|
Re: Martin Luther King "I have a dream" فى ذكرى ميلاده الثمانين (Re: ناظم ابراهيم)
|
مارتن لوثر كنج .....لدي حلم
قبل مائة عام ، أعلن أحدُ الأمريكيين العِظام ، والذي نقف الآن في أثرٍ من آثاره ، بيان التحرير . كان ذلك القرار الخطير بمثابة شُعلةٍ تهتدي بها آمالُ الملايينِ من العبيد الزنوج ، الذين أُذبلت سنيّهم في لهيبِ الظلم المهلك . فجاء القرار كفجرٍ ضاحكٍ ليُنهيَ ليل العبوديةِ الطويل .
ولكن ، وبعد مائة عام ، يجب علينا أن نواجه الحقيقة المأساويّة وهي أن الزنجيّ لا يزالُ مُعاقاً بقيودِ العزلِ العرقيّ ، وأغلالِ العنصريّة . بعد مائة عامٍ ، لا يزالُ الزنجيُّ يعيشُ على جزيرةِ فقرٍ وحيدة في وسط محيطٍ فسيحٍ من الرخاءِ الاقتصادي .
بعد مائة عامٍ ، لا يزالُ الزنجيُّ يذبُل في زوايا المجتمع الأمريكي ، ويجدُ نفسهُ منفيّاً في أرضه . لهذا ، جئنا إلى هنا اليوم كي نصوّر لكم وضعاً مروّعاً .
لقد أتينا إلى عاصمة دولتنا لنصرف ( شيكاً ) ؛ فعندما كتب الذين أنشئوا جمهوريتنا كلماتٍ عن الدستور وإعلان الاستقلال ، كانوا يوقّعون على صكٍّ أصبح كلُّ أمريكي ينتظر أن يرثه .
كان ذلك الصكُّ وعداً بأن للجميع ضمانٌ بحقوقٍ لا تضيع ، وحريةٍ ، وسعيٍ حثيثٍ نحو السعادة .
إنه لمن الواضح للعيان أن أمريكا اليوم خالفت بنود ذلك الصكّ كلما تعلّق الأمرُ بمواطنيها السود . فبدلاً من الوفاء بأحكام ذلك الالتزام ، أعطت أمريكا الزنوجَ ( شيكاً ) زائفاً . ( شيكاً ) كُتبَ عليه بعد محاولة صرفه : " لا يوجد رصيدٌ كافٍ " .
ولكننا نرفضُ أن نصدّق بأن مصرف العدل قد أفلس . نرفضُ أن نصدّق بأن لا أموال كافية في الخزائن الضخمة للفرص في هذه البلاد . لذا ، فقد قدِمنا لنصرف هذا ( الشيك ) الذي سيمنحنا ، نزولاً عند طلبنا ، ثروةَ الحريّة ، وأمن العدالة . كما أننا قدمنا إلى هذه البقعة المبجّلة لنذكّر أمريكا بالإلحاح الجبّار لـ ( الآن ) .
إن هذا الوقت ليس وقتُ الانخراط في التهدئة ، أو وقت تعاطي مسكنّات التدرجية . الآن هو الوقتُ الذي فيه نُبرم وعوداً حقيقية للديمقراطية . الآن هو الوقتُ الذي فيه ننهضُ من الظلام ونهجر وادي التمييز العنصري لنصلَ إلى الطريق المشمس للعدالة العرقية . الآن هو الوقت الذي فيه نفتحُ أبواب الفرص لكل أبناء الرب . الآن هو الوقتُ الذي فيه نرفعُ أمتنا من الرمال المتحركة للظلم العنصري ، إلى صخرةِ الأخوّةِ الصلبة .
إن الأمر قد يُصبح مُهلكاً إن تغافلت الدولةُ عن إلحاح هذا الوقت ، أو استخفّت بعزيمةِ الرجل الأسود . لن يمرّ صيف السخط القائظُ هذا حتى يأتي خريفٌ يُنعشُ في هذه البلاد الحرية والمساواة . وإن عام 1963 ليس النهاية ، بل البداية .
إن أولئك الذين يتمنون أنه لابد للرجل الأسود من أن يكبح غضبه ، ويرضى بواقعه ، سيواجهون إيقاظاً عنيفاً إذا ما عادت الدولة إلى عادتها كالسابق . لن يكون هناك سكونٌ ولا راحة في أمريكا حتى يُمنح الرجل الأسود حقوق المواطن . هذا وسوف تستمرُّ زوبعةُ الثورةِ في هزّ قواعد الدولة إلى أن يأتيَ يومٌ مشرقٌ يبزغُ فيه العدل .
ولكن هناك شيءٌ يجب عليّ قوله لأبناءِ شعبي الذين يقفون على عتبةٍ ساخنةٍ توصلهم إلى قصر العدالة . يجب علينا في عملية حصولنا على مكاننا الشرعيّ أن لا نرتكب أفعالاً غير شرعية . دعونا لا نبحثُ عما يُطفئُ ظمأنا للحرية بالشرب من كاس المرارة والكراهية . يجبُ علينا دوماً أن نقود كفاحنا إلى مستوىً عالٍ من الكرامة وضبطِ النفس . يجبُ علينا أن لا نسمح لاحتجاجنا أن ينحطّ على درجةِ العنفِ الجسدي . ومرةً بعد مرة ، يجبُ علينا أن نبلغ القمم المهيبة لاجتماع قوة الجسد مع قوة الروح .
إن روح النضالِ الجديدة والرائعة ، والتي تشبّع بها مجتمعُ السود ، لا يجبُ أن تقودنا إلى الارتيابِ في جميع البيض ؛ لأن العديد من إخواننا البيض ، كما دلّ على هذا وجودهم اليوم بيننا ، أدركوا أن قدرهم مقيّدٌ بقدرنا ، وحرّيتهم هي رابطٌ لا يقبل الإنفصام عن حريّتنا . فنحنُ لا يمكننا أن نمضي وحدنا .
وبينما نحن نمضي قُدماً ، يجبُ علينا أن نأخذ على أنفسنا عهداً بأن نواصل المسيرة . فلا يمكننا أن نتراجع . هنالك أناسٌ يسألون أنصار الحقوقِ المدنيّة : " متى ترضون ؟ " . لن نرضى ما بقيَ الزنجيُّ ضحيةً لرعبٍ لا يوصف من وحشية رجال الشرطة . لن نرضى أبداً ما دامت أجسادنا مثقلة بجهدِ الترحال ، ولا تستطيع الحصول على مثوى في الفنادق الرخيصة المنتشرة على الطرق الطويلة ، أو في الفنادق الكبيرة في المدن . لن نرضى ما دامت حركةُ الزنجيّ مقيدةً بالانتقالِ من حيٍ صغيرٍ إلى حيٍ أكبر . لن نرضى أبداً ما دام الزنجيُّ في ( المسيسيبي ) لا يملك حق التصويت ، والزنجيُّ في ( نيويورك ) لا يؤمنُ في شيءٍ يصوّتُ من أجله . لا ، لا ، لسنا راضون . ولن نرضى حتى يتدفّق العدلُ كالماء ، والاستقامةُ كالنهرِ العظيم .
أنا لم أنس أن بعضكم قد جاء إلى هنا بعد ويلاتٍ ومحنٍ عصيبة . فبعضكم قد خرج لتوّه من زنزانات السجن الضيّقة . وبعضكم قَدِم من مناطق جعلهم مطلبُ الحرية فيها تحت وطأة الإعتداء المستمر لعواصف الاضطهاد ، وجعلهم مصعوقين بسبب وحشية رجال الشرطة ، فأصبحتم جميعاً متمرسّين في الألم . واصلوا عملكم بإيمانٍ قوي بأن الألم المفروض علينا هو ألمٌ افتدائي في سبيل القضية .
عودوا إلى ( المسيسيبي ) ، وعودوا إلى ( ألاباما ) . عودوا إلى ( جنوب كارولينا ) . عودوا إلى ( جورجيا ) . عودوا إلى ( لويزيانا ) . وعودا إلى الأحياء الفقيرة الضيّقة في مدننا الشمالية ، واعلموا أنه بطريقةٍ ما سوف يتغير هذا الوضع . دعونا لا نتخبّط في وادي اليأس .
إخواني ، أقول لكم اليوم بأنه رغم الصعوبات والإحباطات التي نمرّ بها ، إلا أنني ما زلتُ أحتفظُ بحلمي . إنه حلمٌ متأصلٌ بعمق في الحلم الأمريكي .
لدي حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام سوف تنهض دولتنا وتُحيي المعنى الحقيقي لعقيدتها فتقول : " إننا نلتزم بهذه الحقائق لتكون بيّنةً بأن الجميع خُلقوا متساوين ".
لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام وعلى تلال ( جورجيا ) الحمراء ، سوف يجلس أبناءُ العبيد السابقين ، وأبناء أصحاب العبيد معاً على مائدةِ الأخوّة .
لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام ، حتى ولاية ( المسيسيبي ) ، والتي تُعدّ صحراء قائظة بفعل حرارة الظلم والاضطهاد ، سوف تتحولُ إلى واحةٍ للحرية والعدالة .
لديّ حلمٌ بأن أطفالي الأربعة سوف يعيشون يوماً ما في دولةٍ لا يُحكم عليهم فيها على أساس لون بشرتهم ، وإنما شخصهم وأفعالهم . لديّ اليوم حلم .
لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام في ( ألاباما ) ، والتي بها تقطر شفتا الحاكم كلماتِ التطفّل ومنع تنفيذ قرارات الدولة في الولاية(1) ، أحلمُ بأن تتحول الولاية إلى درجةٍ حيث يستطيع الأولاد والبنات السود أن يشبكوا أياديهم بأيادي الأولاد والبنات البيض ، ويمشون معاً إخوةً وأخوات .
لديّ حلمٌ اليوم . لديّ حلمٌ بأنه في يومٍ من الأيام سوف يُرفع كلُّ وادٍ ، وتُخفضُ كلُّ الجبال والتلال ، وتُسوّى الأراضي غير المستوية ، وتُقوّمُ الطرق المعوجّة ، ويظهر مجد الرب حيث يراه كل البشر معاً .
هذا هو أملنا . هذا هو الإيمان الذي به أعودُ إلى الجنوب . بهذا الإيمان ، سوف نستطيع أن نشقّ جبل اليأس بحجرٍ من الأمل . بهذا الإيمان ، سوف نستطيع أن نحوّل النشاز المزعج في دولتنا إلى سيمفونيةِ أخوّةٍ جميلة . بهذا الإيمان ، سنستطيع أن نعمل معاً ، ونصلي معاً ، ونكافح معاً ، ونُسجن معاً ، ونقف للحريةِ معاً ، مؤمنين بأننا يوماً سنكون أحراراً .
سيكون هذا هو اليوم الذي فيه يغني كل أبناء الربِ بمعنىً جديد :
وطني ، إنها أرضك ..
أرضُ الحريةِ الحبيبة ..
لأجلك أغني :
الأرضُ التي مات فبها آبائي ..
أرضُ فخر المهاجرين ..
من كل انحدارات الجبال ،
فليُقرع جرسُ الحرية ..
وإن أرادت أمريكا أن تصبح دولةً عظيمة ، فيجب أن يأتيَ هذا اليوم . لذا ، فليُقرع جرسُ الحريةِ من قمم تلال ( نيوهامبشاير ) الضخمة .
فليُقرع جرسُ الحريةِ من جبال ( نيويورك ) الجبّارة .
فليُقرعُ جرسُ الحريةِ من جبال ( الغينيس ) المتضاعفة في ( بنسلفانيا ) .
فليُقرع جرسُ الحريةِ من جبال ( روكي ) المكللةِ بالثلوجِ في ( كولارادو ) .
فليُقرع جرسُ الحريةِ من القمم المنحنية في ( كاليفورنيا ) .
ولكن ليس هذا فقط ، فليُقرع جرسُ الحريةِ من جبل ( الحجر ) في ( جورجيا ) .
فليُقرع جرسُ الحرية من جبل ( لوكاوت ) في ( تينيسي ) .
فليُقرع جرسُ الحريةِ من كل تلٍّ ، ومن كل تلّ خُلدٍ في ( المسيسيبي ) .
عندما نقرع جرس الحرية ، وعندما نقرعه من كل القرى الصغيرة والكبيرة ، ومن كل ولاية ومدينة ، سنستطيع أن نعجّل قدوم ذلك اليوم المنتظر الذي فيه أبناء الرب جميعهم ، الرجال السود والرجال البيض ، اليهود واللايهود(2) ، البروتستانت والكاثوليك ، يشبكون أياديهم ويتغنّون بكلماتِ الأنشودة الدينية الزنجية :
أحرارٌ أخيراً .. أحرارٌ اخيراً
لك الشكر يا ربنا ...
أخيراً نحن أحرار !
|
|
|
|
|
|
|
|
|