53 عاما علي كارثة وفجيعة عنبر جودة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-17-2024, 01:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2009, 02:05 PM

مطر قادم
<aمطر قادم
تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 3879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
53 عاما علي كارثة وفجيعة عنبر جودة

    فى الثالث والعشرون من فبراير 1956 وقعت الحادثة الشهيرة ونصف قرن عليها قد مرّ وقدمها الراحل الشاعر صلاح احمد ابراهيم فى قصيدة قد افصحت عن كل شى.



    عشرون دستة



    عشرون دستة

    لو أنّهم....

    حزمةُ جرجير يُعدُّ كيْ يُباعْ

    لخدم الإفرنج في المدينة الكبيرة

    ما سلختْ بشرتهم أشعةُ الظَّهيرة

    وبان فيها الاصفرارُ والذبول

    بل وُضعِوا بحذرٍ في الظلِّ في حصيرة

    وبلَّلتْ شفاههُمْ رشَّاشَةُ صغيرة

    وقبّلتْ خدودهم رُطوبةُ الإنْداءْ

    والبهجةُ النَّضيرة

    ****

    لو أنَّهُم فراخ

    تصنع من اوراكها الحساء

    لنُزلاء ((الفندق الكبير))

    لوُضعوا في قفص لا يمنعُ الهواء

    وقُدم الحب لهم والماء

    لو أنهم ...

    ما تركوا ظماء

    ما تركوا يصادمون بعضهم لنفس الهواء

    وهم يُجرجرون فوق جثث الصحاب الخطوة العشواء

    والعرق المنتن والصراخ والاعياء

    ما تركوا جياع

    ثلاثة تباع

    في كتمة الأنفاس في مرارة الأوجاع

    لو أنهم

    لكنهم رعاع

    من ((الرزيقات))

    من ((الحسينات))

    من ((المساليت))

    نعم ...رعاع

    من الحُثالات التي في القاع

    من الذين انغرست في قلبهم براثن الإقطاع

    وسلمت عيونهم مرواد الخداع

    حتى اذا ناداهم حقهم المضاع

    عند الذين حولوا لهاثهم ضياع

    وبادلوا آمالهم عداء

    وسددوا ديونهم شقاء

    واستلموا مجهودهم قطنا وسلموه داء

    حتى إذا ناداهم حقهم المضاع

    النار ...والرشوةُ ...والدخان

    والكاتب المأجور...والوزير

    جميعهم وصاحب المشروع

    بحلفهم يحارب الزراع

    يحارب الأطفال والنساء

    وينثُر الموت على الأرجاء

    ويفتح الرصاص على الصدور

    ويخنق الهتاف في الأعماق

    ويفتح السجون حيث يُحشد الإنسانُ كالقطيع

    ويحكم العساكر الوحوش

    فيحرمون الآدمي لُقمة في الجوعْ

    ويحرمون الآدمى جُرعة من ماء

    ويغُلقون كل كوة تُمرر الهواء

    وفي المساء

    بينما الحُكام في القصف وفي السكر

    وفي انهماك بين غانيات البيض

    ينعمون بالسمر

    كانت هناك...عشرون دستة من البشر

    تموتُ بالإرهاقْ

    تموتُ باختناق
                  

02-14-2009, 02:12 PM

مطر قادم
<aمطر قادم
تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 3879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 53 عاما علي كارثة وفجيعة عنبر جودة (Re: مطر قادم)

    المجد والخلود لشهداء عنبر جودة

    لقد خلدت هده القصيدةذكراهم
    الخزى والعار للقتلة

    والرحمة لصلاح احمد ابراهيم الذى ما زلنا ننهل من معين ابداعة الثر
    وعلي التنبيه للجرم الذى ارتكب فى حق مزارعين مشروع جودة
                  

02-14-2009, 02:43 PM

مطر قادم
<aمطر قادم
تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 3879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: 53 عاما علي كارثة وفجيعة عنبر جودة (Re: مطر قادم)

    up
                  

02-14-2009, 08:35 PM

عزالدين طه
<aعزالدين طه
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 411

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ن (Re: مطر قادم)

    الأخ مطر قادم

    شكرا على فتحك لهذا البوست المهم لتوثيق ماحدث فى ذلك الزمان
    لنجعلة احتفاءا و توثيقا لشهدا عنبر جودة



    تصويب:

    التاريخ الصحيح لمأساة عنبر جودة هو التاسع عشر من فبراير 1956 بحسب كتاب عنبر جودة لمؤلفه( حسن العبيد مدنى )الصادر فى عام 2008

    لك الشكر مرة أخرى
                  

02-15-2009, 03:45 PM

مطر قادم
<aمطر قادم
تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 3879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ن (Re: عزالدين طه)

    نقلا عن جريدة الراي العام العددالتاريخ: الأحد 27 إبريل 2008م، 21 ربيع الثاني 1429هـ 3814
    عندما أحصيت الاعوام فوجدتها «52» عاماً وجدت قلمي متحفزاً ليخط إتهاماً مباشراً لذاكرتنا الخربة التي تسقط الكثير من الاحداث دون وقفة طويلة معها في حين تطرق في قوة لدرجة السأم على احداث اقل اهمية.. تمر ذكرى احداث عظيمة علينا بدون وقفات مما يجعلها تبهت ومن ثم تختفي من سجل ذاكرة بعض الاجيال وخصوصاً الشابة منها.
    ----------

