عشـرات الآلافِ من الأليافِ المائيةِ تَـعْـقدُ سُــلّـمَـها بين أعالي الشجر المتطاولِ والممشــى ، والريحُ مواتيةٌ والأزهارُ البيضُ تطير مع الريحِ : سأجمعُ ثلجاً في كفّـيَّ وأدخلُ بيتي كي أنثرَ هذا الثلجَ المنسوجَ على صمتِ مُـلاءاتي ووسادةِ زاويتي… لن يتحوّلَ ماءُ الثلجِ دموعاً ؛ أنا أعرفُ – طبعاً – أن الأزهار البيضَ ستذبل بعد قليلٍ أعرفُ أن الريح ستهدأُ أنّ الشمس ستُـصبحُ شمسَ الصيفِ وأني سـأسافرُ نحو بلادٍ لا أعرفُـها … لكنْ ، ما شأني والعالَـمَ ؟ تكفيني اللحظةُ بيضاءُ هي اللحظةُ بيضاء …
لندن 30 / 4 / 2003
03-14-2009, 05:21 AM
عبدالغفار محمد سعيد
عبدالغفار محمد سعيد
تاريخ التسجيل: 04-17-2006
مجموع المشاركات: 10075
هو يأتي ، مرّةً في كل شهرَينِ ويرقى سُـلّـماً من خشبٍ أزرقَ حتى منتهى النافذة العليا وبـالـخِـرقـةِ والـمحلولِ يجلو غائمَ البلّـورِ والمنظرِ ؛ هذا الزائرُ النادرُ لا ينظر في وجهكَ إنْ صادفتَــهُ ، وهو لا يهمس حتى بصباح الخيرِ … يأتي هادئاً ، غُـفْـلاً ويمضي هادئاً ، لكنه يتركُ للصورةِ أن تنصعَ للمرآةِ أن تلمعَ كالمرآةِ للمرأةِ أن يبصرها العاشقُ من خلفِ الزجاجِ .............. .............. .............. اليومَ كان الكونُ مبتلاًّ ولكنك لا تبصرُ أمواهَ السماءِ ؛ المطرُ الناعمُ في ساحتنا أنعمُ من أن تجتليهِ العينُ . والزائرُ ؟ حقّـاً ، ترك الزائرُ لي أن أرقبَ العشبَ الذي يضحكُ للماء السماويّ وأن أستنشقَ الأشجارَ من أغصانها العليا التي تبتلُّ ، أن أستافَ ضوعاً طالعاً من جنّـةِ الأعماقِ حيثُ الجذرُ … والبغتةُ : هذا قُـزَحٌ قد علّـقَ القوسَ على باب السماء !
لندن 20 / 5 / 2003
03-14-2009, 05:25 AM
عبدالغفار محمد سعيد
عبدالغفار محمد سعيد
تاريخ التسجيل: 04-17-2006
مجموع المشاركات: 10075
قد كنتُ … يا ما كنت آمُـلُ والخريفُ يلوِّنُ الغاباتِ بالذهبِ وبالجوزيّ أو بالقرمزِ المكتومِ … يا ما كنتُ آمُـلُ أن أرى وجه العراقِ ضحىً وأنْ أُرخي ضفائرَه المياهَ عليّ ، أنْ أُرضي عرائسَ مائهِ بالدمع مِـلْـحاً أنْ أُطَـوِّفَ في شطوط أبي الخصيبِ ، لأسأل الأشجارَ : هل تعرفْـنَ يا أشجارُ أنّـى كان قبرُ أبي ؟ .............. .............. .............. ويا ما كنتُ آمُــلُ ! خَــلِّـها … خَــلِّ الخريفَ يُـتِـمُّ دورتَــهُ فأشجارُ العراقِ تظلّ عاريةً وأشجارُ العراقِ تظلُّ عاليةً وأشجارُ العراقِ ، أنيسُــها في السـرِّ وجهُ أبي …
لندن 21 / 5 / 2003
03-14-2009, 05:27 AM
عبدالغفار محمد سعيد
عبدالغفار محمد سعيد
تاريخ التسجيل: 04-17-2006
مجموع المشاركات: 10075
كيف؟ أنت الساحةُ الآن ، ولا تدري بما يَـحدُثُ في الساحةِ ؟ ما أسهلَ أنْ تغمضَ عينيكَ … ولكنّ الرصاصَ انطلقَ ؛ الدبابةُ " ابراهيمُ " في المفترَقِ الأولِ والرشّــاشُ لا يهدأُ … ما كنتَ بعيداً ، حين كانت " ساحة التحرير " تلتَـمُّ على أشلائها : الدبابةُ " ابراهيم " في المفترق الأولِ والسمْـتيّـةُ السوداءُ ، آباشي ، على رأسكَ والبرجُ يدورُ … انتبه العصفورُ والمقتولُ والحائطُ ، لكنك لم تنتبهِ الشمسُ على رأسكَ تحــمــرُّ ، ولم تنتبهِ الساحةُ بارودٌ من الأعلى دمٌ إهْــرِيقَ في الأسفلِ طابورٌ من النملِ ولم تنتبهِ … الليلةَ ، يأتي طائفٌ من آخرِ الـقَـصْـباء . يأتينا الشِـقِـرّاقُ بما فاهت به جنّـيةُ الهورِ وتأتي عبرَ مجرى المــاءِ أفراسُ النبـــيّ . الطينُ من زقّــورةِ الـمَـنأى سيــأتي والخُلاسيّـونَ والجرحى ، وما تحمله الفاختةُ الأولى ، وما ينفثه الثورُ الســـماويُّ ، ويأتينا عليُّ بنُ محمد … هذه الأرضُ لنا نحن ، بَـرأْناها من الماءِ وأعلَـيْـنا على مضطـرَبٍ من طينها ، سقفَ السماءِ النخلَ والذاكرةَ الأولى… وكنّـا أولَ الأسلافِ ، والموتى بها والقادمين ؛ الأرضُ لن تتركنا حتى وإنْ كنّــا تركناها … سـتُـرخي هذه الأرضُ ، لنا ، الـمَـنْـجاةَ ، مَـرْساً من حريرِ الشَّـعرِ مجدولاً ، ستعطينا ، أخيراً ، إسـمَـها : ويْــلِـي على الشطآنْ ويلي على أهلِ الحِـمى والشانْ ويلي على أهلي ويلي على جسر المسيّـبِ والزبيرِ وقريتي حمدان ويلي على ظلِّـي الذي يمحوه أمريكانْ كيف؟ أنت الساحةُ الآنَ فكُـنْ أدرى بمن أنتَ وكنْ أدرى بما تفعلُ فالساحةُ ـ حتى لو تناستْ إسـمَـها أو غفلتْ عنه ـ هي الساحةُ أنت الآنَ معنىً ؛ لا تحاورْ ولْـتَـدَعْ مَـن خاننا يأكلْ طويلاً شـجرَ الزقّــومِ واثبُـتْ … لا تحاورْ : هذه الأرضُ لنا هذه الأرضُ لنا هذه الأرضُ لنا منذُ بَـرأْناها من الماءِ وأعلَـينا ، على مضطرَبٍ من طينِـها ، سقفَ السماء …
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة