|
من هاشم كرارــ ضحى الدوحة..
|
25-10-2008 حكومة السودان.. هل تستبين الرشد «ضحى الدوحة»؟
أضاع السودانيون فرصة تاريخية، في حلحلة كل أزماتهم المتداخلة، دفعة واحدة، حين سنحت الفرصة التاريخية، في نيفاشا، الضاحية الكينية الجميلة.
سبقت اجتماعات نيفاشا، بين الحكومة السودانية وحركة قرنق «الجنوبية المتمردة»، دعوات من التجمع الوطني الديمقراطي، باشراكه في المباحثات انطلاقاً من أن الأزمة في السودان، لم تعد أزمة فقط بين الشمال والجنوب، وانما تعقدت بمطالب المهمشين في الغرب والشرق، ومطالب طلاب الديمقراطية، التي اغتالها بليل ودبابة، نظام البشير الترابي.
دعوة التجمع، كانت دعوة وجيهة، ذلك لأن التجمع كان يجمع فعالياً كل قوى السودان من أحزاب وكيانات ومؤسسات مجتمع مدني، ومن بين هذه الكيانات، الحركة الشعبية، كتحرير السودان، التي كان يتزعمها الزعيم الراحل جون قرنق.
الدعوة، اصطدمت أولا برفض من الحكومة السودانية، التي ظلت في كل أزماتها مع المعارضة، تدير هذه الأزمات بالقطاعي، انطلاقاً من فلسفة «فرق تسد»، واصطدمت - ثانيا - برغبة وسطاء «سلام نيفاشا» الذين ارتأوا إدارة حلحلة أزمات السودان، بما يعرف بفقه الأولويات، ولم تكن الأولوية، في نظرهم إلا اطفاء نيران اطول حرب في إفريقيا، الحرب بين شمال السودان وجنوبه.
و.. كما هو معروف، أرخت «نيفاشا» بعد مباحثات مطولة، سبقتها مباحثات في مشاكوس الكينية لسلام الشمال والجنوب، لكن وكما هو معروف، أرخت نيفاشا، في ذات الوقت لحرب أخرى، هي هذه المرة بين «الشمال» ممثلاً في الحكومة السودانية، وبين الغرب، الذي دخل في تمرد لاحقاق العدالة في توزيع السلطة والثروة!
الكلاشنكوف.. وحده، هو الذي به تسترد الحكومة الضائعة، هكذا قالت «نيفاشا»، وهذا ما تعلمه بعدها مباشرة، متمردو دارفور.. و«تخضّبت» الكلاشنكوفات بالدم .
واتسع القتال، ليمتد - بين القوات الحكومية والمتمردين - في مساحة هي بمساحة فرنسا.. و«تأفرقت» الأزمة أولاً، ثم «تدولت»، وأصبح الحل عسيرا، إلا بتدخل جيوش الهجين!
خرجت الأزمة الطاحنة - إذن - من بين ايدي السودانيين، وحين دقت الحرب بعنف أبواب أم درمان، وتوغلت حتى الجسر الذي يفصل بين العاصمتين السياسية والوطنية، تنبهت إلى خطورتها لأول مرة، حكومة السودان، هي الخطورة التي تتمثل في «جندلة» نظامها في عقر داره، فكانت دعوتها لمبادرة أهل السودان!
ما لا يمكن ان يجيء البارحة، يمكن ان يجيء اليوم.. وما لم يجيء البارحة، هو دعوة التجمع لأخذ الأزمات في السودان، كحزمة واحدة، والذي جاء به اليوم، هو ما كان قد دعا إليه «التجمع» الذي استحال إلى جزء «مهمش» في ما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية!
(المؤتمر القومي الجامع، هو الحل)
تلك كانت دعوة الصادق المهدي، التي كان يرفضها مرشد النظام، دكتور الترابي.
من المفارقات، ان الترابي بدعوته لتوسيع مؤتمر الدوحة لسلام دارفور، ليشمل كل الكيانات والقوى السياسية السودانية، باعتبار ان الأزمة في مجملها أزمة نظام، لكأنما يستعير لسان المهدي ولسان التجمع «المقطوع»!
هل يتوسع مؤتمر الدوحة، أم ان الحكومة سترفض مثلما رفضت قبيل نيفاشا أخذ الأزمات كحزمة واحدة؟
الأنظمة الحكيمة، تتعلم من التاريخ.. وكفى!
|
|
|
|
|
|
|
|
|