    من هذه الاحداث جريمة <b style="color:black;background-color:#ffff66">عنبر</b> <b style="color:black;background-color:#a0ffff">جودة</b> التي حدثت منذ عقود طويلة، هل خلعنا قبعات الحداد يوم 23 فبراير على ارواح طاهرة صعدت الى بارئها وهي تدافع عن حقوقها - «25» عاما انصرمت فهل من ناقوس يذكّر - بالتأكيد لم يحدث. ورغم المظاهرات المنددة التي خرجت من طلبة الجامعات والمدارس في تلك الفترة، ورغم الحملة الشرسة التي شنتها الصحف بإطلاق قذائف الاتهام وتشبيه الحادثة بجريمة العصر واضرابها يوم 26/2/1956كتعبير عن الاحتجاج، ورغم توجيه الصحف الاتهامات لاذاعة ام درمان لأنها واصلت برامجها الترفيهية دون ان تتوشح بنكهة سوداء تضامنا مع المزارعين، الا ان الامر توقف، وشيئا فشيئا خفتت الاضواء التي كانت مسلطة عليها، وخلت مناهج الدراسة من أية اشارة للحادثة.
    ظلت جريمة <b style="color:black;background-color:#ffff66">عنبر</b> <b style="color:black;background-color:#a0ffff">جودة</b> لطمة سوداء داكنة في تاريخ السياسة السودانية خصوصا وانها جاءت بعد فترة قصيرة جدا من الاستقلال.. ويشاركني في هذا الرأي السيد حامد شاكر من رجال مايو النشطين كان آخر منصب شغله إبانها امين عام الاتحاد الاشتراكي بمحافظة النيل الازرق كان شاهد عيان على الحادثه بل ومحركاً اساسياً في تفاصيلها .. اثناء سرده للاحداث عاد بي الى الخمسينات عندما كان يعمل بالسكة الحديد في مدينة كوستي يقول: (كنت عضواً في الحزب الشيوعي وكلفت بعمل اتحاد مزارعي النيل الابيض وكنت اشغل وقتها وظيفة سكرتير نقابات عمال السكة الحديد فأخذت اجازة لمدة اسبوع وبدأت تحركاتي العام 1956م بمساعدة المهندس صديق يوسف «ناشط يساري حاليا». وبدأنا بمشروع المجابي وقابلنا مدير المشروع السيد حسن ابراهيم مالك على اساس اننا جئنا لزيارة صديق لنا يعمل هناك فأحسن ضيافتنا واستقبالنا) .
    وفي ذلك الوقت كان المزارع يعاني من ظلم اصحاب المشاريع الخاصة في المنطقة، لذا كانت فكرة تكوين اتحاد لهم منفذاً للخلاص من حياة الضنك التي كانت تعتصرهم، وكانت للحكومة مصالح مشتركة مع اصحاب المشاريع لذا كانت غير مرحبة بقيام الاتحاد.. اما اراضي المشاريع فكانت إما حكومية او ملكاً لأهالي المنطقة ولم تكن ملكاً لأصحاب المشاريع، وعلى الرغم من وجود قانون ينظم الشراكة بين المزارع واصحاب المشاريع الا ان الطرف الاخير كان يخل بالقانون.
    وبدأ السيد حامد شاكر تحركاته في المنطقة منتهزاً فرصة خسارته في لعبة (الكوتشينة) التي تلقى على عاتق الخاسر ملء اناء من الترعة في الليل، وبدلا عن الذهاب للترعة انطلق ليبحث عن مجموعات متعاونة من المزارعين، ومن حسن الطالع فقد صادف في طريقه مزارعاً ثائراً هو (محمد علي حمدون) الذي جمعه بمجموعة من المزارعين الساخطين، وراقتهم كثيرا فكرة تكوين اتحاد يناضل من اجل حقوقهم وعند عودته الى منزل السيد حسن مالك وجد تجمهرا كبيراً، يقول السيد حامد شاكر: (وجدت تجمعاً ولاحقتني الاسئلة عن سبب تأخري واكتشفت ان خبر اجتماعي السري وصل اليهم بسرعة الضوء مما اغضب السيد حسن مالك كثيرا ولجأنا انا وصديق يوسف الى المزارع محمد علي حمدون الذي ارتأى ان نهرب على شاحنة تراب لأن المكان لم يعد آمناً وعدنا الى كوستي وهناك تعرضنا لتحقيق من الشرطة وارغمنا على كتابة تعهد بعدم مغادرة كوستي إلا اننا ظللنا نواصل اجتماعاتنا السرية مع المزارعين خلصت الى رفع مذكرة تضمنت ثلاثة مطالب هي: تكوين اتحاد ومراجعة حسابات المزارعين واعطائهم حقوقهم».
    واحتشدت جموع المزارعين في ميدان الرياضة بكوستي ورفعت المذكرة الى السيد عباس بابكر مفتش المنطقة ورفضوا تسليم القطن الا بعد تلبية مطالبهم واعلنوا عن اضراب عام، وبالفعل فقد نجح الاضراب ولم تفلح كل المحاولات حتى العقائدية لإبطاله مثل مخاطبة السيد عبدالرحمن المهدي ويحيى الفضلي لهم كأنصار واعتبار اننا شيوعيون مخربون.
    والحال كذلك ارسلت الشرطة قوة للمشاريع يوم 22/2/1956 بدأت بمشروع <b style="color:black;background-color:#a0ffff">جودة</b> الذي كان تابعا لشركة عبدالمنعم محمد العاملة فى التجارة والصناعة. واعلنت الشرطة عبر مايكرفون ضرورة تسليم المحصول، وظن قائد الفرقة ان اصابة احدهم بطلقة ستخيف البقية وفعلا اصابوا كبيرهم احمد ابراهيم برصاصة في ساقه وبدلا من ان يهرب البقية هجم المزارعون بحرابهم على الجنود مما ادى الى انسحابهم، فطلب مفتش المركز النجدة التي جاءت في شكل قطارين من الشرطة، فدخلت المشاريع وضربت المزارعين واعتقلت ما يقارب «281» مزارعاً بينهم جرحى، وتم اعتقالنا نحن ايضا، ووضع المزارعون داخل عنابر الجيش التي كانت تحت التشييد وكانت مفتقرة للتهوية، وبعد التحقيق معنا اطلقوا سراحنا بضمان، فهرعنا الى العنبر لنجد المزارعين في مشهد لا يُنسى جالسين بإتجاه القبلة وفي ايديهم مسابحهم وما يقارب الـ «190» مزارعاً ماتوا نتيجة الاختناق.. وطلبت منا الشرطة التكتم على الامر فرفضنا ذلك وسربنا الخبر الى الصحف ووسائل الاعلام، فخرجت مظاهرات مؤيدة للمزارعين وخضع المفتش عباس بابكر لتحقيق خرج منه (كالشعرة من العجين).
    وخرجت الصحف بالخبر المريع وتحدث رجال الادارة الاهلية من القبائل المنكوبة عن الاعتقال والضرب لرجالهم والمعاملة البشعة داخل العنبر التي عكسها الناجون لهم وعن استهزاء رجال البوليس بالموتى وهم يحتضرون ووضع الموتى مع الاحياء، والأنكى دفنهم عراة داخل سراديب دون صلاة جنازة!
    وقررت الحكومة محاكمتنا عسكريا، الا ان السيد عبدالعزيز شدو الذي كان قاضي المنطقة خفف الحكم وحكم علينا بالسجن سبعة أشهر مع وقف التنفيذ، ونقل على اثرها شدو الى سنار، واحضرت الحكومة قاضياً باكستانياً قدمنا له وحاكمنا في ربع ساعة بستة أشهر سجن قضيناها في ودمدني داخل (السجن الاسود) ولو لا ما صاحب القضية من ضجة اعلامية لكنا اعدمنا في الحال.
    وبعد فترة من هذه الاحداث تكون اتحاد مزارعي النيل الابيض برئاسة العبيد علي عامر يقول السيد حامد شاكر: (تحول اصحاب المشاريع الى مشاريع اخرى غير الزراعة وعندما جاءت مايو حاولنا عمل شيء لشهداء <b style="color:black;background-color:#a0ffff">جودة</b> مع الرئيس نميري فأقمنا ليلة كبيرة في مقابر شهداء كوستي وقرر نميري دمج كل المشاريع وعمل اصلاح زراعي ومراجعة كل حسابات المزارعين ورفع المزارعون مذكرات مطالبة بتعويضات عما حدث وحقق اتحادهم مكاسب لهم واعترف بهم).
                  

02-15-2009, 07:28 PM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ن (Re: مطر قادم)

    من مداخلة للستاذ الطيب شيقوق هنا : القيقر ....... قمة
    Quote:
    كتب هنا الاخ الاستاذ على حماد تعقيبا على مقال كتبه الدكتور محمود محمد يس وقد جاء في مقال الاستاذ على حماد ما يلي :
    أشكر الدكتور محمود محمد يسين على مقاله بعنوان "فى الذكرى الخمسين لجودة وعنبر كوستى- المغزى والدروس " المنشور على صفحة سودانايل بتاريخ الحادى عشر من يوليو الحالى . وارجو أن يسمح لى الاخ الدكتور بأن اصحح بعض المعلومات المتعلقة بجملة من الاحداث ،و بمدينة جودة التى وقع فيها الصدام بين الشرطة والمزارعين والمتعلقة كذلك بنشأة اتحاد مزارعى جودة ودوره فى الذى حدث ، والمتعلقة أخيرا بالكيفية التى انتهت اليها الاحداث ، والنتائج التى ترتبت عليها مستقبلا . وأرجو أن أصحح بالحذف والاضافة بعض الذى اورده الكاتب المحترم ، بوصفى شاهد عيان "شاف كل حاجة" عكس اخينا عادل امام الشاهد اللى ما شافش حاجة . فشخصى الضعيف هو واحد من ابناء مدينة جودة الذين شاهدوا ما حدث وبكوا مع أهليهم مما حدث فى ذلك الصباح الدافئ الحزين. نعم كانت جودة مدينة صغيرة يومها . فقد بلغ تعدادها لحظة وقوع الماساة حوالى العشرين الف نسمة بمجموع الذين تجمعو فى القرى والحلال القريبة منها بعد أن جذبتهم الدعاية القوية بمولد الحدث الكبير – مشروع جودة الضخم الذى أنشأته شركة عبد المنعم محمد ، ذلك المحسن الكبير الذى جاء ابناؤه وحفدته الى هذا الموقع على أمل أن يستفيدوا ويفيدوا ، ويساهموا فى خلق واقع حضرى جديد فى تلك البقعة البدوية التى كانت حتى تلك اللحظة موقعا قفرا ، وخاليا من أى مظهر من مظاهر الحياة الحديثة . وقام المشروع الكبير وخرجت جودة الى الوجود لأول مرة . وقامت فيها وحولها الاسواق الكبيرة والشفخانات الطبية والمدارس ،و عدة مناشط حياتية . كان هناك سوق كيلو واحد ، وسوق كيلو اربعة ، وسوق الامتداد ، ومافيها من مدارس وعيادات أنشأتها الشركة مع المشروع كتفا بكتف. وكان ذلك فى مجموعه عملا وطنيا كبيرا ، يحسب للرأسمالية الوطنية . كانت المدينة الصغيرة الوادعة تغلى بجدل شديد بين اتحاد المزارعين الوليد برئاسة العم (اسماعيل المكادى )احد كبار شيوخ بادية قبيلة نزى ( بتشديد الزاى ) التى كانت وما زالت تستوطن هذه المنطقة منذ عهود سحيقة. وكانت الغالبية العظمى من مزارعى المشروع الجديد هم من افراد هذه القبيلة الكبيرة باعتبارهم أهل الوادى الفسيح الذى اقيم عليه المشروع . لقد تركت المجموعة التى جاءت الى المشروع من هذه القبيلة ، تركت وراءها البادية وحياة البداوة وجاءت بقيمها البدوية لتبدأ حياة جديدة تخيلتها من واقع الدعاية المركزة التى بثتها الشركة عن المشروع الجديد حتى ترغب البدويين فى الانتقال من حياة البداوة الى حياة الاستقرار فى المشروع . وجاء على رأس العشيرة الوافدة شيوخ كبار لهم حوزتهم وكلمتهم واتباعهم ليصبحوا مزارعين فى المشروع الجديد.
    الجدل الذى كان يدور فى المدينة الصغيرة فى ذلك اليوم تركز حول قضية صغيرة وطارئة ، ولم يكن أحد يتصور أن تتطور الاحداث بسببها بذلك الشكل ،أو تسير فى المنحى الذى سارت فيه بتلك السرعة وتصل الى تلك النهاية الفاجعة التى تجاوزت تقديرات جميع الذين شاركوا فى صنعها بوعى او بغير. كان الجدل يدور بين الادارة المحلية للمشروع وبين اتحاد المزارعين حول مطلب وحيد وبسيط تقدم به الاتحاد الى الادارة. وكان الطلب هو أن تؤجل الادارة ترحيل اقطان ذلك الموسم الى محالج ربك الى أن تتمكن الادارة من صرف متاخرات الموسم السابق التى يصر المزارعون على صرفها قبل السماح بترحيل اقطان الموسم الجديد الى المحالج كنوع من الضغط على الادارة المحلية لكى تضغط بدورها على الادارة العليا للشركة فى الخرطوم للإيفاء بالتزاماتها نحو المزارعين . وكان عدد من اعضاء الاتحاد الوليد يدركون أن منع ترحيل الاقطان بالقوة هو نوع من أخذ القانون فى اليد ، ويخالف قانون "علاقات الانتاج" الذى يحكم العلاقة بين ادارة المشروع والمزارعين. كان رئيس الاتحاد وسكرتيره اكثر الملمين بخطورة ذلك التصرف من الناحية القانونية ، وكانا من ضمن المجموعة التى كانت تحاول الوصول الى منطقة وسطى بينها وبين الادارة المحلية تفاديا الوصول الى المنطقة الأصعب. المجموعة الرافضة للحلول الوسطى كانت هى صاحبة الصوت الأعلى ، وكانت لها اجندة سياسية واضحة آتية من خارج ذلك المجتمع البدوى الصغير الذى كان مبتدئا فى كل شئ ولم يكن يفهم شيئا كثيرا خارج محيطه البدوى الصغير مما يقال عن حركة النضال الطبقى فى تلك القضية واعتبار جودة " ذروة ذلك النضال !" لقد دونت جانبا من ذلك الجدل الطريف فى روايتى بعنوان( عشرون دستة من البشر ) وهو عنوان قصيدة زميلى الاستاذ الشاعرالمرحوم صلاح احمد ابراهيم التى رثا بها أهلى ( شهداء ) عنبر جودة . وهذا هو الوصف الذى نطلقه عليهم حتى اليوم ، باعتبارهم قتلوا ظلما سواء كان ذلك القتل بالرصاص او بالاهمال و بالاختناق . واقول زميلى صلاح احمد ابراهيم ، لأن زمالات كثيرة قد جمعتنا ، منها زمالة الثقافة ، وزمالة الكتابة ، وزمالة المهنة . زمالة المهنة ، نعم . فقد كان كلانا سفيرا لبلده وخدمها بحب واخلاص ، وضحى من أجلها بالمنصب والجاه وضرب فى البيد والفيافى من أرض الله ةالواسعة بحثا عن لقمة عيش شريفة لأبنائه وعن راحة الضمير. لقد دونت ذلك الجدل الطريف فى ( عشرون دستة من الشر) لأثبت كيف كانت مناهج التفكير تتناطح فى المجتمع البدوى الصغير الذى كان يقوده اتحاد لم يشب عن الطوق وجد نفسه فى خضم معركة اكبر من فهمه ووعيه السياسى دون أن يدرى أنه كان يشترك فى معركة سياسية رسمت خطوطها المتعرجة بعيدا عن محيطه الصغير فى جودة. وكانت النتيجة أن ازهقت ارواح كثيرة بريئة وضاعت حقوق كانت اقرب الى اهلها من حبل الوريد. ابن عمى " الجاك عبد الله ابراهيم" صفع وكيل العمدة الذى كان يحاول تهدئة الثائرين . عندما دوى الرصاص كان الجاك أول الباحثين عن منفذ النجاة ! واصبح دائما يتذكر ذلك الموقف بندم شديد ، ويقول " كنا مثل البهايم تساق نحو السلخانة وهى تجعّر فرحانة ! أطال الله عمر الجاك ، ورحم الله وكيل العمدة الذى فقد ثلاثة من اشقائه وعشرات من بنى عمومته فى عنبر جودة الذى نجا منه الجاك.
    واضح جدا من سرده للاحداث ان الدكتور محمود رجع الى مدونات سياسية حزبية ، او ربما مدونات اتحاد العمال او مدونات اتحاد مزارعى الجزيرة. وقد كانت تلك الاتحادات ناشطة جدا و مؤثرة فى ما كان يعتبر معركة طبقية تدور رحاها بين الطبقة الحاكمة والطبقة العاملة . وكنا صغارا ومبهورين بشيخ الأمين فى الجزيرة ، والعبيد عامر فى النيل الابيض وقد كانا من كوادر الحزب الشيوعى وسط المزارعين وكان لهما القدح المعلى فى خلق وتطوير تنظيمات المزارعين فى الجزيرة وفى النيل الابيض. فى مستقبل الايام وعندما تقدم بى العمر قابلت الشيخ العبيد كثيرا فوجدته شخصية جاذبة وهو الرجل شبه الأمى ولكنه يتحدث بفهم وعمق عن نظريات سياسية معقدة . لقد ثقفه الشيوعيون ، هؤلاء الناس الذين فى امكانهم أن يثقفوا الحجر كما كان يقول صديقى "شقلاب".
    لقد لعبت الصدف والاخطاء العفوية دورا رئيسيا فى تطور الاحداث فى مأساة جودة . ولم يكن هناك تدبير مسبق من الادارة المحلية او من قيادة الاتحاد لتفجير مواجهة بأى صورة من الصور، لاسيما الصورة المفجعة التى انتهت اليها الاحداث المتسارعة . فالمأساة وقعت بسبب حادثة عرضية صغيرة لا يمكن أن ينظر اليها فى اطار الصراع الطبقى بين الحاكمين والمحكومين . لأن الاحداث اخذت الجميع على حين غرة ولم يكن فى تخطيطهم أو تدبيرهم او فى حسبانهم الذى حدث. فالذين ساروا الى ميدان تجميع القطن فى الكيلو4 فى ذلك الصباح ، بما فيهم والدى ، وبما فيهم الشيخ اسماعيل المكادى رئيس الاتحاد لم يسمعوا بان هناك صراعا طبقيا يدور من حولهم وان اتحادهم كان طرفا اصيلا فى ذلك الصراع كما يوحى مقال الدكتورالقيم . فمزارعو جودة ،فى غالبيتهم العظمى ، بما فيهم رئيسهم اسماعيل المكادى ، كانو بدويين قدموا لتوهم من بوادى دار محارب المختلفة . ولم يكن لهم سابق عهد بالعمل المطلبى او النقابى ، ولم يسمعوا بنضال الحركة النقابية وما الى ذلك من التخريجات التى هولتها السلطة فى نطاق حربها ضد الحزب الشيوعى الذى حملته حكومة الازهرى كل الوزر فى الذى حدث وبرأت نفسها من وزر ما حدث وحكمت على بعض قادة الحزب الشيوعى بالسجن بصورة تعسفية فى نطاق العداء الذى كان مستحكما بينها وبين الحركة النقابية . فقد كان مطلب الاتحاد بسيطا وكانت الاستجابة له أسهل ، ولا تكلف الادارة شيئا ، وهو طلب كان الهدف منه اعطاء الادارة فرصة لتهدئة الخواطر المنفعلة. الحوار الطويل الذى دار بين الشيخ المكادى والضابط السمانى يوسف رئيس الشرطة قبل لحظات من انفجار الموقف ، والمنلوج الداخلى الذى اعتمل فى صدر الشيخ المكادى وهو ينحنى فوق جثة سكرتيره (ابوشاتين) ويحادثها فى حزن قاتل ، مما حفلت به رواية (عشرون دستة من البشر ) ، جسد حقيقة وحجم المأساة التى كان كل الذين اشتركوا فيها ، كانوا أقل الناس ادراكا لما قد يقود اليه تصرف كل واحد منهم فى تلك اللحظات الحجة. لقد جاءت اللحظة الحزينة المباغتة عندما اطلق احد افراد مجموعة الشرطة التى كانت تحرس الضابط السمانى يوسف وهو يحادث رئيس الاتحاد وسط جموع المزارعين المنفعلين عندما اطلق رصاصة تحذير فوق رؤس المزارعين فى محاولة لابعادهم من حول الضابط ، فاصاب سكرتير الاتحاد ( ابوشاتين) وارداه قتيلا من حيث لم يقصد، لينفجر الموقف بصورة خرجت تماما عن السيطرة من يد كل الاطراف . ويرد المزارعون بقتل خمسة من العساكر بمافيهم رئيس الشرطة الضابط السمانى يوسف والعسكرى الذى فجر الموقف . الضابط السمانى كان احد ابناء المنطقة وكان يسعى لتهدئة الطوفان ، فاخذه الطوفان.
    كان كل العدد الذى قتل فى مدينة جودة هم هؤلاء الخمسة. ولست ادرى من أين جاء الدكتور بهذه الاعداد الضخمة. هل اختلط عليه الامر ، فخلط بين عدد المئات الذين ماتوا بالاختناق فى عنبر كوستى الذى يطلق عليه كذلك عنبر جودة ، والذين قارب عددهم الثلاثمائة شخصا كان منهم 86 شخصا من أهلى الاقربين : من عم وخال وابن عم وابن عمة وابن خال . وكان منهم صديق صباى عبد الله هجو الذى كان هناك بلا لزوم كما يقول الشاعر . وكان فيهم ابن خالتى ( سليمان التوم ) الجميل الوسيم الذى كان ينادى على شرطة الحراسة من داخل عنبر الموت لتعطيهم صفيحة ماء بمبلغ مائتى جنيه كانت فى جيبه فى تلك اللحظة ، ولكنه لفظ انفاسه الاخيرة وسكت عندما لم تأته صفيحة الماء العزيزة.
    واقول للدكتور محمود أنه ليس صحيحا أن الصدام بين الطرفين فى جودة وقع لرفض المزارعين اجراء محاكمات اتحاد مزارعى النيل الابيض بجودة. فجودة لم تجر فيها محاكمات . ولم يكن أى واحد من اتحادها الوليد قد اعتقل قبل وقوع المأساة. كما اقول ان عددا كبيرا من الذين شاركوا فى تلك الاحداث مازالوا على قيد الحياة. ومنهم (ابراهيم حامد ) ذلك الانسان الجزل الفكه الذى اذا سمع ما يقوله الدكتور من وقائع غريبة إذن لأضحكه بقفشاته التى تضحك حتى الذى بفمه صمم كما يقول الشاعر المتنبى . ومنهم عمى(مضوى تاج الدين) الذى طلب منه القاضى أن يحكى له عن حالة الناس داخل العنبر قبل أن يموتوا ، فطفق يحدث القاضى عن حالة ( زنك ) الغرفة الذى كاد يطير من الضوضاء ، فذكره القاضى بأن سؤاله كان حالة الناس وليس عن حالة الزنك ، فضجت المحكمة بالضحك .
    قلت ان الصدف والاخطاء الغبية هى التى فجرت مأساة جودة التى لم يكن أى واحد من الذين شاركوا فى صنعها كان يرغب ، او كان يظن أنها ستسير فى المنحى الذى سارت فيه . طلقة العسكرى التى طاشت فقتلت ( ابوشاتين ) كانت هى الصدفة الغريبة وغير الموافية التى فجرت المأساة . وتصرف الضابط محمود غندور الذى حشر المزارعين فى عنبر صغير كان تحت التشييد فى حامية كوستى عندما لم يجد مكانا يحفظ فيه العدد الاضافى من المعتقلين الذين وصلوا الى مدينة كوستى فى وقت متأخر من الليل، فكان أن اختنق العدد الكبير بسبب نقص الأوكسجين ليسمع العالم بمأساة عنبر جودة ، تلك المأساة التى كحلت عيون الحكم الديمقراطى الوليد بالقذى واسقطت حكومة الازهرى ، وتركتنا فى مدينتنا الصغيرة على محجة سوداء من الحزن الكليم . اذكر حتى اليوم كيف كانت نساؤنا النائحات يخرجن صباحا ومساء الى الفضاء الفسيح ويكلن التراب فوق رؤوسهن الكاشفة الحاسرة يبكين ازواجا واعماما واخوالا وابناءا ذهبوا بلا كلمة فى رحلة ابدية بلا زاد غير زاد المظلوم يطلبه عند رب حكم عدل لا تضيع عنده الحقوق ، ولا يحتاج عنده المظلوم الى محامى يدفع عنه مظلمته .
    الشكر مجددا للأخ الدكتور محمود الذى هيأ لى هذه الفرصة لكى اشرك معى قرائى على الانترنت وعلى (صحيفة الخرطوم) اشركهم معى فى حزنى القديم الجديد . ورحم الله عمى عبد الفراج عبد الله الذى كان آخر شخص يقتاد الى القندران 24 الذاهب بحمولته الى كوستى حيث كان ذلك العنبر الذى اشتهر بعنبر جودة ، فذهب مع الذاهبين فى تلك الرحلة الابدية بدون وصية يتركها لبنته الوحيدة. كان عمى عبد الفراج عائدا من حواشته عند المساء عندما قابلته عربة الشرطة التى كانت تلتقط الناس من الطرقات المجرم وغير المجرم. وعندما قال لهم أنه لم يكن حاضرا قالوا له اركب و قل ذلك للقاضى . وركب عمى عبد الفراج . ولكنه لم يجد الفرصة ليقول ذلك للقاضى!
                  

