لحظات العناق .. وأتمنى من يملك القدرات الفنية أن ينزل المقالة الشهيرة التي تألق فيها الشقليني وبدعوته الصادقة بالعناق عندما ألمت محنة المرض الصدري بالأستاذ محجوب شريف
12-05-2008, 07:03 PM
عبدالله الشقليني
عبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736
كنتُ أُمني نفسي أن أكون نقي العواطف ، ومُحتجِب الصورة ، ولكن الصديق الروائي : عاطف عبد الله أبى إلا أن أكون كما يوَدُ . في لُجة عاصفة بالعواطف والشجن ، كان اللقاء ، وبالسلامة عادنا الشاعر كما يعودنا الوجد مع كل الطيبين . ومنذ زمان تنادينا خفافاً كخيول الريح في جوف العتامير ... كما قال الشاعر :الدكتور مبارك بشير . وكتبنا منذ عامين ونصف العام هذا النص :
محجوب شريف .. تعال إلى حُضني ، رُبَّ عافية تُعدي
عيوني تغرورق وأنتَ تضحك ، كما عرفناك دوماً تُجالِد الصعاب . وطني اليوم عليل تآمرت عليه الأكوان . تعال إلى صدري كي أتنفس عافية من أجلك ، فقد قال لي رجل من العامَّة : ـ ـ نَم في حضن محجوب فالعافية تُعدي . قلت لنفسي : ليتها تسمع وتُصدِق . يا سيداً قدمتَ إلينا من ريح خيل الحنين ، وأمواه شُرب الطيبين .جئت إلينا مُتدحرجاً من هِضاب الأحلام . كأنكِ راعٍ ترتدي مُخشوشن الخيش ، حافياً تمشي ، قصبة مزمارك تُحي عاشق الوطن . تقف أنتَ مُحباً ويجلس أكبادنا يشربون من نبعك علماً و وطنية . لو جلس إليك كِبارنا لما كان حالنا اليوم لا يَسُر عدواً ولا صديق . منكَ سيدي يبدأ الوطن الجميل خطو السماح . يبدأ سيرك منذ تفتحت عيناك جوالتان ترى الفرع يميل للانكسار تُقومه ، تهبُط الوادي كنيل يسقي القاص والداني ولا يمَلّ . من يُرسلنا لِجَنة الحنين ونحنُ أحياء ؟ ( كَشامَانيٍ ) أنتِ عبرت أحراش أرضنا وأشواكها وأشواك بعضِنا . تقوم منذ ساعات الفجر الأولى يصحبك زوار الليل يعرفون أنك لا تهاب من البشر غير فُقراء موطنك. لا تذرِف الدمع إلا لأجلهم. عندما زغردت الجَدة فَرِحة بزفافك ، كان مهر سيدة الشراكة والحُسن سيفاً حِليةً من تُراث ، وكُتيبات كسرتِ بهِنَّ سُلطان العادة ، وقُلت لفاتنة أحلامك الكبيرة والصغيرة : ـ تعالي لنُكثر الوطن بسواعدٍ خُضر جنة رائعة وأفنان . مكان الطلقة عصفورة .. تُحلِّق حول نافورة .. من زَرع فينا مثلك نبتاً وقامة ؟ الشِعر عندنا بفضلكَ اليوم طعاماً يحيا به الإنسان شامخاً ويُزلزل كراسي المُلك . حَببت إلينا المضارب ومساكن الفقراء، والكلمات الحميمة بلُغة الأم الرءوم . تبدلت الحبيبة ولبست قميص ورد كلامك. الصبح على ضفاف أغنية من شِعرك يصحو و أسماعنا التي لا تنام. في أعراس الوطن تغنيت من أجل الزفاف ، وفي يوم الزفاف وبعده . كتابُك سيدي ناصعاً، ووجهُك طيبٌ وألفة أحبها أبناء الوطن من كل أركان الدُنيا. بخُضرة لونك أمسكت بخاصرة الوطنية ، تتوسط أنت بلون بشرتك الألوان المُسالِمة . كأن وصمة ميراثك رأت دون وعي ألا تُغضِب أحدا. معنا أنت بجسدكَ وروحك. طموحكَ جلسة مع الصحاب، وطفلة على الكتِف تنام وأنت تسهر تُطيب الخواطر. بمرآك يستحم الطير و لا يجزع . تُصادقك الكائنات من كل الدُنيا ، ويجلس رفيقك ( وردي ) لتُسامره فتتفجر الأنغام لشعبنا : ............. في أمسية ذات يوم جلس إليك سلطان في الزمان يستجدي أن تمد إليه يدك لترضيه ويسعَد . أنتَ ببساطتكَ جالس تصُب له من إبريق الشاي وهو بالجاه والمال والسلطة يستجديك لترضى ، دمعت عيناه وهو يستجدي . ضحكت أنتَ و قلت له : ـ للثعالب لا أمُدّ يدي مُصافِحاً ، ولأبناء شعبي أفرُش قلبي وسادة لنومهم . مُتعبون من شقاء الركض من الصباح إلى المساء ، ومن بعد المساء ترغب الحُمي جليس يُسامِر ، وطبيب لا يُجاريه طبيب . من يشتَم نَفَسك هابطاً وصاعداً ، يقول للعافية : ـ لدينا أجساد بسعة كوننا الكبير، و رئة بحجم القَمَرْ . تستنشق الحياة أكسيد سِحرها ، و تقوم دونك كل الدُنيا كي تستريح العافية عند مرقدك يا منتهى القلوب عندما تُحب وتعشق . يا سيداً من نُبل كريم الحجارة . تُصادق الإنسان كدلفينٍ لا يتعَب ، كنبعٍ لا ينضب . محجوب أنت الروح التي لا تحتجب . أنتَ الحُب يتدفق كرمل الصحارى . بوجودك معنا يلتف عُنقود الفأل قماشاً ( للضريرة و الحريرة ) ، دوماً تقول لنا هناك أمل فلا تبتئسوا . قُل لي سيدي .. كيف تنام غريراً وبكَ ما بِكَ ؟ ألف ألف تميمة وتميمة تنتظر أن تنام على صدرك لو كان الشفاء بيدها. ألف ألف وردة حُب من صنيع أحباؤكَ صافية كحليب قلبك تنتظر أن يتزين النيل بمقدمها من بعد شفائك يا سيد الكرام . وقفت ببابكَ يا موطني ، و خلفي عروسٌ لم تزل مُخضبة بروائح مُعتقة . قُلتُ لها : ـ أتعرفينه ؟ قالت : { قدمت صغيرة مع والدي إلى بيته . أجلسني قُبالته على مقعد صغير وقال لي : ـ اقرئي لي من عِلمك يا صغيرتي وعلميني . قلت له : ـ أنت صديق أبي ، وكبير في السن ، وأحسبُك ذا علم . ضحك وقال : ـ أنتِ حدَّاقة تُحبين المعرفة ، اقرئي لي . وبدأت : ـ ع عَسل .. و ولد . ضحك وقاطعني : ـ قولي : و وطن . قلت له وما الوطن ؟ قال : ـ هذه اليد الحريرية التي تُمسك يدي هي من موطني . الأرض التي نقف عليها جميعاً بمائها وريحها ورزقها من موطني . خيرها الكثير وشرها القليل ، هو في موطني . لو أحببناها لأخرجنا الشر بالمحبة .} يا موطني ، خلف العروس زوجها ، وأمها وصف ينتهي عند الأفق ، ومن بعد الأفق غُبار الرواحل . جاءت جميعاً تطلب أن تُشفي لها جسداً ، نحن نعرف أن محجوب لا يستريح هو إلا حين يُجبره مبضَع الجراح . منك يا موطني نفير أبنائك وبناتك من أجل مزمار أحبَكَ بقدر ما مضى من العُمر ، فهلا ترفقت بنا . أشهد له بمحبتك في العافية.. و بدونها . مكانك صميم الفؤاد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة