(حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-11-2024, 02:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-28-2008, 10:46 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول

    (حزب الأمة هو المسئول)


    إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول

    د . حيدر ابراهيم علي

    [email protected]

    استيقظ السودانيون صباح يوم شتوي مماثل لهذا اليوم، صبيحة 17 نوفمبر 1958 على موسيقى مارشات عسكرية أعقبها صوت ابوي رتيب غير متحمس، مثقل، بمسؤولية أكبر من طموح صاحب الصوت – الضابط العظيم الذي كان ينتظر التقاعد القانوني بعد شهور يونيو 1959 ليعيش شيخوخة مطمئنة. وكان ينوي بسبب خلفيته الهندسية افتتاح محل لبيع الدراجات واصلاحها (شهادة الفاتح بشارة مدير مكتب الرئيس الأسبق عبود – صحيفة الحياة 4/12/1998). ولكن وجد نفسه يخاطب الشعب السوداني: (.. كان من الطبيعي ان تهب قواتكم المسلحة).

    وكان هذا بعد قائمة قوية من الاتهامات، استهلمها بقول حاسم، بان البلاد قد وصلت حالة من الفوضى وسوء الاحوال امتدت الى جميع مرافق الدولة، وان هذه الفوضى سببها صراع الاحزاب التي سعت للمصالح الشخصية والحزبية فقط. ولذلك استولى الجيش على السلطة لاقرار الأمن وتحقيق الاستقرار.

    السؤال هو: هل صحيح ان هذا الانقلاب حقيقة هو المسار الطبيعي او النتيجة الوحيدة الممكنة لانتهاء أول تجربة ديمقراطية بعد عامين فقط من الاستقلال ؟ يصعب الاجابة بلا او نعم. لان التاريخ هو دائماً ما حدث ولا يمكن القول بانه لو كان هكذا هو الحال كان سيحدث ذلك الشئ ! (مثال: لو كان شكل انف كليوباترة مختلفاً كان يمكن الا تحدث تلك المعارك !) وفي السودان السلوك السياسي الحزبي وفهم السياسيون للحكم وادارة البلاد جعل اصحاب الانقلاب يظنون ان الاصلاح لابد ان يأتي من الجيش. وبعيداً عن الدوافع السياسية للانقلاب، هناك رأي عام بين العسكريين بان الفساد وضعف الاحزاب والتسيب والفوضى ترجع كلها الى ان السياسيين مدينون او ملكيون (Civil) وبالتالي ينقصهم الضبط والربط والنظام. وغياب هذه الصفات في العمل السياسي يؤدي حتماً الى عدم الاستقرار. هذا العامل السايكولوجي في شخصية العسكري يجعله اكثر ثقة بقدرته على تخليص او انقاذ البلاد من الفوضى ومن احتمال التفكك والانهيار.

    اما الأسباب السياسية البنيوية، فتبدأ ايضاً بسؤال حول: مدى ديمقراطية احزابنا السياسية الوليدة عقب الاستقلال ؟ ونقصد الديمقراطية الداخلية ثم الديمقراطية في الاداء السياسي اي صنع القرار واتخاذه وتنفيذه ديمقراطياً. صار من نافلة القول ان هذه الاحزاب مجرد تجمعات قبلية وطائفية دينية وشخصيات كارزمية وبالتالي لم تهتم بشكل وهيكل الحزب من ناحية، ولا بالبرامج والسياسات. وهذه الوضعية لم تتغير بعد نصف قرن ما عدا الاستثناءات لدى ما نسميه بالاحزاب العقائدية والتي تفتقد الديمقراطية الداخلية. وهذا يعود بنا الى قول علماء السياسة بانه لا تقوم انقلابات بلا سبب، وقد يكون السبب صعب القبول او ضعيف لدينا ولكنه قوي لدى الانقلابيين، وفي السودان كان السبب موجوداً ولكن هل كان يقتضي الانقلاب على الديمقراطية مهما كان ضعفها وسلبياتها ؟ والمحير في السودان هو ان كل الانقلابات الناجحة لم تجد مقاومة شعبية تذكر عند حدوثها. وهذا يكشف ضمنياً عن مدى صدقية وايمان الاحزاب وجماهيرها بالديمقراطية لدرجة الدفاع عنها وحتى الموت في سبيل حمايتها. واقارن دائماً، بدفاع سلفادور اليندي في شيلي وكيف دافع حاملاً مدفعه الرشاش من على شرفة القصر الجمهوري حتى قتلته العصبة الانقلابيون. بينما قادتنا ما زالوا يملأ الفضاء بالمصطلحات: تهتدون، وتعودون وترضون، وكان الكلام هو عوض الفعل. وما زلنا نتذكر شريك الحكم ونائب رئيس الوزراء حين قال بان السلطة مرمية في الشارع ولو جراها كلب مافي زول بيطرده او يهشه، وكأن على قمة هذه السلطة. وهذه ظاهرة تستحق التوقف والبحث: لماذا لم يدافع حكامنا عن سلطتهم الشرعية التي اكتسبوها من الشعب وعن طريق الانتخابات ؟ أم مهمتهم ان يحكموا فقط والا يحمون هذا الحكم حين يقتضي الأمر بذل التضحيات ؟ فالحكم مجرد امتياز، والديمقراطية هي الوسيلة الأسهل ولا تحمل لديهم اي فكرة او مبدأ او قيم، فهي مثل السيارة او التلفزيون فقط. ولم تعمل الاحزاب على تعميق مفهوم الديمقراطية واختزلتها في البرلمانية والتصويت.

    يتحمل حزب الأمة مسؤولية الانقلاب الأول كاملة ويعطي دليلاً واضحاً لفهم الحزب للديمقراطية والتي يفترض فيها اعطاءه الشرعية، ولو أحس الحزب بأي خطر يقوم – ببساطة – بعملية تسليم وتسلم للجيش. فقد تم هندسة عملية تسليم بواسطة عبدالله خليل رئيس الوزراء المنتخب وسكرتير عام الحزب مع زين العابدين القيادي والمقرب للسلطة الانصارية الروحية. يقول الفريق عبود: (كنت في سنة 1958 القائد العام للجيش ومهمة الجيش معروفة هي الحفاظ على الأمن وكنت اتلقى تعليماتي من رئيس الوزراء ووزير الدفاع. قبل الانقلاب بنحو شهرين جاءني عبدالله خليل في المكتب، وقال لي: سيكون هناك جلسة في منزل السيد الصديق بام درمان. ودعاني لحضوره، فأخذت معي احمد عبدالوهاب وكان موجوداً السيد الصديق وعبدالله خليل وزين العابدين صالح. تطرق الكلام الى الموقف السياسي وشرحه السيد الصديق وقال ان البلد غير مستقرة واذا عمل وزير دفاع من الجيش فان هذا سيساعد على الاستقرار. (فانفضت الجلسة). ويضيف (قبل انعقاد البرلمان بنحو عشرة ايام جاءني عبدالله خليل وقال لي الحالة السياسية سيئةجداً ومتطورة ويمكن تترتب عليها اخطار جسيمة ولا منقذ لهذا الوضع غير ان الجيش يستولى على زمام الأمر. فقلت هذا الى ضباط الرئاسة احمد عبدالوهاب وحسن بشير وآخرين. مرة ثانية جاءني عبدالله خليل فاخبرته بان الضباط يدرسون الموقف، فقال لي ضروري من انقاذ البلاد من هذا الوضع، ثم ارسل لي زين العابدين صالح ليكرر لي نفس الكلام، والضباط وقتها كانوا يدرسون تنفيذ الخطة. قبل التنفيذ بثلاثة ايام جاءني عبدالله خليل في الرئاسة ليطمئن على الموقف، فقلت له كل حاجة قد انتهت وحتتم قبل انعقاد البرلمان، فقال لي: ربنا يوفقكم، سألته عما اذا كان هذا العمل مقبولاً ؟ فقال لي ان العقلاء والسيدين مؤيدين للحركة) (افادة ابراهيم عبود: تقرير التحقيق في الاسباب التي أدت الى انقلاب 17 نوفمبر 1958، وزارة العدل، ص26).

    أظهرت القوى السياسية عجزاً بيناً في ادارة شؤون بلد حديث الاستقلال يواجه تحديات عظيمة بالذات في تثبيت الوحدة الوطنية وانطلاق التنمية. وكانت ظاهرة شراء النواب وانتقالاتهم بين الاحزاب دليلاً على هشاشة فهم الديمقراطية والولاء الحزبي. فقد كان البرلمان يعكس قوة الولاءات القبلية اكثر، حيث كرس التقسيم الجغرافي حقيقة النظام القبلي. وكانت قوانين الانتخابات تتبنى الشكل البريطاني: صوت لكل شخص، واستبعدت نظام القوائم والذي يفترض ان تقدم القائمة برنامجها الانتخابي وبصوت المواطنون لهذا البرنامج وليس لاشخاص بعينهم. ورغم العيوب المشتركة بين الاحزاب ولكن حزب الأمة كان الأكثر حركة لتخريب التجربة الوليدة وان يجهضها بتسليم السلطة الى الجيش، ويعود ذلك الى عدد من الاسباب التي يختلف فيها عن بقية الاحزاب حتى الطائفي منها مثل حزب الشعب الديمقراطي.

    أولاً: طائفة الانصار التي تمثل العمود الفقري لحزب الأمة هي في الأصل حركة جهاد وبالتالي استمرت كمليشيات اكثر منها طائفة مدنية او حزب سياسي. وهذا أقرب لسؤال راهن كيف تتحول الحركة الشعبية في حركة مسلحة الى حزب سياسي مدني ؟ فالانصار رغم هزيمة المستعمر، لم تُسحق الحركة كما بقيت (المهدية) فكرة وثقافة يمكن احياء اشكالها التنظيمية ومنها العسكرية في اي لحظة. وكان تنظيم شباب الانصار شبه عسكري في الزي الموحد والتدريب والاناشيد او النداءات، وينشط في المناسبات الدينية. وفي بعض الفترات الأولى للحكم الثنائي كان الانصار محط شك ورقابة ولكن الطائفة صارت صديقة للحكم لذلك لم تتم ملاحقة الطائفة والتي برزت مع انشاء حزب الأمة عام 1945.

    ثانياً: لا تمتلك طائفة الانصار وحزب الأمة تراثاً في الممارسة الديمقراطية بحكم ان الطائفة بشكلها التراتيبي المتوارث هي المكون الاساسي للتنظيم الحزبي. فكانت العائلة – الطائفة هي التي تتخذ القرارات، ولم يعرف حزب الأمة الشكل الديمقراطي الحديث للحزب السياسي. لذلك لم يشعر حزب الأمة انه يرتكب خطأ حين قرر تسليم السلطة للجيش.

    ثالثاً، وهذا مرتبط بالنقطة السابقة. فقد كانت زعامة الانصار تعتقد بانها ذات شرعية تاريخية في حكم السودان. وان الاستعمار قطع استمرارية دولة المهدية ولابد ان تعود سواء عن طريق الانتخابات او الانقلابات العسكرية. وكان اهتمام حزب الأمة باجازة الدستور الدائم مجرد ترتيب لاستعجال انتخابات رئاسة الجمهورية ليتم انتخاب أمام الانصار اماماً للسودان او أميراً للمؤمنين. وفي هذا عودة الحق لاصحابه الشرعيين. وكان الانقلاب قطعاً لوحدة الاتحاديين وهم المنافس الوحيد والقوي. وجاء في أقوال عبود: (بعد الانقلاب بنحو شهر جاءني عبدالله خليل وقال لي ان السيد عبدالرحمن صحته معتلة واذا ممكن تعملوه رئيس جمهورية فقلت له أنني أعمل مع مجلس وهذا كلام غير مقبول) (التحقيق، ص28). ويبدو ان الانقلابيين والذين كانوا ينوون اجراء الانتخابات بعد عام، شعروا بانهم قادرون على حكم البلاد بمفردهم مع مساعدة بعض المدنيين مثل احمد خير وزيادة أرباب ومحمد احمد علي وعبدالماجد احمد كوزراء تكنوقراط.

    من الغريب ان الطائفتين الختمية والانصار أيدا الانقلاب الذي اطاح بحكومة ائتلافية تمثلهم. وهذا يظهر عدم الجدية في التعامل مع الديمقراطية ولو شكلياً وظاهرياً: الدفاع عن حق اكتسبوه جماهيرياً. وجاء في بيان السيد علي الموجه للمواطنين: (لقد تقبلنا نبأ تسلم جيش السودان بقيادة ضباطه العاملين زمام السلطة في بلادنا وأننا نأمل ان تتضافر الجهود وتخلص النوايا لتحقيق الطمأنينة في النفوس وتوطيد الأمن والاستقرار في ربوع البلاد (صوت السودان، 20/11/1958). اما السيد عبدالرحمن فقد كان أقل تحفظاً في تأييده، جاء في بيان الامام (أيدوا يا ابنائي هذه الثورة وادعو لها بالتوفيق والسداد واعينوها بان يكون كل منكم عيناً ساهرة وعزماً قوياً لتحقيق ما قامت من أجله ثورتكم وما تقدم اليه جيشكم المظفر من حمل أمانة الاستقلال والعمل الجاد (صحيفة النيل 21/11/1958). اما الحزب الشيوعي فقد عارض الانقلاب لان القوى الرجعية هي التي قامت به ولم يدن الحزب فكرة الانقلاب العسكري من أساسه. فقد جاء في ادانة الانقلاب (جرى الانقلاب تحت اشراف القيادة الرسمية للجيش ولم تقم به هيئة مناوئة من الضباط كما جرى في مصر او العراق) وهذا يعني ضمناً ان الانقلاب لو قام به ضباط مثل عبدالناصر او عبدالحكيم قاسم يمكن ان يكون مقبولاً. ويناشد البيان، وكأنه يدعو الى انقلاب مضاد وطني وتقدمي، والذي جاء بالفعل في 25 مايو 1969. يقول (يجب ان يضع حزبنا امام القوى الوطنية من الضباط في الجيش أهمية النضال ضد الحلقة الرجعية التي قادت الانقلاب والوقوف سداً منيعاً ضد تدبيراتها واستبدالها بقيادة وطنية متجاوبة مع مطالب الشعب الاساسية) (محمد سليمان: اليسار السوداني في عشرة أعوام، ص365).

    تعتبر الفقرة السابقة مدخلاً جيداً لبحث علاقة الجيش بالسياسة في السودان. فمن الملاحظ ان القوى السياسية السودانية لا ترى اي غضاضة في تدخل الجيش في السياسة ويعود ذلك الى ان الاحزاب كلها تعمل داخل الجيش بالذات الاحزاب التي تسمى عقائدية. فهي تعمل على (تجنيد) – لاحظ المفهوم – الطلاب منذ المرحلة الثانوية وبعض هؤلاء الطلاب يلتحقون بالكلية الحربية فهم ضباط المستقبل واحتمال ان يكونوا انقلابيّ الغد ايضاً. لذلك يتم التعامل مع الجيش او بالاصح ضباطها في الجيش كقوة مخبأة يمكن الاستعانة بها في اليوم الاسود اي عندما تتأزم الاحوال. وقد اعتبر احد علماء السياسة الانقلاب هو المقابل الوظيفي للانتخابات (Samuel Decalo) ويسميه البعض انقلاب (النخبة الجديدة) والتي تستخدم الجيش وليس الحزب لتحقيق طموحاتها باكتساب السلطة والثروة والمكانة الاجتماعية باحتلال مناصب الحكم. وهذا يدل على هشاشة الدولة الوطنية والنظام السياسي ككل. وفي السودان اقحم السياسيون الجيش في السياسة ولم يلتزموا بتقسيم العمل والذي يحدد دور الجيش في الأمن الخارجي فقط اي الدفاع عن الوطن من الاخطار الخارجية. اما الأمن الداخلي فهناك أجهزة مكلفة بذلك الا في حالات التمرد المسلح. يروي عن عبدالناصر قوله (لا نريد سياسة داخل الجيش، ولكن الجيش كله قوة داخل السياسة الوطنية) (أنور عبدالملك، المجتمع المصري والجيش، بيروت 1974، ص331). وهذه ما قصده البعض بان السياسة تسئ الى الجيش، يقول خبير عسكري: (للقائد العسكير هدف واحد، فاذا تولى السلطة أصبح له هدفان ووظيفته كجندي لابد ان تخضع للاعتبارات السياسية). ولهذه الاعتبارات قيود على العسكريين تضر باختصاصهم ويجد العسكريون بالذات حين يستولون على السلطة انفسهم في وضع جديد ليس أفضل مما سبق، ويكونون أسرى الصفات ذاتها التي كرهوها في خصومهم. وهكذا ينقلب المحررون الى طغاة ومستبدين.

    من الواضح ان السودانيين بعد الاستقلال فشلوا في تحديد تخصص وتقسيم العمل في قضية الجيش والسياسة. فاضروا بقومية ومهنية الجيش السوداني. فقد تجاذبت القوى السياسية الجيش واقحمته في السياسة. وهنا لابد من الاشارة الى انتهازية القوى السياسية التي تلجأ الى الجيش وتستخدمه في السياسة. فالمدنيون من الساسة يعتقدون بان لهم القدرة الفكرية والتنظيمية على استغلال العسكريين والتخلي عنهم بعد ان يقوموا (بالمهمة المؤقتة) اي اسقاط النظام السابق. ولكن التجارب اثبتت باستمرار قدرة وذكاء العسكريين اكثر من المدنيين. فقد استغل العسكريون المدنيين باكتساب القاعدة الشعبية وابعاد او تهميش المدنيين بعد ذلك، وتحولوا من أدوات الى فاعلين حقيقيين. وغالباً ما يحاولون الاتصال بالجماهير مباشرة، واحياناً يؤسسون تنظيمات سياسية جديدة – وقد تكون فوقية ولكنها مختلفة عن رؤى القوى السياسية التي اعتقدت انها دفعتهم الى الانقلاب واستلام السلطة.

    ساهمت القوى السياسية في عسكرة الحياة السياسية منذ انقلاب 17 نوفمبر 1958 والذي كان من بعض مبرراته ان صغار الضباط كانوا يخططون للانقلاب. ويعرف معجم المصطلحات السياسية العسكرة بانها نظرية او اعتقاد تعمل القوات المسلحة وفقاً له يقول بضرورة ممارسة التأثير او السيطرة على الحياة السياسية. وقد اعترفت كثير من دول العالم الثالث بهذا الدور حين اعتبرت الجيش صاحب دور حاسم في حماية الدستور، وأهم مثال تركيا. وفي دول أخرى ظهر مفهوم المؤسسة العسكرية والتي لا وجود مباشر لها في السياسة والحكم ولكنها تمسك في الواقع بخيوط اللعبة السياسية. والسودان بعد تجربته الغنية وبكل سلبياتها وايجابياتها يقف عند مرحلة لابد ان يحدد فيها دور الجيش، ليس فقط حسب نصوص الدستور، بل وفق ممارسة الاحزاب السياسية نفسها، مع الجيش ككيان قومي ومهني. وهذا المقال هو فتح للحوار والنقاش اتاحته مناسبة مرور نصف قرن على أول انقلاب عسكري في السودان

    http://www.sudaneseonline.com/
                  

11-29-2008, 01:35 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)

    Quote: المرحلة الأولى: 1945- 1958م

    نشأة الحزب

    وقعت معركة كرري الشهيرة في 2 سبتمبر 1898م معلنة نهاية دولة المهدية المستقلة وبداية العهد الاستعماري الثنائي الذي واجه انتفاضات مهدوية عديدة فقمعها بوحشية وعمل على تشتيت الأنصار وكسر شوكتهم. كما واجه لاحقا انتفاضة 1924 وقمعها بفظاظة. أدت تلك المواجهات ونمو الوعي القومي عالميا إُثر إصدار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ودورد ويلسون لمبادئه الأربعة عشر وإنشاء عصبة الأمم، والخلاف حول مركز السودان ومستقبله خلال المفاوضات بين الحكومتين المصرية والبريطانية، إلى إيقاد جذوة الحركة السياسية السودانية بين الخريجين السودانيين، وتطوير فكرة نادي الخريجين الذي كان يلعب أدوارا اجتماعية وثقافية وأدبية في عشرينيات القرن العشرين، نحو إنشاء مؤتمر الخريجين بأهدافه السياسية الواضحة في 1937م. قاد المؤتمر النشاط الوطني وسط الخريجين وأثمر أهم محطات الاجماع السوداني حينها بتقديم مذكرة الخريجين في 3 أبريل 1942م.

    كان الأنصار قد تم لم شملهم من جديد وبناء تنظيماتهم الاجتماعية وإشراكهم في المناشط الاقتصادية بمجهودات السيد عبد الرحمن المهدي الذي سعى للتنسيق مع قادة مؤتمر الخريجين ورعاية نضالهم الوطني نحو الاستقلال، ولكن المؤتمر وبعد انتخاباته التي جرت في نوفمبر 1944م سيطرت عليه جماعة الأشقاء التي كانت تتأهب لإصدار قرار من المؤتمر يفسر مذكرة الخريجين بأن مطلب السودانيين القومي هو الاتحاد مع مصر تحت التاج المصري. كما برز حينها اتجاه مصري رسمي قوي بتسوية مسألة السودان بعد الحرب العالمية الثانية في مؤتمر السلام أو في مفاوضات مصرية-بريطانية. كل ذلك أدى للتعجيل بإنشاء كيان يعبر عن الرأي السوداني الاستقلالي.. وهو حزب الأمة.

    نشأ حزب الأمة كتحالف بين ثلاثة عناصر هي: الأنصار، وزعماء العشائر، ونفر من الخريجين المنادين باستقلال السودان تحت شعار: السودان للسودانيين.

    بدأت الاجتماعات التأسيسية للحزب في ديسمبر 1944، وتمت صياغة لوائح الحزب ودستوره وبرامجه، وانتخب عبدالله خليل سكرتيرا عاما للحزب، فقام برفع دستور الحزب للسكرتير الإداري في 18 فبراير 1945م طالبا التصديق عليه والذي تم باعتباره ناد لعدم وجود قانون بشأن الأحزاب حينها.



                  

11-29-2008, 01:37 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: يعتبر الحزب أول حزب سوداني لأن الجماعت الأربع (الاتحاديين، جماعة الأحرار، جماعة الأشقاء، وجماعة القوميين) التي نشأت في اكتوبر 1944م لم تنشأ كأحزاب ولم تسم نفسها كذلك كما يرد في معظم كتب التاريخ المعاصر وإنما نشأت كجماعات في إطار مؤتمر الخريجين، ولذلك لم تفتح عضويتها لكل السودانيين ولم تخاطب غير الخريجين، كما لم تطلب تصديقا لتكوينها من الجهات الرسمية.

    موقف السيد عبد الرحمن المهدي من الحزب

    سأل سرور رملي السيد عبد الرحمن المهدي عن موقعه من الحزب وعما إذا كان هو رئيسه فأجاب: "إنني جندي في الصف، ولكن الله سبحانه وتعالى وهبني من الإمكانيات ما لم يتيسر لكثير منكم، وسأهب هذه الإمكانيات وسأهب صحتي وولدي وكل ما أملك لقضية السودان". وحري بالذكر أن حزب الأمة لم ينتخب رئيسا له حتى فبراير عام 1949 حيث تم انتخاب الصديق المهدي رئيسا للحزب.

    دستور الحزب لعام 1945م

    نص دستور حزب الأمة الذي أقر في الاجتماعات التأسيسية على أن مبدأ الحزب هو "السودان للسودانيين"، وأن غرضه هو الحصول على استقلال السودان بكامل حدوده الجغرافية مع المحافظة على الصلات الودية مع مصر وبريطانيا.

    إن الطبيعة الموجزة لدستور حزب الأمة يجب ألا تخفي حقيقة مهمة ربما تكون غائبة عن الكثيرين، وهي أن الحزب وصولا إلى هدفه الأسمى وهو الاستقلال قد اتخذ المطالب الاثني عشر المنصوص عليها في في مذكرة مؤتمر الخريجين في 1942 برنامجا له وسعى لتنفيذها من خلال مؤسسات التطور الدستوري التي أنشأتها الإدارة البريطانية وشارك فيها وهي: المجلس الاستشاري، و مؤتمر إدارة السودان ، والمجلس التنفيذي، والجمعية التشريعية ، ولجنة تعديل الدستور.

                  

11-29-2008, 01:39 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: معركة الاستقلال


    سعى الحزب منذ قيامه لإسماع الصوت السوداني الاستقلالي في المنابر الدولية ولحكومتي الحكم الثنائي، ثم قاد حزب الأمة في ديسمبر 1950 معركة داخل الجمعية التشريعية لنيل الاستقلال حيث تقدم محمد حاج الأمين ممثلا للاستقلاليين باقتراح يطالب فيه بالحكم الذاتي الفوري للسودان، وقد تدخلت حكومة السودان وسط مناصريها من الأعضاء للتشكيك في نية حزب الأمة بتكوين ملكية يرأسها السيد عبد الرحمن المهدي، وحشدت تكتلا واسعا ضد الاقتراح، وبالرغم من ذلك فقد فاز الاقتراح بصوت واحد (39 صوتا ضد 38). وتأكدت السياسة البريطانية بجلاء اخفاق وسائلها في احتواء الحزب وقيادته، ودخلت معه بعدها في صراع سياسي مكشوف بتكوين حزب سياسي مضاد له اسمه الحزب الجمهوري الاشتراكي في عام 1951م.

    وعلى الصعيد المصري، قاد الحزب حملة محمومة لتحقيق الاستقلال في مقابل الحملة التي قادتها مصر الرسمية، والأحزاب السودانية الاتحادية المناصرة لها لتحقيق اتحاد السودان تحت التاج المصري. ولكن قيام ثورة 23 يوليو 1952 بشر بقدوم عهد جديد اتخذت فيه مصر الرسمية مواقف أكثر تفهما لمسألة السودان، ونحت نحو التفاهم مع القوى السياسية السودانية الاستقلالية، ومع الحكومة البريطانية، ما أدى لتوقيع اتفاقية الحكم الذاتي وتقرير مصير السودان في 12 فبراير 1953، ثم إجراء انتخابات عامة في نوفمبر وديسمبر 1953، والتي هزم فيها حزب الأمة لعدة أسباب أهما اثنان:

    التدخل السافر للحكومة المصرية لتمويل الحزب الوطني الاتحادي بأشكال مباشرة وغير مباشرة.
    القوة النسبية لحزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي في مجلس النواب لم تعكس جملة الأصوات التي حصل عليها الحزبان في دوائر الانتخاب المباشر. فقد صوت حوالي 229.221 ناخب لمرشحي الاتحادي وحصل على 43 مقعدا. وصوت حوالي 190.822 ناخب لمرشحي الأمة ونال 22 مقعدا فقط. ذلك لأن متوسط عدد الناخبين في مناطق الختمية –المساندون للاتحادي- كان أقل من متوسط عدد الناخبين في الدوائر الأخرى. وكانت لجنة الانتخابات قد لفتت النظر في تقريرها الختامي إلى الاختلافات الشاسعة في حجم الدوائر وأوصت بإعادة توزيعها، وهو ما لم يحدث.


                  

11-29-2008, 01:41 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: ما بعد الانتخابات :
    اعتبر الاتحاديون فوزهم هذا تأكيدا لتأييد الشعب السوداني الاتحاد مع مصر، ورفض الاستقلاليون ذلك، ودخل الجانبان في صراع مرير. وكان بعض الاستقلاليين يرون عدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات ولكن بعد مداولة الرأي قررت الحركة الاستقلالية قبول نتيجة الانتخابات والعمل بالوسائل الدستورية والسياسية لنقضها فقرروا تنظيم المعارضة للاتجاه الاتحادي داخل البرلمان وخارجه واستقطاب كل القوى السياسية غير الاتحادية الشعبية والفئوية وتعبئة الرأي العام السوداني للتمسك بالاستقلال في القرى والمدن والبوادي، وفي مدة وجيزة بعد الهزيمة في الانتخابات استعادوا روحهم ا لمعنوية. وصار الرئيس إسماعيل الأزهري يسافر إلى مدن السودان وأقاليمه فيستقبل استقبالات شعبية كبيرة يحمل الناس فيها الأعلام ويهتفون: عاش السودان حرا مستقلا.



