|
Re: قصة صلب المسيح (Re: هشام آدم)
|
___________________________
قصة صلب المسيح حسب إنجيل مرقس من الإصحاح 14 إلى 16
يؤكد إنجيل مرقس أن رؤساء الكهنة بدؤوا التخطيط للإمساك بيسوع قبل عيد الفصح بيومين، واتفقاهم على أن قتله بعد العيد تفادياً لأي ثورة شعبية ضدهم من أتباعه ومريديه. وكما يؤكد كذلك حادثة المرأة التي سكبت الطيب على رأس يسوع وسعادته عليه السلام بذلك. كما يؤكد كذلك أن الشخص الذي تقاضى أجراً على التدليل على يسوع هو واحد من حواريه الإثني عشر واسمه "يهوذا الاسخريوطي" ولكن مرقس لم يأتِ بذكر الثمن الذي تقاضاه يهوذا على وجه التحديد كما في إنجيل متّى الذي حدّد الثمن بثلاثين عملة فضية. وربما يضيف مرقس بعض التفاصيل غير الهام حول المكان الذي تناول فيه يسوع وحواريه الفِصح في الأول من الفِطر أو الفطير إذ يذكر مرقس أن يسوع قد أرسل اثنين من أصحابه إلى المدينة وأخبرهم أنهم سوف يجدون شخصاً يحمل جرّة ماء ، فطلب منهم إذا وجدوه أن يتبعوه إلى حيث يذهب ، وأن يطلبا منه استضافتهم لتناول الفصح في بيته. وربما وصف يسوع بعضاً من تفاصيل منزل ذلك الرجل.
كما اتفق رواية مرقس مع رواية متّى حول الحديث الذي دار بين يسوع وبين حواريه الاثني عشر في ذلك البيت الذي كانوا يأكلون فيه الفصح، وإخباره لهم بأن أحدهم سوف يسلّمه للوالي ورغم أن نسق النصوص تختلف إلا أن المعنى واحد في الإنجيلين، وفيهما كليهما حدد يسوع أن هذا الشخص سيكون أحد أصحابه الإثني عشر الذين يأكلون معه. ولم يُغفل مرقس ذكر الحادثة المشهور لتقسيم الخبز والشراب من قِبل يسوع وتفريقه على أصحابه. ولا يختلف مرقس كذلك مع متّى في أن المكان الذي توجه إليه يسوع وأصحابه بعد أكل الفِصح هو "جبل الزيتون" والذي قال فيه لأصحابه أنهم سوف ينكرونه في نفس الليلة، وأثبت مرقس كذلك أن بطرس هو من حلف وأغلظ في يمينه بأنه سوف لن ينكره ولو أنكره العالم أجمع بل وإن كان جزاءه أن يموت أو يقتل معه. غير أن رواية مرقس تقول أن يسوع كان يقول له "إنك سوف تنكرني ثلاثاً قبل أن يصيح الديك مرتين" .
تتفق رواية مرقس مع رواية متّى حول اسم القرية "جثسيماني" التي توجه إليها يسوع وأصحابه بعد مكوثهم قليلاً في جبل الزيتون، غير أن مرقس يذكر أن يسوع أخذ معه ثلاثة أشخاص وليس شخصين كما يذكر متّى، ويُحدد مرقس هؤلاء الثلاثة بأنهم "بطرس" و "يعقوب" و "يوحنا" إذاً فإن مرقس ومتّى يتفقان في أن أحد الأشخاص الذين ذهبوا مع يسوع للصلاة هو "بطرس" كما تتفق الروايتان أن جماعة يسوع الثلاثة قد غشاهم النعاس فلم يستطيعوا الصلاة معه، وأنه - أي يسوع – قد أخبر أن هوذا هو من سيسلمه للكهنة. كما تتفق الروايتان كذلك على أن علامة يهوذا للنفر الذين أتوا معه ليمسكوا به هو علامة "التقبيل" غير أن مرقس لو يورد أي حوار دار بين يسوع ويهوذا ذلك الوقت، بينما يذكر متّى أن هنالك حواراً بين يسوع ويهوذا ، حتى أن مرقس لم يذكر الكلام الذي قاله يسوع لأحد أصحابه الثلاثة الذي استل سيفه وقطع به أذن أحد عبيد الكهان وهي الواردة في رواية متّى ""إن كل الذين يأخذون السيف، بالسيف يهلكون" بينما أكتفى مرقس بإيراد الحوار الذي دار بين يسوع وبين النفر الذين جاءوا للقبض عليه. ويُضيف مرقس في رواية قصة الشاب الذي ترك رداءه وولى هارباً عرياناً بعد القبض على يسوع.
ويواصل مرقس روايته إلى حيث وصل يسوع مقتاداً إلى رئيس الكهنة وتوافقت روايته في ذلك مع رواية متّى في أن بطرس قد ذهب خلفهم وانسل إلى بيت رئيس الكهنة ليشهد ما سوف يفعلونه بيسوع وجميع التفاصيل التي وردت في إنجيل متّى من طلب الكهان لشهداء زور ليشهدوا على يسوع. غير أن مرقس يخالف متّى في عدد الشهود الزور ففي حين يخبرنا متّى بأن شهود الزور كان شاهداً واحداً فقط، فإن مرقس يقول بل كانوا أكثر من ذلك ولكن الشهادة كانت واحدة وهو أنهم اتهموه بأنه ادعى نقض هيكل الله وإعادة بناءه في ثلاثة أيام، وفي رواية مرقس يُضيف أنه قال "أنا أنقض هيكل الله المصنوع بالأيادي، وأبني آخر غيره غير مصنوع بالأيادي في ثلاثة أيام" وبينما يذكر متّى أن رئيس الكهنة سأل يسوع "هل أنت ابن الله" وأن يسوع أجاب بجملته المشهورة "أنت قلت" فإن مرقس يذكر أن رئيس الكهان سأله "أأنت المسيح ابن المبارك" وأن إجابة يسوع كانت ب"نعم". وأورد مرقس تفاصيل اتهام بطرس بمعرفته ليسوع وإنكاره له على نسق رواية مرقس وليس على نسق رواية متّى.
واتفقت رواية مرقس مع رواية متّى في كثير من الأشياء بعد ذلك لا سيما عندما أخذوه للوالي بيلاطس وتتفق الروايات في أن بيطلاس استشعر خديعة ما في إصرار الكهنة على قتل يسوع وصلبه ولكنه لم يستطع إلا أن يرضخ لرأي الأغلبية التي طالبت بإطلاق باراباس وقتل يسوع ولكن رواية مرقس لم تذكر أن بيلاطس قد غسل يده أمام الناس ليتبرأ من دم يسوع وربما تكون الاختلافات بين رواية مرقس ومتى طفيفة من ذلك النوع الذي لا يُغيّر في مجمل الرواية بشكل عام. وتذهب رواية مرقس موافقة لرواية متّى في كل تفاصيل التنكيل الذي لقيه يسوع وهم ذاهبون به إلى الأرض التي صلب فيها واتفق مرقس ومتى على أن الشخص الذي كلفوه بحمل الصليب هو سمعان القيرواني، وكما تتفق الروايتان على أن الأرض التي تم صلب المسيح فيها هي موضع اسمه "جلجثة" بضم الجيمين. وفي حين أن متى يذكر أنهم كانوا يحاولون أن يسقوه شراب الخل الممزوج بالممرات فإن مرقس يقول أن الشراب كان خمراً وليس خلاً.
وتذهب رواية مرقس إلى أن الساعة التاسعة كانت هي ساعة صرخ يسوع بقوة وهو يقول "إلهي إلهي لم تركتني" غير أنه يذكر أن يسوع قالها بهذه الطريقة "إلوي إلوي" وليس "إيلي إيلي" كما ذكر متّى ، ولا يعرف إيهما الأصح في تلك اللغة. ويذكر مرقس في روايته أن مريم الأخرى كانت هي مريم أم يعقوب ونفس تفاصيل تسليم يسوع لروحه كانت كما وردت في إنجيل متّى دون تغير يُذكر. ولو لاحظنا فإن مرقس في رواية لم يذكر قصة انتحار مرقس بعد ندمه على تسليم جسد يسوع، وبالتالي فإنه لم يذكر قصة شراء حقل التي سمي بعد ذلك بحقل الدم. وفي رواية مرقس تحليلاً أعمق قليلاً من تحليل متّى لتواجد المريمين المجدلية وأم يعقوب حول قبر يسوع، إذ يذكر أنهن أتين بحنوط ليدهن جسد يسوع وكنّ يفكرن بمن سوف يأتي ليزحزح الحجر التي فوق قبره والذي وضعه يوسف ، وبينما تذكر رواية متّى أن ملاكاً نزل السماء وأزاح الحجر وقصة الحرس الذين رأوا ذلك الملاك ، فإن مرقس يحكي أن الحجر تحرك لوحدة وسط استغراب مريم المجدلية ومريم الأخرى وأنهن عندما دخلن القبر وجدن شاباً وسيماً على حلّة بيضاء وأن هذا الشخص ما كان إلا ملاكاً أخبرهم بأن يسوع قد قام ، وطلب إليهن أن يخبرن تلاميذه ليلحقوا به إلى الجليل حيث موعدهم معه. ويذكر مرقس أن يسوع قد ظهر أولاً لمريم المجدلية وأخرج منها سبعة شياطين، ثم ظهر بهيئة أخرى لاثنين من حواريه وأنه بعد ذلك ظهر عياناً لحواريه الأحد عشر وأنه وبخهم. ونلاحظ في هذه الرواية أن مرقس قد تجاوز عن عمد قصة انتحار يهوذا. وتطابقت رواية فيما تبقى من القصة إلا أنه لم يحدد أن لقاء يسوع مع حواريه كان في الخليل كما ذكر إنجيل متّى
|
|
|
|
|
|
|
|
|