الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
استبطان الشرف: الخصوبة والغرابة والتكاثر في شرق السودان: تأليف الدكتورة آمال حسَّان فضل الله
|
استبطان الشرف الخصوبة والغرابة والتكاثر (الاستمرارية) في شرق السودان تأليف: الدكتورة آمال حسَّان فضل الله ___________________
أ.د. أحمد إبراهيم أبوشوك
الشَّرفُ قيمة اجتماعية-معيارية تتربع على عرش منظومة متكاملة من القيم الإنسانية، وتتبلور في شكل شعور شخصي بالكرامة أو السلوك اللائق اجتماعياً تجاه ثلة من القيم العليا التي يحاول الناس امتثالها. وتشترك في هذه القيمة الاجتماعية معظم المجموعات الإثنية التي تحاول أن تغرس مفهوم الشرف في ثنايا وحداتها الاجتماعية، وتوطِّن له في إطار الممارسة اليومية التي تحاط بهالة من الموروثات الشعبية والمعتقدات الدينية. إلا أن هذا الاهتمام المتوارث بقضية الشرف ومظاهرها الاجتماعية لا يعني أن تلك المظاهر ثابتة في دقائق البيئات المحلية ثبوتاً سرمدياً، بل هي مظاهر ديناميكية في تداولها عبر الزمان والمكان، لأنها تتحرك في مدارات قيمية-اجتماعية متقاطعة مع نفسها في محيط ثنائية حقوق الدار وصون العِرض. وبذلك تضحى هذه الثنائية جزءاً من تشكيلة الوعي المحلي ومدلولاته الاجتماعية، التي لا تنفصم عُراها عن عُرى الهُويَّة الجامعة لكل مجموعة إثنية. والهُوية في جوهرها نتاج طبيعي للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والديني الذي تتجلى حصيلته في صياغة وعي الإنسان الفردي والجمعي بقضية الشرف في كنف المجموعة التي ينتمي إليها. في ضوء هذه التوطئة يمكننا القول أن أول من عالج قضية الشرف في إطار الأخلاق السودانية هو الباحث السويدي تور نوردنستام في كتابه الموسوم بـ الأخلاق السودانية، إلا أن معالجته كانت معالجة فلسفية، لم توطِّن لقضية الشرف في إطار البناء الاجتماعي لأية مجموعة إثنية في السودان، ولم تُؤسس الدراسة على منهج بحث يتحرك وفق منظومة من النظم الثاوية التي تحكم حركة الأنماط الاجتماعية، وتحدد طبيعة المراكز التي يحتلها الأفراد والجماعات، والأدوار التي يقومون بها في حيز المجموعة الإثنية التي ينتمون إليها. فلا غرو أن المنهج الفلسفي الذي تبناه البروفيسور نوردنستام يختلف عن منهج علماء الانثروبولوجيا الاجتماعية الذي استندت إليه الدكتورة آمال حسَّان فضل الله في دراستها لقضية استبطان الشرف وإنعكاساته على الخصوبة والغرابة والتكاثر في وسط المجتمعات النسوية لقبيلة الهدندوة القاطنة بمدينة سنكات وما حولها بشرق السودان. فكتاب الدكتورة آمال حسَّان (Embodying Honor: Fertility, Foreignness, and Regeneration in Eastern Sudan) صدر عام 2007م عن مطبعة جامعة وسكونسن الأمريكية، في 233 صفحة من القطع المتوسط، مقسمة إلى فهرس للمحتويات والصور، وكلمة شكر وعرفان، ومقدمة، ثم ستة فصول تدور رحاها حول قضية الشرف ومظاهرها المرتبطة بالخصوبة والغرابة والتكاثر في مجتمع سنكات وما حوله، وكيف تأثرت هذه المظاهر بفعل الحداثة والتواصل الذي أفرزه الجفاف والتصحر بين بوادي الهدندوة وحضرهم، وبين الغرباء الوافدين إليهم في شكل خدمات مهنية واجتماعية يقدمها موظفون متخصصون، ومواد إعاشية-إغاثية لسد رمق الفجوة الغذائية الذي فرضته سنوات الجفاف العجاف، وقيم اجتماعية دخيلة، تستهدف مظاهر شرفهم المتدثرة بقضايا العرض وحقوق الدار. ثم تلي هذه الفصول قائمة المصطلحات التبداوية (البجاوية) والعربية، وثبت المراجع، وفهرس الأعلام والأماكن والقبائل والمصطلحات المفتاحية. ويتخلل فصول الكتاب الستة عدد من الصور المُجسِّدة لواقع البيئة المحلية الذي تفاعلت الباحثة معه. أما غلاف الكتاب الخارجي فقد صممه الفنان التشكيلي الشافعي دفع الله، بطريقة مُعبِّرة عن واقع القضية موضوع النقاش، إذ وضع في واجهته الأمامية صورة التقطتها عدسة الباحثة لتجمع نسوة أمام قبة الشريفة مريم الميرغنية بسنكات، وفي واجهته الخلفية تبصرة عن محتويات الكتاب، وصورة للمؤلفة، وفذلكة موجزة عن تأهيلها المهني. أهدتني الدكتورة آمال نسخة من كتابها القيم عن استبطان الشرف في شرق السودان، تقديراً لزمالة جمعت بيننا في رحاب جامعة الخرطوم في النصف الأول وطرفاً من النصف الثاني من العقد الثامن في الألفية الثانية، وعرفاناً لهِمٍّ مشترك في مجال الدراسات السودانية، فلها الشكر أجزله والثناء أوفاه. بحق قرأتُ الكتاب في ثلاث جلسات متواصلة وممتعة بين كوالالمبور ومسقط رأسي بقرية قنتي، ووقتها كنتُ في رحلة إلى السودان لحضور مراسيم زواج أخي طارق أبوشوك التي كانت تمثل طرفاً من قضية الشرف المستبطن في الإنجاب والتكاثر التي عرضتها الدكتورة آمال في ثنايا سفرها الجدير بالاقتناء والمطالعة. وفي هذه المدارسة أودُّ أن أقدم الكتاب للقارئ الكريم من خلال أربعة محاور رئيسة، ترتبط في جوهرها بمفهوم الشرف المستبطن في قضايا الخصوبة، والغرابة، والتكاثر في شرق السودان، وآمل بذلك أن أوفي الكيل، وأختمه بجملة من الملاحظات العامة حول الكتاب، وموضوعه الرائد في مجال الدراسات النسوية في مجتمع يُوصف بالانعزالية وضعف التواصل مع الآخر.
الأصل والأرض والشرف جعلت الدكتورة آمال حسَّان قبيلة الهدندوة موطناً لدراستها عن الشرف المستبطن في إشكالات الخصوبة والغرابة والتكاثر، وداخل إطار القبيلة اهتمت الباحثة الانثروبولوجية بوضع المرأة، لأن واقعها الوظيفي يجعلها أكثر التصاقاً بهذه الإشكالات. وقبيلة الهدندوة، كما ترى الباحثة، من أشهر القبائل البجاوية التي تقطن شرق السودان، ويتمركز أفرادها حول سنكات ومنطقة جنوب دلتا القاشا. وأن معظمهم أهل بادية، يحترفون رعي الإبل والأغنام في كسب معاشهم، ويحافظون على لغتهم التبداوية في تواصلهم المحلي، ويعتقدون في الإسلام ديناً والختمية طريقةً، وفوق هذا وذاك يهتمون بعاداتهم وتقاليدهم الموروثة، لدرجة تجعلهم يتوجسون في التعامل مع الآخر أياً كان شكله ومضمونه. وعند هذا المنعطف ارتبطت عندهم قضية الشرف ارتباطاً وثيقاً، كما ترى المؤلفة، بضرورة الحفاظ على أرض أجدادهم، وصون أعراض أصولهم التي ينحدرون منها وينتسبون إليها. ويُعدُّ شرف حماية الأرض بالنسبة لهم مسؤولية جماعية، لأنهم يجاورون قبائل رعوية أخرى ليست من بني جلدتهم، ويطلون على منافذ مائية وطرق اتصال برية تجلب لهم الغرباء، الذين يؤثرون سلباً في نقاء عرقهم، ويفسدون موارد أرضهم الجدباء المحدودة، ويدنِّسون مفردات أعرافهم الثاوية في المكان. وتحقيقاً لهذه الغاية أُوكلت مهمة حماية حدود الدار، حسب رواية المؤلفة، إلى مجموعة من بطون القبيلة وأفخاذها، فالجميلاب ظلوا يقفون سداً في وجه هجرات البني عامر، والشبوديناب مقابل جيرانهم البشاريين، والمحموداليهداب ضد تعديات الشكرية على مشارف نهر عطبرة. هكذا يقف شرف حماية الانتماء العرقي الذي تدنِّسه عملية الزواج خارج إطار العشيرة صِنْواً لشرف حماية الدار، حيث يتجلى ذلك في تمييز الهدندوة لسلالة جدهم براكوين وجدتهم هدات حسب تقابلية الذكورة والإناثة، لأنهم يضعون أحفاد براكوين المنحدرين من أصلاب أولاده السبعة في مرتبة أسمى من أولئك المنحدرين من ترائب بناته السبع، وحجتهم في ذلك أن الأخيرين ينسبون إلى أصول أجنبية (شايقية وجعلية وفونجاوية وشكرية). والطريف في الأمر أن أبناء البنات أنفسهم يفضلون الالتحاق بأهل أمومتهم نسباً ووطناً، ويشاركونهم في سائر عاداتهم وتقاليدهم الموروثة، إلا أن هذا الالتصاق الأمومي، حسب رؤية المؤلفة، لم يشفع لهم أن يكونوا هدندوة من الدرجة الأولى. ويُعدُّ هذا الموقف بمثابة الفرضيَّة الناظمة لفصول الكتاب في معالجتها لكثير من القضايا المرتبطة باستبطان الشرف حول الخصوبة والتكاثر ومخرجاتهما الذكورية والأنثوية.
استبطان الشرف وتحديات الغرابة خصصت الدكتورة آمال حسَّان الفصل الثاني (ص 56-79) من كتابها لمعالجة قضية الغرابة وتداعياتها على مظاهر الشرف المستبطنة عند الهدندوة، حيث أنها وضعت إطاراً واسعاً لمفهوم الغرابة والغرباء، يشمل الإنسان، والظروف الطبيعية المحيطة بدار الهدندوة، والأرواح الشريرة، والمنتجات المستوردة. فالبحر الأحمر، مثلاً، قد جلب إليهم الغرباء المستعمرين الذين اغتصبوا أرضهم، وأسسوا فيها عدداً من المدن، مثل سواكن، وبورتسودان، وسنكات، ثم جذبوا إليهم عدداً من السودانيين الشماليين (البلويت) الذين لا يربط بينهم عرق واحد، ولا تجمع بينهم أعراف وتقاليد ثاوية يتواضعوا عليها كما هو الحال في ديار الهدندوة. ومن ثم فإن حضور الغرباء بهذه الكيفية كان حضوراً مرفوضاً من وجهة نظر الهدندوة، لأن فيه منقصة للشرف المستبطن في حماية الدار أرضاً وعُرفاً، وصون العرض نقاءً وأصلاً. فالغرباء حملوا معهم عاداتهم وتقاليدهم التي تتعارض مع قيم أهل الدار. وتذكر المؤلفة منها -نقلاً على لسان اخباريَّاتها- شرب الخمر، والسرقة، وعدم الأمانة، والسلوكيات النسوية غير المستقيمة حسب منظور المرأة الهدندوية الذي يرفض الاختلاط مع الجنس الآخر، وينبذ التفسخ الفاضح لمحاسن المرأة صوتاً وشكلاً. (ص 59). وبجانب نقدهم للشماليين الوافدين إلى أراضيهم، نجدهم يقدحون في هجرة البني عامر التي جلبت إليهم بعض الأمراض الغريبة التي أثرت سلباً على خصوبة نسائهم ونمو أطفالهم. وكذلك الحال بالنسبة للمهاجرين من غرب إفريقيا (النيجريين والتشاديين) الذين حملوا معهم بعض الأمراض الغريبة المتأثرة بمسَّات الجن والأرواح الشريرة، فضلاً عن تصاهر بعضهم مع الأهلين، وتأثيرهم في نقائهم العرقي وشرفهم الذي يجب أن يصان بعيداً عن تدخلات الغرباء. ويتجسد الغريب، من وجهة نظرهم أيضاً، في صورة الجن والأرواح الشريرة التي تحاول أن تلوث أصلهم القائم على ثنائية الدم واللبن، وإنجاب الأطفال وتنشئهم ورعايتهم. وقد استأنست الدكتور آمال بعدد من الشواهد الفلكورية في هذا المضمار. ونذكر منها قصة الجنِّية "تشوديبيان" التي خرجت من البحر، وتزوجت شاباً هدندوياً وقع في هيامها، وأنجبت منه طفلين، ثم هجرته بعد ذلك وعادت إلى البحر. وفي ضوء هذه الرواية الفلكورية حاولت الدكتورة آمال أن تخرج بعدد من الاستنتاجات التي تعكس موقف الرأي العام من هذه القصة. وأولهما أن الزواج من تشوديبيان فيه تدنيس لنقاء الدم الهدندوي، وثانيهما أن تنصلها عن القيام بمهامها الأمومية فيه طعن في شرف الأعراف الموروثة، لأن واجبات المرأة الوظيفية عند الهدندوة تتجلى في رعاية أطفالها والعناية بهم، والحفاظ على صون علاقتها الزوجية مع نصفها الآخر. فعدم الانصياع لمثل هذه القيم فيه دحض للشرف المستبطن في الإنجاب وملحقاته، وفيه تدنيس لأعراف الدار المرعية. ومن وجهة نظر الرأي العام أن كل ذلك حدث نتيجة لتجرؤ الشاب الهدندوي المشار إليه في القصة بالسماح للغريبة (تشوديبيان) أن يكون جزءاً من وحدات مجتمعه المحلي دون مراعاة لحرمة العرض والدار، وبذلك انتهك الشرف المستبطن في الإنجاب وملحقاته. ويأتي تدنيس الشرف أيضاً، حسب وجهة نظرهم الفلكورية، من تناول المواد الغذائية المستوردة أو المجلوبة من خارج ديار الهدندوة، لأن هذه الأغذية يرجَّح أنها تؤثر سلباً على صحة المرأة الحامل، وتسهم في إسقاط حملها، أو إنجاب أطفال غير أصحاء، أو موتهم في سن مكبرة. وترى الدكتورة آمال أن كل الإشكالات الإنجابية والتكاثرية التي يعزوها الأهلون إلى تناول الأطعمة المستوردة، تسهم في صياغة الوعي المحلي، وتحديد موقفه الرافض لاستبدال الذي هو أعلى (الأغذية المحلية المستخلصة من منتجات الألبان المحلية: اللبن، والزبدة، والعصيدة) بالذي هو أدني (مواد الإغاثة والأغذية المستوردة). وقد أوردت المؤلفة في هذا المقام قصة امرأة تعزو عملية إسقاط حملها إلى تناول كمية من زيت الإغاثة ماركة شيف، لأنها استنبطت ذلك من نظرات صورة الشيف الموضوعة على جانب من جوانب أناء الزيت، وكانت ترى في تلك النظرات رسالة ضمنية تؤكد بأن "زيت شيف" مسكون ببعض الأرواح الشريرة التي تؤثر على حملها وإنجابها مستقبلاً. وبذلك نخلص إلى أن الغريب في كل صورة يشكل تحدياً لشرف الهدندوة المستبطن في الخصوبة، والتكاثر، وتربية الأطفال، ودور الأمومة، ومن هنا يجب رفض الغرباء، لأن وجودهم يمثل تحدياً لعذرية الدار ونقاء الأصل.
الشرف المستبطن ووظائف الأسرة الزواجية كرَّست الدكتورة آمال حسَّان جهدها في الفصول الثلاثة اللاحقة (الثالث، والرابع والخامس) في معالجة قضية الشرف المستبطن في الخصوبة والتكاثر، وذلك في إطار وظائف الأسرة الزواجية القائمة على التمايز النوعي بين الذكر والأنثى. واعتمدت في تحليلها لذلك الواقع على حصيلة سلسلة من المشاركات الوظيفية التي أجرتها، والمقابلات غير الموجهة مع اخباريَّاتها، والقراءات الفاحصة في سير بعضهن الحياتية في مجتمع سنكات وما حوله. وبذلك استطاعت أن ترسم لوحة ممعنة في التفصيل والدراية عن وضعية الشرف المستبطن في قضايا الإنجاب والتكاثر، وطبيعة القيم الديناميكية التي تحكم حراكه الاجتماعي داخل فضاء الأسرة وفضاء المجتمع المحلي، وعلاقة هذين الفضاءين بفضاء الغرباء المحيطة بهما. وتتبعت الباحثة الانثروبولوجية ذلك الواقع المعيش عبر حلقات متداخلة تتمحور حول اختيار الزوجة، وبناء عش الزوجية الجديد (الخيمة)، وزواج السُنكاب، وقضية الإنجاب وتوابعها، وتربية الأبناء، وماهية الشرف الذي يحققونه لوالديهما وعشيرتهم الأقربين. ألقت الدكتورة آمال ضوءاً ساطعاً على اهتمام الهدندوة بالزواج المبكِّر، وذلك حفظاً لأبنائهم من الانحراف، وحصراً لاختيار أزواج أولادهم داخل دائرة بنات أصولهم وحواشيهم الأقربين، وضماناً لإنجابهم المبكَِّر وتكاثرهم الحافظ للنوع. ولذلك نجدهم يَعُدُّون الزواج خارج إطار العشيرة أو القبيلة ضرباً من ضروب السلوك الاجتماعي غير اللائق. والشاهد في ذلك القصة التي ترويها الباحثة عن الفتاة الهدندوية المنحدرة من فرع الجميلاب، والتي وقعت في هيام شاب من البشاريين، إلا أن أبناء عمومتها اعترضوا على زواجها منه، وطلبوا زواجها لأحدهم، بيد أنها رفضت ذلك العرض، وأصرَّت على موقفها إلى أن توفاها الله سبحانه وتعالى وهي عانس في الأربعين من عمرها. والطريف في الأمر أن أبناء عمومتها حسبوا ذلك الموقف ضرباً من الكبائر، وأصرُّوا على عقد قرانها من أحدهم وهي جثة هامدة على حافة القبر، وبذلك حاولوا أن يصونوا شرفاً كاد أن يُدنس بزواج فتًى من فتيان البشاريين حسب وجهة نظرهم (ص 89-90). وتؤكد القصة في مجملها أن الزواج من الغريب القريب (البشاريين) والغريب البعيد مرفوض في عرف الهدندوة، لأنه يُعَدُّ ضرباً من الاعتداء على الشرف المستبطن في الإنجاب والتكاثر. وفي ضوء الاختيار القرابي الذي أشرنا إليه تبدأ مراسيم زواج السُنكاب التي ترويها لنا الدكتور آمال بطريقة قلمية رائعة. والسُنكاب عبارة عن حزمتين من سعف الدوم، تقوم بإعدادهما مجموعة من النسوة مرموقات المكانة في أسرة العريس، وذلك بفضل صيانتهن لحقوق الزوجية، وإنجابهن لكثرة من الأبناء الذكور وقلة من الإناث، مع مراعاتهن لحسن التربية والتنشئة. وبعد أن تُذوق حزمتا السُنكاب بالخرز، والودع، والحرير الأحمر، يبدأ موكب السُنكاب من خيمة أم العريس محفوفاً بأغاني البنات، وزغاريد الحسان، وتبريكات ضريح الشريفة مريم الميرغينة، وبخور أم التيمان، دفعاً للأرواح الشريرة ومسَّات الجن عن عش الزوجية الجديد الذي ترفع له الدعوات الصالحات بأن يكون محطاً لإنجاب الأبناء الصلحاء والتكاثر القبلي. وبعد وصول الموكب إلى خيمة أم العروس، وإطعام الضيوف بالتمر (العجوة) واللبن، تتم عملية الطواف سبع مرات حول عش الزوجية الجديد (الخيمة)، ثم بعد ذلك يوضع السُنكاب في مدخل الخيمة، وتتواصل مراسيم الزواج التي تبلغ ذروتها في زف العروس إلى زوجها. وإذا تمَّ الإنجاب في فترة وجيزة وكان المولود ذكراً تضمن الزوجة إلى حد كبير استمرارية حياتها الزوجية، وتسعى إلى تضاعف الإنجاب والتكاثر فيه، وإذا كان حظها من النسل إناثاً أو كانت عقيماً، تكون عرضة للطلاق أو الزواج عليها بزوجة أخرى. وعند هذا المنعطف تبرز الدكتور آمال عملية التمييز النوعي التي تبدأ منذ مرحلة الحمل، علماً بأن النساء الهدندويات يعتقدن أن حمل الذكور يكون أكثر رهقاً من حمل الإناث. وتتواصل علمية التفضيل النوعي بعد ميلاد الطفل مباشرة، لأن مشيمة (تبيعة) المولود الذكر يحتفى بها وتحاط بهالة من التقدير، ثم تُعلق على رأس شجرة شائكة، حماية للمولود من الأرواح الشريرة، أما مشيمة المولودة الأنثى فتُدفن في الفضاء المجاور لخيمة والدتها، ولا يحتفى بها خارج إطار الدار. وترى الباحثة أن هذا التفضيل فيه حزمة من الدلالات الرمزية، لأن وضع مشيمة المولود الذكر على رؤوس الأشجار يرمز إلى دوره الوظيفي المرتبط بحماية الدار والعرض، ودفن مشيمة المولودة الأنثى في فضاء الدار يرمز إلى دورها الوظيفي المرتبط بالإنجاب، وتربية الأبناء، والالتزامات الزوجية الأخرى، زد على ذلك أن المرأة في عرفهم، إذا لم تراع قيم الدار والعرض، تكون مجلبةٌ للعار وتدنيس الشرف. وكما ترى الباحثة فإن الهدندوة لا يربطون قضية عدم الإنجاب بعقم في الرجل، بل يعزون ذلك لعيب في المرأة أو لأسباب خارجية مرتبطة بالأرواح الشريرة والعين، أو المواد الغذائية المستوردة أو المجلوبة من خارج ديارهم. وتجاوزاً لهذه الإشكالية يبرز دور مشايخ الرُقية والبخرات، وشيخات الأعشاب والزار، وجميع هؤلاء يزعمون أن لديهم القدرة على معالجة مشكلات العقم، والأمراض التي تصيب المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة. وبعد الولادة أيضاً يحاربون حظر الأرواح الشريرة والعين بتعليق مصحف في الخيمة التي تجلس فيها النفساء، ويضعون سيفاً خلف سريرها، وحربة في مدخل الخيمة أو الغرفة التي تجلس فيها، ثم يوقدون النار أمام خيمتها لمدة أربعين يوماً. وأما في حالات الإسقاط المتكررة أو موت المواليد فيلجأ الهدندوة إلى