فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ!

حفل خيري بالنادي السوداني – Hayward, CA لدعم السودانيين بالمعسكرات والتكايا
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-13-2025, 10:25 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2008, 05:00 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ!

    Quote: فرانسيس فوكوياما
    من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


    يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما كاتب ومفكر أمريكي الجنسية من أصول يابانية ولد في مدينة شيكاغو الأمريكية عام 1952 م من كتبه كتاب (نهاية التاريخ والإنسان الأخير) و(الانهيار أو التصدع العظيم).
    فهرس
    [إخفاء]

    * 1 حياته
    * 2 بداية الشهرة
    * 3 علاقته بالمحافظين الجدد
    * 4 من كتبه
    * 5 انظر أيضاً

    [عدل] حياته

    ويعتبر الرجل من أهم الفلاسفة والمفكرين الأميركيين المعاصرين، فضلا عن كونه أستاذا للاقتصاد السياسي الدولي ومديرا لبرنامج التنمية الدولية بجامعة جونز هوبكنز.

    تخرج فوكوياما من قسم الدراسات الكلاسيكية بجامعة كورنيل، حيث درس الفلسفة السياسية على يد ألن بلووم Allen Bloom ، بينما حصل على الدكتوراه من جامعة هافارد حيث تخصص في العلوم السياسية.

    عمل بوظائف عديدة أكسبته الكثير من الخبرة والثقافة، فقد عمل مستشارا في وزارة الخارجية الأمريكية كما عمل بالتدريس الجامعي.

    [عدل] بداية الشهرة

    في عام 1989 كان قراء دورية ناشونال انترست National Interest على موعد مع مقالة حفرت حروفها في تاريخ النظريات السياسية الحديثة ، عندما كتب فرانسيس فوكوياما تحت عنوان " نهاية التاريخ" قائلا إن نهاية تاريخ الاضهاد والنظم الشمولية قد ولى وانتهى إلى دون رجعة مع انتهاء الحرب الباردة وهدم سور برلين ، لتحل محله الليبرالية وقيم الديمقراطية الغربية. وقد أضاف وشرح فوكوياما نظريته المثيرة للجدل في كتاب أصدره عام 1992 بعنوان " نهاية التاريخ والإنسان الأخير"

    وقد قصد فوكوياما أن يعارض فكرة نهاية التاريخ في نظرية كارل ماركس الشهيرة "المادية التاريخية" ، والتي اعتبر فيها أن نهاية تاريخ الاضهاد الانساني سينتهي عندما تزول الفروق بين الطبقات. كما تأثر فوكوياما في بناء نظريته بأراء الفيلسوف الشهير هيغل واستاذه الفيلسوف ألن بلوم، حيث ربط كلاهما بين نهاية تاريخ الاضهاد الانساني واستقرار نظام السوق الحرة في الديمقراطيات الغربية.

    [عدل] علاقته بالمحافظين الجدد

    لفترة طويلة اعتبر فرانسيس فوكوياما واحدا من منظري المحافظين الجدد Neoconservatives ، حيث أسس هو ومجموعة من هؤلاء في عام 1993 مركزا للبحوث عرف آنذاك بمشروع القرن الأميركي ، وقد دعا هو ورفاقه الرئيس الأأميركي السابق بيل كلينتون إلى ضرورة التخلص من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وقد وقع على خطاب مماثل وجه إلى الرئيس بوش في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، حتى وإن لم توجد ما يربط نظام صدام بمنفذي الهجمات. وكان فوكوياما خلال تلك الفترة مؤمنا بضرورة التخلص من الأنظمة الاستبدادية بالقوة خاصة في حالة الشرق الأوسط.

    طرأت تحولات على مواقف وقناعات فوكوياما في نهاية عام 2003، حين تراجع عن دعمه لغزو العراق، ودعا إلى استقالة وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت دونالد رامسفيلد. وأعلن عن احتمال تصوبته ضد الرئيس بوش في انتخابات الرئاسة عام 2004، معتبرا أن الرئيس الأميركي قد ارتكب أخطاء رئيسية ثلاثة ، هي: أولا، المبالغة في تصوير خطر التشدد الإسلامي على الولايات المتحدة. ثانيا، إساءة تقدير إدارة بوش لردود الفعل السلبية وازدياد مشاعر العداء للولايات المتحدة في العالم. ثالثا، التفاؤل الزائد في إمكانية إحضار السلم إلى العراق من خلال الترويج لقيم الثقافة الغربية في العراق والشرق الاوسط بصورة عامة.

    وقد عبر فوكوياما في مقالاته ومؤلفاته في السنوات الأخيرة عن قناعته بأن على الولايات المتحدة أن تستخدم القوة في ترويجها للديمقراطية، ولكن بالتوازي مع ما دبلوماسية ما اطلق عليه نموذج نيلسون الواقعي. حيث اعتبر إن استخدام القوة يجب أن يكون أخر الخيارات التي يتم اللجوء إليها ، وكنه ألمح إلى أن هذه الاستراتيجية تحتاج المزيد من الصبر والوقت. واعتبر أن التركيز على إصلاح التعليم ودعم مشاريع التنمية يمنحان سياسة الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية أبعادا شرعية.

    وقد تخلى فرانسيس فوكوياما صراحة عن ولائه وانتمائه لأفكار المحافظين الجدد في مقال نشرته المجلة التابعة لصحيفة نيويورك تايمز في عام 2006 مقارنا حركة المحافظين الجدد باللينينية. ونفى فوكوياما أن تكون الحرب العسكرية هي الإجابة الصحيحة على الحرب على الإرهاب. وأضاف أن معركة كسب عقول وقلوب المسلمين حول العالم هي المعركة الحقيقة.

    مواهب وهويات بعيدا عن السياسة والاكاديمية، وبعيدا عن صداقته الطويلة لسكوتر ليبي المدير السابق لنائب الرئيس الأميركي والذي أدين مؤخرا بالكذب، فإن فوكوياما يهوى التصوير والاثاث التقليدي الذي يصنع بعض قطعه بيده. وهو متزوج من السيدة لورا هولمغرن Laura Holmgren ، ولديه ثلاثة أطفال.

    [عدل] من كتبه

    * نهاية التاريخ والإنسان الأخير- الصادر في عام 1989.
    * الانهيار أو التصدع العظيم – الذي يبحث في الفطرة الإنسانية و أعاده تشكيل النظام الاجتماعي.
    * الثقة.
                  

10-01-2008, 05:05 PM

فرح
<aفرح
تاريخ التسجيل: 03-20-2004
مجموع المشاركات: 3033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    ,
                  

10-01-2008, 05:06 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    Quote:
    يقول فوكوياما في أن فكرة هذا الكتاب ترجع إلى مقالة له حمل نفس العنوان "نهاية التاريخ" كان قد كتبه في صيف عام 1989، عالج فيه التوافق الكامن في النظام "الرأسمالي الليبرالي" كنظام حكم بدأ يزحف على بقية أجزاء العالم في الآونة الأخيرة، وكيف تأكد هذا بانتصاراته المتتالية على الأيديولوجيات الأخرى كالملكية الوراثية، والفاشية، وأخيراً الشيوعية.

    كما طرح في نفس المقال فكرة مؤداها أن نفس هذا النظام "الرأسمالي الليبرالي" لربما شكّل المرحلة النهائية في التطور العقائدي للجنس البشري وبالتالي يصبح هو نظام الحكم الأمثل، وبمعنى آخر فإن الوصول إلى هذا النظام هو "نهاية التاريخ". وقد أثار هذا المقال العديد من التعليقات والمناقشات في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم في دول أخرى كفرنسا وإنجلترا وإيطاليا والاتحاد السوفييتي وغيرها، وقد تأكد لفوكاياما من متابعته لهذه التعليقات والانتقادات أن أغلبها قام على أنه "حدث يحدث" جعل الكثيرين يحاولون إثبات خطأ الفكرة التي طرحها بسبب تتالي الأحداث التي اعتبروها أحداثاً تاريخية كسقوط حائط برلين وغزو العراق للكويت وغيرها، وانتهوا إلى أن التاريخ مستمر ولم ينته، كما نظّر هو.

    ويتابع فوكوياما إلى أن ما طرحه لم يكن المقصود به توقف استمرارية تواتر الأحداث، حتى الضخم أو المروّع منها، وإنما توقف التاريخ، التاريخ كما هو مفهوم لديه ولدى الكثيرين غيره من أنه تجربة بشرية تتطور بشكل متصل ومتماسك، وهو يعتقد أن هذا المفهوم يتطابق إلى حد كبير مع منظور الفيلسوف الألماني "هيجل" للتاريخ، والذي تحول إلى جزء من حياة البشر عندما استعاره كارل ماركس من هيجل. فالحياة ستستمر تفجر الأحداث سواء أكانت هامة أم غير هامة، وستستمر من ميلاد إلى موت، وسيستمر تفجر الأحداث سواء أكانت هامة أم غير هامة، وستستمر الجرائد في الإطلال كل يوم وستستمر نشرات الأخبار اليومية، لكن الاختلاف الوحيد، والقول أيضاً لصاحب الكتاب، لن يكون هناك أي تقدم أو تطور بعد اليوم فيما يتعلق بالمبادئ والعقائد والمؤسسات.

    وأما هدفه من هذا الكتاب فهو إعادة طرح السؤال القديم مجدداً وهو: هل يقود التطور التاريخي المضطرد الغالبية العظمى من البشر نحو النظام الرأسمالي الليبرالي؟ والإجابة التي تمكن فوكوياما من التوصل إليها هي... نعم. ولا ننسى أنه وعند استعراضه للحركة التاريخية التي شهدت أيديولوجيات مختلفة تنامت ثم بهت نجمها يصل، كما ينظر، إلى الأصولية الإسلامية التي لم يحكم عليها بالسقوط ولكنه استشف مستقبلها بحيث يتوافق إلى ما انتهى إليه جوابه... بنعم.

    الناشر:
    هذا الكتاب هو احتفال بموت كارل ماركس، وليس احتفالاً بسقوط ليني أو ستالين أو خروشوف أو جورباتشوف، وحتى لو بقيت بعض الأسماء تقاوم مثل فيدل كاسترو ولي بنجد وكيم إيل سونج، إلا أنها لا تحمل قيمة في حد ذاتها عبر خضم تاريخ الفكر السياسي، فالأسماء الخالدة هي أسماء أصحاب النظريات سواءً أكانت ناجحة أم فاشلة. إنه ببساطة احتفال بانهيار الفكر الشيوعي وليس انهياراً للاتحاد السوفيتي.

    وفكرة فوكوياما-التي يعرضها هذا الكتاب-بسيطة، فالديموقراطية الليبرالية قد انتصرت، وانتصر الغرب معها، فلا جديد بعد الآن بالنسبة للأمريكيين والأوروبيين، فالجديد قد حدث وانتهى بانهيار-الماركسية الصينية، وتفكك الاتحاد السوفييتي، واعتماد الديكتاتوريات العقائدية السابقة للنظام الحرّ، وبالتالي فقد أقفل باب التاريخ.

    إلا أن فوكوياما يضيف أن الأصولية الإسلامية هي أحدث تحدٍّ فكري سياسي للنظام الليبرالي، لكنه تنبأ لها بالفشل الذريع حيث-في رأيه-العودة للقديم هي عجز عن التآلف وهضم الحديث.

    هل هي عودة إلى الفكر الشمولي الذي يجمد التطور الإنساني في قوالب موضوعة سلفاً؟ هل مات الفكر الشيوعي حقاً؟ هل تم وأج الحركة الأصولية الإسلامية كتحدٍّ فكري في مواجهة القيم والثقافات الغربية؟ هل انتهى التاريخ فعلاً؟ هذا ما يجيبنا عنه فوكوياما في كتابه هذا: نهاية التاريخ.
                  

10-01-2008, 05:25 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    Quote:
    فوكوياما من نهاية التاريخ..

    إلى مفترق الطرق الأمريكي!!

    فخر الدين فياض

    كاتب وصحفي سوري

    بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كتب المفكر الأمريكي فرنسيس فوكوياما مؤلفه الشهير (نهاية التاريخ).. الكتاب الذي أثار آلاف السجالات السياسية والفكرية في جميع أنحاء العالم.. ولا أعتقد أن كتاباً أخذ شهرة (نهاية التاريخ) في العقود الثلاثة الماضية.

    فوكوياما اعتبر أن الإنسان الليبرالي قد انتصر أخيراً على جميع منافسيه.. فلقد هزم الأنظمة القومية والنظام النازي والفاشستي وأخيراً النظام السوفيتي.

    من يقرأ نهاية التاريخ يلمس مشاعر الفرح والانتصار بين سطوره.. وقد لا يختلف المرء مع فوكوياما من حيث أن الإنسان الحر الديمقراطي المؤمن بحقوق الإنسان والسلام العالمي هو الذي سينتصر أخيراً.

    بدورهم المحافظون الجدد استندوا على (نهاية التاريخ) وكأنه يتحدث عنهم، أو عن نمط الحياة الأمريكية، وحولوا الكتاب إلى (إنجيل) يحاولون السير على هُداه في شعاراتهم المتعلقة بنشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب.

    فوكوياما، بعد خمسة عشر عاماً، يفاجئ العالم بكتاب آخر لا يقل أهمية عن كتابه الشهير وهو بعنوان (أمريكا في مفترق طرق: القوة والسياسات ومواريث المحافظين الجدد) لكنه هذه المرة يعكس مشاعر مختلفة لدى النخبة الفكرية والسياسية في أمريكا: القلق والانزعاج من سياسات إدارة بوش الطائشة، مترافق مع الخوف على المشروع الكوني الأمريكي.

    لاشك أن بين الكتابين قد حصلت تطورات كثيرة في العالم، كانت السبب وراء اختلاف المشاعر التي عبر عنها الكتابان، أهم تلك التطورات التي تحدث عنها فوكوياما في كتابه الأخير هي انفرادية أمريكا في القرار الدولي وغطرستها بشكل غير مسبوق في العالم، مما أثار المزيد من مشاعر الكراهية العالمية للدور الأمريكي، خصوصاً بعد الغزو الكارثي للعراق والمأزق الذي تسببت إدارة بوش في خلقه، فلا هي قادرة على الانتصار في بلاد الرافدين ولا هي مستعدة للاعتراف بهزيمتها والانسحاب.

    التطور الآخر، هو الصعود الواسع للأصوليات المتطرفة، ويقسّم فوكوياما هذه الأصوليات إلى نوعين، أولهما الأصولية الإسلامية الطالبانية بزعامة بن لادن وأتباعه، والثانية الأصولية الإنجيلية الجديدة بزعامة المحافظين الجدد في أمريكا، والحرب بين الأصوليتين هي حرب كسر عظم، وحرب مفتوحة غير قابلة للتوقف ما لم ينهزم أحد الطرفين.

    المشكلة أن كلا الأصوليتين تعتبر نفسها أنها تخوض حرباً (رسالية) وبتكليف إلهي، فكما يزعم بن لادن أن حربه جهادية ضد بلاد الكفر، كذلك جورج بوش يؤمن بأنه (أداة الله الذاتية) ولا يمل من تكرار مقولة أن (اليد الإلهية هي التي أوصلتنا إلى حيث نوجد).

    بالطبع لا داع للتذكير أن حرب بوش ضد العراق قد حوّلت الأخير إلى كيان مفكك فعلياً، وإلى مرتع للإرهاب الأصولي، وأيقظت فتنة مذهبية وعرقية لا يعلم إلا الله متى تعود إلى كهفها المظلم.

    فوكوياما عبّر في أكثر من مقال سابقاً، أن الإنسان الليبرالي الذي انتصر مرة واحدة وإلى الأبد، هو الإنسان الأوربي ابن الحضارة الليبرالية العريقة المبنية على جدل القانون والحرية وحقوق الإنسان، وليس الإنسان الأمريكي الذي يعيش عُصاب الهيمنة والغطرسة والسيطرة على العالم، وتعلو صيحته اليوم –بعد غزو العراق- إلى عودة جنوده إلى ثكناتهم وإلى عزلة أمريكا داخل حدودها الوطنية.

    فوكوياما تحدث مطولاً عن المستنقع العراقي الذي تورط فيه الجيش الأمريكي، وذكّر أنه كتب في عام 2002 عدة مقالات يحذر فيها إدارة بوش من المغامرة في بلاد الرافدين وغزوها، وأثبت التاريخ صحة رؤيته.. لكن أسباب التورط الأمريكي، فيما ذهب إليه فوكوياما، تتعلق بتوازنات دولية وشرق أوسطية في آن، والأهم أن الحرب الأهلية في العراق والدور الإيراني والسوري هما اللذان أفشلا المشروع الأمريكي في العراق.

    ولكن.. هناك ما غاب عن فوكوياما!!

    ما سقط من تحليل فوكوياما هو مقولة المقاومة.. والمقاومة الوطنية ليست فصائل مسلحة فحسب، وإنما تبدأ من نظرة طفل عراقي يرى في الاحتلال كائناً غريباً تسلط على نخيل آبائه وأجداده واستباح مياه فراته، وعاث فساداً في دجلة الخير حيث تعلم بين ضفتيه السباحة في آفاق الوطن.

    ما سقط من تحليل فوكوياما هو إرادة شعبية عراقية طامحة نحو استعادة كرامتها الوطنية وسيادة ترابها وقرارها واستعادة هيبتها الإقليمية والدولية.

    إرادة كانت موجودة بالقوة زمن الطاغية وما زالت، لكنها لم تتحول إلى فعل.. حتى الآن

    ما سقط من تحليل فوكوياما هو عراقية ترضع وليدها كرامة الوطن والتاريخ والطموح نحو بلاد تسودها الحرية والعدالة رغماً عن الطغاة والغلاة والغزاة.

                  

10-01-2008, 05:32 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    Quote: المحور الأول: هيجل و ماركس في فوكوياما:

    فكرة نهاية التاريخ لم تعد موضوع مسائلة فلسفية و إنما أصبح موضوعا ثقافيا سياسيا طبعا الفكر العالمي الحديث بناءا على التقلبات التاريخية و الثورات السياسية و الاجتماعية التي عرفها العالم , فقصة نهاية التاريخ حكاية رددها الكثير من الفلاسفة عبر التاريخ و اتخذت أوجه و اتجاهات مختلفة.
    فما هي أهم الأطروحات التي قالت بنهاية التاريخ قبل فوكوياما؟
    و ما هي الأسس الفلسفية و التاريخية التي اعتمدت عليها هذه الأطروحات ؟
    هيجل و نهاية التاريخ

    ولد جورج ويليام فريدريك هيجل و هو فيلسوف ألماني، في ستوتجارت في 27 أغسطس سنة 1770 من عائلة روسية تنتمي إلي البرجوازية الصغيرة ، كان والده موظفا في الدولة البروسية, و قد درس في كلية لاهوتية, و كان مؤهلا لكي يصبح رجل دين، و هناك درس التاريخ و اللغة الألمانية والرياضيات.
    و قد تميز عصر هيجل بأنه كان مرحلة انتقالية في الفكر الأوربي بين مرحلتين متناقضتين, و هما المرحلة الكلاسيكية الرومانسية المتشبعة بالعاطفة والخيال , ومرحلة بزوغ الإيمان بالعقل والتنوير العقلي والسير نحو المعرفة العقلية العملية ، فهو كما تأثر بالدراسة اللاهوتية كان أيضا قد بدأ يستشعر رياح ونفحات الثورة الفرنسية التي لم تكن سوى نتاج لفلسفة عصر الأنوار .
    وجود هذه المتناقضات في حياة هيجل هو ما يفسر فلسفته الجدلية التي جمعت بين المتناقضات والمتضادات والتقابلات, فقد تميز نسقه الجدلي بالتوحيد بين النقيضين في إطار وحدة جديدة تتضمن مزاياهما معا و التي سماها ب 'الفكرة المطلقة'.
    إن أهم الكتب التي تناولت مفهوم التاريخ ودراسته من وجهة نظر فلسفية عند هيجل هو كتاب " محاضرات في فلسفة التاريخ " وهو ما يلخص النسق الهيجلي في فلسفة التاريخ .
    يعرف هيجل فلسفة التاريخ بأنها لا تعني شيئا أخر سوى دراسة التاريخ من خلال الفكر. فهو جوهر الإنسان والعنصر الملازم للمعرفة والحقيقة ، إلا أن ما يميز الفكر في التاريخ هو كونه تابع لمعطى ، فهو يتحدد تبعا للحقائق والوقائع المجردة في الحقيقة، وإذا كان هيجل يرى أن مسار الفلسفة ومسار التاريخ هما مساران متعارضان ,على اعتبار أن مسار التاريخ مسار خطي لا يحتمل التأويل ، بل يعتمد على سرد الأحداث ونقلها من طرف المؤرخ, بينما تختلف نظرة الفيلسوف للتاريخ ، فنظرة الفكر هي نظرة تأويليه ،فعند امتزاج الفكر بالتاريخ المعطى يفرض ذلك على الفيلسوف إقحام فكرة طاغية يفسر بها التاريخ على غير طريقة المؤرخ وهذا هو الشيء الذي يخلق التعارض بين مسار كل من التاريخ والفلسفة.
    وقد ميز هيجل في دراسته للتاريخ بين ثلاثة أنواع أساسية من التاريخ : التاريخ الأصلي ، التاريخ النظري والتاريخ الفلسفي.
    فالتاريخ الأصلي هو التاريخ الذي كتبه المؤرخ ويسرد فيه أصل الأحداث والوقائع وينقلها كما رآها تحدث أمامه أو كما سمعها عند الآخرين ، إلا أن المؤرخ وهو يروي الأحداث والوقائع التاريخية فهو ينقلها من العالم الواقعي إلى عالم التصور العقلي ، أي أنه يقوم بنقلها من إطارها الخاص إلى إطار تصوري عقلي انطلاقا من تصوره لهذه الأحداث ، والأصل في هذا النوع من التاريخ حسب هيجل هو التاريخ المكتوب لا المنقول عبر الذاكرة ،و أهم مميز لهذا النوع من التاريخ حسب هيجل, هو تطبعه بروح العصر التي تطغى على المؤرخ من خلال سرده للأحداث التي عاشها هو نفسه.
    أما النوع الثاني من التاريخ هو التاريخ النظري أو التاريخ التأهيلي و هو يختلف عن التاريخ الأصلي لكونه يتجرد من عنصر الزمان ، فهو يتجسد في قدرة المؤرخ على القفز فوق حواجز الزمن لحقبة لم يعيشها و أحداث لم يراها, كأن يؤرخ عالم في الألفية الثالثة لأحداث العصور الوسطى أو حضارة ما بين النهرين . وهذا النوع من التاريخ هو تاريخ برجماتي نفعي يسعى إلى البحث في تجارب الماضي واستخلاص العبر و الدروس منه من أجل تفادي أخطائه وهفواته ، فهو يعتمد على تحليل ومقارنة جميع الروايات ونقدها وفحص مدى مصداقيتها ومعقوليتها.
    أما النوع الأخير والأهم حسب هيجل , هو التاريخ الفلسفي وهو الذي تهتم به الفلسفة باعتباره تاريخ للإنسان وليس أي مخلوق آخر، الإنسان الذي يميزه العقل والروح والوعي،هذا الأخير الذي يعتبر حسب هيجل نقطة البداية بالنسبة للتاريخ ، فلا تاريخ إلا تاريخ الوعي.
    وأهم فكرة تأتي بها فلسفة التاريخ حسب هيجل هي أن العقل يسيطر على العالم ، وأن العقل هو جوهر التاريخ ، فالعقل هو الذي يحكم التاريخ ، فالتاريخ عنده ليس هو الرصد الميت للأحداث و استخلاص العبر وإنما هو التاريخ الذي يهيمن على الوقائع ويصوغها في منطقها الداخلي من خلال تفاعل الشخصيات التاريخية الذي يبلوره المنطق الداخلي للتاريخ، حيث يقوم التاريخ بتفسير الوقائع والأحداث واستخراج القوانين والتنبؤات للمستقبل بغض النظر عن زمن معين ، وهذا ما يسميه هيجل العقل في التاريخ.
    وتعتمد دراسته لفلسفة التاريخ على دراسته لتطور المجتمع الإنساني و ذلك من خلال أطروحة أساسية عند هيجل و هي 'الصراع من اجل الاعتراف ' أو ما يمكن أن نسميه في فلسفة هيجل علاقة السيد بالعبد وينطلق في تفسير الجدلية في التاريخ عنده من أن الإنسان شأنه في ذلك شأن الحيوانات لديه احتياجات طبيعية و فطرية ,و رغبته في أشياء خارجة عنه كالطعام، و الشراب و المأوى بل اكثر من ذلك إلى حماية جسده و نفسه ,إلا أن الإنسان يتميز عن باقي الحيوانات بأن له تطلعات أكبر و أقوى و التي تتجسد في رغبته الأسمى أو السعي وراء الاعتراف و التقدير، هذا السعي قد يقود الإنسان للمغامرة بحياته والدخول مع بني جنسه في صراع من اجل الحصول على هذه المنزلة.
    كان الإنسان أقدر الكائنات الأخرى على الدخول في صراع حتى الموت من اجل الحصول على الاعتراف، الاعتراف به ليس ككائن موجود من ضمن الكائنات الأخرى , بل ككائن بشري له كرامة و منزلة داخل الطبيعة، هذه القدرة لدى الإنسان نابعة من كونه الكائن الوحيد الذي يستطيع السيطرة على شهواته و غرائزه و من أقوى و أهم هذه الغرائز هي غريزة حب البقاء ، فان كان الإنسان يتحدى الطبيعة ، و يقاوم قسوتها من أجل الحفاظ على نفسه بدافع غريزة حب البقاء ,فهو يصبح مستعد للتضحية بها من أجل هدف أسمى و أرقى وهو الاعتراف بآدميته و به ككائن عاقل مميز عن باقي الكائنات الأخرى ذات اشتراك معها في جوانب تخص الغريزة.
    ويصف هيجل دوره الإنساني في سعيه وراء الحصول على الاعتراف بأن المتصارعين يدخلون في صراع مخاطرة بحياتهم حتى الموت , فان حدث وأدى الخوف الطبيعي من الموت بأحدهما إلى الاستسلام نشأت علاقة السيد و العبد وبذلك تكون هذه المخاطرة من أجل المنزلة المحضة.
    ويفسر هيجل بأن رغبة الإنسان في نيل التقدير والاعتراف به ككائن بشري والتي قادته في فجر التاريخ إلى الدخول في صراعات دموية هي التي كانت وراء التقسيم الذي عرفه المجتمع الإنساني وهو مجتمع السادة و العبيد الذي نتج عن استسلام أحد أطراف الصراع لغريزة الخوف الطبيعي من الموت ودخل في صنف العبيد وانضم إلى السادة من تمسك بالرغبة في اعتراف الآخر , إلا أن هذا النظام الاجتماعي سرعان ما أصبح لا يشبع رغبة الإنسان في الاعتراف . فالعبد في جميع الأحوال لم يكن معترَف به ولا بإنسانية. أما السيد فقد أصبح ناقص الاعتراف لأنه لا يحظى باعتراف السادة الآخرين. وهذا الأمر شمل جميع الأنظمة الأرستقراطية بجميع أشكالها و التي شكلت أكثر الأنظمة الاجتماعية هيمنة على التاريخ.
    أصبح الشعور بعدم الرضي على الاعتراف دافعا جديدا للبحث عن نظام جديد للخروج من التناقض الذي خلقه وضع كل من السيد والعبد, حسب هيجل ثم التغلب على هذا الصراع نحو علاقة أفضل من خلال كل من الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية, وهما الثورتان الديمقراطيتان اللتان كسرتا نظام السيد والعبد , وأصبح بموجبهما التكافؤ بين أفراد المجتمع هو السائد على حساب الصراع من أجل الاعتراف . فقد مكنت الثورة الفرنسية من تعويض الصراع من أجل الاعتراف وصراع السيد والعبد إلى علاقة التكافؤ والسيادة الشعبية وسيادة القانون ,فصار الاعتراف شاملا ومتبادلا بين المواطنين باعتبارهم أناس يتمتعون وبشكل متساوي بالكرامة و الحقوق والسيادة تكفلها لهم الدولة , وهذا الفهم للدولة هو الذي يقدمه هيجل في فهم الدولة الديمقراطية الليبرالية.
    هذا الوصول عرفه الإنسان بفضل الاعتراف بوضعه كإنسان له كرامة من خلال الثورتين الفرنسية والأمريكية هو الذي يجسد نهاية التاريخ, فالنضال والصراع من أجل نيل الاعتراف الذي كان يحرك عجلة التاريخ قد بلغ منتهاه وحقق مبتغاه في مجتمع تحقق فيه الاعتراف الشامل والمتبادل , ولأن ليس هناك نظام سياسي أو اجتماعي أفضل يمكنه أن يحقق هذا الهدف على نحو أفضل خلص هيجل إلى القول بأن نهاية التاريخ تجسدت بعد الثورة الفرنسية في النظام الديمقراطي الليبرالي لأن ليس بالإمكان حدوث تطورات تاريخية بعد هذه الثورة.
    فهيجل كان من الفلاسفة الذين آمنوا أن السيرورة التاريخية لا يمكن أن تتواصل إلى ما لانهاية وإنما لا بد أن تنتهي بفعل إنجاز تحققه المجتمعات الحرة في العالم الواقعي والذي تمثل في نظره في المجتمع الديمقراطي الليبرالي.
    فالدولة الليبرالية قد انتصرت في العالم بأجمعه لأن مبادئ الثورة الفرنسية لا تقتصر فقط على تغيير الحالة السياسية والاجتماعية في فرنسا فحسب, بل عمت أوروبا بأكملها , بل إن مبادئ الحرية والمساواة عمت العالم بأسره, ولم يظهر أي تنظيم سياسي أو اجتماعي يفوق الليبرالية . وبذلك تصبح الليبرالية الديمقراطية حسب هيجل قد عوضت الرغبة الغير عقلانية في الاعتراف بالدولة والفرد برغبة جديدة من أجل الاعتراف أساسها المساواة , وبالتالي إذا عم هذا التحول دول العالم,صار الحافز إلى الحرب أقل وطأة في ظل دول أكثر تجانسا , وبالتالي لم يعد ما يحرك عجلة التغيير في التاريخ وتجسدت نهاية التاريخ.
    نهاية التاريخ عند ماركس :

