مقال الطيب مصطفى الذى رفضتة الاجهزة الامنية بمناسبة زيارة الرئيس حسني مبارك
أين مصر مما يجري في السودان؟! الكاتب الصحفي المصري فهمي هويدي الذي يُعتبر الأشهر عربياً بعد محمد حسنين هيكل بالنظر إلى انتشاره إذ أن مقاله يُنشر في أكثر من خمس صحف عربية في دول مختلفة في وقت واحد... كتب مراراً من قبل عن غياب الدور المصري حالياً في السياسة العربية وفي السودان خاصة وكيف أن مصر تعتبر بمثابة العمود في الخيمة العربية وإن سقوط العمود جراء انسحاب مصر وتضاؤل دورها في الساحة العربية أسقط الخيمة العربية على رؤوس سكانها الأمر الذي يعكس المشهد السياسي العربي المنزوي حالياً في عالم اليوم. فهمي هويدي كتب بتاريخ 25/10/2008م مقالاً بعنوان »وساطة قطر في دارفور« عن تضاؤل الدور المصري والجامعة العربية وسأتجاهل الجامعة العربية باعتبار أن الضرب على الميت حرام لكني سأتناول بالتعليق كلامه عن تضاؤل الدور المصري وكيف أن دولة قطر سدَّت الفراغ المصري ولعبت دوراً مهماً في عدد من القضايا العربية في عدة دول حققت في بعضها نجاحاً كبيراً وضرب مثلاً بالدور القطري في لبنان واليمن وفلسطين والصومال وأخيراً السودان وعقد مقارنة تعكس أسباب النجاح القطري والفشل المصري في التعامل مع القضايا العربية خاصة قضية العرب المحورية »فلسطين« والتي قال إن عدم حياد مصر في التعامل مع كل من حماس والسلطة الفلسطينية ألقى بظلاله السالبة على الدور المصري ثم قال إن مصر الراهنة تخلت عن دورها الاقليمي ولم توجِّه الاهتمام الواجب إزاء أمنها القومي وأصبح شاغلها الأول هو وضعها الداخلي وقال إن تضاؤل الدور المصري ناتج عن الضغوط الأمريكية على مصر وتحدث بمرارة - وهذا هو بيت القصيد- عن انسحاب مصر من الشأن السوداني وقال إن السودان ليس جيبوتي أو موريتانيا في بعدهما الجغرافي عن مصر لكنه بلد لصيق بمصر تمر به مياه النيل التي هي شريان الحياة بالنسبة إليها الأمر الذي يعكس أهمية الوضع في السودان استقراراً أو اضطراباً على الأمن القومي المصري. أود أن أقول إن هويدي أراد بكتابته تلك أن يعقد المقارنة بين الدور المصري التاريخي الذي جعل مصر تنقذ العالم الاسلامي مرتين أيام الحروب الصليبية »صلاح الدين الأيوبي« والغزو التتري »ق(.........) والمماليك« وقد كتبنا مراراً عن انسحاب مصر من الشأن السوداني منذ أيام الاستعمار حيث تركت الحبل على الغارب للانجليز ليحددوا مصير السودان وذلك حين أصدروا قانون المناطق المقفولة وأغلقوا الجنوب في وجه الشمال وسلَّموه للبعثات التبشيرية ليوغروا من خلالها صدور أبناء الجنوب على الشماليين ثم قرروا لوحدهم ضم الجنوب للشمال عام 1946م بدلاً من ضمه ليوغندا أو فصله كدولة قائمة بذاتها وزوَّروا مؤتمر جوبا الذي قرر »كذباً« توحيد الجنوب مع الشمال ليدخل كل من الجزئين »الشمالي والجنوبي« في النفق المظلم الذي لا يدريان منه مخرجاً حتى اليوم ثم إن الانجليز تمكنوا بألاعيبهم جراء غياب الدور المصري أو تضاؤله من سوْق الأزهري نحو التخلي عن أهم مبادئ حزبه »الوطني الاتحادي« الداعي إلى الوحدة مع مصر الأمر الذي نتج عنه انفصال السودان عن مصر وتوحيد الجنوب والشمال وكان ذلك بمثابة قطع ما أمر الله به أن يوصل ووصل ما كان ينبغي أن يُقطع اتساقاً مع مقتضيات التاريخ والجغرافيا والهوية وأجزم أنه ما من بلد في العالم تأذَّى من بريطانيا كما تأذَّى السودان الذي لا يزال يتجرع من تلك الدولة صنوفاً من الزقوم والحنظل. ثم أخيراً جاء الغياب المصري الحالي والذي تمخضت عنه اتفاقية نيفاشا حيث تُركت الحكومة السودانية في العراء لدول الإيقاد المتعاطفة مع الجنوب وشركاء الايقاد الكارهين للشمال وهويته والمتعاطفين منذ أيام الاستعمار الانجليزي مع الجنوب على حساب الشمال ثم جاء الغياب المصري عن دارفور بالرغم من