02-15-2009, 08:11 PM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جودة (Re: قيقراوي)

    سلام يا مطر قادم
    و سلام على الارواح البريئة في عليائها
    و ربنا يتقبلهم و يرد ما حاق بهم من ظلم

    المقال السابق للدكتور السفير / علي حماد على مقال دكتور / محمود محمد يس المنشور هنا بتاريخ 11 يوليو 2006 م
    فى الذكرى الخمسين لجودة وعنبر كوستى المغزى والدروس/د. محمود محمد يا سين

    Quote: فى الذكرى الخمسين لجودة وعنبر كوستى المغزى والدروس
    د. محمود محمد يا سين[/B][email protected]

    وسملت عيونهم مراود الخداع
    حتى اذا ناداهم حقهم المضاع
    عند الذين حولوا لهائهم ضياع
    وبادلوا آمالهم عداء
    وسددوا ديونهم شقاء
    واستلموا مجهودهم قطنا وسلموهم داء
    صلاح أحمد ابراهيم

    فى العشرين من فبراير 2006 انقضت خمسون عاما على الاحداث الدامية التى وقعت بمشروع جودة الزراعى وعنبر كوستى . وما حدث بجودة بعد أسابيع قليله من استقلال السودان السياسى في يناير 1956 يمتاز بأهمية قصوى من حيث المغزى والنتائج والدروس.

    ومن غير الممكن فهم حوادث جودة بتناولها كأحداث منفصلة ومن ثم النظر اليها بمعزل عن طبيعة علاقات الانتاج بمشاريع الطلمبات الزراعية الخاصة ، التي كان مشروع جودة واحد منها ، وبمعزل عن علاقة الدولة باصحاب تلك المشاريع من ناحية أخرى . وكذلك لا تتضح الابعاد الحقيقية لأحداث جودة بدون ربطها بمجمل تطور الحركة السياسية النقابية فى البلاد فى مطلع الخمسينيات من القرن الماضى. فالأسلوب الدموى الذى اختارته الحكومة فى اعقاب الاستقلال السياسى للبلاد لقمع اضراب لمزارعى جودة ومن وقف معهم فى قضيتهم العادلة يدل على أن المسألة كانت أكبر من اضراب خاص بمطالب مزارعى مشروع واحد بالنيل الابيض . وفى هذا المقال بمناسبة الذكرى الخمسين لاحداث جودة، نقدم لمحات للسمات الأساسية للصورة الكلية للنشاط الاقتصادى والسياسى والنقابى السائد وقتئذ والتى شكلت الخلفية التى لابد من دراستها للالمام الصحيح بما جرى من أحداث بمشروع جودة الزراعى.

