|
Re: ثم جاء بشري الفاضل فانتشل القصة من الرتابة والتكرارية ! (Re: Agab Alfaya)
|
هاء السكت :
ومن القصص التجريبية الناجحة قصة ( هاء السكت ) وهي قصة رمزية تتألف من مجموعة أقاصيص قصيرة تنبني كلها على فكرة واحدة بالرغم من أن لكل أقصوصة موضوعا مختلفا عن غيرها . وهاء السكت أو الوقف أي السكوت معروفة في النحو إلا أن الراوي يقول أن هاء السكت : " مرض يشل قوى التفكير والحيل ويحل في زمن المنعطفات إذ تنتاب المصاب به حيرة لا قبل له بها فيلزم الصمت " .
" مثال ذلك شاب عينوه كاتبا ففرح وتحرك حركة فعينوه باشكاتبا ثم تحرك حركتين فعينوه مديرا للقسم ثم تحرك حركة ذات أبعاد فعينوه مديرا للمصلحة ووعدوه بالوزارة فتحرك حركة عظمى فعينوه وكيلا للوزارة . وقيل له تحرك أكثر تكن وزيرا وجاء يوم أخرج فيه مخزونه الحركي واستعد وتحفز وقبل البدء دهمه قرار من ذوي الشأن فألقي به قرب شباك المعاشات وهناك أصابته هاء السكت فسكت " .
وهكذا فإن كل شخصيات القصة تواجه بأزمات طاحنة ومنعطفات حـادة لا حول ولا قوة لها بمقاومتها فتلوذ بالصمت والانبهات .. والطريف أن الراوي نفسه يصاب في نهاية القصة بهذا الداء العضال . ففي الأقصوصة الأخيرة التي تحمل عنوان ( عدوى ) والتي تتألف من سطر واحد يقول " بينما كان الراوي يتجول في عنابر مرضى هاء السكت أصابته العدوى . وسكت " .
الآن وبعد هذه القراءة لأهم قصص مجموعة ( حكاية البنت التي طارت عصافيرها ) لبشرى الفاضل يمكن القول أننا أمام موهبة قصصية ، تمتلك كل أدوات هذا الفن المراوغ . أكثر من ذلك أن بشرى على وعي تام بطبيعة العلاقة الجدلية بين الخصائص الأسلوبية لفن القصة وبين الوظيفة الاجتماعية لهذا الفن ، لذلك لا عجب أن وفق إلى حد كبير إلى إيجاد معادلة متوازنة بين الافادة والامتناع . " على أن الاغراق في الرمزية " كما يقول الدكتور خالد الكد الذي قدم لهذه المجموعة مع آخرين " من شأنه أن يفسد نكهة المنهج المأسملهوي الذي ربما بلغ فيه شأنا بعيدا إن سلك دربه فيه ونفسه على سجيتها " .
انتهي .
عبد المنعم عجب الفيا
|
|
|
|
|
|
|
|
|