                  

11-29-2008, 01:43 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: حوادث مارس 1954

    تقرر افتتاح البرلمان السوداني رسميا في أول مارس 1954م وقررت الحركة الاستقلالية مقابلة المدعويين للافتتاح وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب باستقبالات شعبية كبيرة لاسماعهم صوت الاستقلال فلا تكون المناسبة مجالا لدعاية منفردة للاتجاه الاتحادي. عندما وصل اللواء محمد نجيب قرر المشرفون على خط سير موكبه تعديل خط السير، فقرر المشرفون على الاستقبال بقيادة الأمير عبدالله عبدالرحمن نقد الله أن يتحول الموكب لحيث إقامة اللواء في القصر الجمهوري لاسماعه صوت الاستقلاليين، ولكن سلطات الأمن منعت الموكب بالقوة فوقع صدام مؤسف راح ضحيته العديد من الأرواح من الجانبين. وأقيمت محاكمة لقادة الموكب برأتهم من تدبير الأحداث وأدانت بعضهم بالشغب ومخالفة الأوامر.

    لقد أدت تلك الحوادث للعديد من الاتهامات لحزب الأمة بممارسة العنف والهمجية، بينما وقف قادة الحزب يؤكدون براءة الحزب وأفراده من التخطيط للعنف أو التربص للموكب وعدت الحوادث دليلا على البطولة والفدائية في مواجهة الذخيرة النارية بالصدور العارية.. ولعل شهادة اللواء محمد نجيب التي دونها في مذكراته تساند أقوال حزب الأمة إذ كتب أنه يعتقد أن الاستقلاليين كانوا على حق وأنهم لم يطلبون سوى مروره بمكان الاستقبال الشعبي والذي كان سيكون كافيا لإرضائهم، واتهم الانجليز بتدبير الحوادث لإحداث انهيار دستوري فتعود السلطات للحاكم العام.. ومهما كان من نوايا المشرفين على الموكب، فإن حوادث مارس على مرارتها وعنفها لم تحرف الصراع من خطه السياسي والدستوري


    .
                  

11-29-2008, 01:45 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: الطريق نحو الاستقلال:


    استمرت الحركة الاستقلالية في خطتها التعبوية واتسعت قواعدها اتساعا هائلا، ففي أكتوبر 1954م انضمت الجبهة المعادية للاستعمار للجبهة الاستقلالية، كذلك انضمت إليها الجماعة الإسلامية وانضم إليها اتحاد عمال السودان واتحاد مزارعي الجزيرة. ثم أرسل اتحاد الطلبة السودانيين بالمملكة المتحدة برقية لحكومة الرئيس الأزهري يطالب باستقلال السودان. وفي يناير 1955م قرر اتحاد طلبة كلية الخرطوم الجامعية تأييد الاستقلال.

    هكذا أطل عام 1955 ليجد الحركة الاستقلالية قد صارت التيار الأقوى في الشارع السوداني. وقد ساهم ذلك ضمن عوامل أخرى منها انشقاق الحركة الاتحادية حول تفسير الاتحاد، وتعاظم تدخل الساسة المصريون خاصة الرائد صلاح سالم في تسيير أمور السودان، إلى إعلان الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري رأيا حول مصير السودان وهو قيام جمهورية مستقلة ذات سيادة ثم وضع تفصيلات تتعلق بالرباط مع مصر لإرضاء الأقلية التي ما زالت تتمسك بالاتحاد.. بهذا الموقف اتحدت الحركة السياسية حول مطلب الاستقلال، وعضد من ذلك الاجماع وقوع حوادث التمرد في الجنوب في أغسطس 1955م، والتي أدت إلى مزيد من التأكيد أن السودان عليه أن يتحد شمالا وجنوبا ويحل إشكالات التنافر القومي قبل الحديث عن اتحاد مع دولة أخرى...

    هكذا أعلن الاستقلال باجماع الآراء في البرلمان في 23 ديسمبر 1955. وتم إعلان استقلال السودان بتاريخ 1 يناير 1956م.

    هكذا حقق حزب الأمة بالتضافر مع جهود الوطنيين المخلصين شعاره الأول لفترة التحرير : السودان للسودانيين. وابتدأ بذلك عهدا جديدا.. ولكل مقام كان للحزب مقال.

                  

11-29-2008, 01:46 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: حكومة الاستقلال: 1956- 1958:

    جرت انتخابات 1953م والقوى الكبيرة فيها هما حزبي الوطني الاتحادي والأمة، وقد نال الأول أغلبية مريحة في الأصوات لتشكيل حكومته. ولكن سرعانما تتالت الانقسامات داخل الحزب الوطني الاتحادي بعد دخول الأزهري في مواجهة مع السيد علي الميرغني زعيم الختمية. وبذلك ابتدأ عهد المناحرات والتحالفات السياسية المتلاحقة بين الأطراف المختلفة في الساحة السياسية السودانية. في نهاية يونيو 1956 سقطت حكومة الأزهري وتم تشكيل حكومة ائتلاف من حزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي الموالي للختمية.



                  

11-29-2008, 01:50 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: انتخابات عام 1958

    خاضت أحزاب الوطني الاتحادي –متحالفا مع قوى اليسار في الغالب- وحزب الأمة وحزب الشعب الديمقراطي انتخابات عام 1958م فنالت : 62 مقعدا للأمة، 40 مقعدا للحزب الوطني الاتحادي، و26 مقعدا لحزب الشعب الديمقراطي.

    تكونت إثر تلك الانتخابات حكومة ائتلاف الأمة- الشعب مرة أخرى، والتي واجهت العديد من المشاكل سببها الرئيسي عدم الانسجام بين طرفي الائتلاف وعدم المقدرة على تسيير دفة الحكم في ظل ائتلاف هش وعاجز. وبدأ التململ الشعبي باديا في المظاهرات وفي التذمر من الجميع بما في ذلك الحزبين الحاكمين.

    داخل حزب الأمة تبنى رئيس الحزب حينها- الصديق المهدي رأيا مفاده أن الائتلاف الذي يناسب الحزب هو التحالف مع الحزب الوطني الاتحادي بقيادة الأزهري، وقد عارض ذلك الاتجاه السكرتير العام عبد الله خليل- والذي كان حينها رئيسا للوزراء. وأثناء مناقشة أزمة البلاد وموقف الحزب عرض السكرتير العام على أجهزة الحزب القيادية اقتراح تسليم السلطة لقيادة القوات المسلحة لتنقذ البلاد مما هي فيه من قلاقل، ولحماية سيادة البلاد ومنع أي اتجاه اتحادي محتمل مع مصر. رفضت أجهزة الحزب الاقتراح. ولكن رئيس الوزراء قدر أن المخاوف التي يراها ماثلة لا تحتمل التأخير، فاتصل باللواء إبراهيم عبود في قيادة القوات المسلحة وعرض عليه الأمر ثم سلم له السلطة في 17 نوفمبر 1958م، على وعد إعادة الحكم للمدنيين بعد إعادة الاستقرار للبلاد.

    حصل الانقلاب على مباركة السيد عبد الرحمن المهدي الفورية، وعلى تأييد السيد علي الميرغني. بينما وقف الصديق المهدي رئيس الحزب آنذاك والذي كان في رحلة خارج البلاد في وجه السلطة الانقلابية الجديدة حال عودته، ومن خلفه العديد من قيادات حزب الأمة الذين أسقطوا اقتراح تسليم السلطة للجيش في أجهزتهم.

    إن مسئولية حزب الأمة أو بعض تياراته عن الانقلاب لا يمكن نكرانها، ولكن الدروس المستفادة لحزب حديث الممارسة في الحكم بقيت:





                  

11-29-2008, 01:55 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: ضرورة نزول القيادات على الإرادة الديمقراطية.
    المؤسسة العسكرية فاشلة في إدارة البلاد، وهي أكثر فشلا في الحفاظ على عهودها.
    الضيق بالنظام الديمقراطي بسبب عجزه أو انقسام صفوفه أو فقدانه للاستقرار السياسي وغيرها من المآخذ على الديمقراطيات الحديثة العهد، والسعي لنظم أوتقراطية بديلة لن يؤدي إلى نظم متفوقة في أدائها الاقتصادي أو السياسي أو العسكري، علاوة على انتهاك حقوق الإنسان وحجر الحريات الأساسية وإيقاف عجلة التطور الدستوري.. صحيح: إن الديمقراطية نظام سيئ سوى أنه أفضل من كل الأنظمة الأخرى!
    كان نظام عبود فاتحة النظم العسكرية في البلاد، وإن كان لحزب الأمة أكبر المسئولية في ولادته، فقد كفر عن ذلك بأنه كان له القدح المعلى في قيادة معارضته وإسقاطه.

    وإن كان لا بد من كلمة ختامية عن هذه الفترة من تاريخ الحزب- وهي الفترة التي أعقبت الاستقلال، فهي انعدام الرؤية لمشاكل البلاد وطرق حلها فقد كان غاية الاستقلاليين هي تحقيق الاستقلال. كما أن انعدام التجربة الحقيقية في الحكم، أدى لسرعة انهيار النظام الديمقراطي وتقويضه لنفسه، لأنه أيضا لم تكن للأحزاب حينها تجربة في حكم عسكري سوداني من قبل، وجاز للبعض بذلك أن يتوسم فيه الخلاص.

                  

11-29-2008, 02:02 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)
                  

11-29-2008, 08:03 AM

الشامي الحبر عبدالوهاب
<aالشامي الحبر عبدالوهاب
تاريخ التسجيل: 09-24-2008
مجموع المشاركات: 17541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote: وأثناء مناقشة أزمة البلاد وموقف الحزب عرض السكرتير العام على أجهزة الحزب القيادية اقتراح تسليم السلطة لقيادة القوات المسلحة لتنقذ البلاد مما هي فيه من قلاقل، ولحماية سيادة البلاد ومنع أي اتجاه اتحادي محتمل مع مصر. رفضت أجهزة الحزب الاقتراح. ولكن رئيس الوزراء قدر أن المخاوف التي يراها ماثلة لا تحتمل التأخير، فاتصل باللواء إبراهيم عبود في قيادة القوات المسلحة وعرض عليه الأمر ثم سلم له السلطة في 17 نوفمبر 1958م، على وعد إعادة الحكم للمدنيين بعد إعادة الاستقرار للبلاد.



    الاخ عمادالطيب سلام
    ما تقلته هو طبعا من مخطوطات حزب الامة
    وهو يحتاج الي وجهة النظر الاخري لتكتمل الحقيقة
    فالذي دفع عبدالله خليل الي تسليم السلطة للجيش
    ليس هو انقاذ البلاد وحماية سيادتها كما هو في النص
    المنقول في الاعلي
    وانما كان نتيجة لعزم حزب الشعب الديوقراطي26نائبا
    الانسلاخ من التحالف مع حزب الامة والانضمام الي الوطني الاتحادي 40 نائبا
    واسقاط حكومة عبد الله خليل 62 نائبا ولم يستطع عبدالله خليل ان يحتمل التطور الديموقراطي
    الي نهايته فدعي الجيش لتسلم السلطة
                  

11-30-2008, 00:52 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: الشامي الحبر عبدالوهاب)

    الأخ الشامي الحبر عبدالوهاب....تحياتي وشكراً على المرور...
    للتاريخ ذاكرة لا ترحم..ولا يمكن التعامل معه بإنتقائية كما فعل الأخ عماد...
                  

11-30-2008, 00:48 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)


    الأخ العزيز عماد الطيب...
    شكراً على المرور ورفد البوست بتاريخ حزب الأمة...

    إلا أننا لسنا أمام تاريخ حزب الأمة الآن....بل في حاضر ومستقبل الأمة السودانية....

    أرجو أن يكون لديك وحزب الأمة...ما تفيدونا به في حاضرنا ومستقبلنا المظلم بسبب حزبكم في مختلف التواريخ....