تبني الأسماء غير المتداولة بين الأسر البجاوية، أو تغيير المكان، أو وشم الطفل بوشم قبيلة أخرى كضرب من ضروب العلاج، تعللاً بأن مثل هذه الإجراءات تقي الطفل من حظر الأرواح الشريرة أو العين. و في هذا الشأن تروي لنا الدكتورة آمال حسَّان قصة امرأة تُدعى زينب من سنكات، كانت ذات خصوبة عالية ورغبة صادقة في الإنجاب والتكاثر، إلا أنها أصيبت بموت أطفالها في سن مبكرة. ودرءاً لهذه المصيبة فقد استعانت بعدد من شيوخ الرُقية والمحايات، لكن لم تحقق غايتها المنشودة. فبعد موت طفلها الخامس وحملها بالسادس لجأت زينب إلى فقه المنطق المعاكس (الحلافه)، إذ أنها غيرت مكان ولادتها، وجهزت فراش نفاسها على طريقة مغايرة لعادات الهدندوة، بحجة أن مثل هذه الإجراءات المخالفة للعرف السائد في المنطقة ستبعد عنها شبح الأرواح الشريرة والعين. وفي هذا الجو المملوء بالتفاؤل وضعت زينب مولودها السادس أنثًى، وعلماً بأن الأنثى ليست كالذكر في بادية سنكات، إلا أنها جعلت كل مراسيم ميلادها مثل مراسيم ميلاد المولود الذكر، حيث احتفلت بميلادها احتفالاً عظيماً، ووضعت مشيمتها على رأس شجرة شائكة خارج حدود فناء الدار المخصص للنساء، وذبحت عقيقتها في نهاية الأسبوع الثاني بدلاً عن الأسبوع الأول، وسمتها "نور" دون أن تختار لها أسماً من قاموس الأسماء الهدندوية التقليدي. ويبدو أن زينب فعلت كل ذلك لتُأمن حياة مولودها السادس، وتفتح صفحة جديدة في مسار حياتها الزوجية والأمومية، بعيداً شبح الأرواح الشريرة والعين، وبعيداً عن هاجس الطلاق أو الزوجة الثانية. (ص 133-136). بهذه الكيفية كانت العلاقة بين الشرف المستبطن ووظائف الأسرة الزواجية عند الهدندوة، لأن الشواهد التي ذكرتها الدكتورة آمال تؤكد لنا أن ثقافة الهدندوة بالمرتبطة الخصوبة والشرف والتفضيل النوعي بين الذكور والإناث هي ثقافة مكملة لثقافة الانتماء والقرابة، ومعضدة بنظرة الهدندوة إلى الآخر خارج حدود ديارهم القبلية وخارج منظومة أعرافهم الناظمة لأنماط اجتماعهم البشري.
الحداثة ورياح التغيير أعطت الدكتورة آمال في الفصل الأول من كتابها إضاءات تاريخية حول التغيرات الإكُّولوجية في منطقة البحر الأحمر، وناقشت في الفصل السادس والأخير مدى تأثيرها تلك التغيرات في مفردات البناء الاجتماعي وأنساق المعاش من منطقة الهدندوة، وعرضت أيضاً إفرازات الحداثة التي تمثلت في ربط المنطقة بشبكة من الطرق البرية والسكك الحديدية وميناء بورتسودان، وفي مجموعة من المدن والمراكز الحضرية التي أضحت بمثابة فنارات إشعاع حضاري يتعارض بثها الثقافي والاجتماعي مع قيم البادية المنغلقة على ذاتها، والمتشككة في تبعات التواصل مع الآخر، ودرجة تأثيره على شرف الهدندوة المستبطن في حزمة من العادات والتقاليد الموروثة. وعلقت الدكتورة آمال على تأثير الجفاف والتصحر في تصاعد عملية الهجرة من الريف إلى الحضر، وتواتر درجات التواصل مع الآخر عبر المؤسسات الخدمية والإدارية التي أُنشئت في المنطقة، وعبر القيم والتقاليد الثقافية التي جلبها الغرباء معهم، وحاولوا أن يزاوجوا بينها وبين القديم الموروث. واستشهدت الدكتورة آمال ببعض الشواهد التي تؤكد طبيعة هذا التحول الحداثي وإنعاكساته على دقائق البيئات المحلية. ونستوثق في هذا العرض بموقف بعض الهدندويات المتعلمات اللائي يعزون مشكلات الطلاق، وتعدد الزوجات، وتدهور صحة المرأة إلى استبطان الشرف في قضايا الإنجاب والتكاثر والتفضيل بين الذكور الإناث. وانطلاقاً من هذه الملاحظات حاول بعضهن التمرد على ثلة من مفردات النظام الاجتماعي القائم، والشاهد في ذلك موقف زينب التي آثرت علاج المستشفي على الطب الشعبي، وصبحة التي أنكرت دور الطب الشعبي وحلقات الزار في علاج الأمراض النفسية والإشكالات المرتبطة بقضايا الخصوبة والإنجاب، فضلاً عن اهتمامهن بقضية الكفاءة في الزواج وعدم الإذعان لزواج القريب غير الكفء. كل هذه المواقف تؤكد فرضية الدكتورة آمال بأن هناك تواصل دائم بين معطيات الحداثة والقيم الموروثة في مجتمع الهدندوة المحلي، وأن هذا التواصل سيسهم تدريجياً في إعادة صياغة الشرف المستبطن وعلاقته بقضايا الإنجاب والتكاثر، وكيفية التعامل مع الآخر في إطار حضاري.
خاتمة: نختم هذا العرض بملاحظات عامة حول كتاب الدكتورة آمال حسَّان، علَّنا بذلك نكون قد افدنا للقارئ الكريم بأهمية الكتاب موضوع مدارستنا، وأثرنا بعض النقاط المنهجية التي ربما تسهم في توجيه مسارات الدراسات الانثروبولوحية ذات المنحى النسوي، وتجعلها تصب في محيط العطاء الأكاديمي القومي في السودان. أولاً: اتفق مع الدكتورة سوندره هيل (Sondra Hale) بأن كتاب الدكتورة آمال حسَّان يمكن أن يُضع في مرتبة مماثلة لكتاب الدكتورة (Janice Boddy) جنس بودي (Wombs and Alien Spirits: Women, Men, and the Zār Cult in Northern Sudan)، علماً بأن الكتابين يصبان في وعاء الدراسات النسوية، وبينهما وشائج قربى من حيث الموضوع والمنهج، لأن الأول يدرس قضية الشرف المستبطن في الإنجاب والتكاثر في شرق السودان، والثاني يقدم مقاربة عن الأرواح الشريرة وقضايا الخصوبة وكيفية علاجها عن طريق الزار في شمال السودان. ثانياً: إن منهج الدراسة الميدانية الذي استخدمته الدكتور آمال حسَّان قد ماز مقاربتها عن المقاربات السابقة في مجال الدراسات الانثروبولوجية التي اعتمدت في بحثها وتنقيبها على أقوال الرحالة والمستكشفين ورجال الإدارة الاستعمارية، ونأت أيضاً بنفسها عن منهج التدخل الوظيفي في البحث العلمي. فضلاً عن ذلك فإن مشروع بحث الدكتورة موضوع نقاشنا كان عن قضية حساسة وشائكة، وفي وسط مجتمع عُرِفَ بالتوجس تجاه الآخر. لكن الباحثة أفلحت في مواجهتها لهذا التحدي عندما نأت بنفسها عن أدبيات الدراسات التخمينية، واتخذت منهج البحث الميداني أساساً لدراستها التي نالت بها درجة الدكتوراه من جامعة نورثوسترن الأمريكية، ثم نقَّحتها ونشرتها في صورتها الماثلة بين يدي القارئ الكريم. فكان منهجها الميداني يقوم على شبكة من الآليات البحثية، قوامها الملاحظة بالمشاركة، حيث ارتضت الباحثة لنفسها أن تكون جزءاً من ذلك المجتمع الهدندوي في مظهرها، وسلوكها العام، ومشاركتها اليومية في أنشطة بنات جنسها من النساء، لدرجة أن بعضهن حسبها أصلاً هدندوية إلا أنها عاشت في وسط قبائل "البلويت". (ص 65) فهذا الإقرار المحلي موثوقاً مع وضع الباحثة الأنثوي (أي كونها امرأة) قد سهَّلا مهمتها في جمع المعلومات، ومهدا لها الطريق لإجراء المقابلات غير الموجهة، والاستئناس بسير حياة اخباريَّاتها في إطار القضايا المطروحة في ثنايا البحث. وبفضل المعلومات الوافرة وتأهيلها المهني في مجال الانثروبولوجيا استطاعت الدكتور آمال أن تعرض مفردات بحثها بطريقة سلسة، ولغة إنجليزية جزلة، تقوم على السرد الوصفي الجيد، والعرض التحليلي الموثق بشواهد العمل الميداني، والاستئناس الدقيق بالأدبيات التي كُتبت في مجال البحث من منظور المنهج والنظرية. وبذلك استطاعت أن تستوفي كل الشروط التي وضعها العلامة إيفانز بريتشارد للعمل الميداني الناجح في مجال الانثروبولوجيا الاجتماعية. ثالثاً: إن غياب الدراسات المماثلة عن المجموعات الإثنية الأخرى في السودان قد أقعد الباحثة عن تقديم بعض المقارنات المفيدة في ثنايا أطروحتها الرائدة، علماً بأن كثير من قضايا الشرف المستبطن في الإنجاب والتكاثر وتفضيل النوع موجودة في معظم أنحاء السودان وبدرجات معيارية متفاوتة. فلا جدال أن وجود مثل هذه الدراسات كان سيعطينا دفعة معلوماتية قيمة، تعين الباحثين في استنطاق كثير من جوانب الشخصية السودانية، لأن دراسة الشخصية السودانية تُعدُّ من الدراسات النادرة التي تحتاج إلى منهج متكامل، يجمع في ثناياه عدداً من منهاج العلوم الاجتماعية والإنسانية، ويقوم على كمٍ مهولٍ من المعلومات التاريخية والاجتماعية والنفسية والسياسية والاقتصادية. ولم أقف على دراسة جادة بمثل هذه الموصفات سوى بحث متواضع أعده المرحوم البروفيسور محمد إبراهيم أبوسليم عن الشخصية السودانية في سبعينيات القرن الماضي، وكان يحسبه نواة لدارسات متكاملة تصب في الاتجاه ذاته فيما بعد. وعلنا نتفق مع أبي سليم وغيره من الباحثين أن دراسة الشخصية السودانية في إطارها القومي تساعد في إعادة التخطيط لأساليب التنشئة الاجتماعية والسياسية والتعليمية، وتسهم بقدرٍ كافٍ في زيادة الوعي بالذات وخصائصها السالبة والموجبة. وفي ضوء ذلك يمكن إعداد الدراسات الاستراتيجية الحاذقة المرتبطة بالتخطيط الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والتعليمي الواعد على المدى البعيد، وذلك من خلال نظرة موضوعية لآليات التخطيط الاستراتيجي المتاحة في إطار الدولة القُطريَّة ومكوناتها المحلية ذات التنوع الإثني والثقافي والديني، ووضع الدولة الإقليمي مع دول الجوار، وتواصلها الدولي في محيط العولمة وإفرازتها الصالحة والطالحة. وأخيراً، التهنئة الصادقة للدكتورة آمال حسَّان على هذا الجهد الرائع والمُقدَّر في مجال الدراسات النسوية والانثروبولوجية في شرق السودان، ونأمل أن تنداح دائرة أبحاثها القادمة في كل أنحاء السودان، وتقدم لنا نماذج وأنماطاً عامة لاستيعاب الأبنية الاجتماعية، وتحديد مظاهر التداخل والترابط بين النظم الاجتماعية المختلفة في ذلك القطر القارة، وتستنبط آليات التغيير الاجتماعي في ظل معطيات الحداثة، وطبيعة التغيرات الديموغرافية والسياسية التي شهدها السودان في الثلاثة عقود الماضية. وفوق هذا وذاك أقترح ترجمة الكتاب إلى اللغة العربية ليكون متاحاً لقاعدة أوسع من القراء الذين يهمهم الشأن السوداني وقضايا منطقة البحر الأحمر بصفة خاصة.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: استبطان الشرف: الخصوبة والغرابة والتكاثر في شرق السودان: تأليف الدكتورة آمال حسَّان فضل الل (Re: Mohamed E. Seliaman)
|
الأخوة الأعزاء بهاء الهادي عادل البدوي عصام جبرالله محمد سليمان محمد فضل الله المكي
شكري وتقديري على قراءاتكم الفاحصة لمراجعة الكتاب، وإضاءاتكم القيمة حول مجتمع الهدندوة، فأنتم أجدر بقراءة الكتاب كاملاً، وربما يكون لديكم تعليقات أكثر عمقاًتسهم في إثراء النقاش، وذلك بحكم التخصص والتعايش مع البيئة التي سجلت عنها المؤلفة ملاحظاتها. يمكنكم الحصول على الكتاب عن طريق أمزون.
