|
عندما تعانق الأشواق جيد الوطن
|
بسم الله الرحمن الرحيم "زورق الحقيقة" عندما تعانق الأشواق جيد الوطن أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم [email protected] ركبت الناقة القطرية متوجها تلقاء وطني، دخلت خيمتي ونصبت اوتادها، وضعت حاجياتي في الأعلى وتعجبت كيف تطاول الأعراب في عنان السماء، من الناقة إلى الطائرة ونفس الكرم. تأتيك المضيفات من كل صوب يحملن ما لذ وطاب حلالاً وحراما. كل و احدة منهن غزال شاردة حيث لا ترى مأكمة يضيق الباب عنها على ايام الشعر الجاهلي، بل تضييق البطن وتظن انهن يقدمن الطعام للضيوف ولا يأكلن والنحافة هي عنوان المضيفة. سافر المساء وأرخى الليل سدوله وتذكرت ليل وطني وكان الليل طويلا كليل المتنبي عندما انتابته الحمى وأرخى عليه الليل ظلامه بأنواع الهموم، جلست إحداهن في المقعد المخصص لهن في ساعة هبوط وصعود الطائرة، وبدأت تسائلني عن أوباما وفرصته في الفوز وعن السودان وأحواله وعن رحلتي، وسائلتها عن عملها فهو عمل شاق وتسافر المضيفة في هذه الرحلة الطويلة ما بين الدوحة وواشنطن أربعة مرات في بحر اسبوع بالإضافة لرحلات أخر. وصلت بلدي وعانقت أشواقي جيد الوطن فحضنته بكلتا يدي مشاعري حتى تقطع عقده وسقطت فصوص الطوق، نزلت من الطائرة وجاء الهواء الحار فاستنشقته منتشياً فهو افضل لي من أي هواء في ربيع البلدان الأخرى، وغشيتني كتاحة لطيفة ذكرتني كل السنوات الخوالي. فكتاحة الوطن أجمل من كل الجليد ومن كل المطر المنهمر في الدول الأخرى. وصلت إلى الضابط المسئول لكي يأذن لي بالدخول إلى وطني وكان وجه مكفهراً وكأنك تقف امام جلاد وقلت لماذا لا نعلم هؤلاء اصول مثل هذه المهن وكيفية التعامل مع المواطنين بابتسامة عريضة وبترحاب كما يحدث في البلدان الغربية. دخلت إلى داخل الصالة لاستلم العفش حيث كانت الفوضى، جلس شاب بالقرب مني واخرج علبة سجائر واشعل سيجارة وبدأ يدخن ولم اتذكر آخر مرة استنشقت فيه رائحة السجائر وذلك لأنه ممنوع في كل الاماكن العامة في أمريكا وداخل المباني حتى المطاعم ولا ادري لماذا يسمح بالتدخين في مثل هذه المناطق مثل صالات المطارات. أول ما لفت نظري المباني الكثيرة وتدخل اي حي من احياء الخرطوم فتجد مئات العمارات الجديدة وكميات كبيرة من الشركات الجديدة ولا ادري من اين اتت كل هذه الأموال، وعندما تذهب لضواحي اطراف مدينة امدرمان حيث تجد الفقر هو عنوان الحي، ترى الجوع في عيون السابلة، فالفوارق مذهلة ما بين الثراء الفاحش والفقر المدقع إنها ظاهرة غريبة وقريبة في السودان حيث لم تكن الفوارق في الماضي بهذا الحجم. وجدت نفسي غريباً في وطني لم اتعرف على الخرطوم القديمة، وجدت خرطوم جديدة فتجولت في شوارعها وركبت "الأمجاد" والركشة وقلت اتعرف على الناس وهمومهم وفيما يفكرون، دخلت على محل لبيع العاب الأطفال ويمتلكه احد الأقباط والمحل مليء بكل انواع الألعاب ومن كل العالم وبه عدد من البائعات المدربات وتأتيك الواحدة باتسامة عريضة ترغب في أن تنزع ما في جيبك ويبدو أن المحل تجربة ناجحة في معاملة الزبائن وهناك استعانة بآخر تجربة خدمة الزبائن وبالفعل استطاعت البائعة أن تنزع بعض من جنيهات لشراء شيء ما ارغب في تقديمه هدية لإبنة أخى. عرجت بعدها على مقهى أزون الشهير فاعجبت بالمكان حيث يأتيك "الدعاش" الصناعي يمنة ويسرى ومن عل وهو تجربة ناجحة ويمتليء المحل بالزبائن الأجانب القادمين و"الأجانب" في وطنهم. حيث ترى الناس سكارى بنشوة المحل وبالهواء وبالهوى يتناجون مع بعضهم البعض وآخرون وجوههم عليها غبرة ومدلهمة، جلس شاب وشابة قبالتي