    كان ماركس (1818-1893) مؤسس الشيوعية و الفلسفة المادية الجدلية و المادية التاريخية و الاقتصاد السياسي العالمي و زعيم و معلم البروليتالية العالمية , ولد في ترير في ألمانيا من أسرة يهودية و درس بجامعة برلين , و في هذه الأثناء كانت نظرته للعالم قد بدأت تتشكل و يعتبر ماركس من المنتمين إلى الفلسفة الهيجيلة التي أثرت فيه و في فكره بشكل كبير, إلا انه ما فتئ أن انقلب عن اليسار الهيجيلي ليتخذ موقفا متطرفا لتمسكه بأفكار الديمقراطية الثورية , و بذلك خرج عن المثالية الهيجيلية إلى المادية.
    و ساهمت الثورات التي عرفتها أوربا و خاصة فرنسا, في تحوله من الديمقراطية الثورية إلى الشيوعية الثورية , و اشتراكه في الصراع الطبقي الثوري بباريس في اكتمال تصوره الاقتصادي و الاشتراكي و التاريخي للعالم.
    و تعتبر الفلسفة الماركسية أكثر المناهج كغاية لإدراك العالم و تغييره. و قد أثبت تطور التطبيق و العلم في القرنين التاسع عشر و العشرين – بطريقة مقنعة – تفوق الماركسية على كل أشكال المثالية و المادية الميتافيزيقية. و قد زاد مذهب ماركس قوة باعتباره الشكل الوحيد للإيديولوجية البروليتارية خلال النضال ضد جميع أنواع التيارات غير العلمية المناهضة للبروليتاريا , و البورجوازية الصغيرة. و لقد تركزت فلسفته على الاقتصاد السياسي , و الطبقية الاجتماعية , و الدفاع عن الطبقة العاملة و انعكاس الصراع الطبقي على السيرورة التاريخية.
    و تتميز دراسة ماركس للتاريخ بأنها دراسة سوسيواقتصادية فقد تميزت بتفسير التاريخ من وجهة نظر فلسفية اقتصادية و اجتماعية و ذلك من خلال تقديمه لمفهوم الطبقة الاجتماعية و قد جاء في أحد نصوص ماركس و هو "البيان الشيوعي" في تحديد مفهوم الطبقات الاجتماعية وعلاقتها بالتاريخ كالتالي :
    " إن تاريخ أي مجتمع حتى الآن، ليس سوى تاريخ صراعات طبقية. حر وعبد، نبيل وعامي، بارون وقن، معلم وصانع ، وبكلمة ظالمون ومظلومون، في تعارض دائم، خاضوا حربا متواصلة، تارة معلنة وطورا مستترة، حربا كانت تنتهي في كل مرة إما بتحول ثوري للمجتمع كله، إما بهلاك كلتا الطبقتين المتصارعتين.
    وفي العهود التاريخية الأولى نجد، في كل مكان تقريبا، تقسيما كاملا للمجتمع إلى مراتب متمايزة، (نلقى) تدرجا متفاوتا للمنزلة المجتمعية. ففي روما القديمة، كان ثمة نبلاء، وفرسان، وعامة، وعبيد، وفي القرون الوسطى، أسياد وإقطاعيون، ومقطعون، ومعلمون وصناع، وأقنان. وإضافة إلى ذلك نجد، في كل طبقة من هذه الطبقات، تراتبية فارقة.
    والمجتمع البرجوازي العصري، الذي قام على أنقاض المجتمع الإقطاعي، لم يلغ التناحرات الطبقية، بل أحل فقط محل الطبقات القديمة طبقات جديدة، وحالات اضطهاد جديدة، وأشكالا جديدة للنضال.
    غير أن عصرنا، عصر البرجوازية، يتميز بتبسيطه التناحرات الطبقية. فالمجتمع كله ينقسم أكثر فأكثر إلى معسكرين كبيرين متعاديين، إلى طبقتين كبيرتين متجابهتين مباشرة: البرجوازية والبروليتاريا".

    يمكن أن تستشف من نص ماركس هذا , صيغة جديدة لنظرة السيد و العبد التي جاء بها هيجل قبله بحيث يفسر تطور التاريخ بأنه تطور الصراع بين مختلف الطبقات المكونة للمجتمع , فالصراع لم فرديا بين السيد و العبد , بل تحول إلى صراع بين الطبقات , هذا الصراع هو الذي كان وراء تحول المجتمعات عبر التاريخ. و يعرف ماركس الطبقة بأنها مجموعة بشرية كبيرة تتميز بوضعها ضمن نظام تاريخي معين للإنتاج الاقتصادي و بعلاقاتها بوسائل الإنتاج, تلك العلاقة تحددها الحقوق في الغالب و في دورها في التنظيم الاجتماعي , و بالتالي على قدر الشطر الذي تأخذه من الثروات.
    و يميز ماركس في كتابه "ثورة ضد الثورة في ألمانيا " بين 8 أنواع من الطبقات: النبالة الإقطاعية – البرجوازية – البورجوازية الصغيرة – الطبقة الفلاحية الكبرى و الوسطى – الطبقة الفلاحية الصغيرة الحرة – طبقة القنانة – العمال الزراعيين – عمال الصناعة."
    أما في كتاب " نضال الطبقات في فرنسا" فنجد تقصي ماخر كالتالي:" البرجوازية المالية – البورجوازية الصناعية – الطبقة البرجوازية التجارية – البرجوازية الصغيرة – الطبقي الفلاحية –الطبقة البروليترية – الطبقة البروليتارية المهترئة."
    ويعتبر العلاقة الرابطة بين هذه الطبقات هي علاقة وسائل الإنتاج بقوة الإنتاج.
    تبنى كارل ماركس نظرية الجدلية التاريخية التي أسسها هيجل طورها من هذه النظرية حتى أظهر المادية التاريخية، وتعتبر المادية التاريخية هي الأساس في فكر ماركس.
    تعتمد المادية التاريخية على العامل الاقتصادي في تحديد جميع المظاهر الاجتماعية، فيجد ماركس أن تطور الفكر والفلسفة والعلم واللغة و التاريخ مربوط ارتباطا وثيقا بالعامل الاقتصادي وأدوات الإنتاج. فماركس يعزي أي تطور يحدث للإنسان إلى لحاجة وسائل الإنتاج لهذا التطور. وقد دلل ماركس على ذلك من خلال اكتشاف الآلة البخارية في نهاية القرن الثامن عشر، لم يكن نتيجة لتفكر أو علم أو عامل آخر، بل جاء اختراع الآلة البخارية نتيجة لحاجة الإنتاج والعامل الاقتصادي لمثل هذه الآلة، فالسبب وراء اختراع الآلة البخارية هو المادة، وينطبق هذا التحليل على جميع حالات التطور التي مرت بها الإنسانية. ويستكمل ماركس نظريته المادية التاريخية وتفسيره للتطور التاريخي بناءً على العامل الاقتصادي، فيقول أنه مع تطور وسائل الإنتاج تحصل الثورة الأولى، وهي ثورة البلوريتاريا، أو الطبقة العاملة، فيعتقد ماركس أن هذه المرحلة لابد من أن تحدث في التاريخ حيث ينقلب العمال على أصحاب رؤوس المال، ويتساوى الناس جميعًا، ويصبح المجتمع مجتمعًا اشتراكي، لا تكون فيه إلا طبقة واحدة وهي الطبقة الكادحة وتعم العدالة الاجتماعية بين الناس والمساواة. وهنا يبدأ الناس بالسعي نحو تحقيق الشيوعية.
    أما المرحلة الثانية من التطور التاريخي، فهي تلك المرحلة التي تلي الاشتراكية، وهي مرحلة الشيوعية، حيث يتحول المجتمع من مجتمع اشتراكي إلى مجتمع شيوعي تلاشى فيه تدريجا دور الدولة و تتساوى فيه جميع الأفراد هي الذروة التي يمكن أن يصل إليها التاريخ الإنساني، أو كما يسميها بالفردوس. و هنا تتجسد نهاية التاريخ حسب كارل ماركس, فبالوصول إلى المرحلة الشيوعية لم يعد هناك أي محرك للتاريخ , لأنه قد بلغ منتهاه بوصله إلى الشكل الأمثل الذي يمكن أن يصل إليه المجتمع الإنساني , و هو الشكل الذي يضمن المساواة و العدالة الاجتماعية بين جميع الناس, و هي مرحلة تاريخية حتمية لابد أن يصل إلى التاريخ حسب ماركس.
    و من الأطروحتين السابقتين لكل من هيجل و ماركس , اكتشفنا أن فكرة نهاية التاريخ ليست طفرة في تاريخ الفلسفة بل إنها شكلت أطروحة أساسية في فكر اثنين من اكبر الفلاسفة اقل ما يمكن أن يقال عنهم انه جل الفكر الذي تلاهم ضل يدور في فلكيهما, ومنهم فوكوياما صاحب فكرة نهاية التاريخ و الإنسان الأخير في القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة , و إذا كان انهيار الشيوعية قد جعل فوكوياما يتحلى عن فكرة تجسد نهاية التاريخ في المجتمع الشيوعي أو الاشتراكي فانه لو يبتعد كثيرا عن ما جاء بيه العملاق هيجل في هذا الشأن .
    فإلى أي حد كان فكر فوكوياما متوافقا , أو مختلفا عما جاء به كل من ماركس و هيجل؟
    و أي النهجين سار عليه لإثبات أطروحته , هل المثالي أم المادي أم هما معا؟
                  

10-01-2008, 05:40 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    Quote:
    صاحب نهاية التاريخ يرفض نهاية «نهاية التاريخ»!!
    فرج بوالعشة
    الاثنيـن 19 شعبـان 1422 هـ 5 نوفمبر 2001 العدد 8378
    جريدة الشرق الاوسط
    الصفحة: الــــــرأي
    بعد سنوات على نشر مقالته السجالية المثيرة «نهاية التاريخ» التي طورها الى كتاب نشره تحت عنوان «نهاية التاريخ والانسان الاخير» عام 1992، ها هو فوكوياما يعود وينشر مقالة جديدة.

    يراجع في هذه المقالة محاججاته السابقة عن نهاية التاريخ، بل هو بالاحرى يتراجع فيها عن طرح «نهاية التاريخ» ولكن بما يحفظ ماء وجهه «الاكاديمي»! رغب من محاججته الجديدة ان يراجع مجاججته القديمة بمنهجية نقدية وبفضيلة الاعتراف بالحق او قل بالحقائق والمعطيات التاريخية، العلمية تحديدا، التي فرغت منطق «نهاية التاريخ» من منطقه الفلسفي بالمعنى العلمي! محاججة فوكوياما الجديدة تعتمد على اعادة تركيب منهج فلسفة «نهاية التاريخ» القائم تأسيسا على مقولة ان الديموقراطية الليبرالية الرأسمالية هي التشكل الارقى لنهاية تطور تاريخ الاقتصاد السياسي وبالتالي فان الانسان بحسبانه حيوانا سياسيا يصبح في عالم الديموقراطية الليبرالية الرأسمالية هو الانسان الاخير! حيث «اقتصاد السوق الرأسمالي» هو المحرك للتاريخ المغلق على نهايته الحتمية!

    * حكاية كبرى

    * المحرك الآخر الفوقي، بمعنى القيمي، يأخذه عن مقولة هيغل المبنية على فكرة «الصراع من اجل الاعتراف» حيث ـ بتعبير فوكوياما ـ: ان الشكل الاكثر معقولية للاعتراف هو الاعتراف العالمي بالبشر كافة على اساس من كرامتهم المتساوية كادوات اخلاقية. وليست الديموقراطية الليبرالية الحديثة سوى مجموعة من المؤسسات التي قصد بها ضمان تلك الحقوق العالمية. والحكاية هنا «حكاية كبرى» تطوب الرأسمالية «رسالة تبشيرية» ذات وعد كوني بـ «سعادة الفية» اي اننا قدام ديانة كنيسها السوبرماركت! لكن فوكوياما بعدما غابت السكرة، سكرة «نهاية التاريخ» حضرت الفكرة، فكرة الشك: هل حقا انتهى التاريخ؟! «لقد انتهى التاريخ» صرخة نشوة اطلقها هيغل.

    فوكوياما، الموظف الرسمي، راقب، كمحلل استراتيجي في مجلس الامن القومي الامريكي خلال سنوات، كيف تحدث ازمات الاقتصاد السياسي العالمية خروقا واسعة في الزي النظري الفضفاض عن النهاية السعيدة للتاريخ! راقب انهيارات النظام المالي العالمي في سلسلة ازمات كبرى على مدى سبع سنوات: 1992 ازمة المضاربات على الجنيه الاسترليني.. 1994 ازمة انهيار البيزو المكسيكية.. 1997 الازمة الآسيوية التي شملت تايلند وكوريا الجنوبية واندونيسيا.. 1998 الازمة المالية الروسية.. وليس آخرا الازمة المالية البرازيلية 1999 وهو العام الذي كتب فيه فوكوياما مقالته المراجعية، موضوعنا في هذا المقال! فوكوياما يفترض: بما ان نهاية التاريخ السعيدة مشروطة بالسلم وحيث ان الديموقراطيات الليبرالية لا تميل الى محاربة بعضها البعض، اذن الديموقراطية الليبرالية وباقتصاد سوقها الرأسمالي هي النهاية الوحيدة السعيدة للتاريخ، وعليه ينبغي دمج الديموقراطيات الناشئة في نظام السوق الرأسمالي للتجارة والاستثمار، على اساس ان التنمية الاقتصادية هي حامل الديموقراطية المستقرة، حتى انه يعين استقرار وضع الديموقراطية بمقياس مستوى دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي، «ففوق مستوى 6 آلاف دولار للفرد من الناتج المحلي الاجمالي في القدرة الشرائية التكافؤية لسنة 1992 ليس هناك مثال تاريخي واحد لأية دولة ديموقراطية ترتد الى السلطوية. وقد اتمت كل من اسبانيا والبرتغال واليونان وتايوان وكوريا الجنوبية تحولاتها الديموقراطية عند هذا الرقم السحري او بالقرب منه».

    محاججته فوكوياما، على وجه ظاهر، براقة وخلابة، ولا تخلو من وجاهة لكنها في البنية، بعد التفكيك، فكرة كليانية اطلاقية، موهمة، بلا رصيد فلسفي تحليلي ملموس. مع ذلك فانه يظهرها «ليست فقط سالمة من كل سوء وانما اشد قوة في وجوه كثيرة» على حد تعبيره، مضيفا: «ان علينا (= عليهم = سادة نهاية التاريخ) ان نغير بعض السياسات المحددة..» كي يبقى التاريخ قائما على نهايته الرأسمالية «السعيدة» كنهاية فيلم امريكي يقضي فيه البطل على الاشرار ويتزوج البطلة!

    * أصولية السوق

    * ان «نهاية التاريخ» بالمنظور السياسي، في تحليل فوكوياما، مقولة يمكن التشبث بها والقياس والتطبيق عليها بشرط تحميل الاخطاء والخلل في التطبيق للممارسة السياسية والخطط الحكومية «العو المثالثية» التي لم تندمج بعد دورها المحدد لها حسب سيناريو الامركة المهيمنة على طبيعة العولمة في الوقت الراهن، وفي المستقبل المنظور على ما يبدو! اما بالمنظور الفلسفي فان «نهاية التاريخ» تظهر لفوكوياما في مقالته عام 1999 ليست صحيحة بالطريقة التي تراءت له فيها عام 1992 في كتابه «نهاية التاريخ والانسان الاخير». هذه المرة تظهر له في صور «شبح» علمي ـ فلسفي جديد يحوم في سماء الحضارة الرأسمالية. كان في كتابه المشار اليه قد اعتبر ان العلوم الطبيعية هي المحرك للتاريخ الانساني الحديث نحو التقدم، من محرك البخار الى آخر ابتكارات التكنولوجيا وثورة المعلومات المتسارعة التي ليس لها آخر! فلسفيا، يقف فوكوياما قدام شرطين لازمين لـ «نهاية التاريخ» وهما، اولا، شرط وجود الطبيعة البشرية، بمعنى الاطمئنان الى انها لن تتعرض الى تغيير انقلابي في طبيعتها من خلال التحكم وراثيا في السمات البشرية عن طريق التكنولوجيا الحيوية التي «ستكون قادرة على تحقيق ما لم تكن ايديولوجيات الماضي الراديكالية، بما لديها من تقنيات شديدة البدائية قادرة على تحقيقه: وهو ان تخلق نوعا جديدا من البشر» بمعنى تخليق نوع جديد من الطبيعة البشرية، اذا ما فلت علم الهندسة الوراثية والعلاج بالجينات واللعب بكيمياء الدماغ من ضوابط الحدود الاخلاقية ـ الدينية، إذ عندها يمكن ـ نظريا الآن ـ صناعة طبيعة بشرية على المطلوب ثانيا، شرط نهاية العلم، و«هناك ثورتان تسيران في خطين متوازيين في الوقت الراهن، احداهما في تكنولوجيا المعلومات والاخرى في البيولوجيا». والسؤال المراجعي والجوهري، مع فوكوياما: هل للعلم نهاية او هل يمكن وقفه عند نهاية ما لتكون نهاية «سعيدة» للتاريخ كما تعدنا «اصولية السوق»؟ ما مصير «نهاية التاريخ» الليبرالي الذي رغم كل التقرب يصر مروجه على صلاحيته وصلاحية حكايته الكبرى عن «تقدم الانسانية» واخلاق المساواة والعدل والاخاء قدام: الانهيارات الاقتصادية المتواترة في دورة روليت كازينو السوق الكوني واحتماليات: انفلات وحش الاستنساخ البشري من ضوابط المختبر (تصور استنساخ الطاغية، في ديارنا، لنفسه في نسخ متعددة) وشيوع امتلاك الاسلحة الفتاكة حتى عند جماعات صغيرة او اشخاص وتخليق الاطفال المصممين حسب الطلب وافراد اسمى وراثيا ثم القدرة على التحكم في السلوك الاجتماعي، أي تصنيع ايديولوجيا العنف والخضوع والعبودية الراضية المرضية..!! الحاصل ان العلم لن ينتهي وبالتالي لا نهاية للتاريخ.. اما الديموقراطية الليبرالية واقتصاد السوق فهما ـ بتعبير فوكوياما ـ خيارا الوقت الراهن بالنسبة لأي مجتمع يأمل في ان يكون جزءا من العالم الحديث ـ لكنه ما عاد يملك الثقة العلمية او جرأة التنبؤ بالمستقبل ليقول انهما خيارا كل الوقت!

    * قولبة الطبيعة البشرية مستحيلة

    * انه يتحسس عيب «نهاية التاريخ» في عدم ثبات الطبيعة البشرية. فالطبيعة البشرية التي اشتغل عليها فلاسفة وايديولوجيو ومهندسو اجتماع الحداثة منذ الثورة الفرنسية حتى انهيار جدار برلين كانت على الدوام متبدلة متمردة غير قابلة للقولبة.

    واذا سلمنا مع فوكوياما في نهاية مقالته بان «طابع العلوم الطبيعية الحديثة مفتوح النهاية، يوحي بانه خلال الجيلين القادمين ستكون تحت أيدينا معرفة وتكنولوجيات سوف تسمح لنا بتحقيق ما فشل المهندسون الاجتماعيون السابقون في تحقيقه.. «اذن» ساعتها سنكون قد انهينا التاريخ البشري بكل تأكيد لاننا سنكون قد الغينا البشر انفسهم. وحينئذ سوف يبدأ تاريخ ما بعد بشري».

    ثم، ماذا حدث؟! رأى فوكوياما مع الرائين ما حل بالتاريخ في 11 سبتمبر (ايلول). معلقون استراتيجيون ومفكرون مستقبليون تحدثوا عن ان العالم بعد 11 سبتمبر لم يعد هو العالم قبل 11 سبتمبر وان التاريخ عاد من عطلة قصيرة، وانه اذا ما كان لا بد من نهاية فهي نهاية «نهاية التاريخ»! لكن فوكوياما يصر على ان «التاريخ لا يزال يسير على طريقتنا» ـ كما كتب في احدى مقالاته مؤخرا ـ فحتى بعد 11 سبتمبر لا يزال يؤمن بأن لا شيء يمكن ابتكاره او توقعه ابعد من الديموقراطية الليبرالية واقتصاد السوق الحر كنهاية سعيدة للتاريخ! ان «نهاية التاريخ» الفوكويامية نهاية مطاطية مضادة ـ ماصة للصدمات التاريخية الكبرى وذات قدرات سحرية خارقة على التملص من كل.

    ورغم عدم ثقته في بقاء الطبيعة البشرية على حالتها التاريخية!! فإنه لا يعدم مناديل ملونة يخرجها من فمه وارانب منكمشة يخرجها من قبعته! [email protected]
                  

10-01-2008, 05:45 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    Quote: بين نظريتي نهاية التاريخ ونهاية الإنسان

    دراسات
    الأربعاء 21/9/2005
    الدكتور فايز عز الدين
    ثمة ما قد أصبح يفترض التعامل معه, في هذا الكون الحاضر, هو أن الإنسان فيه, عبر ما أنجزه من ثورات في العلم, والتكنولوجيا, والتقنية, والمعلوماتية, قد نقل شكل الطبيعة, وصورتها, من طبيعة عفوية مطبوعة إلى طبيعة مصنوعة.

    وعليه فقد صار الإنسان نفسه يتعرض لأذية ما حوّله هو ذاته من عناصر في الطبيعة جعلته, وسوف تجعله أكثر تأثراً بالنظام الجديد للطبيعة المصنوعة, ولا سيما في البيئة بنوعيها عبر ما فرضته الاستخدامات الجديدة لهندسة الجينات,وعلاقات التدخل في التصميم الممكن للثورة البيولوجية.‏

    وخاصة المتعلق بعلم الأعصاب والدماغ بما قد يؤدي إلى تغيير مقصود في الطبيعة البشرية لابد أن يتوازى معه خطر ما على طرائق التعايش على الكرة, أو على أسلوب الحياة الإنسانية فيها.‏

    والغريب في هذا الحال, ليس فقط الاستشعار الذي يتمتع به أصحاب العقول العلمية الاختصاصية وحسب بل أن يبادر مفكر مثل فرانسيس فوكوياما الأميركي من أصل ياباني صاحب نظرية نهاية التاريخ تلك التي طرحت في أعقاب مرحلة المتغيرات الدولية التي شهدتها الحقبة الأخيرة من القرن العشرين المنصرم, وجاء فيها أن العالم بعد خروج النظام الشيوعي من حلبته, وشيوع عقيدة السوق الرأسمالية الحرة, قد دخل نهاية التاريخ, وهذا يعني أن النظام الدولي الجديد هو التاريخ الجديد لنظام العالم الموحد في ظل عقيدة السوق الحرة.‏

    وإذا كان المفكر فوكوياما في كتابه عن نهاية التاريخ الذي أصدره عام 1989 قد أحدث ضجة دولية كبيرة باستفزازه الفكر العالمي, والمفكرين المغايرين له في قراءة التاريخ, وتحديده, وتعيين سيروراته وصيروراته, فهذا هو مؤخراً وبعد عقد ونصف من الزمان يطالع الفكر العالمي بنظرية جديدة هي اعلانه عن نهاية الإنسان.‏

    وبين نظريته في نهاية التاريخ, ونظريته الجديدة في نهاية الإنسان يواصل فوكوياما تصعيد استفزازه للعقل العالمي بإعلانه الجريء عن أن الطبيعة الإنسانية أصبحت مهددة, وذلك في كتابه الجديد الذي صدر عام /2004/ بعنوان:‏

    مستقبلنا ما بعد البشري انعكاسات الثورة البيولوجية, التكنولوجية على الإنسان ومن المعروف أن فوكوياما صاحب التكوين الفلسفي, الاقتصادي, السياسي كان, ولا يزال قريباً من تيار المحافظين الجدد.‏

    وقد ساهم معهم في بلورة المشروع الفكري, والسياسي المعروف باسم: مشروع القرن الأميركي الجديد الذي صدر عام 1997 وقدم حينها برنامجه للرئيس كلينتون ولكن الرئيس لم ينتبه طالما أنه كان في نهاية ولايته.‏

    واللافت في الأمر أن فوكوياما, في كتابه الجديد هذا, قد عبر عن قلقه من آخر تطورات العلوم البيولوجية لجهة علم الأعصاب, والدماغ حيث رأى أن تطبيقات هذا العلم على الإنسان ستؤدي إلى تغيير في طبيعته بما سيكون له كبير الأثر على النظام السياسي للإنسان نفسه بانعكاسات اللامساواة بين البشر, والتمييز العنصري والمزيد من الظلم والقهر.‏

    في كتاب فوكوياما المعني يستعرض المؤلف شيئاً عن علم الدماغ, وتركيبه, وعن علم الأعصاب, وعن العقاقير الطبية, وتأثيره على المرء, وكيفية تحكمها بسلوكه, ثم يتحدث عن الكائن الإنساني, وماهية الطبيعة البشرية التي تميزه, ومن ثم خصوصيته.‏

    ويتعرض -أيضاً- لحقوق الإنسان, وطبيعته المخصوصة, وكرامته, ويخلص إلى نتيجة مفادها أن طبيعة الإنسان اليوم, وكرامته أصبحتا بحكم المهددتين بفعل الثورة التكنولوجية, والبيولوجية الحديثة.‏

    ثم يطرح فوكاياما سؤاله: ما العمل حتى يتم تحاشي خطورة هذه الثورة في حقل البيولوجيا التي تريد صنع الإنسان في أنابيب اختبار, أو التي تمهد لاستنساخه?!‏

    ويرى فوكوياما أن العلم أصبح يتجاوز إلى حدود اللعب بالصبغيات الوراثية للإنسان, ولابد أن يكون بهذا مس ما بالإنسان ذاته.‏

    وما يريد فوكوياما أن يبديه في كتابه الذي نحلل فيه حول مستقبلنا ما بعد البشري هو طريقته في التنبؤ حول طريق المستقبل بملاحظات محسوسة لذلك فهو يجزم بأن علم البيولوجيا, والوراثة بشكل خاص سيكون له نتائج فلسفية ضخمة, حيث سيؤدي إلى تغيير طبيعة الإنسان التي نعرفها اليوم بشكل لابد أن يكون انعكاسه يمثل خطورة على الإنسان نفسه.‏

    إذ يرى أن العلم بدون وازع أخلاقي, أو ضمير, أو وجدان إنساني قد يسوق إلى الكارثة وهذا ما يتطلب من البشرية الحاضرة أن تلتفت إلى نتائج العلم البيولوجي المخصوص بتغيير طبيعة الإنسان وتركيبته الداخلية.‏

    كي لا يظهر إنسان جديد, إنسان العقاقير الطبية التي تزيد الثقة المفرطة, أو التركيز العالي, أو الذكاء الشديد, وما إلى ذلك من تقليل المرض,, وتطويل العمر بما يحول الإنسان من إنسان طبيعي إلى إنسان اصطناعي محض, ويجعلنا -كبشرية- ندخل مرحلة ما بعد الإنسان, أو ما بعد إنسانية الإنسان, أي مرحلة الإنسان الاصطناعي الذي تتحكم فيه العقاقير, أو التلاعبات الوراثية غير المضبوطة بخلق محدد.‏

    ومن الواضح أن فوكوياما في هذا الكتاب ينوس بين التشاؤم, والتفاؤل فيما يخص مستقبل الإنسان, حيث يعلن مرة عن أن البشرية قادرة على التحكم في علم البيولوجيا العصبية, ثم من جهة أخرى يعود ليقر باستحالة هذا التحكم, فالتحكم بالنسبة له يضمن المستقبل, وافتقاد التحكم سيصل بالبشرية إلى الكارثة الحقيقية, والمصير المجهول.‏

    وبالمحصلة يدعو فوكوياما إلى ضرورات التحكم بالعلم, ومنعه من التدخل في أشياء مقدسة كالطبيعة البشرية والصبغيات الوراثية, أي الجينوم أو القانون الوراثي للإنسان, حتى تتم ضمانة كرامة الإنسان.‏

    وينظر في نهاية المطاف إلى أن الحكمة الطبيعية للإنسان لابد أن تتحرك لمنع وقوع الكارثة, فالإنسان دوماً تدفعه غريزة الطبيعة للتجاوز, والتأقلم, ووقف النوازل التي يرهص تهديدها لوجوده بوجه عام.‏

    وفي نهاية المسعى إذا كان استشراق فوكوياما يعكس حرصه -كمفكر فيلسوف- على مصير العالم, وخاصة الجنس البشري فيه, في تحولات عالمية متسارعة أخذت أبعادها الأساسية صفة (الما بعد) مثال:‏

    مابعد الشيوعية, ما بعد الحداثة, ما بعد الليبرالية, مابعد الصهيونية, ما بعد البشري..الخ هذه (الما بعدات) ألا يفترض فيها أن تحدد السياسة لدى القطب الوحيد الذي يدير الحكومة العالمية, ويعمل على عدم السماح بتشكل عالم متعدد الأقطاب, حتى تكون السياسة الكونية حريصة على شكل التنمية, والنمو على هذه الكرة بما تصبح معه عناصر الحياة الإنسانية محصنة بالضمير العالمي, ومرشدة بقوة العدل, والحق الدوليين اللذين يضمنان سير العالم نحو عالم الرفاه, والحرية, والتعاون, والتسامح, والشراكة العالمية باتجاه تنظيم حقوقي سياسي عادل للنظام الكوني العولمي المزمع.‏

    إن البشرية -كما تحلم بتقدم العلم الذي يحل لها قضايا الوجود الإنساني ومتطلباته- تحلم بسياسات بشرية, إنسانية تنطلق من مصالح الكل العالمي على سطح كوكب واحد.‏

    متى سنتحول مع الفلاسفة, والمفكرين إلى استشعار الخطورة بالزمن المناسب? وإلى أن نكتشف الإجابة على سؤالنا هذا, ونتذاكر بمقولة الكاتب برونو تيرتريه, من مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس حين قال: إن الحليف الجيد لا يتمثل -في قوله وسلوكه- ب (إفعل ما تريد), بل هو الذي يتمثل بما يتوجب فعله.‏
                  

10-01-2008, 05:50 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    Quote:

    "فرانسيس فوكو ياما أنموذجا"

    رئيس مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية

    "للنصر ألف أب أما الهزيمة فيتيمة".

    بعد صمت طيلة فترة الحرب ، في الغارديان الفرنسية كتب فرانسيس فوكوياما ما يشبه المراجعة أو الاعتذارية لا فرق وتحت عنوان" التاريخ عند نهاية التاريخ"، يتنصل فيه من أي تأويل للربط بين ربط أطروحته عن نهاية التاريخ بالسياسة الخارجية للرئيس جورج بوش والهيمنة الاستراتيجية الأميركية،على اعتبار أن أفكاره لم تشكل الأساس الفكري لسياسات إدارة بوش مستدلا على ذلك بما كان يقوله منذ عام 1992 عن الديمقراطية والتنمية، كدليل على أنه لم يكن وراء الدفع باتجاه غزو بغداد.

    من الممكن أننا بالغنا في اعتبار فوكوياما مسؤولا عما يحدث في العراق فهو لم يكن أكثر من منظّر على هامش فلاسفة المحافظين الجدد،بخلاف مايكل ليدي وريتشارد بيرل وفايث وبولوتون ... وهو أقرب إلى وزن برنارد لويس وفؤاد عجمي مع الاختلاف النوعي عن الاثنين الأخيرين، لكن صمته إلى ما بعد وضوح الاتجاه إلى هزيمة في العراق يعكس ضربا من الخبث لدى (الخلاسي الأصفر) الذي انتظر أن ينسب النصر إليه.

    والشرح الذي يقيمه فوكوياما للتنصل من وزر الحر أنه وقبل خمسة عشر عاماً وفي كتابه "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، كان قد قال إن المجتمع إذا ما أراد أن يصبح حديثاً، فإنه لا بديل عن اقتصاد السوق ونظام سياسي ديمقراطي. ولكن، ليس الجميع أرادوا أن يدخلوا في الحداثة بطبيعة الحال، ولم يستطع الجميع أن يبنوا المؤسسات والسياسات الضرورية لجعل الديمقراطية والرأسمالية تعملان، وما من نظام بديل كان ليفضي إلى نتائج أفضل.



    إلى ذلك، فإن الرغبة بالعيش في ديمقراطية ليبرالية حديثة لا يترجم بالضرورة لدى فوكوياما إلى قدرة على القيام بذلك فعلياً. وتبدو إدارة بوش عنده قد افترضت في مقاربتها عراق ما بعد صدام أن الديمقراطية واقتصاد السوق كليهما كانا شرطين حتميين تتحول إليهما المجتمعات بمجرد أن يزول عنها القمع والاستبداد، بدلا من كونهما مؤسسات معقدة معتمدة على بعضها البعض، والتي يجب بناؤها، وليس بلا ألم، مع الوقت.



    والترسيمة واضحة هنا عنده :"قبل أن تكون لديك ديمقراطية ليبرالية بوقت طويل، ينبغي أن تكون لديك دولة فعالة (وهو شيء لم يختف أبداً في ألمانيا أو اليابان بعد تعرضهما للهزيمة في الحرب العالمية الثانية). وهذا شيء لا يمكن اعتباره أمراً مفروغاً منه في دول مثل العراق".

    هذا الاستدراك المتأخر والذي طالما كتبنا عنه عما يتجاوزه، وربطنا الديموقراطية بالسيرورة التي تؤدي إليها والتي معيارها الدولة، واعتبره البعض تأليهاً منا للدولة، وأضفنا عليها ميراث التسامح والعلمانية والثورة القومية (الدولة –الأمة) والحروب العالمية بميراث العقلانية المترتب عليها في السياسة باسم الواقعية المبنية على الوظيفية و الأداتية و الميكيافيلية و البراغماتية، بدلا من اختصار الجرعة بالدولة والحداثة، هذا الاستدراك لا يعفي من مسؤولية الاختزالية التي بنيت عليها نظرية نهاية التاريخ المنبعثة من هيغيلية متأخرة.

    ومع أن فوكوياما يعتبرأن نظرية "نهاية التاريخ" لم تكن مرتبطة أبداً بنموذج أميركي بعينه للمنظومات الاجتماعية والسياسية. وعلى خطى الفيلسوف الروسي-الفرنسي ألكسندر كوجيف الذي ألهمه أطروحته الأساسية، فإنه بات يعتقد بأن الاتحاد الأوروبي يعكس على نحو أكثر دقة ما سيبدو عليه العالم عند نهاية التاريخ أكثر مما تعكسه الولايات المتحدة راهنا. على اعتبار أن محاولة الاتحاد الأوروبي للتسامي فوق السيادة وسياسات السلطة التقليدية عن طريق إنشاء حكم قانون عابر للحدود القومية تظل أكثر انسجاماً مع عالم "ما بعد تاريخي" من إيمان الأميركيين المستمر بالله، والسيادة الوطنية، وبجيشهم، مع كل هذا فإن هذا التحليل لا يعفي الهيغلي الخلاسي من مسؤولياته إزاء فكرة نهاية التاريخ عند النموذج الرأسمالي الأمريكي إلى أن انهار المشروع في العراق، وعلى اعتبار أن نهاية التاريخ بحد ذاتها فكرة تريد إيقاف الحياة عند حد وتنهي معاملات الحرة وإنتاج الجدّة لدى البشر سواء على مستوى التاريخ الآني أو التاريخ العام أي روح التاريخ نفسه.

    يتمصّل فوكوياما من نهاية التاريخ عند النموذج ألأمريكي على اعتبار أن الرئيس بوش كان قد برر غزوه للعراق بشكل أساسي على أرضية برامج صدام لتطوير أسلحة للدمار الشامل، وعلى صلات النظام المزعومة بالقاعدة، كما وعلى انتهاكات العراق لحقوق الإنسان وافتقاره إلى الديمقراطية. وبما أن التبريرين الأولين تهاويا في أعقاب الغزو عام 2003، ذهبت الإدارة على نحو مطرد إلى التركيز على أهمية الديمقراطية، سواء في العراق أو في الشرق الأوسط بشكل عام، كتبرير لما كانت تقوم به ، حيث قال بوش إن الرغبة في الحرية والديمقراطية هما أمران كونيان وليسا مرتبطين بثقافة بعينها، وإن أميركا ستكرس نفسها لدعم الحركات الديمقراطية "بهدف إنهاء الاستبداد من العالم في نهاية المطاف". وقد رأى مؤيدو الحرب آراءهم تتأكد من خلال أصابع الناخبين العراقيين الملطخة بالحبر، والذين اصطفوا للتصويت في الانتخابات المختلفة التي أجريت فيما بين شهري كانون الثاني وكانون الأول من عام 2005، وفي ثورة الأرز في لبنان، وفي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أفغانستان حسب تعبيره.ولكن الفيلسوف الذي تراجع عن أوهام نظريته سرعان ما يستدرك أنه وبقدر ما كانت تلك الأحداث ملهمة وباعثة على الأمل، فإن من المرجح أن الطريق إلى الديمقراطية الليبرالية في الشرق الأوسط ستكون مخيبة إلى حد مفرط مع اقتراب نصف المدة، بينما تبدو جهود إدارة بوش لبناء سياسة إقليمية حولها تتجه إلى الفشل الذريع.

    والفكرة تتلخص لديه في انه لعل من المؤكد أن الرغبة بالعيش في مجتمع متحضر وأن يعيش المرء بحرية هي أمور كونية، أو هي قريبة من أن تكون كذلك. وهذا يتجسد في جهود ملايين الناس كل سنة لمحاولة الانتقال من العالم النامي إلى العالم المتقدم، حيث يأملون بأن يجدوا الاستقرار السياسي وفرص العمل والعناية الصحية والتعليم وكل الأمور التي يفتقرون إليها في وطنهم. لكن هذا يختلف تماماً عن القول بأن هناك رغبة كونية بالعيش في مجتمع ليبرالي – أي في نظام سياسي يتسم بدورانه في فلك حقوق الفرد وحكم القانون. بل إن الرغبة بالعيش في ديمقراطية ليبرالية هي في الحقيقة شيء يكتسب مع الوقت، والذي غالباً ما يأتي كنتاج مصاحب للتحديث الناجح.