    كانت جودة، من ناحية، تمثل ذورة نضال الحركة السياسية الديمقراطية والنقابية ( بشقيها العمالى والفلاحى ) من أجل الدفاع عن حقوق العمال والمزارعين وتحسين شروط عملهم بصورة عامة ، ومن الناحية الأخرى ، كانت تعكس تصميم المؤسسة التقليدية ، التى كانت أحزابها السياسية تهيمن على الحكم، فى معارضة ومحاصرة النشاطات النقابية كحق التنظيم والاضراب بكل ما تملك الدولة من أدوات قمعية ومنع تلك النشاطات كنشاطات "هدامة!".

    بعد هزيمة ثورة 1924 وما تبعها من اجراءات أدت الى اضعاف الدور المصرى فى السودان ، اتجهت سلطات الاحتلال البريطانيه الى دعم القيادات الطائفية والقبلية وكبار التجار بمنحهم أكبر قدر من السلطات الادارية المحلية مما هيأ لهذه القيادات فرصا كبيره لمراكمة الثروة من خلال تحصيل الرسوم من مناطق الانتاج التقليدية كجنائن الصمغ العربى ومن الاشراف على مختلف الرخص التجارية. وقد قام الزعماء التقليديون وكبار التجار باعادة استثمار رؤوس الاموال المتراكمة لديهم فى مجالات الزراعة والتجارة والصناعات الخفيفة . ومن أهم المجالات التى تم طرقها كان مجال مشاريع الطلمبات الزراعية . وهكذا منذ النصف الثانى من عشرينات القرن الماضي بدأت مشاريع الطلمبات الخاصة في الظهورفى مناطق النيل الأبيض ، وبنهاية عام 1955 كان حوالى 600 مشروع زراعى في مديرية النيل الأزرق القديمة (تشمل النيل الابيض) تغطى مساحة تبلغ في جملتها500,000 فدانا. وكانت أغلب مشاريع الطلمبات فى منطقة النيل الأبيض من نصيب السيد عبدالرحمن المهدي بينماوزعت مشاريع النيل الأزرق على دائرة السيد على الميرغني. وسارت مشاريع الطلمبات الخاصة على نفس الوضع لمشروع الجزيرة، فعلى الرغم عن أن صاحب الرخصة بمشاريع الطلمبات حل محل مجلس ادارة مشروع الجزيرة، الا أن المزارعين بالمشاريع الخاصة مثلهم مثل أغلبية مزارعى الجزيرة (خاصة فقراء ومتوسطى المزارعين) كانو أقرب الى العمال الصناعين أصحاب العمل المأجور أكثر من كونهم فلاحين يمتلكون حيازات صغيرة وكانو يخضعون لتوجيهات مركزية مسنودة بالقمع فيما يتعلق بالعمليات الزراعية المختلفة . ولا غرابة اذا كانت مطالب الفئتين من المزارعين بالمشاريع الخاصة والجزيرة تتشابه وتنحصر اجمالا فى ضرورة الاعتراف بحق المزارعين فى تنظيم أنفسهم في اتحادات تدافع عن مصالحهم ، ورفع نصيب المزارعين فى الشراكة ، وبيع الأقطاف بالمزاد العلني ، واشراكهم في مراقبة حسابات المشاريع وفرز وتسويق القطن.

    كان لنشاط تنظيمات المزارعين المدعومة من نقابات العمال قبل وبعد تكوين اتحاد عام نقابات عمال السودان دورا كبيرا فى الحركة الوطنية خلال الفترة 1946-1954؛ وفى تقرير له فى 1952 صور اتحاد عام نقابات عمال السودان حركة العمال والمزارعين وكأنها جيش للتحرير يمثل الفلاحين جنوده بينما يشكل العمال قيادته.

    دخل مزارعو مشروع الجزيرة فى صراع طويل مع حكومة الحزب الوطني الاتحادي االمكونة في 1954، فقد رفع اتحاد مزارعي الجزيرة مذكرات متعددة ابتداء من منتصف 1955 للحكومة تحوى مطالبهم وأهمها تعديل قانون مشروع الجزيرة لسنة 1950 بحيث ينص على اثبات شراكة المزارع الفعلية في الانتاج ورفع نصيب المزارع من 40% الى 50% وتقليل التزامات المزراع بنسبة 50% وتمثيل العاملين في لجنة ادارة المشروع ورفع ضريبة الدخل عن كاهل المزارع واخيرا بيع المحصول في المزاد العلني . ولكن كل هذه المذكرات لم تجد غير الاهمال، بل أن رئيس الوزراء اسماعيل الازهرى كان يرفض حتى اجراء محادثات مع المزارعين . وتقوّى الازهرى فى موقفه المتشدد باكتفاء حزب الامة (الشريك الاكبر فى ما يسمى بالحكومة الوطنية التى شكلها الازهرى فى مطلع 1956 ) بموقف المتفرج حيال الصراع بين المزارعين والحكومة. وفى هذه الاثناء انحاز اتحاد عام عمال السودان والجبهة المعادية للاستعماربثقليهما الى جانب المزارعين؛ وبلغ الصراع ذروته بعد أن رفع تحالف العمال والمزارعين والجبهة المعادية للاستعمار مذكرة للحكومة مطالبا بتحقيق جميع مطالب المزارعين وضرورة الغاء كل القوانين المقيدة للحريات والغير ديمقراطية . وفي وسط هذا المد المتصاعد لحركة العمال والمزارعين حدثت وقائع مشروع جودة.

    يقع مشروع جودة الزراعي على الضفة الشرقية من النيل الأبيض على بعد 100ميل جنوب منطقة كوستي ، وامتلكت رخصة المشروع شركة عبدالمنعم محمد فى 1952. ويزرع المشروع القطن فى مساحة خمسة الف فدان تمثل ثلث أراضيه الممتدة حتى أعالي النيل جنوبا . وقد قسم المشروع الى حواشات مساحة كل منها خمسة فدان.

    كأمتداد لحركة مزارعي الجزيرة التى تعرضنا لها سابقا، توسعت حركة المزارعين المطلبية لتشمل مزارعى الأقاليم الأخرى فى وسط السودان وغربا حتى جبال النوبة، ولكن كانت حركة مزارعي النيل الأبيض أشد حيوية اذ كوّن المزارعون "اتحاد مزارعي النيل الأبيض" وفي مطلع يناير 1956 رفع هذا الاتحاد مذكرة للسلطات شملت مطالبهم المتمثلة فى:
    1- الاعتراف باتحاد المزارعين الذي يمثلهم.
    2- تعديل نسبة المزارع في الشراكة من 40% الى 50% من انتاج الحواشة .
    3- تقديم صاحب المشروع لكشوفات حسابات المشروع النهائية وكشوفات المنصرفات المفصلة وحساب الربح والخسارة.
    4- تقديم سلفية للمزارعين في حدود عشرة جنيهات على محصول55/1956
    5- عمل تعديلات في بعض المنصرفات المقررة على المزارع وذلك بتحويلها الى حساب صاحب المشروع.
    6- ان يشارك ممثل المزارعين في فرز وتسويق القطن.

    لم يكن مصير مطالب اتحاد مزارعي النيل الأبيض التجاهل من قبل السلطات فقط، بل قامت السلطات باعتقال لجنة الاتحاد التحضيرية.

    على اثر اعتقال اللجنة التحضيرية لاتحاد مزارعي النيل الأبيض توجه نحو 6000 مزارع الى مدينة كوستي للضغط على السلطات لاطلاق سراح قادة اتحادهم . وصارت كوستي مسرحا لعقد الاجتماعات الشعبية وتسيير المظاهرات المؤيدة لمطالب المزارعين وبدأ الجو يتوتر عندما قامت السلطات باعتقال 150من المزارعين المحتجين ، وجرت محاكمة الدفعة الاولى منهم والذين ترواحت عقوبتهم من السجن لمدة عام ونصف الى الجلد. ومع ازدياد التوتر فى كوستي قررت السلطات نقل محكمة الدفعة المتبقية من المزارعين المعتقلين الى قرية جودة . وبهذا القرار نقلت السلطات المعركة مع المزارعين الى جنوب النيل الأبيض. فقرار نقل المحكمة أثار مزارعي مشروع جودة الذين تظاهروا مطالبين بالغاء محاكمة المزارعين المحتجزين . وأثارهم أكثر ترحيب أصحاب المشروع بالمحاكمات كشىء ضرورى لتحقيق الأمن والاستقرار بالمشاريع الزراعية . وفى هذا المناخ الصاخب رفع مزارعى مشروع جودة مذكرة الى ادارة المشروع يطالبونها بالتفاوض معهم حول دفع ثمن القطن لموسم 55/1956 قبل تسليمه لأصحاب المشروع ودفع متأخرات استحقاقات المزارعين لموسمى 53/1954 و54/1955 . رفض أصحاب المشروع التفاوض مع المزارعين الذين عندها لم يتبق لهمم غير الدخول في اضراب مفتوح حتى يوافق أصحاب المشروع على الجلوس معهم ومناقشة مطالبهم.
    عن علاقة أصحاب المشروع بالمزارعين وطبيعة الصراع بينهما ومشهد اليوم الدامي بالمشروع نكتفى هنا بآخر الافادات حول هذا الموضوع وهي شهادة شفهية تقدم بها دوغلاس بزويك(Douglas Beswick) المفتش الزراعى للمشروع آنذاك. جاءت رواية بزويك حول مشروع جودة متضمنة في مقال بقلم استفانى بزويك (Stephanie Beswick) من جامعة ميشجان بعنوانBlack Hole of Kosti) ) نشر بالمجلة الدورية (North African Studies,2,1,1999). وبما أن بزويك كان الأجنبي الوحيد بالمشروع ، وكما جرى المثل "عين الغريب أصدق"، فروايته تستحق الاستماع لها . يقول مستر بزويك " كانت شركة عبدالمنعم محمد العاملة فى التجارة والصناعة ومنح التسهيلات المالية هي المالك لرخصة مشروع جودة. ولم يكن للمزارعين أي دور أو مشاركة فى تسويق القطن اذ امتلك أصحاب الرخصة الحق الكامل فى هذا الأمر وكانوا يذكرون للمزارعين كل ما يخطر ببالهم غير الحقيقة . فيمكنهم أن يقولوا لهم انهم باعوا القطن لأي جهة ويتركوهم يبحثون عن الدليل أو الاثبات بلا طائل . ويمكن أن يعطوا أسعارا غير حقيقية لمبيعات القطن وحتى القول بأن المحصول لم يتم بيعه بعد والذى يكون قد بيع قبل أشهر . وكان القطن يتم فرزه بواسطة فرزين أغاريق وكان المصنف لاقطاننا هو "مولى كريوسوس" وليس لدى شك فى أن عمل ذلك المصنف صاحبته كثير من الانحرافات التى تمثلت فى التلاعب بتيلة القطن من أجل تخفيض الأسعار بالاتفاق مع أصحاب المشروع . وعلى كل حال فأنا أؤمن ايمانا قاطعا بأن أصحاب المشروع كانوا غير صادقين وأمناء مع المزارعين. وكذلك كان نصيب المزارعين لا يدفع لهم بعد البيع مباشرة ، وأعتقد انه كان لزاما على أصحاب المشروع التقيد بالدفع الفورى للمزارع بعد استلام محصوله ، بل أنهم كانوا فى وضع يمكنهم من زيادة حصة المزارعين وذلك من الارباح المجزية التى كان الملاك يعيدون استثمارها فى معاصر زيوت بذرة القطن والسمسم والفول السوداني ، تلك الصناعة المزدهرة آنذاك ." ويواصل بزويك افادته قائلا " فى يناير 1956 رفض المزارعون مواصلة لقيط القطن وامتنعوا عن تسليم المحصول ،الذى كان قد تم لقيطه حتى ذلك التاريخ ، الى أن يستجيب أصحاب المشروع لمطلبهم الخاص بالتفاوض معهم حول قضاياهم. وفى هذه الأثناء وفدت جموع كبيرة من مزارعي الجزيرة الواقع شمال جودة وأعلنوا وقوفهم مع المزارعين المضربين لمنع اى محاولة لاستجلاب عمال من خارج المشروع للقيط القطن. وفى اليوم العشرين من فبراير حضرت لموقع المشروع قوة مسلحة من البوليس مكونة من 30 فردا وتوجهت للمكان المخصص لتجميع القطن حيث تجمهر المزارعون ؛ ووقعت معركة بين البوليس والمزارعين الذين لجأوا الى الفؤوس والحراب والحجارة فى مواجهة السلاح النارى. سقط من المزارعين 150 قتيلا وأصيب 500 منهم بجروح، بينما قتل أربعة من أفراد البوليس . بعد المواجهة كانت الجثث ملقاة فى انحاء المشروع .........وغادر المزارعون الذين أتوا من انحاء مشروع الجزيرة لمؤازرة الأضراب فى اتجاه النيل الازرق شرقا، والمعلومات التى وصلتنا لاحقا هى أن عددا كبيرا من هؤلاء مات فى الأحراش نتيجة الأرهاق والعطش والجوع....... وفي اليوم التالي للمواجهة جاءت للمشروع قوة كبيرة من البوليس المسلح وقامت بحملة اعتقالات واسعة وسط المزارعين شملت 287 شخصا ووضعتهم فى شاحناتى ومقطوراتها، التى كنت استخدمها فى ترحيل القطن، واتجهت بهم شمالا نحو كوستي. " انتهت شهادة بزويك.
    تفيدنا التقارير والتحقيقات الواردة بالصحف المحلية آنذاك عن حوادث جودة بأن فوج المزارعين المعتقلين وحراسهم وصل كوستي مساء يوم 21 فبراير1956 بعد رحلة شاقة تعرضوا فيها للاجهاد الشديد والمعاناة من حرارة الجو مع عدم السماح لهم بشرب الماء أثناء الطريق . وأدخل المعتقلون فى أحد العنابر الجديدة بحامية كوستي تبلغ مساحته 6×18 أمتارمعدا لايواء عشرين جنديا فقط. ومكث المعتقلون فى العنبر من الساعة التاسعة مساء وحتى الخامسة صباح اليوم التالى . وعندما فتح العنبر كان 194 من المزارعين قد فارق الحياة ونجا من الموت 93 مزارعا.
    ورد فى كتاب " كوستي 1991" لمؤلفه نصرالدين ابراهيم شلقامي وصفا لصورة المأساة التى حدثت داخل العنبر جاء على لسان أحد الناجين من عنبر الموت حيث يقول " ولم تمض ساعة أو ساعتين علينا ، ونحن فى تلك الغرفة المغلقة النوافذ والأبواب حتى شعرنا بالضيق يضغط على صدورنا ويمسك بأعناقنا ويقطع أحشاءنا ، ثم سال العرق من أجسادناعلى أرض الغرفة وبدأنا نشعر بشىء يشبه الأختناق . ثم جفت شفاهنا وتحجرت حلوقنا وأصدرنا صيحات مطالبين الحراس ، الذين كانوا يحملون السلاح ويمشون على مقربة منا من الخارج، نطلب الماء مرة والهواء مرة اخرى ...... وكان الرد يأتينا فى كل مرة بالسخرية مننا، وبالرفض القاطع لاعطائنا الماء والهواء !! وهنا اشتد ضربنا على النوافذ والابواب وكنا قد فقدنا القوة تماما واستحوذ اليأس علينا......... ولما انتصف الليل أصيب البعض منا بنوبات تشبه الجنون وكانوا يطأوون رقابنا وظهورنا ويرددون كلمات غير مفهومة، ثم يسقطون صرعي على بعضهم البعض ....ورأيت على مقربة منى بعض الرجال ، ولعلهم من بيت واحد ، يمسكون ببعضهم البعض بعنف وشدة حتى تخرج أرواحهم."