ويتحدث الشاب بعنف وتبكي الفتاة وتسيل الدموع على وجنتيها وقد رأيت أثار الحناء علي بنانها وبعدها غادرت بدموعها ويبدو انهم عرسان اختلفوا في ايامهم الأولى. التقيت بصديقي القديم صديق حسن مساعد وقد أصبح نائباً برلمانياً واكمل الماجستير ويحضر للدكتوراة في تاريخ المهدية، وما زال ناشطاً في السياسية وفي الكتابة وتسامرنا وسألته عن الأخ صلاح عووضة فقال لي إن مبنى صحيفة أجراس الحرية قريب من هنا واتصل عليه ورحب بالحضور وكنت اتعامل مع الأخ صلاح إبان رئاسته تحرير صحيفة صوت الأمة فنشر كل المقالات التي ارسلتها له بدون تردد في ذاك الحين. أيضاً وجدنا صديق قديم جمعتنا به ايام اسمرا ألا وهو الأخ الصديق فائز الشيخ السليك، فهو شخص صبور عرفته عن قرب في ظروف غاية في الصعوبة فكان يتغلب على كل ذلك بابتسامة صابرة عريضة وكنا نتسامر ونتفاكر في قضايا الوطن وبعدها اصبح مراسل لصحيفة الحياة في أسمرا إلى أن عاد. اتفقت معهم أن اكتب مساحة اسبوعية في الصحيفة وسوف اواصل الكتابة تحت عنوان "زورق الحقيقة" بعد أن توقفت صحيفة صوت الأمة. آليت على نفسي دائماً في "زورق الحقيقة" بأن تكون الحقيقة هي زورقي الذي اركبه في كل الظروف وعلنا نعبر به إلى ضفة دولة العدل والديمقراطية الأخرى. فالوطن يمر بمشاكل كثيرة وأحزاب الوطن تنتابها حالة مخاض يحتاج من كل صاحب عقل و بصيرة بأن يكتب ملء ضميره وملء الوطن. فالكتابة ليست رص حروف بل مسئولية كبيرة وسوف نكتب بما عاهدنا عليه انفسنا واهلينا بأن نكون المعبر عنهم وعن أحوالهم فسوف نمخر بزورق الحقيقة عبر أجراس الحرية، تلك الصحيفة التي ولدت عملاقة والتحية للأخ رئيس التحرير د. مرتضى الغالي وكل الطاقم الذي يعمل معه ليل نهار من أجل أن تقرع "أجراس الحرية" لمن لا يسمعون من أجل أن يسمعوا صوت الشعب الذي صموا إذانهم عنه طويلا.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-21-08, 05:29 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-21-08, 07:11 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-21-08, 09:36 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-21-08, 09:43 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | عمر دفع الله | 11-21-08, 10:40 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-22-08, 02:05 AM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-22-08, 02:33 AM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوعسل السيد احمد | 11-22-08, 04:12 AM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-22-08, 03:54 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ناهد بشير الطيب | 11-22-08, 04:06 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-22-08, 05:10 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ناهد بشير الطيب | 11-22-08, 05:34 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-22-08, 07:03 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-23-08, 04:44 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | مدثر محمد عمر | 11-23-08, 09:22 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | Abdlaziz Eisa | 11-24-08, 05:32 AM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-24-08, 02:39 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | منوت | 11-24-08, 07:25 PM |
Re: عندما تعانق الأشواق جيد الوطن | ابوهريرة زين العابدين | 11-24-08, 10:05 PM |
|
|
|