|
Re: بين حجرين - رواية (Re: هشام آدم)
|
_________________________
كانت عينا الريّس تتنقلان برشاقة بين كل شيء يتحرك في العتمة، وكأن حذره ذلك سينقذه من الموت، أو من الموت فجأة. كاد قلبه أن يتوقف عندما قفزت هرّة ووقفت على الجدار من الناحية المطلّة على الشارع، ثم إلى داخل المنزل. عاد إلى وضعيته الأولى بعد أن تنفس الصعداء، إذ أحس في مواء القطة وحركتها داخل المنزل ببعض الونس، مما أشعره بنوع من الطمأنينة.
في الصباح كان الريّس متعجبّاً من كونه قد استأنس بقطة، فضحك على نفسه في سخرية، وهزّ رأسه قبل أن ينهض ليستحم. وأثناء حمامه، أدرك الحلقة المفقودة لحالته تلك. خمّن أن وحدته هي ما تشعره بالخوف، وأن الموت إلى جوار كائنٍ ما قد يكون أقل إلاماً ووحشة. وامتد به تفكيره إلى أنه آخر فرد من عائلة المكاشفي التي قد تنقرض بمجرد موته. لم يكن الريّس ليأبه لمثل ذلك من قبل، ولكن الخوف قد أضاء بصيرته لهذا الأمر. وجعله يفكر. كان تفكيره منحصراً في كونه شخصاً محباً لحياة العزوبية، فهو لا يحب القيود الأسرية والاجتماعية أبداً، كما أنه لم يتخيّل في يومٍ من الأيام أن تشاركه امرأة ما في حياته لتعد عليه أنفاسه وخطواته وتحركاته. عندها تذكر كيف كان يستاء من استجوابات أمه الليلة عندما يعود من النادي. وطريقته الحذرة التي كان يسقط بها مزلاج الباب. وبين نار الوحدة ووحشتها المرعبة، وبين نار الزواج وقيوده ظلّ الريّس يتقلّب حتى غلب خوفه من الوحدة على كل شيء آخر. عندها فقط بدأ يفكر بتلك الإنسانة التي يمكنه أن يرتبط بها. وفجأة نهض فزعاً كأنما لدغته عقرب، وقد أضمر في صدره شيئاً. لم يعرف ما إذا كان قد فكّر جيداً في ذلك، لكنه شعر برغبة قوية في تنفيذ ما خطر له. أحس بأنها القشة التي يجب أن يتعلّق بها حتى وإن كان سيغرق بها بعد ذلك.
توجه مباشرة إلى بيت أبو السيك. لم يعلم أنه نسي حتى أن يرتدي حذاءه، لم ير في طريقه أحداً رغم أن ثمة أصوات اعتيادية تخترق طبلة أذنه الوسطى، وتضيع قبل أن تصل إلى دماغه فيعرفها ويعرف مصدرها. توقف تماماً أمام منزل أبو السيك، وطرق الباب على غير عادته. إذ كان من عادته أن يجر السلك الموصول بلسان الباب من الداخل، ويدخل مباشرةً ، فقد كان الجميع يعتبرونه واحداً من أفراد الأسرة. غير أنه هذه المرة لم يفعل، بل طرق الباب بمنتهى الأدب. تفاجئ أبو السيك عندما وجد الريّس أمامه يقف مطأطئ الرأس، فاحتضنه بقوة.
* والله اشتقنا لي جيّتك يا مان .. والله زمان يا فردة.
بدأ الريّس يرتب أفكاره قبل أن يقول بطريقة ساجعة:
- يا مان .. أنا جاي أتقدم لي أختك إيمان. قلت شنو؟
ازدادت حيرة أبو السيك، ووقف منشدهاً نحو ثانيتين قبل أن يفجّر ضحكة عالية وهو يقول: "طيب مالك بتقولا كدا؟" أمسك بيده وسحبه إلى الداخل. كان يحاول أن يوجد رابطاً منطقياً بين عزلته الأخيرة وبين رغبته المفاجئة بالاقتران بأخته. ربما لم يفكر فيما إذا كانت بالفعل رغبة مفاجئة أم رغبة قديمة لم يعلم بها إلاّ هذه اللحظة. واختفت دهشته وحيرته تلك أمام فرحته بقرار صديقه بكسر العزلة التي كان يفرضها على نفسه، ساعده على ذلك السعادة الغامرة التي رآها في عيني فتحية شبانة وهي تعانقه كما ولو أنها تعانق ابنها تماماً، بينما وقف إبراهيم الصاوي من كرسيه القديم وهو يغمغم "حمد لله على السلامة يا ابني" وكأنه عائد من سفر طويل. كان أبو السيك قرر في سرّه أن والده يقول الحقيقة، وأنه لم يكن يهذي كعادته. بينما وقفت إيمان مبدية ارتياحاً واضحاً وهي تنتظر دورها للسلام عليه. تفاجأ أبو السيك للمرة الثانية عندما وجد تطابقاً من النوع المريح بين الريّس وأخته. وقرر أن ذلك علامة تدعو للتفاؤل.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:31 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:35 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:42 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 05:55 PM |
Re: بين حجرين - رواية | Mohammed Elhaj | 06-26-07, 05:57 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:02 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:05 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:09 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-26-07, 06:17 PM |
Re: بين حجرين - رواية | محمَّد زين الشفيع أحمد | 06-27-07, 05:15 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 07:10 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 08:49 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 09:35 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 09:44 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 10:08 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمد على النقرو | 06-27-07, 10:10 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 10:40 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمَّد زين الشفيع أحمد | 06-27-07, 10:43 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:01 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:14 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:21 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:23 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:27 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-27-07, 01:29 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:24 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:44 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:48 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 06:56 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 08:11 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 08:33 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمَّد زين الشفيع أحمد | 06-28-07, 09:21 AM |
Re: بين حجرين - رواية | محمد جميل أحمد | 06-28-07, 10:15 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 11:43 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 11:27 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 11:47 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-28-07, 12:07 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 08:05 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 08:50 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 09:08 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 09:19 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 10:49 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 11:47 AM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 12:48 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 01:04 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:07 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:11 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:31 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 03:39 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 07:19 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 07:25 PM |
Re: بين حجرين - رواية | هشام آدم | 06-30-07, 07:28 PM |
|
|
|