|
|
 هل يحتاج نُقد للإستمرار كسكرتير؟. مقال البراق النذير
|
من ينظر إلى حال الأحزاب السياسية فى السودان يكاد يتأكد أن قياداتها الموجودة حالياً لها حق الملكية حتى الوفاة فى قيادة أحزابها، فالمتابع المتمعن لحال الحركة السياسية فى السودان يجد أن رموزها تشكل صفوف(أول، ثانى، ثالث)، ولا تتغير هذه الصفوف إلا بسبب العوامل القاهرة(الوفاة، الإغتيال أو الإنقسام) ، فيأتى مَنْ فى الصف الثانى ليتقدم فى الصف الأول وهكذا.
فى إفادة صحفية لى مع الدكتور أمين حسن عمر، كان الرجل يصر على الإنتباه لضرورة التفريق بين الزعامة السياسية وبين رئاسة الحزب، وأن محمد إبراهيم نقد يُمثّل هذه الزعامة وليس الرئاسة، وأن الزعيم لا بد أن يكون له قدرات، أما الرئيس فلا يتطلب ترشحه أو ترؤسه هذه القدرات.
فكرتُ كثيراً فى هذا القول، وزادت موجات التفكير فى ذهنى حال إعلان الحزب الشيوعى عن قيام مؤتمره فى الرابع والعشرين من يناير، فطفقت أتخيل عدم وجود محمد إبراهيم نقد كسكرتير للحزب الشيوعى، فالرجل ربما يكون صاحب ثانى أطول مدة كسكرتير لحزب شيوعى على مستوى العالم(كاسترو أمين عام للحزب الشيوعى الكوبى من 1965 وحتى 2006 ونُقد من1971)، وفكرت فى البدائل والخيارات المتاحة لتغيير قيادة الحزب، ورؤية العديدين لتغيير القيادة كبداية للتغيير الحقيقى، ورؤية آخرين بأن التغيير لا علاقة له بوجود القيادة القديمة من عدمه، وعنّت لى تساؤلات حول: هل إنتخاب قائد جديد بمواصفات القديم سيكون مرضياً للبعض؟ أم أنه سيكون بداية الطريق نحو تأفف جديد بدعوى أن هذا تغيير شكلى وليس جوهرى؟، وهل إنتخاب قائد جديد بمواصفات جديدة لحزب مختلف، بإسم جديد ومناهج جديدة، سيلجم الجميع؟، أم أن هناك تيارات ربما ستُظِهر ردود فِعلْ تُعبّر عن تمسكها بما كان قائماً؟.
كل هذه التساؤلات ربما سيُجيب عنها المؤتمر المزمع عقده فى نهايات يناير، ولكن بالنسبة للسيد نُقد فإن خيارات بقاءه خارج القيادة ربما تكون كبيرة، ولكن، هل هذا يعنى بُعده تماماً عن دائرة الفعل؟، وهل معنى ذلك أن زعيم سياسى مثل نُقد يمكن أن يفقد بريقه بفقده لموقع القيادة؟، فالرجل تسلم قيادة الحزب الشيوعى فى أكثر مراحله حرجاً، وفى اللحظة التى تشتت فيها كادره بين السجون والمنافى والمقاصل والرصاص، وإستطاع أن يجمع فى ظرف وجيز، الحزب الذى كان يمكن أن يزول من خارطة الحركة السياسية فى السودان، خلاف هذا فإن لنُقد مواقف لا يمكن أن تنسى، فالرجل ألقى خطاب قوى فى البرلمان فى أعقاب إرهاصات حلْ الحزب وإخراجه من البرلمان، وكان هذا الخطاب بمثابة مُرافعة فكرية عميقة، ضد من يتهم الحزب جُزافاً فى موقفه من الاخلاق والدين، فكانت أقوى الكلمات فيه من شاكلة ( إن الحديث عن الأخلاق فى وقت الأزمات يُبيّن أين تكمن الاخلاق الجريحة)، وقد كان هذا الحديث عقب حديث عاصف لرفيق سِنيه الثانوية الشيخ الترابى.
ولنُقد مساهمات مختلفة على المستوى السياسى، فهو العضو الرديف للمرحوم عزالدين على عامر فى آخر برلمان ديمقراطى فى السودان كمُمثلين أثنين فقط للحزب داخله، ومن قَبلْ، فهو أحد المُنتخَبيِن الأحد عشرفى برلمان ما بعد أكتوبر كممثل أيضاً للحزب، فهو بذلك شارك فى أى برلمان ديمقراطى طيلة ظهوره كقيادى فى المشهد السياسى العام. هذه النقطة ربما لا ينتبه لها الكثيرون عند الوقوف على قدرات الرجل السياسية والخطابية، ومهاراته فى جذب سمع المواطن ببساطته فى التعابير وإستيعابه للقضايا وتحليله لها فى صورة تخلط بين الموضوعية والطرافة والعمق. أما على المستوى الفكرى، فإنه لم يتوانَ عن إعلان موقفه من العلمانية بشكلها الأوربى فى اكثر من محفل(حوار حول الدولة المدنية)، رغم إصراره على التمسك بالماركسية كمنهج(ندوة الديم)، ودعمه للإتجاه القائل بأن الجمود هو الذى حاصر أطروحات ماركس وأنجلز(الحوار المتمدن)، وإن هذا الجمود لم يتمظهر إلا فى التفسيرات المصاحبة لمقولاتهما، وقد وجد كثير من النقد لهذه التوجهات، لكنه كان دائماً ما يرد بالصمت أو بإضافة الجديد.
وحين نتحدث عن إنتاج الرجل، فإنه كان يتنوع بين المناظرة الفكرية والتحليل الإجتماعى مروراً بالتوثيق التاريخى والقراءات السياسية والفكرية، هذا خلاف جهده الخلاق فى التوثيق لما عُرف بتجارة الرقيق فى السودان بمخطوطة(علاقات الرق فى السودان)، ودوره الكبير فى التحضير للمؤتمر الخامس المتوقع عقده.
لكل ما سبق فإن الرجل ليس فى حاجة للترشح لمنصب السكرتير من جديد، فمثله تتشرف به المواقع وتاريخه يزين جبين حزبه، وقدراته يتحدث بها إنتاجه، لذلك فنشاطه فى الفترة القادمة يجب أن يُكرّْس (حزب رأينا) للدعم الفكرى لحزبه فى الإستراتيجيات طويلة المدى، والتحليل العميق لمواقفه المتوقعة فى التكتيكات قصيرة المدى، وليكن إنتخاب سكرتير جديد، إختبار لإمكانيات الحزب الشيوعى فى تجديد دمائه، والصبر على التدوال الديمقراطى الحقيقى للمناصب، لينال بذلك الريادة الحقيقية فى نقل قيادة الأحزاب فى السودان من شَرَكْ المِلكية الحُرة المُمِلة، إلى رحابة التدوال السلمى السْمحْ.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
 Re: هل يحتاج نُقد للإستمرار كسكرتير؟. مقال البراق النذير (Re: محمد النذير الوراق)
|
الأعزاء فيصل وخالد شكراً على المداخلة
العزيز خالد العبيد:
إن تقرير ما سيحدث داخل المؤتمر من تغييرات ومن إنتخاب للقيادة فى المؤتمر، هو بيد
المؤتمرين، ويبقى قبول هذا الإختيار(إن كان لنُقد أم غيره) إذعان لصوت الديمقراطية
التى نفتقدها فى عملنا السياسى والحزبى.
ربما يكون من رأى البعض أن إعادة إنتخاب نُقد كسكرتير ضرورة مرحلة، ولكن من حق آخرين
المناداة بالتجديد فى العقلية التى تدير العمل وفى أساليب العمل نفسها وهذا لا
يقدح فى صدقيتهم تجاه القضية التى يؤمنون بالعمل من أجلها.
أنا شخصياً مع إختيار نُقد بعاطفتى، وتخوفى من عواقب إختيار غيره أيضاً تقع
تحت طائلة العاطفة، وأعترف وأنا بكامل قواى العقلية، أنها تخوفات غير
مبررة (حتى الآن)، ولكن، عقلى مع إختيار غيره، وأنا أُصرُ على أن أتبع عقلى
لأننى مساءل عما أكتب....
البراق النذير
| |
|
|
|
|
|
|
| |
فيصل محمد خليل
خالد العبيد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست