|
العدالة من خارج الحدود هي الملاذ الوحيد!!
|
زيارة خاطفة للتاريخ
عندما حكم جدنا الخليفة عبد الله دولة المهدية لم يكن على وفاق مع (اولاد البحر) وان شئت الاسم الحديث قل اهل الوسط النيلي وان شئت التخفيف قل النيليين وبلغ الصراع مداه بين اهل الخليفة من غرب السودان والنيليين، ولما كانت شوكة الدولة في يد الخليفة انتصر على معارضيه فلم يعد امامهم الا الاتجاه شمالاً والاستعانة بالانجليز في مصر وليس هم اول من فعل ذلك حتى الناقمين من قبل على الدولة السنارية امثال بشير ود عقيد وبومدين استعانوا بمحمد على باشا، والذي لحسن حظهم وجدوا لديه حلماً امبراطورياً جاهزاً كما ان خصوم الخليفة وجدوا الانجليز متحفزين لاستعادة السودان الذي يشكل حلقة مهمة في مشروعهم الامبريالي الافريقي. أردنا بهذه الرمية التاريخية ان نقول ان التاريخ يواصل مسيرته بذات المظهر (نود ان نهرب من مقولة ان التاريخ يعيد نفسه التي يمكن ان تدخلنا في (حيص بيص) ولكن المهم ان دعوات بعض السودانيين بالتدخل الاجنبي لحسم صراع داخلي ليست جديدة، فمثلما فعلها بعض اولاد النيل من قبل ها هم بعض اولاد الغرب يفعلونها الآن فالشغلانة كلها تبادل ادوار ولكن للاسف نحن لا نتعلم من التاريخ فالذين استدعوا محمد علي باشا من قبل لم يجنوا منه إلا القتل والتشريد وكذلك الذين استدعوا الانجليز لم ينالوا منهم إلا التحقير والازدراء وذلك ببساطة لأن الجهة المستدعية اصلاً كانت طامعة في السودان واستغلت من ناداها لتحقيق اهدافها وبعد ذلك رمته جانباً. الآن (اليوم العلينا دا) آخر محطة من محطات التدخل الاجنبي المباشر هو ما نادى به قادة حاملي السلاح في دارفور من فرض حظر الطيران في دارفور على الحكومة السودانية والاستيلاء على نفط السودان والتعامل معه بسياسة النفط مقابل الغذاء، أي اعادة سيناريو العراق (الخالق الناطق)، اما الاضافة عليه فهي تتمثل في اقامة المنظمات الثلاثة عشر التي طردها السودان بعد قرار الجنائية في تشاد ومن هناك تواصل عملها في دارفور، فهذا السيناريو اذا تم فيعني خروج دارفور نهائياً من السودان ولكن سيطل صراع جديد ومركب اهم مكوناته صراع بين فرنسا وامريكا، ففرنسا تعتبر هذه المنطقة واقعة في نفوذها وامريكا قد اتسع نفوذها هي الاخرى في المنطقة، طبعا هذا بافتراض ان الصين رضخت وضحّت بمصالحها ولكن الصراع الاكبر سيكون بين مكونات المجتمع الدارفوري، فالصراع القبلي سوف يتصاعد لأن هناك قبائل كبرى ترى في هذا السناريو تهديداً وجودياً لها ولن تقف مكتوفة الأيدى وستجد من يدعمها دعماً ( مما جميعه) وهنا سوف تعتمد القوى الاجنبية على حملة السلاح مؤقتاً ثم فيما بعد تبيعهم وتقف مع مصالحها. ان سيناريو اقتطاع دارفور من اكثر السيناريوهات احتمالاً وقد يكون غاية في حد ذاته وقد يكون وسيلة لاضعاف الخرطوم او طريقة من طرق الحرب معها وقد يكون الاثنين معاً ولكن الراجح ان يكون غاية في حد ذاته هذا اتفقت القوتان الغربيتان فرنسا وامريكا الامر المؤكد ان هذا السيناريو سهل التصور ولكنه صعب التنفيذ، فعلى الحكومة ان تتجه نحو دارفور وتسعى لاضاءة ليلها الذي طال رغم وعورة الطريق اليها خاصة بعد قرار الجنائية وما فهمه منه حملة السلاح، وبالتالي يمكننا ان نعتبر دعوة السيد رئيس الجمهورية من الفاشر نهار الاحد لحاملي السلاح بالجلوس للتفاوض خطوة في الاتجاه الصحيح ورغم استخفافهم بها الا ان الأمل في ان يدركوا ما يخطط لدارفور ويستجيبوا لصوت العقل في داخلهم (اللهم احفظ السودان وأهل السودان كافة).
منقول من سودانيل
دنقس.
|
|
|
|
|
|
|
|
|