|
Re: يوم حلو ويوم مر (Re: هشام آدم)
|
يوم حلو
( هلال أبو رجيلة )
في ذات شمسٍ يومي .. أقصد في ذات يومٍ مُشمس .. كُنّا جميعنا في انتظار الفرج الذي يأتي على أربع عجلات.. المكان ( اللفّة ) .. الزمان ( الساعة 7:10ص ) كُلنا بعيون معلّقة على المدى البعيد .. كأننا نبحث عن السراب .. ذكرتني تلك الـ( لمّة ) بلمّة رؤية هلال العيد، الفائز من تقع عينه على الهلال أولاً ... ووقعت عيني على هلال ( أبو رجيلة ) قادماً كعروسٍ في ليلة زفافها .. بماذا يُفيد هذا السبق البصري إذا كان الباص نفسه يمشي الهوينة.. وكأنه ينتظر بأن يراه حتى أكثرنا ضُعفاً في بصره!!! .. إذ ذاك عرفتُ أن هناك علاقة طردية حركية بين العين والأرجل .. فكُل من يرى .. يركض .. وكأن المكان خالٍ تماماً من الناس .. ولذا يقع البعض!! فهو ( أقول هو ولكن الصحيح "نحن" ) لا يرى غير ( هلال أبو رجيلة ) وتلك هي اللحظة التي آمنتُ فيها بأن ( فرويد ) لم يكن مُحقاً عندما قال ( تختفي الفوارق الجسدية بين الرجل والمرأة لحظة الممارسة الجنسية ويختفي الـ( ليبيدو ) .... ) لأن غريزة الإشباع ( الرُكّابية ) أعظم وأقوى من غريزة الإشباع الجنسية .. وفي تلك اللحظات فقط تختفي الفوارق الفردية بين الناس وتختفي الفوارق الجسدية.. وأنا رأيت بعيني فتاة كانت تقف بجواري .. نحيلة القامة هزيلة العود .. ناعسة العينين .. يكاد جبينها يسقط على وجهها من شدّة ( المسكنة ) .. وإذا بها ... تسبقني ... تسبقني وأنا من أنا !!!! بل وتدفع بكلتا يديها الرقيقتين ( افتراضياً ) وكأنهما مجداف قارب عتيق المصنوع من خشب البلّوط! وبدأت الجموع تنفر نفرة رجلٍ واحد... الشيوخ والفتيات والصغار والعُتاة .. كلهم بنَفّسٍ واحد .. لا فرق بين هذا وذلك... لا فرق يُذكر ... حتى قِصار القامة كان لهم شأن ذلك اليوم!! ربما أُبالغ في ذلك .. ولكني لا أُبالغ عندما أقول أنني وكثرون أوشكنا على البكاء حسرةً عندما اكتشفنا أن ( هلال أبو رجيلة ) القادم .. كان ممتلئاً أصلاً !!! .. أحسستُ عندها أن سائق ذلك الباص كان سادياً من الدرجة الأولى، إذ لا معنى لتوقفه طالما أن باصهُ ممتلئ من الزجاج إلى الزجاج .. ومن الرتاج إلى الرتاج!!! ومع هذا حاولت - كغيري - تقمّص شخصية القِطط .. واستعارة خاصيتها الانسيابية .. والخاصية الاسموزية ولكن كان مما لا شكّ فيه أن نظرية الإزاحة كانت أقوى من تلك الطرق التحايلية.
وفجأة! .. ولأنني ( فقط بمحض الصُدفة وليس لجدارةٍ مني ) كنتُ أقف على بُعد شبرين من ذلك الشبر المُتاح في باب الباص .. وجدتُ نفسي ( لا إرادياً ) تقودني غريزة المُجازفة .. فرفعتُ قدمي لأضعه على ذلك الشبر الألمنيومي على باب الباص. ولا أدري كيف لم أُفكر أنني قد أسقط في أية لحظة .. لمجرد أن تخار قواي .. علماً بأنني كنتُ أُمسك معصم الباب بيدٍ واحدة ... وأقف على قدمٍ واحدة! عرفت كيف يشعرون!! أولئك الذين فقدوا إحدى أرجلهم في حقول الألغام في ( كاراباخ ) .. وأولئك الذين فقدوا إحدى أيديهم في ( فيتنام )! إنه النضال الشعبي السوداني اليومي! وكنتُ أفرح - كفرحتِ أبي حين بُشّر بي - كلّما توقف هلال أبورجيلة في محطةٍ ما .. لأستجمع قواي الخائرة أصلاً من طول الانتظار .. لا أعرف أحداً ( يتعلّق ) بحبيبةٍ لا تحترم ( مواعيده ) معه مثلي! لا بُدّ أنه الحب من طرفٍ واحد! ...
انطلق هلال أبورجيلة من اللفّة وظلّ مُتمسكاً بقواعد المرور والسلامة من حيث تحديد السرعة حتّى وصلنا ( الشجرة )! وهناك فوجئتُ بجرأة ( الكُمساري ) وصُعقتُ لوقاحته عندما ( طقطق ) لي طالباً ( حقّه ) !!!!!! أيّ حق يا ابن العم؟ يا زول سريع عليك الله مشّينا .... فين شنو يا زول داير شنو؟ أدينا قروشنا؟ قروشك؟ هل قروشك هذه معي أنا؟ ففوجئتُ به يُشير لجيبي وهو ( يُطقطق ) بأصابعه .. القروش الفي جيبي دي قروشي .. مش قروشك! قول ( جيب قروشك مش قروشي ) ... يا زول عليك الله ما دايرين فلسفة كتيرة! أخلص أدينا حقنا. ويبدو أنه كان على حق .. فهلال أبو رجيلة لا ينتظر أحداً ( حتى الكمساري!) فصعدنا سوياً وواصلنا النقاش ..... حسي يا ابني انت داير شنو؟ أنا داير حقي يا مان! حق التزكرة.... خلاص أديني تزكرة! يا زول إنتا داير تركب ملح وله شنو؟ الموضوع رجالة وله كيف يعني؟ .... ( على هامش القصة : عرفتُ مؤخراً أن (الرُجال) في السودان معدومون، فكل شخص هناك يسأل: الموضوع يعني رجالة وله شنو؟ يجد أن الآخر يُجيبه: يا زول ما رجالة .. بس ............... إلخ )
يا ابني قروش بتاعت شنو اللي أنا مفروض أديها ليك؟ .... قروش ركوبك الباص ده! ... ركوبي الباص؟ ليه ؟؟ هوّا أنا راكب أساساً .. أنا مُتشعبط ... ( أزمة مصطلحات ) .. يا زول راكب ولا متشعبط ... المهم أدينا قروش .. في هذه الحالة هُم أهل البلد وهُم أدرى بقيمة الراكب والمُتشعبط ... ولكنني لم أكن أعلم .. ولأنني كُنت نصف مُتشعبط .. ونصف ( راجل على قدمي ) .. ولأنني كنتُ أقف على قدمٍ واحدة .. وأُمسك بيدٍ واحدة .. فقد دفعتُ له نصف القيمة!!!!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-24-05, 12:44 PM |
يوم مر | lana mahdi | 12-24-05, 01:25 PM |
Re: يوم مر | هشام آدم | 12-24-05, 01:38 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-24-05, 01:26 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-24-05, 02:21 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-25-05, 11:20 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-25-05, 11:29 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-25-05, 01:30 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | يوسف السماني يوسف | 12-26-05, 07:34 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-26-05, 10:59 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-26-05, 11:03 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | نهال كرار | 12-26-05, 01:04 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 12-31-05, 09:17 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-01-06, 09:56 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-01-06, 10:04 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-01-06, 01:51 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-01-06, 02:06 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-03-06, 02:30 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-04-06, 12:19 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-04-06, 12:31 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-09-06, 03:45 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-12-06, 04:27 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-13-06, 10:58 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-20-06, 11:10 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-21-06, 09:16 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-22-06, 10:58 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-29-06, 10:37 AM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 01-31-06, 03:50 PM |
Re: يوم حلو ويوم مر | هشام آدم | 02-02-06, 06:48 PM |
|
|
|