البشير يتوجس خيفة من قرار المحكمة الجنائية (صورة)

Quote: و في معظم الأحوال هذه التعبئة العرقية تحتاج لطرفين كي تنجح .. طرف يقوم بصياغة الدعاوى العرقية و طرف يقوم بالإستجابة لها بردود فعل غير مدروسة .. و هنا أتحدث عن جهات سياسية أو ناشطين يفترض بهم ألا يتصرفوا بتلقائية الشخص العادي .. الذي قد لا يستطيع التحكم في إنفعالاته ، و يعمل برد الفعل التعبئة العرقية التي يستخدمها المؤتمر الوطني تعتمد على إثارة مخاوف عرقية و إجتماعية معينة .. لذلك أظن أن ( إبطال مفعول ) هذا هو بدحض هذه المخاوف بالتطمينات المناسبة ، و ليس بتعزيزها .. بالطبع أنا لا أطالب الإنسان الذي قتل أفراد أسرته و حرق بيته بأن يتجرد في لحظة من كل تلك الأحاسيس المريرة لأن هذا مطلب غير إنساني و غير عادل بل هذا المعني به جهات سياسية / ناشطين يفترض بها أن تمتلك الحكمة الكافية و معرفة بكيفية التعامل مع ( الأفخاخ ) العرقية التي ينصبها حلف المال و الأصولية القابع في ذروة المؤتمر الوطني .. و ليس السير عمداً إلى تلك الشراك و الوقوع فيها عمداً حل مشكلة دارفور في إطار كيان سياسي واحد إسمه السودان يجب أن يدرك الجميع أنه لن يتم مالم يتوفر حد أدنى من الثقة و القدرة على التعايش بين مكونات السودان المختلفة .. و هذا لا يعني حلول جذرية بين ليلة وضحاها .. المفاهيم العنصرية لجميع الأطراف لن تختفي بقرار يوقع على ورقة .. و أفضل ما يمكن أن نفعله بهذا الصدد أن يتم توفير الأساس السياسي و القانوني- و السلام ، الذي يضمن عدم إثارة هذه النزعات العنصرية ، و يكفل تطور مجتمعاتنا ثقافياً في إتجاه التسامح العرقي .. هذا لن يتم أبداً في جو من الإستقطاب إذا تم النظر لهذا الصراع كصراع إثنيات فهذه النظرة لا يمكن أن تنتج سلاماً .. لأنه لا حل له إلا أن تقمع الجماعة التي تطرح نفسها بإسم إحدى الإثنيات بقية الإثنيات الأخرى .. و الطرف المنتصر في هكذا صراع سيكون الطرف ( الأقوى ) .. لا أعتقد أن هذا ما نطمح له جميعاً .. و حالة كهذه لا يمكن أن تتطور من تلقاء نفسها إلى سودان ديموقراطي متعايش المكونات هناك مظالم تأريخية .. و جرائم معاصرة .. من الضرورة التأكيد على أنه لا يجب تحميل جميع الأطراف فيها مسؤولية متساوية .. و العدالة تتحقق بإستهداف المتورطين مباشرة في هذه الجرائم .. و حين تطورت معايير قيم العدالة البشرية عبر الآف السنين لتستقر على محاسبة الأفراد - على الأقل في صورتها المثالية - لم يكن ذلك عبثاً أو صدفة .. لا ينبغي أن ننتكس عن كل ذلك في غمضة عين و نرجع لعقلية أنتجت الثأر الأسري و التصفيات العرقية ! عقلية لا يهمها كثيراً من هو المجرم الحقيقي بقدر ما يهمها تنميط صورة معينة لهذا المجرم و الإنتقام من هذه الصورة و لو في شخوص أشخاص آخرين على جميع الأطراف أن تحدد ماذا تريد بالضبط : العدالة هي مسألة مفروغ منها .. هل بالإمكان التعايش أم لا .. لا مجال هنا لفرض الوصايات على الآخرين .. من يؤمن بأنه من ركامنا السياسي هذا يمكن أن نخرج ما هو إيجابي و نصنع منه دولة تلبي رغباتنا جميعاً فليسعى لذلك .. و هو مسعى يتطلب جهداً نشطاً وليس ردود فعل طفولية