Embodying Honor: Fertility, Foreignness, and Regeneration in Eastern Sudan (Women in Africa and the Diaspora) (Hardcover) by Amal Fadlalla (Author) No customer reviews yet. Be the first.
-------------------------------------------------------------------------------- List Price: $55.00 Price: $55.00 & this item ships for FREE with Super Saver Shipping. Details In Stock. Ships from and sold by Amazon.com. Gift-wrap available. Only 2 left in stock--order soon (more on the way). Want it delivered Tuesday, January 13? Order it in the next 48 hours and 30 minutes, and choose One-Day Shipping at checkout. See details
التوصيلة:
http://www.amazon.com/Embodying-Honor-Fertility-Foreign...ration/dp/0299223809
الأخ عصام وعادل أخيراً صاحبكم طارق دخل القفص الذهبي، وإن شاء الله بيت مال وعيال.
الأخ الأستاذ محمد فضل الله أمل أن يكون مشروع كتابكم عن المهدية من منظور عسكري قد تم نشره، فهو أيضا كتاب جدير بالقراءة. لك تحيتي ومودتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: استبطان الشرف: الخصوبة والغرابة والتكاثر في شرق السودان: تأليف الدكتورة آمال حسَّان فضل الل (Re: Ahmed Abushouk)
|
شكراً بروفسير أبوشوك على هذا الرد الوافي. بالتأكيد، لقد أفادتني قراءة هذا التقديم و كذا تعليقك الأخير بخصوص مداخلتي، فوائد جمّّة، أدناها أن حفّزتَني للحصول على الكتاب أتوقعه في البريد بين الغد و الذي بعده. كما و أرجو مخلصاً أن يقيّض لك الله من يجيد تقديم إصداراتك للقراء كما تفعل أنت بتقديمك إصدارات الآخرين في همّة علمية و بأريحية تدعو للإعجاب و الشكر الجزيل. و فعلاً الكتابين الذين قرأتهما لك، من إصدارات مركز عبد الكريم ميرغني، و لكن أم درمان بعيدة يا سيدي... فسأحاول مكتبة عند صديقي ثم النيل والفرات إن لم يستحيلا علينا. لقد حاولت في مداخلتي الأولى، مستخدماً مثالين، التعبير عن خشيتي أن تكون تلك الدراسة من الرازحات تحت إستاتيكية السائد من البحوث الإثنوغرافية التي تبحث في شئون مجتمعاتنا دونما تحرٍ في حراكها عبر الزمان و المكان أو في جدل مكوناتها مع الواقع. وأرجو إنني فيما سبق قد أوضحت أنه بفضل تقدمي في قراءة التقديم، فقد وهت تلك الخشية مما جعلني أكثر انفتاحاً تجاه المبحث، و أقوى استعداداً لتفهم دوافع و نتائج البحث، بل و ساعياً في قراءة الكتاب راجياً أن تزول خشيتي بالكلية. و ما كان لهذا ليكون لولاك، فالشكر مرة أخرى يا بروف، و ثالثة لأنك أتحته هنا للنقاش. أما الذي نشره على موقع الجالية حيث هناك بعض المنشور للدكتورة مما يتعلق بالكتاب، كما و توجد قصيدة لها جميلة إذ هي أيضاً شاعرة مجيدة، فهو غيري، و يستحق شكري، و سأضيف على الموضوع حيث هو هناك تعليقك الأخير على تعليقي... أما الصور، فلقد وجدتها تزدحم فيها الوجوه و لا وجه لي في نشرها دونما استئذان ثم إذن قد لا تبيحه مفاهيم الشرف و الغرابة كما أتيح لي معرفة بعض وجوهها أو كما قد تقول بها الدكتورة.
و لك خالص شكري و وافر التقدير.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية حليمة كما روتها للدكتورة آمال (Re: Kostawi)
|
Embodying Honor: Fertility, Foreignness, and Regeneration in Eastern Sudan (Women in Africa and the Diaspora) (Hardcover) by Amal Fadlalla (Author) No customer reviews yet. Be the first.
-------------------------------------------------------------------------------- List Price: $55.00 Price: $44.41 & this item ships for FREE with Super Saver Shipping. Details You Save: $10.59 (19%) In Stock. Ships from and sold by Amazon.com. Gift-wrap available. Want it delivered Monday, March 2? Order it in the next 10 hours and 39 minutes, and choose One-Day Shipping at checkout. Details http://www.amazon.com/Embodying-Honor-Fertility-Foreign...ration/dp/0299223809
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية حليمة كما روتها للدكتورة آمال (Re: Rihab Khalifa)
|
Dear Professor Abushouk, Uz Alhassan, and Dr Fadlallah & the respectful readers
Apologies for the delay in coming back with some comments, as promised, and also in writing them in English, rather than Arabic. Please do not feel obliged to respond to them, as I understand that things have moved on.
The post was brought to my attention by Uz. Hashim Alhassan (very grateful for that) a few weeks ago. I re-read it several times. Not only that I enjoyed the read, but I was also trying to grasp what has been said, by deciphering the eloquence of Professor Ahmed and Uz. Hashim’s writings. The difficulty for me was in switching between two modes of discourses; a professional technical Arabic discourse that was used to introduce and reflect on the book (which I am not very familiar with), and the very familiar English research vocabulary in my head. I sort of used English to understand what was said in Arabic (twisted, huh!). A humbling, nevertheless, enlightening experience for me.
I will summarise my comments about the book in three sections. My comments about Dr Amal’s book will be limited, as I have not read the book myself, but depended mainly on the careful and insightfully prepared summary by Professor Ahmed and reflections of Uz. Hashim. I disclaim any special knowledge into culture or that part of the Sudan, but have some little knowledge about anthropology and generic discussions of culture in sociological debates. Also, I read a while ago the book by Janice Boddy, and I enjoyed it very much.
