء الأسطورة" في كتاب لا يقدم أي أسئلة واضحة، دعك عن إجابات، حيث أن الإجابات دليل على القطعية التي تعني محدودية الأفق وتعني أيضا إدعاء امتلاك "الحقيقة المطلقة". فالمشروع برمته كتابة مشوشة، تستعير مقولات: القيمة والأخلاق، والدين، في تغيبب الوعي بالمعني ولو نسبيا بهذه المفردات. أيضا كتابة تعيد اجترار كلمات جرت العادة على تكرارها في سنوات ما بعد يونيو، بفعل أسلوب ردة الفعل "السلبية" لما تقوم به السلطة الإسلامية. كلمات مثل: ميري، زنوجة، الخ.. تكشف عن خطاب غير مؤسس ويفتقد للرؤية، حتى في نزوحه نحو مقاومة ممارسات "النظام/السلطة" بالنص. والغريب أن الطرف الثاني يحقق استجابته لهذه "المقاومة الشكلية" فيقوم على مصادرة "الفكر" ومنع الكتاب من دخول السودان. وهي المسألة التي اشتغل عليها الكاتب (عويس) مستغلا فضاء الإنترنت "الرخيص"، ومستدرا حوله "عطف" ما يمكن تسميتهم بـ "الغوغائيون الافتراضيون"، الذين ولدتهم ثقافة العولمة دون التماس الحقيقي والواعي والجاد معها.
    هذه الحالة "العويسية" هي مثال واضح، لاستمرار فشل "النخبة السودانية" باستعارة طريقة تحليل منصور خالد، حيث تختلط الرغبة في إنتاج الكائن الحداثوي، بالرغبة في الالتزام بشروط الأمس (الأيدلوجية)، مع غياب الاستقرار الذهني الذي يخلق فرز يؤشر لبصيص من إمكانية أن تعاد قراءة الأمور بشكل أفضل.
                  

العنوان الكاتب Date
"أسطورة السودان".. جدل الذات والآخر emadblake03-22-09, 01:59 AM
  أجيال جديدة في محاولة لإعادة اكتشاف "العقل السوداني": emadblake03-22-09, 02:02 AM
    تكريس حالة فقدان الوعي بالذات: emadblake03-22-09, 02:04 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de