    وأخيراً،تنتهي الاعتذارية عند فوكوياما بالقول إنه لم يقم أبداً بربط انتشار الديمقراطية الكونية بوكالة أميركية، ولا بممارسة القوة العسكرية الأميركية على وجه الخصوص. إذ يحتاج التحول الديمقراطي إلى أن تقوده المجتمعات التي تريد الديمقراطية، وبما أن الأخيرة تحتاج إلى مؤسسات، فإن التحول عادة ما يكون عملية طويلة جداً وشاقة.

    لكن هذه الترسيمة شبه الواقعية عند فو كوياما لا تجعله يتراجع عن الدور الأمريكي في الديموقراطية العابرة للقارات إذ يعتبر أنه يمكن للقوى الخارجية مثل الولايات المتحدة أن تساعد مثل هذه العملية غالباً بأن تكون المثال والقدوة التي تمثلها باعتبارها مجتمعات ناجحة اقتصادياً وسياسياً. كما أن بإمكانها أيضاً أن تقدم التمويل والنصيحة والمساعدة التقنية، ويكشف عن مآل اعتذاريته بعدم الكف عن استخدام القوة العسكرية،إذ ينتهي للقول إن بعض القوة العسكرية أحياناً لمساعدة العملية على التقدم. لكن تغيير النظام القهري لم يكن أبداً هو المفتاح لتحقيق التحول الديمقراطي... من يحل هذا اللغز القهري.
                  

10-01-2008, 05:54 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30774

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فرانسيس فوكوياما ونهاية التاريخ! (Re: jini)

    Quote: صموئيل هنتنجتون هل سيتبرأ من نظريته كما فعل فوكوياما
    التاريخ: Saturday, March 12
    اسم الصفحة: اخر الاخبار الثقافية والفنية

    د. حسين الهنداوي:
    منذ أحداث 11 سبتمبر 2000 لا يكاد يمر يوم دون مقالات لمن هب ودب من كتبة الصحف العربية تنتقد أفكار فرنسيس فوكوياما أو صموئيل هنتنغتون او كليهما اللذين اصبحا اكثر الأميركيين الأحياء شهرة في اليوميات العربية بعد الرئيسين كلنتون وبوش والوزيرين باول ورامسفيلد


    .بيد ان الملاحظ بالمقابل، هو ان النخبة الفلسفية العربية الصغيرة جدا والمعزولة تماما لا تعتبر فوكوياما وهنتنغتون ممثلين اساسيين بين التيارات الفكرية الأميركية المعاصرة بل لا تعتبرهما مفكرين جديين مثلما انها لم تعترف ابدا بجدية تسمية ((الفيلسوف الجديد)) التي اطلقها البعض في فرنسا على برنارد هنري ليفي على الرغم من علاقة ليفي الأكيدة بالفلسفة احيانا مقابل لا علاقة فوكوياما وهنتنغتون بها على الاطلاق.
    ((طباخو الآيديولوجيا)) هو بالاحرى الصنف الذي ينتمي له هذان المبشران بالنظام الليبرالي الجديد، وهو نفس الصنف الذي انتمى له في الماضي بالضرورة جميع ((مفكري)) الأنظمة التوتاليتارية.
    ففوكوياما، موظف مؤسسة راند التابعة للبنتاغون، ومنذ ((نهاية التاريخ والرجل الأخير)) مهووس الى حد مخيف بهدف
    واحد لا غير: (( جلب الفلسفة الى فخ الاستراتيجيا)).
    والحال ان مهمة مستحيلة كهذه قد تجلب الشهرة والمال الا انها تبني قصورها على الرمل ومن هنا هشاشتها التي اعلنها فوكوياما بنفسه قبل عام عندما تخلى عنها وراح يسفهها بعد ان ظل يمطرنا لعشرة أعوام بالعد والتمام عبر محاضرات وندوات ومقالات انترنت لا تحصى ولا تحصر بابتزازاته الفلسفية عن مطلقية انتصار وهم ((ضرورة تاريخية)) لا

    توجد الا في مخيلته لكنه لم يتردد من استخدام هيغل وكوجيف والكتاب المقدس في ذلك ((الحساء)) وهؤلاء منه أبرياء.
    اما هنتنغتون فهو مالتوس آخر انما بلا عبقرية مالتوس في نظري. محض منظر للخرائب رئيس اكاديمية هارفارد للدراسات الدولية هذا الذي لا يريد ان يرى تاريخ العالم الانساني الا من ثقب الآيديولوجيا الرمادي دائما لكن الخطير عند التجنيد الواعي للآيديولوجيا في خدمة الاستراتيجيا ايضا، كما فعل في نظريته عن صدام الحضارات واعادة تشكيل النظام العالمي اذا جاز لنا اعتبار هذا الانشاء التبشيري، المستلهم من فترة الحرب الباردة، نظرية.
    والحال، والمدهش، ان هنتنغتون وفوكوياما، وغيرهما من يتامى الريغانية، لا يبدو انهما يعرفان بسقوط جدار برلين، وقطعا لم يكتشفا بعد افول الأزمنة الدوغمائية في كل مكان وربما الى الابد. والاصولية الاسلامية كـ ((الاصولية الليبرالية))، كالاصولية الثورية كلها بلا مستقبل لانها بلا ضرورة تاريخية ومحض تلصص على التاريخ. وهذا يصدق بشكل اقوى وأوضح في عصر العولمة الذي وحد البشرية الى الأبد وليس بالضرورة تحت قيادة الولايات المتحدة الأميركية دائما.
    لذا لم تعط الحرب الراهنة على الارهاب اطروحات هنتنغتون أدنى مصداقية تذكر كما لم تعط حرب الخليج الثانية ادنى مصداقية لاطروحات فوكوياما. لأن الفلسفة والثقافة اجمالا هي الغائب الأكبر في هذه الحرب التي تدور بين قوى عضلية تتباينان في الحجم والادوات والمهارة والشراسة لكنها تتوافق معا في الافتقار الى العقل الحضاري وفي معاداته من منطلق صريح.
    وهذه، في وجهها الآخر، حرب مصطنعة لا طرف آخر فيها بمواجهة الولايات المتحدة الأميركية التي تلهث دون جدوى كي تظهر بمظهر ممثل وقائد ما يسمى الحضارة الغربية وبالتالي قائد العالم الوحيد في خضم سعي لمصادرة وابتزاز الجميع بما في ذلك الغربيون والأميركيون انفسهم.
    لكن هذا لا ينفي ان الحضارة الغربية ومنها الأميركية، شئنا ذلك أم دفنا رؤوسنا في الرمال، هي الحضارة العالمية الوحيدة حاليا والتي ننتمي لها طواعية شريطة ان نأخذها كما هي أي كعقلانية بجزئها الأكبر وليست كمسيحية او يهودية ـ مسيحية او ما شابه كما يتوهم بعض الشرقيين احيانا جهلا او قصدا متناسيا انها هي في الجوهر حضارة كونية ولا عرقية وقامت بفضل انتصار الفلسفة العقلانية، الانسانية والكونية، على المؤسسات اللاهوتية المسيحية ـ اليهودية تحديدا ومنها المؤسسات الاسلامية ايضا ممثلة بالخلافة العثمانية. فمن الواضح لدي ان الكلام الحالي عن حضارة راهنة اسلامية او اخرى شرقية محض توصيف مجازي لكائنات سالفة مثلما هي الحضارات المسيحية او اليهودية او الأغريقية البائدة.
    واعتقد بقوة ان الحضارة الغربية كالحضارات الكبرى الاخرى ومنها الاسلامية التي قادت العالم من قبل هي في الجوهر ملك لجميع البشر الارضيين الذين ساهموا في بلورتها جميعا عبر عطاءات حضاراتهم السابقة او عبر مساهماتهم الراهنة كعلماء او ادباء او فنانين او رجال دين او سواهم. ينبغي علينا كشرقيين اذن ان نسعى الى احتلال موقع اجمل وافضل لنا فيها محافظين على معتقداتنا الدينية والفلسفية ومطورين خصوصياتنا الثقافية والابداعية جنبا الى جنب غيرنا من البشر دون عقد او انغلاقات او أوهام.
    لسنا مقبلين على حرب لها مقومات ثقافية او دينية او جغرافية كما يتوقع هنتنغتون ويتمنى معظم المتعصبين من جميع الاديان والامم . كما لن يكون هناك احتراب بين الحضارات لأن هذه بطبيعتها الجوهرية تتوارث وتتكامل غير آبهة بالعرق والجنس واللون والجغرافيا وهلوسات الآيديولوجيا.
    هناك بالمقابل، داخل كل حضارة على حدة وداخل كل الحضارات معا، صدام بين عقليات جزئية هو ما يحاول هنتنغتون قسرا منحه بعدا مطلقا. واقصد به الصدام التذابحي احيانا بين العقلية الايمانية التي تنجب التطرف وبالتالي الدكتاتورية ونقع ضحيتها دائما، وبين العقلية المنطقية التي تطمح الى الديمقراطية والتسامح وان بتجريد واخطاء كبيرة.
    هاتان العقليتان موجودتان بالضرورة في جميع الثقافات. وشخصيا اجد نفسي منحازا بلا ادنى تردد الى العقل المنطقي ولذا على يقين من ان هذه الحرب قائمة بين اطراف متطرفة وشخصيا اتمنى دمارهما معا.
    اما عن نظرية صدام الحضارات، فهي في نظري، كانت مستنفذة بالقوة قبل احداث 11 سبتمبر لتصبح مستنفذة بالفعل بعد انتصار الولايات المتحدة على طالبان
    وتنظيم القاعدة. لذا لا استبعد ان يخرج علينا هنتنغتون بعد سنوات وربما قليلة بكتاب آخر يتبرأ فيه من نظريته هذه كما فعل تماما قبله فرانسيس فوكوياما.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de