The three threads are as follows:
The interplay between gender and race
I very much liked how Dr Amal reflected on the interplay between those two systems of social oppression. More often than not, the two have been studied separately (in addition to class). But to demonstrate empirically the potency of how gender could influence perceptions of race ascendancy (or not), and create a new social strata, is quite interesting. The example I read was about how Al Hadandawa perceive descendants from Barakaween (male) to be of a superior race to those descending from Hudat (females). Although I took Uz. Hashim’s reflections on this point to mean that it is a bit more complex than this. Social order in that context is subject to more than this simple male/female dichotomy, nevertheless, Dr Amal’s analytical lens is one that is worse revisiting in light of second wave feminism and also Hashim’s comments.
“Otherness” as an anthropological concept
Whenever I came across an anthropological study, such as this one, and as much as I appreciated the depth of their fieldwork, I struggled with this concept of otherness.
I do believe, along some other social researchers I guess, that anthropological work tends to exaggerate differences between their studied groups/tribes and the rest of the world (mainly us). Places studied are often remote and hardly accessible to the average person. Observations made about those groups tend to be idealised and to an extent made more mystic. In doing so, the gap between “them” and what we consider “us/modern” widens. This is by no means a criticism to Dr Amal’s work, as much as to the field of Anthropology in general. This reminds of a famous quote by Keesing (1992); “the radical otherness anthropologists have sought has not existed" (p. 301). In my modest view, otherness as an anthropological concept forces strong, and to a large extend, fictitious boundaries between “us/modern” and “them/savages”. For example, similar practices/believe systems about spirits and evil seem to exist in this very “modern” world we call the west (not only “modern” Sudan). I keep remembering my personal experience when I was pregnant with my son Yassin in England lasy year. Many women asked me if its OK to touch my stomach. Others just touched it without asking for my permission, while humming some words. When I asked why do they do that (and these were your average white, middle- class women) I was told it brings luck and good fortune to them!
In summary, I am not calling for discarding otherness as an analytical lens, but perhaps hoping that the presentation of this otherness could allow for seeing similarities between those studied groups and what we consider the norm. Otherness is relational and situational. A comment by Professor Abushouk’s echoed this in my view, by calling for more comparative studies within different cultures.
It is amusing to see Alhadandawa utilising this very same lens that we used to look at their culture, to describe undesirable behaviour/outcomes (e.g. foreign women, evil spirits, etc).
Janice (colonial anthropologists?) vs Dr Amal (local anthropologists?)
I share Professor Ahmed’s and Uz. Hashim’s reservations about particular types of anthropological studies. Especially those that implicitly aimed at advancing the interests of colonial powers in the region (historically and currently). However, I also would like to acknowledge the work of researchers, such as Janice, who spent whole two years in northern Sudan focussing on a related theme. In my view, Amal and Janice’s work intersect in more ways than one, and I am looking forward to receiving Amal’s book to see what a local anthropologist’s view could add. However, from the neat summary of the book and my reading to Janice’s book, some thoughts/questions emerged:
** Professor Abushouk commented on how Amal’s closer perspective will add value to such studies. A view that I partly share. On the other hand, it is worth considering the limitations of such closeness. Would the presence of a local in such tribal settings encourage the studied group to respond more or less to the researcher? I am reflecting on my personal experience in doing field work in the UK with a team of British researchers. By the end of our two years of field work, we found out that my informants were more responsive to me, less threatened by my presence and divulged more information when talking to me, as they tried to explain things more clearly. An observation that we could only explain at the time by my “foreignness”. They made no assumptions, and did not take for granted my knowledge about their culture. Hence, my data sets were more infused with elaborate descriptions and discussions that tried to explain to this foreign woman (me) how things worked over there. ** Another related point, which I think could work to the advantage of both Janice and Amal, is related to this “closeness”. Would Amal’s close perspective mask unintentionally some of what she observes? Since one could assume that she will have some pre-conceived ideas about Alhadandawa culture, (unlike someone like Janice), and hence affect her descriptions? I am basing this on some comments that were discussed by Uz. Hashim, in negating some of Amal’s observations.
** For me, Janice views those local rural women as resourceful beings, in a male dominated culture. Which is contrary to other feminist studies about those cultures. She argues that women bring to the forefront the use of such concepts such as “spirits” to their economic advantage. Women’s problems such as fertility or miscarriage are being used as a resource , rather than being a hindrance. I like this reading into symbolism, because it sorts of empowers women, rather than make them subjective beings. The question sis, to what extent does Dr Amal push to the forefront the use of such symbolism? Is what Janice called feminist discourse (e.g. spritits) part of women reisitence within those societies in the face of increasing problems that they face (health, economical, ..etc)?
** Professor Abushouk also called for more comparative studies about other cultures within the Sudan. A call that I sympathise very much with. However, could one take Dr Amal’s study as an extension to other field work that was done previously in the Sudan? I.e. could all those anthropological studies represent a whole sum of a big jigsaw? or the very nature of those studies (anthropological work), makes it very hard to do so, since they are more concerned with rich descriptions.
Please excuse my ramble and unstructured thoughts. I enjoyed reading this post very much, and I was hoping to read the book and then write some structured piece around it, but time is not on my side. I am very grateful to the summaries and comments provided, which enabled me to have some thoughts around the topic. Thanks Uz Hashim for drawing my attention to such important post.
A sisterly note to Dr Amal
Way to go sister! I feel very proud to see such excellence in research. I just wish if there was a way for all of us (researchers) to connect and network. I hope that you won’t mind me recommending your book to our library and our anthropology department. Please do let me know if you are planning a visit to the UK (rihab khalifa, Asso Prof, WBS).
---------- Bibliography
Keesing, R. (1992). Custom and Confrontation: Kwaio Struggle for Cultural Autonomy. University of Chicago Press. ISBN 0-226-42919-9 (hardcover). ISBN 0-226-42920-2 (paperback).
| |
|
|
|
|
|
|
|