في غزة: الضحية حين تلبس مسوح الجلاد... وبالعكس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 05:16 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-30-2008, 01:42 PM

Muhammad Elamin
<aMuhammad Elamin
تاريخ التسجيل: 09-21-2007
مجموع المشاركات: 901

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في غزة: الضحية حين تلبس مسوح الجلاد... وبالعكس

    في غزة: الضحية حين تلبس مسوح الجلاد... وبالعكس

    د. عبدالوهاب الأفندي

    30/12/2008

    يجب أن نسجل بين يدي هذه الملاحظات أن الكيان المسمى مجازاً بـ'الشارع العربي' كان على غير العادة سريعاً في تجاوبه مع المآسي المروعة التي شهدتها وتشهدها غزة المحاصرة. وقد يكون هناك جدل حول فاعلية هذا التحرك، ولكن تبقى الحقيقة أن الجماهير العربية قررت ألا تقف مكتوفة الأيدي وهي تشهد المجازر التي يتعرض لها شعب أعزل محاصر. ولا شك أن هذا التحرك سيكون له ما بعده. فإن التمايز بين مواقف الدول العربية الكبرى وبين موقف الشارع العربي قد بلغ حداً أصبح معه التعايش بين الجانبين أمراً شاذاً إلى حد بعيد.
    ولكن الملفت في المواجهة الأخيرة هو تبادل الأدوار بين خطاب الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني. فالإسرائيليون يتقمصون دور الضحية، ونسمع من المتحدثين باسمهم أنهم يدافعون عن أطفالهم ونسائهم ضد العدوان الفلسطيني والصواريخ التي تمطرها حماس على رؤوس المدنيين الإسرائيليين الأبرياء العزل، مما لا يمكن السكوت عليه بزعمهم. من جهة أخرى فإن المتحدثين باسم حماس يتوعدون إسرائيل بالويل والثبور وعظائم الأمور وبـ'رد مزلزل' على الهجوم الإسرائيلي. وقد احتاج الأمر إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ليذكرنا بأن ما يحدث في غزة ليس منازلة بين طرفين متقاتلين، وإنما هو هجوم عسكري على مدنيين عزل، حيث قال إن الهجوم بالطائرات والصواريخ على شعب أعزل ليس دليل قوة، وإنما هو دليل ضعف وجبن.

    ولا بد من توقف عند هذا الوضع الغريب، ليس فقط من حيث التباين في القدرات وتغول جهة غاشمة مدججة بالسلاح على مجتمع أعزل، ولكن من جهة التواطؤ والقبول بهذا الوضع. فلو أن هذا الأمر حدث في أي مكان آخر في العالم، لقامت القيامة. فهل يمكن تصور منطقة أخرى في العالم يتعرض سكانها لهجمة استعمارية واقتلاع من ديارهم، ثم يحكم عليهم بالتيه لعقود في المنافي، ثم لا يكتفي المعتدون بما فعلوا، بل يستمرون في مطاردة الضحايا ومحاصرتهم وقصفهم وسومهم سوء العذاب؟ إن أي واحدة من هذه الجرائم في حق شعب تكفي لجعل العالم كله يتعاطف معه ويلعن من أجرموا في حقه. ولكن كيف أصبح من الممكن في العصر الذي أصبحت فيه الدنيا تقوم ولا تقعد إذا أسيئت معاملة حيوان متوحش، يصبح حجب الضروريات عن مليون ونصف مليون إنسان مسألة يمر عليها عامة الخلق مرور الكرام (والأصح أن يقال اللئام)؟

    هناك صلة بين هذا الأمر وبين خطاب بعض القيادات الفلسطينية والعربية الذي ظل يعطي الانطباع بالقدرة على الأخذ بحقهم بقدرتهم الذاتية، لدرجة ان من يسمع خطاب هذه القيادات وتهديداتها لإسرائيل لا يملك إلا أن يشفق على الإسرائيليين المساكين من بطش هذه الجماعات وبأسها الشديد. ويتواطأ هذا الخطاب مع الدعاية الإسرائيلية التي تزعم أنها حين تقصف غزة إنما تقصف أهدافاً عسكرية. ويقع في هذا الباب الحديث عن 'وقف إطلاق النار' بين إسرائيل والفلسطينيين، في حين أن الفلسطينيين ليست لديهم نيران يطلقونها باتجاه إسرائيل، ولا يوجد في غزة هدف عسكري واحد بهذا المعنى. ولو شاء الجيش الإسرائيلي أن يقتحم غزة ويتجول فيها لما كانت هناك إمكانية لاعتراضه من قبل قوة مسلحة ذات بال.

    وفي حقيقة الأمر فإنه بعد ما أصبح يسمى بـ'ثورة الشؤون العسكرية' فإن معظم الجيوش في الدول العربية ودول العالم الثالث أصبحت عملياً عزلاء أمام تقنيات الحرب الجديدة المتمثلة في القصف عن بعد واستخدام القنابل الذكية وتقنيات تعطيل الاتصال. وقد أثبتت حرب الكويت وغزو العراق وحروب كوسوفو الملامح العامة للوضع الجديد، حيث لم تفقد الولايات المتحدة وحلفاؤها أكثر من مائة قتيل خلال حرب إخراج العراق من الكويت وكانت ضحايا غزو العراق أقل بكثير.

    ولا يعني هذا استحالة وعبثية المقاومة، بل يعني أن أساليب المقاومة التقليدية لم تعد تجدي، ولا بد من تطوير أساليب جديدة، كما فعل حزب الله في لبنان. ولا بد من التنويه هنا بأن تقنيات حزب الله لم تقتصر على التقنيات العسكرية المتمثلة في الصواريخ وتقنيات التمويه والدفاع والاتصالات، بل أيضاً عبر تقنيات سياسية تمثلت في التحالفات الإقليمية (مع سورية وإيران) والداخلية (مع الجيش وأجهزة المخابرات والقوى السياسية المختلفة). وبالمقابل فإن القاعدة في العراق استخدمت تقنيات عسكرية فعالة في مواجهة الاحتلال الأمريكي، ولكن تقنياتها السياسية كانت بدائية وضعيفة مما سبب لها نكسة كبرى بسبب انهيار التحالفات السياسية التي كانت تسندها. هناك جانب آخر للوضع العربي إضافة إلى عدم تكافؤ القوى والخطاب السياسي غير الموفق، وهو يتعلق بمواقف الأطراف العربية والفلسطينية من الوضع في غزة حالياً والوضع في العراق سابقاً. ففي الحالين كانت هناك أطراف عربية هي أكثر عداءً للضحايا من العدو الأجنبي. فعندما كان العراق يواجه حصاراً لا سابقة له في تاريخ البشرية كانت هناك أطراف عربية وإسلامية معروفة تتولى كبر الحصار وتنفذه وتدافع عنه، بل كانت هناك أطراف عراقية تبرر للحصار وتدافع عنه بأشد ما كانت الأطراف الأمريكية والإسرائيلية تفعل. وبالمثل فإن هناك اليوم أطرافا في السلطة الفلسطينية والدول العربية الكبرى تعادي حماس بأكثر مما تعاديها إسرائيل، وتحملها مسؤولية الحصار بل والعدوان الإسرائيلي.

    مثل هذا الوضع يجعل من الصعب على الجهات الدولية المختصة أن ترفع صوتها بالدفاع عن حقوق الإنسان العراقي أو الفلسطيني، فهي لا تستطيع أن تكون عربية أكثر من العرب. ومهما يكن فإن الأصوات العربية المخالفة تساعد الدعاية المضادة وتضعف السند الأخلاقي للجهات المدافعة عن حقوق الإنسان العربي. إضافة إلى ذلك فإن اجتهاد الدول العربية في قمع الإنسان العربي يضعف أي صوت عربي يرفع شعار حقوق الإنسان في الدفاع عن ضحايا القمع الأجنبي. ذلك أن ما تقوم به الأطراف العربية (من دول وجماعات مسلحة) من عدوان على كرامة وحرية وسلامة وحقوق الإنسان العربي أفظع مما يقوم به الأعداء والمحتلون. فالاستهانة العربية بحياة البشر وكرامتهم والتعامل معها كأنها بلا قيمة تشجع الآخرين على استهانة مماثلة.

    ومما يعمق هذه الأزمة هو أن هذه الاستهانة تبرر في أحيان كثيرة بأنها ضرورية للدفاع عن كرامة الأمة. فالأنظمة العربية التي كانت (وبعضها لا يزال) تدعي التصدي للعدوان الخارجي كانت تمارس أبشع أساليب القمع تجاه الشعب تحت شعار محاربة من يريدون إضعاف الجبهة الداخلية. وهذه المواقف، إضافة إلى تكرس الاستهانة بكرامة المواطن وتمنحها مبررات ذات بعد أخلاقي، فإنها أيضاً تستبعد دور المواطن في الدفاع عن الأمة. فالقيادات سوى أكانت في الدولة أم حركات المقاومة (منذ بدايات منظمة التحرير الفسلطينية) تبني استراتيجيتها على الانفراد بكل الأمر، بحيث تخلق الانطباع بأنها قادرة وحدها على حسم الصراع دون إشراك المواطن إلا في دور كومبارس. وحتى حين تتعرض الأنظمة والحركات لهزائم مريرة كما حدث لمصر وسورية والأردن في حزيران 1967 أو لمنظمة التحرير في عام 1982، أو العراق في عام 1991، فإن الأنظمة المعنية تزيد من تشبثها بالسلطة، وتضاعف القمع، بدلاً من أن تفسح المجال لغيرها من القيادات كما يحدث في كل دولة تتعرض لهزيمة عسكرية منكرة، أو أن تفسح المجال للجماهير لكي تأخذ الأمر بيدها. وإذا حدث هذا ـ كما كان الشأن في الانتفاضة الفلسطينية عام 1987- فإنه يحدث رغماً عن القيادات وليس بتخطيط منها أو إذن حتى.

    من كل هذا يتضح أن هناك أكثر من خلل في الوضع العربي يؤدي إلى لامبالاة العالم بمعاناة ضحايا العدوان الأجنبي من العرب. فهناك من جهة التواطؤ العربي في هذه اللامبالاة بوجود أطراف عربية أشد عداوة للضحايا من جلاديهم. وهناك الاستهانة والاستخفاف بكرامة وحياة الإنسان العربي من قبل الأنطمة وحركات المقاومة، ثم الخطاب غير الموفق بدءاً من دعاوى الإعلام العربي الجوفاء في حرب 1967، والحديث عن إلقاء إسرائيل في البحر، والتبجح العراقي بالقدرة على حرق نصف إسرائيل وغير ذلك من الدعاوى التي تصور زوراً العرب على أنهم قادرون على إلحاق الضرر بالعدو وهم أبعد ما يكونون عن القدرة على فعل شيء من ذلك. ثم لا ننسى التواطؤ العربي في كل مصائب العرب، بدءاً بالأنظمة التي تبارك سراً وتعاون علناً وسراً، مروراً بالإعلام الذي يخذل ويبرر للعدوان، وانتهاء بالجواسيس الذين يمدون العدو بالمعلومات التي تساعد على القصف الدقيق للأهداف العربية، بما في ذلك السيارات التي تقل الناشطين ومقر إقامتهم وزمن وصولهم إلى المواقع المراد استهدافها.
    وعليه فإن المقاومة الفاعلة للاحتلال والعدوان تحتاج إلى أكثر من الهتاف ومسيرات التضامن وتدبيج المقالات التي تندد بالعدوان وتهاجم المتخاذلين والمتواطئين. بل إنها تحتاج إلى أكثر من إسقاط الأنظمة المتخاذلة والمتواطئة، لأن هذا هو تحديداً ما حدث بعد نكبة 1948، ولكنه قاد بعد ذلك إلى نتائج كارثية أكبر. ولا شك أن إسقاط الأنظمة الدكتاتورية القائمة واستبدالها بأنظمة أكثر انسجاماً مع إرادة الشعوب هو خطوة ضرورية لإصلاح الأوضاع، ولكنها ليست كافية. ذلك أن قيام أنظمة تحترم كرامة الشعوب تجعل من الصعب على العدو الأجنبي الاعتداء على هذه الكرامة بدون ثمن يدفع، كما أنها ستسمح بتعبئة طاقات الشعوب من أجل مشاريع التحرير والدفاع عن النفس.

    ولكن الأمر يحتاج فوق ذلك إلى أخذ العبرة من التجارب السابقة في المقاومة، سواء الفاشلة منها أو الناجحة، لبناء استراتيجية مقاومة متكاملة تأخذ في الحسبان التطورات العسكرية والسياسية والإعلامية المستجدة، وأهم من ذلك كله كسب المعركة الإعلامية-الأخلاقية بالابتعاد عن الخطاب الذي يفقد الضحايا مزيتهم الأخلاقية ويخلف أوهاما كاذبة يستفيد منها العدو ولا تفيد القضية في شيء.

    ' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de