لو كان هذا الكون كونا ميكانيكي كل شئ فيه يمكن معرفته والتنبؤ به، خاليا من إثارة المجهول و النداء الخفي للسفر لعوالم الغموض وفك أسرارها، لمتنا من شدة الملل، وتلك حقيقة يجب أن يكون أول من يعرفها هم الفنانون التشكيليون. لكن لحسن الحظ فالكون ليس كذلك، يشهد على ذلك مبدأ عدم التحديد لهايزنبرج ونظرية الإنفجار الكبير، والسجل الحفري في كوكب الأرض، والحمض النووي لأول بكتيريا ظهرت على كوكب الأرض.
سبق وأن قال الطيب صالح أننا أول من اكتشف الواقعية السحرية قبل غابريل غارسيا ماركيس، ربما كان يقصد نفسه أو يقصد الشعب السوداني فالمعنى واحد، وبحسب حكماء الهنود الحمر فالعالم ينقسم إلى قسمين: عالم التونال Tonalوهو عالم العقل ويبدأ من عقل كل انسان منا والعقل الجماعي لثقافتنا وينتهي بعالم البشر بكامله هو ليس سوى جزيرة كبيرة في المجهول الذي سموه بالناخوال Nagual وأقرب تفسير له بمصطلحاتنا هو عالم الغيب أو العالم الروحاني خارج حدود الزمان والمكان.
هذه الثنائية في العوالم ـ بحسب ساداتنا العارفين حكماء الهنود الحمر المكسيكيون التولتيك ـ تمتد أيضا للإنسان فلكل إنسان نوعان من الانتباه الخاص بوعيه ككائن حي: الانتباه الأيمن وهو الوعي الذي نعيش به في عالم الحياة اليومية، والانتباه الأيسر وهو الانتباه الذي يكون لنا في عالم الأحلام، ويقولون أن الانتباه الأيمن يستهلك كل طاقة الإنسان ولكن إذا تمكن الإنسان من توفير المزيد من الطاقة عن طريق التخلص من الشعور بالأهمية والكبرياء وإزالة كل عيوب نفسه بتقنيات معينة وضعوها لذلك فسيكون بإمكانه أن يصبح واعيا أثناء أحلامه ومتحكما في انتباهه الأيسر، ومن هنا تبدأ مغامرته الكبرى في استكشاف الكون، حيث أن عالم الناخوال هو عالم الانتباه الأيسر... وعلاقة الانسان بعالم الناخوال لديهم مرتبطة بالحيوانات التي هي قد تكون إشارات من عالم الناخوال للإنسان لذلك ارتبط مفهوم الناخوال بالحيوانات. والإنسان الواصل لديهم أي الشيخ بمفهومنا هو الذي يمكنه الدخول في عالم الناخوال والخروج منه، وهو الذي تمكن من التحكم في انتباه الحلم الخاص به لدرجة أن جسده الحلمي يصبح مجسدا تماما كجسده العادي وبذلك فهو إذا نام في مكان يمكنه أن يستيقظ من نومه في مكان آخر على بعد آلاف الأميال من المكان الأول، ويمكنه التواجد في مكانين في وقت واحد أي ما نسميه نحن الأبدال، ولذلك فالشيخ الواصل لديهم يلقب بلقب ناخوال... وللناخوال القدرة على التحول إلى أي نوع من الحيوانات والقدرة على الطيران وعلى مغادرة عالمنا والدخول في عوالم أخرى والاختفاء فجأة من أمام من يشاهدونه. سيكون هذا موضوعا لبوست منفصل إنشاء الله إذا توفر الوقت.
ويؤكد هؤلاء العارفون أن هناك أماكن معينة وأوقات معينة من اليوم يكون هناك فيها شق في الحجاب الفاصل بين العالمين، هذه الأماكن التي فيها شقوق يسمونها أماكن القوة places of power ويمكن لكل إنسان اكتساب القدرة على معرفتها بتقنيات معينة، وإذا كانت المكسيك تعمر بمثل هذه الأماكن فلا عجب أن يكون السودان بكامله مكانا مماثلا خاصة أنه يقع في نفس الحزام الذي تقع فيه المكسيك!
من تواضع هؤلاء الحكماء أنهم أكدوا أن كل الكائنات متساوية تماما وأن على الإنسان أن يتحلى بالتواضع ولا يرى نفسه أفضل منها، لذلك فمن تمارينهم الروحية أن يتكلم الإنسان مع الأشجار ومع الحيوانات.
لاعجب أن كنا نحن وإخوتنا الهنود الحمر نعيش في عالم الواقعية السحرية، لا عالم الخرافات!
ومن هنا فأنا أحيي أصدقائي القطط فهم كائنات سحرية إعجازية مدهشة ومذهلة مثلهم مثل إي كائن وأي شئ آخر في هذا الكون ، فهل من عجب أن غالى فيها قدماء المصريين فألهوها! وياليت ممارسة التحرش بالقطط وضربها تنتهي في السودان، وتتكون جمعيات الرفق بالحيوان التي تعتني بها!
وأدعوك لأن تصبح صديقا للقطط وتحبها بصدق، وتطعم كل قطة جائعة تمر بك أو قط، وتجلس بتواضع وتتكلم معها في كل مرة تقابلها ولا تظن أنها لا تفهمك، وأبق عقلك مفتوحا، عندها ربما تكشف لك القطط أسرارها ذات يوم:
وأهديك هذا الرابط الخاص برسومات الشامان بابلو أمارينغو التي رسمها لمشاهداته للعوالم الأخرى:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست