|
تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية
|
تلك الأيام.. حمار بلوحة دبلوماسية
تلك الأيام .. واجهة لبعض ذكرياتى اقتبستها من صحيفة مساء الخير التى كنا نقوم بتحريرها باسم الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم فى سبعينات القرن الماضى.. كانت تلك الايام على قسوتها ايام الدكتاتورية المايوية مليئة بعنفوان الشباب وطموحاته واحلامه بغد مشرق جميل يعج بالحياة والسلام والديمقراطية.. ماذا تبقى من.. تلك الايام؟ واين نحن الآن من.. تلك الايام!! آه من تلك الايام.. اخترت هذا العنوان الجانبى لمقالى هذا من حادثة طريفة لدبلوماسى سودانى فى العهد الزاهر للدبلوماسية السودانية لعقد مقارنات سريعة وخفيفة بين دبلوماسية ماقبل ومابعد الإنقاذ ومن باب التسرية والترويح على القراء خلال شهر رمضان المعظم واستخلاص بعض الدروس والعبر من بعض المواقف والأحداث. وقد اخترت بعض العناوين الخفيفة من وقائع تلك الآحداث والمواقف. قد يتبادر الى ذهن القارىء اننى خصصت هذا المقال للنيل من دبلوماسيى بعينه ووصفه بأنه حمار ولكن الأمر يتعلق بحمار حقيقى امتطاه دبلوماسى سودانى فى دولة أجنبية كوسيلة مواصلات وذهب به الى سفارة بلاده، وترجل عن الحمار وربطه فى شجرة بقرب السفارة ودخل الى مكتبه وسط ذهول سفيره وزملائه من الدبلوماسيين والعاملين بالبعثة.. ولعدم المامى بتفاصيل هذه القصة الطريفة والمضحكة والتى دخلت الى تاريخ الدبلوماسية السودانية خلسة فاننى اترك تفاصيلها للإخوة الدبلوماسيين لتكملتها.. نذر قليل من تلك الواقعة تناهى الى علمى فى تلك السفارة البعيدة وانا بعد فتى غض الإهاب ومن ناشئة السلك الدبلوماسيى كما كان يحلو لبعض قدامى السلك الدبلوماسي ان يطلقوا علينا لإسباغ بعض الأهمية على انفسهم بأقدميتهم وريادتهم..
كان ذلك الدبلوماسي وقتها من ناشئة السلك الدبلوماسى، يسهر معه سفيره كل ليلة بعد عناء يوم عملى طويل ثم يمتطى السفير سيارته ويمضى لحال سبيله وفى الصباح يذهب كل منهم الى السفارة كل بوسيلته الخاصة.. كان الدبلوماسي الصغير يقطع المسافة بين مسكنه ومبنى السفارة مشيا على الاقدام بينما يمر السفير بسيارته وعلم السودان الصغير يرفرف على سيارته.. يراه ماشيا (كدارى) ولا يقف له او يعطيه (لفت).. يصل السفير الى مكتبه ويقف فى باب السفارة منتظرا ذلك الدبلوماسي المسكين على مدخل مبنى السفارة.. ويصل ذلك الدبلوماسي غض الإهاب وقد تغضن وجهه وتكدر وتصبب عرقا.. يصل متأخرا قليلا عن مواعيد العمل .. يعنفه السفير على التأخير.. تكررت المشاهد .. يسهران سويا.. يصل السفير الى مكتبه صباح كل يوم بسيارته فى المواعيد .. لا يقف لذلك الدبلوماسي البائس فى طريقه.. ليصل متأخرا عن مواعيد العمل ليبدأ يومه باستجواب حول اسباب تأخيره.. إلى ان كان ذلك اليوم المشهود.. فى تاريخ الدبلوماسية السودانية.. فكر ذلك الدبلوماسى الصغير وقدر واهتدى الى فكرة جنونية لا تليق بالدبلوماسية التى ارتبطت فى أذهان الناس بالحياة الناعمة من فاخر الثياب وربطات العنق الزاهية والسيارات الفارهة ومالذ وطاب من مأكل ومشرب.. ذهب واشترى حمارا وسرجا وبرذعة (ربما يكون السرج والبرذعة من بنات خيالى).. وامتطى الدبلوماسي حماره.. اطلق دبلوماسي ظريف على ذلك الحمار لقب (حمارسيدس) تيمنا بسيارة المرسيدس.. ومافيش حد احسن من حد.. فى صباح ذلك اليوم المشهود امتطى السفير سيارته والعلم السودانى يرفرف فى مقدمته وامتطى ذلك الدبلوماسي المسكين صهوة حماره ( المعذرة إن كانت الصهوة قاصرة على الحصان فقط).. وصل السفير كالعادة قبل الدبلوماسي المسكين وانتظر مقدمه.. ظهر الدبلوماسي بعد برهة ممتطيا حماره .. لقد وصل قبل مواعيده لأول مرة وذلك بفضل الحمار(سيدس).. ترجل عن صهوة الحمار وربطه بجذع شجرة امام مبنى السفارة واخرج ربطة عنقه من جيبه وربطها بسرعة ودلف الى السفارة.. لا ادرى بقية القصة ولكن الدرس المستفاد من تلك الواقعة ان وزارة الخارجية السودانية امرت كل سفاراتها بنقل اعضاء البعثة بسيارة البعثة من والى مكاتبهم.. وارتاح الحمار.. ولم يذهب بالدبلوماسى كما ذهب بام عمرو!!
كانت تلك السفارة اولى محطات عملى سكرتيرا ثانيا.. وتلك قصة اخرى سأحكيها لكم فى حلقة قادمة..
الآن وبعد اكثر من اربعة عقود من واقعة الدبلوماسي والحمار والتى صارت مثل واقعة الجمل.. نتساءل!! اين يقف الدبلوماسي السودانى الآن وهل هو الآن افضل ام اتعس حالا من ذلك الدبلوماسى الألمعى صاحب الحمار.. فى الحلقات القادمة سنتناول بعض ما حدث للدبلوماسية السودانية قبل وبعد طوفان الإنقاذ.. وقد كثر الحديث فى الآونة الأخيرة عن بطولات دبلوماسية لم نسمع بها من قبل كما تبارى البعض فى نشر الغسيل الدبلوماسي على الملأ.. وعندما يقع الثور تكثر السكاكين.. خاصة بعد ان يعبث الثور بمستودع الخزف…
تلك الآيام!! نورالدين منان واشنطن فى 8 اكتوبر 2005
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Mannan | 10-08-05, 09:46 AM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Ali Alhalawi | 10-08-05, 11:13 AM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Mannan | 10-08-05, 12:17 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | عاطف عمر | 10-08-05, 03:57 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Mannan | 10-08-05, 04:57 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | هشام مدنى | 10-08-05, 05:18 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Sudany Agouz | 10-08-05, 06:05 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Yasir Elsharif | 10-08-05, 06:12 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Sudany Agouz | 10-08-05, 06:18 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Kostawi | 10-08-05, 08:18 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Mannan | 10-08-05, 09:06 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | خالد الأيوبي | 10-08-05, 11:39 PM |
Re: تلك الأيام... حمار بلوحة دبلوماسية | Mannan | 10-10-05, 00:56 AM |
|
|
|