أن دارفور تجاور مصر جغرافياً وبالرغم من أن اسرائيل كانت ولا تزال قريبة من دارفور ومن الشأن السوداني كما سأبيِّن بدون تفصيل ومن أسف فإني لا أظن أن مصر تجهل أن الهدف الأساسي من حشر اسرائيل أنفها في الشأن السوداني هو الكيد لها والتأثير على أمنها القومي من خلال السودان ونهرالنيل وما أدراك ما نهر النيل!! انظروا بربكم إلى ما تفعله اسرائيل البعيدة جغرافياً عن السودان والتي تعتبر مصر عدوها الاستراتيجي ولذلك سعت إلى إخراجها من الصراع العربي الاسرائيلي من خلال اتفاقية كامب ديفيد وقدَّمت في سبيل ذلك تنازلاً كبيراً لمصر تمثَّل في سيناء رغم أهميتها في التراث والتاريخ اليهودي... أرجو أن نسأل أنفسنا هل تعتبر مصر اسرائيل عدوها الاستراتيجي؟... بالطبع لا وإلا لكان حالها غير الحال !! إن مصر الحالية الغافلة عن دورها الغائبة عن الوعي بحقائق التاريخ والجغرافيا حسب سنن الله الماضية منذ فجر التاريخ ستدفع الثمن غالياً إن هي ظلت على هذا الحال ولن يقتصر الضرر على السودان المهدد بالصوملة وبفقدان هويته وبالخروج من محيطه العربي الاسلامي. لقد ثبت أن علاقة اسرائيل بمشكلة جنوب السودان قديمة قدم الصراع العربي الاسرائيلي ولا أشك لحظة في التداخل الكبير بين السياستين البريطانية والاسرائيلية خلال حقبة الاربعينات والخمسينات وتنسيق مواقف الدولتين إزاء الشأن السوداني وقد كتبنا عن ذلك من قبل ولعل ما كتبه عميل الموساد المتقاعد اللواء موشي فرجي حول علاقة اسرائيل بجنوب السودان يكشف تلك العلاقة التاريخية منذ قيام دولة الكيان الصهيوني. أما دارفور فالليالي من الزمان حبالى وستكشف الأيام الكثير مما هو خافٍ علينا اليوم ورغم ذلك فإن ما افتضح من وثائق ومن علاقة الحركات الدارفورية باسرائيل كافٍ لإثبات التوغل الاسرائيلي في دارفور فقد أُعتقل اسرائيليون في العاصمة الأردنية »عمان« بتهمة تزويد تمرد دارفور بالسلاح وقد ذكرنا أسماءهم في وقت سابق كما أن فتح عبد الواحد محمد نور مكتباً له في اسرائيل يكشف جزءاً من تلك العلاقة القديمة والمتجددة. المحاضرة التي قدَّمها وزير الأمن الاسرائيلي آفي ديختر مؤخراً تكشف جزءاً من الاستراتيجية الاسرائيلية للتعامل مع السودان وسأكتفي بالاشارة إلى أن الهدف الأساسي لاسرائيل - حسب ديختر - يتمثل في »منع السودان من أن يصبح دولة مستقرة تستطيع أن تنمِّي قدراتها باستغلال مواردها فتصبح دولة اقليمية مؤثرة في محيطها الجغرافي وتشكِّل داعماً للقضية العربية وللعالم العربي« ولتقويض الأوضاع في السودان من الداخل عمدت اسرائيل حسب ديختر إلى »استغلال الثغرات الموجودة أصلاً في البنية الاجتماعية والسكانية في السودان«. ذات السيناريو أُستخدم في العراق الذي يشبه السودان من حيث الثغرات والاختلافات العرقية والطائفية التي سعت اسرائيل ولا تزال إلى استغلالها. نود أن نشير إلى أن السفينة الأوكرانية التي افتُضح أمرها والتي تحمل أسلحة للجيش الشعبي في جنوب السودان صاحبها يهودي اسرائيلي عميل للموساد ويقيم في اسرائيل. فهمي هويدي كان قد كتب مقالين معلِّقاً على كتاب موشي فرجي عن علاقة اسرائيل بجنوب السودان وكان المقالان بعنوان »أصابع اسرائيل في الخرطوم« وتحدث فيهما عن كيف استطاعت اسرائيل أن تُحدِث اختراقاً في الأمن القومي المصري من خلال وجودها في الخرطوم عبر جون قرنق... هويدي لم يكتب عما سيحدث عندما ينفجر البركان ويقوم مشروع السودان الجديد الذي ترعاه أمريكا والذي لا أشك لحظة في أن أصابع اسرائيل ضالعة فيه بقوة. تُرى... من يوقظ مصر النائمة عما يُدبر لها من كيد أراه الأخطر على مستقبلها بمعنى أن مصر لم تشهد في أي وقت سابق طوال تاريخها خطراً يتهدَّدها كما تشهد خلال هذه الفترة فهلا استيقظت من نومها؟

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]