|
البشير والنذير مقال للدكتور هشام عثمان\ نيويورك
|
رحب قادة العالم بالقبض علي ردوقان كارديتش المتهم بقتل ما يقرب من ثمانية الف مسلم من اهل البوسنة .جريمة راي المجتمع الدولي انها الابشع منذ محارق هتلر ليتحرك قطار محاكمته علي نفس القضبان التي سار عليها رئيس صربيا السابق \ سلوبودان ميلوسوفيتش لكن الكثير من الصرب يرون في رودوفان كارديتش وسلوبودان ميلوسوفيتش بطلين قوميين. بينما هما مجرمان في نظر العالم , نجد ان الرجلين يمثلان قمة البطولة في نظر من يرون ابادة المسلمين امرا مطلوبا من اجل صربيا العظمي التي لاجلها اقيمت مؤسسات اجرامية بشعه تخصصت في القيام بعمليات التطهير العرقي في البوسنه وكرواتيا . وكان هتا ف القوميين الصرب يدعمها بعبارات التشجيع والمديح التي تري في هذه الاعمال الاجرامية بطولات نادرة من اجل الحلم الصربي . سخرية السياسة الدولية والقدر معا هي ان رجال صربيا المؤيدين بالتصفيق من الملايين ممن يؤمنون
بالتطهير العرقي كسياسة لتحقيق الحلم الصربي العظيم لم يصلوا في النهاية الي تخوم ذلك الحلم بل وصلوا الي كابوس صربيا الاقل حجما والاقل وزنا وكذلك تكون نهايات احلام الطغاة . وبينما رحب العالم كله تقريبا بخبر القبض علي رودوقان كراديتش فان روسيا هي الدولة الوحيدة التي لم ترحب بذلك وقالت ان المحكمة مسيسه ومنحازة بل دعت روسيا الامم المتحدة لحل محكمة جرائم الحرب وهو موقف يحاول المداراة علي مجرمي الحروب باتهام المحكمة الدولية بالانحياز بدلا من النظر الي الامور بمنظار الضحية وبدلا من مواجهة الجرائم التي ارتكبت. بالطبع ككل المجرمين لم يعترف رادوقان او مسلوفيتش بجرائم الابادة الجماعية التي تمت ولا بدك مدينة سراييفو بالمدافع ووجد في صربيا وبعض الاماكن العطنة من العالم من ايدوه وكذلك تكون زمرة الظالمين . القبض علي رادوقان كراديتش لم يلقي في العالم العربي الترحيب الذي قوبل به في مختلف بلاد العالم ولا وجد الانكار الروسي وانما قوبل بشي من الدهشة والربكه ومحاولة البحث من قبل العقل العربي علي مؤامرة فيما حدث جريا علي عادة متاصلة في الذهن العروبوي وظن الكثيرين ان اعتقال كاروديتش ومحاكمته ما هي الا محاولة اوربية لتمهيد الطريق للقبض علي راس النظام السوداني عمر البشير ومحاكمته (لم يتحدث العرب كثيرا عما حدث بدارفور, ولم تخرج لجنة عربية مستقله تحاول معرفة حقيقة ما يجري علي الارض هناك في دارفور) وانما انبرت الاقلام والحناجر تتحدث عن الملعوب الدولي وتتحدث عن ان اصل الحكاية هو القبض علي كاروديتش هي ان الاوربيين يريدون ان ينفوا عنهم تهمة التحيز ضد المسلمين فبتاييدهم القبض علي كارودويتش قاتل المسلمين في اوروبا
سيبهتون مؤيدي الرئيس البشير ومناصريه وتلك كانت حصيلة اراء كتاب ومفكرين عرب قيلت في صحف واذاعات وعلي شاشات تلفزة . كما تظاهر مئات الصرب واحرقوا الاطارات في البوسنه وكما اعلن مئات الصرب ايضا ان الجرائم التي ارتكبت غير (مهمة) وان كاروديتش وميلوسوفيتش هما بطلان قوميان وكما شكك الصرب والروس في نزاهة المحكمة الجنائية الدولية فقد تجمع الاف المتظاهرين في الخرطوم احتجاجا علي مذكرة اوكامبو وعلي المحكمة الجنائية الدولية وقد صب المتظاهرون سيلا من الاتهامات علي ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية تخص سلوكه الشخصي . بالطبع دارفور والبوسنه مختلفتان والبشير وكاردويتش ايضا ولكن يبدو ان نظاما اسلاميا قرر ان يقف في صف الذي اباد المسلمين باوربا لانهما مشتركان في عدو واحد هو المحكمة الدولية . قضية البشير كرجل هو علي قمة الهرم السياسي في دولة مستقلة ذات سيادة تعد هي الاولي من نوعها في مسالة محاكمة رئيس امام المحكمة الجنائية الدولية مع وجود حالتين متشابهتين هما الرئيس الليبري تشارلز تايلور الذي يحاكم علي جرائم ارتكبها في سيراليون وحالة ميلو بودان ميلوسوفيتش الذي حوكم لارتكابه جرائم تطهير عرقي فيما كان يسمي يوغسلافيا سابقا والذي مات في زنزانته قبل . صدور الحكم محاكمة رئيس ليبريا السابق وصربيا هي محاكم خاصة غير التي يخضع لها البشير . قضية البشير تطرح امام القانونيين الدوليين وامام المجتمع الدولي جملة من التساؤلات هي: من له الصلاحية في محاكمة رئيس مازال يحكم ؟. من يقوم بالقبض علي الرئيس مع ان ليس للمحكمة الدولية قوات خاصة؟.
هل ستستعين المحكمة الدولية بقوات الامم المتحده ؟ .
هذه التساؤلات ليست هي القضية الاهم في سياق هذا التناول , الموضوع اليوم هو قضية العدالة فيما يخص جرائم ارتكبت ضد الانسانية في مجتمع دولي زاد فيه التداخل والتشابك بينما هو محلي ويخضع لسيادة القانون المحلي وبينما هو عابر للحدود وبتنامي ثقافة حقوق الانسان في ظل العولمة بات ان من حق المجتمع الدولي ان يتدخل في الجرائم التي تستفز الانسانية باكملها, خصوصا عندما يكون القضاء المحلي في وضعية لا تسمح له بمباشرة اجراءات العدالة تجاه المجرمين . في القضايا العالمية مثل ابادة اليهود في اوربا وكذلك الحرب العالمية الثانية نصبت محاكم ( نتونيبرج) وكان وكان الاساس القانوني لها هو ان الجرائم التي ارتكبت هي اساءة للانسانية جمعاء لذا حق علي المجرمين العقاب
ما حدث بدارفور من انتهاكات وابادة حركت الضمير العالمي في كل اتجاه بلا شك ترقي تلك الفظائع الي هذا الاساس القانوني في السوابق المشار اليها
د. هشام عثمان نيويورك
|
|
|
|
|
|
|
|
|