    وسبب الوفاة كما جاء فى التقارير الطبية كان نتيجة الارهاق الشديد والحرارة ونقص فى الاكسجين وتراكم بخار ثانى أكسيد الكربون بصورة مكثفة داخل العنبر.

    المشاهد والصور السابقة عن أحداث جودة وعنبر كوستي تشير الى ركون البوليس للتصرف المنفرد فى بطشه بالمزارعين فى الحقل والعنبر وكأنه كان يتلقى أوامر من خارج الهياكل الادارية المحلية . وكبينة أخرى حول هذا الامر، تأتي شهادة السيد عباس بابكر مفتش مركز كوستي فى 1954 والتى وردت في كتاب "كوستي" المشار اليه آنفا . يقول المفتش " أتذكر أن ضابط السجن قد حضر الىّ في المنزل بخصوص الأعداد الكبيرة من المعتقلين ولقد أشرت اليه بالتصرف بوضعهم فى مكان مناسب لحين الفصل فى أمرهم ..........وفى تقديرى أن الأمركان في غاية البساطة وهو أنه ليس لهؤلاء المزارعين أية نوايا للمنازعة وكان يمكن حراستهم فى أرض مكشوفة" ويواصل مفتش المركز قائلا " علمت بوفاة المزارعين في عنبر الجيش اذ أخبرنى بذلك أحد الضباط وكان يعمل معه ضابط آخر ولقد أخطأ الاثنان فى عدم رجوعهما الى القاضي أو المفتش وتصرفا بحماقة أدت الى ذلك الحادث المشئوم."

    كان اضراب مزارعي جودة النقطة التى تمركزت فيها الحركة النقابية المطلبية الواسعة التى انتظمت البلاد بعد الاستقلال السياسي للسودان مباشرة واختارت أول حكومة وطنية ان تلجأ لابشع انواع البطش ليس فقط لفك الاضراب ، بل كسلاح لتهديد الحركة النقابية المتصاعدة ككل . ومن هنا جاء الفصل الاخير من القمع وهو التنكيل بالقيادات السياسية النقابية التى شاركت وتعاطفت مع مطالب مزارعى جودة . فقد اعتقل الامين العام للجبهة المعادية للاستعمار ونائبه ، وقادة اتحاد عام نقابات عمال السودان، وقادة اتحاد مزارعي الجزيرة . كما صدرت احكام بالسجن على عدد من مزارعي جودة وقادة اتحاد مزارعي النيل الابيض. وكذلك شملت الاحكام بالسجن بعض قادة العمال والمثقفين والطلاب من مدينة كوستي . ولتحسين صورتها امام الرأي العالمى الذي كان يتناقل أخبار المذبحة باهتمام ، عقدت السلطات محاكمات "صورية" لضابطين من البوليس وعدد من جنودهم المتورطين فى حادثة العنبر وصدرت ضدهم احكاما مخففة ارتكزت على مادة القتل عن طريق الاهمال ، وحتى هذه الاحكام ألغيت فى وقت لاحق .

    كشفت حوادث جودة أنه رغم انتقال السلطة السياسية لحكم وطني بعد ذهاب الاستعمار الا أن جوهر طبيعة الدولة لم يتغير. ولهذا لم يكن غريبا أن تحافظ الطبقات والشرائح الاجتماعية ، التى أدركت النفوذ الاقتصادي خلال فترة الاستعمار ، على الوضع كما هو بعد أن آلت مقاليد الامور فى الدولة لاحزابها السياسية . وكما هو متوقع ، لم يعر الحكم الوطني الوليد ادني اهتمام للاصلاحات الديمقراطية ذات الطابع الاجتماعي العام المنافي للظلم والتى تهدف فيما تهدف الى تحسين الوضع المعيشي للطبقات الشعبية . وكذلك كان الاسلوب الدموي الذي مارسته الدولة ضد المزارعين جزأ لا يتجزأ من طبيعة الدولة نفسها، ولم يكن اختيارا جانبه التوفيق وحسن التدبير.
                  

02-18-2009, 05:05 PM

مطر قادم
<aمطر قادم
تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 3879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ن (Re: مطر قادم)

    العزيز قيقراوي
    اضافتك القيمة للموضوع غاية في الاهمية لك شكري وتحياتي
                  

02-16-2009, 02:25 PM

مطر قادم
<aمطر قادم
تاريخ التسجيل: 01-08-2005
مجموع المشاركات: 3879

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ن (Re: عزالدين طه)

    العزيز عز الدين طه
    تحياتي العاطره
    اولا شكرا علي الحضور اما مسالة تاريخ الحادثة المشؤمة فهو محل اختلاف كبير ربما بدايات الاحتجاج كانت احد التواريخ واليوم العصيب يوم الاختناق ويوم تجرعوا مرارة الاقطاع تاريخ اخر
    لكن صديقنا حسن النور ربما عنده الخبر اليقين وقد كتب من قبل في هذا الامر
    ولك شكري والتحايا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de