|
سودانيزأولاين بين البينين
|
_____________________________
منذ بداياته ظل الإنسان في سعي دائم لإيجاد طرق للتعبير والتواصل مع الآخر، عن طريق اختراع أدوات لهذا التواصل ، وفي مرحلة متقدمة اكتشف الإنسان أن جزء من محاولاته لاختراع هذه الأدوات كانت تحمل في طياتها تمايزاً من نوع خاص ليس فقط لأنه يفصل بين الإنسان والحيوان وحسب، بل لأنه يبوح بشغف الإنسان في التفرّد والإبداع. وما زالت – منذ تلك النقوش التي على الكهوف – وحتى اليوم اللغة في تطور مستمر، وربما كانت أدوات الاتصال والتواصل لغةً من نوعٍ يدخل في هذا التطور.
اللغة واحدة من منتوجات الحضارة بلا شك ، ويمكننا بواسطة اللغة أن نقيس حضارات الشعوب : تقدماً وتخلفاً. لأن اللغة تعكس روح حضارة الشعوب التي تستخدمها.
نظرة واحدة لسودانيزأولاين تكفي لنعرف أين نحن من خارطة الحضارة الافتراضية هذه! ومن قبل طرحنا هنا سؤالاً غاية في الأهمية له علاقة وجودية (لماذا نكتب؟) وتباينت الآراء والأقاويل حول هذا السؤال الشائك المستعصي على الفهم.
لا يمكنني أن أغمض عيني عن الموضوعات المستفزة ، بنفس القدر الذي لا يمكنني فيه غض الطرف عن الموضوعات الجميلة ، لأنهما : السيئ والجميل مستفزان. وطغيان أحدهما على الآخر يفرز استفزازاً آخر يستحيل معه المصادقة على "السكوت" لذا قلنا (سودانيزأونلاين كعبة له أكثر من إله) وقلنا (المتنبي يتحدث) وقلنا (يا بكري قدقد الهنابيك) ولكن يبدو أن تلك الصرخات كانت ضلّت طريقها في وادي الصمت أو الآذان الوقر.
لا يُفترض بنا أن نحلم بعالم مثالي ، خالٍ من التناقضات ، ولكن كيف نعبّر عن هذه التناقضات؟ كيف ندير صراعاتنا القائمة على هذا التناقض؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نحاول إيجاد حلول له قبل أن نفتي بتمثيل المنبر بديلاً للوطن، فاتحين الطريق واسعة أمام تأويلات هذا التمثيل بأن يكون انعكاساً لكل مسارات حياتنا حتى السخيفة منها. وتقع سودانيزأولاين بين مطرقة سخافة الطرح العشوائي ومطرقة صفوية الكتابة. ويظل السؤال الذي نقف في مواجهته دائماً بإطراق: ماذا نريد من هذا المنبر؟
المهندس الحكيم لا يبني المطبخ بجانب الحمام !!
|
|
|
|
|
|
|
|
|