    خالص الشكر والتقدير

    أنور

                  

11-30-2008, 10:08 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)

    ـــــــ
    معليش يا أنور ,,,طبعاُ بعد السلام والتحايا

    عاوز أعرف إنت فهمك شنو للديمقراطية ؟!

    شنو السياسة والديمقراطية والممارسة ؟!

    وأصلاً هل هي تمثل قناعاتك أقصد الديمقراطية ؟!

    علشان الإجابة هي التي تحدد مسار النقاش .

    ـــ

    Quote: إلا أننا لسنا أمام تاريخ حزب الأمة الآن....


    طيب ..

    نجي لكلامك ده ...
    المقال الذي أوردته في مقدمة البوست بتاع الدكتور , بيتكلم عن (التاريخ ) وعنوان البوست الذي كتبته أنت خمسون عاماًعلي الإنقلاب ألم يكن هو التاريخ ؟! الذي لم تحضره أنت ولا أنا؟!

    الرابط , لونسة شوقي بدري وكلمة ونسه دي ما أول مره أقولها , طيلة ما لم تكن هنالك منهجية في كتابات التاريج سوف تظل ونسه في النهاية هي ونسه عن التاريخ ...
    ما أورته من إقتباسات ورابط مخطاطات تاريخ حزب الأم هي كان بالنسبة لمقال الدكتور اللي أصلاً لم يأتي بجديد فحزب الأمه معترف بالخطأ الذي وقع في الممارسة والإنقلاب وبدليل ذكره هذا الكلام في مخطاطات ووضعت لك ما تحت خط ..



    Quote: أرجو أن يكون لديك وحزب الأمة...ما تفيدونا به في حاضرنا ومستقبلنا المظلم بسبب حزبكم في مختلف التواريخ....

    لا يمكن أن تستطيع تحديد مصير بلد بتاريخ كامل دون أن تتعرض للفترات الشمولية الديكتاتوريا ..
    رؤية حزب الأمه القومي في حاضر ومستقبل الوطن موجودة , وطرحة في هذا المكان من قبل .

    وشكراً لك أنور للمحاولات .

    (عدل بواسطة emad altaib on 11-30-2008, 10:18 AM)

                  

12-01-2008, 03:57 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)


    Quote: معليش يا أنور ,,,طبعاُ بعد السلام والتحايا

    عاوز أعرف إنت فهمك شنو للديمقراطية ؟!

    شنو السياسة والديمقراطية والممارسة ؟!

    وأصلاً هل هي تمثل قناعاتك أقصد الديمقراطية ؟!

    علشان الإجابة هي التي تحدد مسار النقاش .


    وعليكم السلام والرحمة عزيزي عماد...


    ألتمس بعض التهجم من مداخلتك...فقد وضعت نفسك في وضع لا تحسد عليه...كونك تسألني عن الديموقراطية وفهمي لها...مستبطناً أنك وحزبك تملكان نواصي الديموقراطية...وعليه فأنت تستجوبني لفهمي "المفترض أنه خاطئ" للديموقراطية

    ببساطة مخلة، أو غير مُخلة...
    فهمي للديموقراطية هو عكس ما يحدث في حزب الأمة تماماً...وأحزاب سودانية أخرى...كمان -حتى لا تنفذ الي من باب أنني منحاز لسين أو صاد من الأحزاب...-
    ف
    حكاية الزعيم الأبدي دي، ما أظنها صحية للديموقراطية.....

    بعدين اذا كان زعيم حزبك الصادق المهدي* خلال هذه السنة فقط، مضى للمؤتمر الوطني على عدد من الشيكات البياض ، "من إدانة لغزوة العدل والمساواة من داخل القصر الجمهوري"، و ........، وإنتهاء بالتراضي الوطني الذي هدم آمال الكثيرين في أي تحول بالحسنى، فيجب أن يركز لأحدى آليات الديموقراطية البسيطة جداً وهي الرأي الآخر...والمحاسبة Accountability

    بالمناسبة: أرجو أن لا أحس ومن خلال الحوار...أنك تريد تبرير أفعال الإمام فقط...

    أرجو أن أرى لك نقداً واضحاً لحزبك...الآن وأمام أعيننا...عشان ما نبقى في قصة تنس الطاولة...أديك سؤال، ترد عليّ بسؤال التي يجيدها الكثيرون هنا وهي غير مجدية بتاتاً للحوار...

    سأستفيد من هذا البوست الموثق جيداً لحزب الأمّة...بشقيه، الأمام وود عمو...الصادق ومبارك الفاضل...وهكذا...

    من كان منكم بلا خطيئة....حزب الأمة؟؟
    http://sudanyat.org/vb/showthread.php?t=4187




    ____________________

    *مع إحترامي الشخصي لشخصه، إلا أننا لسنا في شأن خاص...بل في حاضر ومستقبل بلاد بأكملها، تتجاوز بقعة البقعة "أمدرمان" ، أو بيت المهدي والخ...يصادف أن هذا الشخص، هو السبب في تعاسة وإحباط ملايين الشباب السوداني بأفعاله السياسية الموغلة في الأنانية والأناوية...مقابل النحن الضائعة!

                  

11-29-2008, 08:21 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)
                  

11-30-2008, 02:50 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)
                  

11-29-2008, 11:03 AM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)

    الصديق العزيز أنور


    كتبت - بعد ساعات من توقيع ما يسمى بالتراضي الوطني) مقالا بعنوان (ملمح لانهيار السودان) نشر علي صفحات الغراء أجراس الحرية تحت عنوان معدل (حراك سياسي نخبوي) ويمكن الرجوع لقراءتها في بوست الاخ مجاهد عبد الله (الطائفيون الجدد) ::


    ما أردت قوله أن التراضي مثل كارثة وطنية : حيث لا سياق سياسي له : وأعطى شعورا غاية في السلبية بأن السياسة في السودان انما هي حسابات عرقية وجهوية لا علاقة لها بالتدافع السياسي !! وهنا خطورته..

    بل كتبنا بوضوح نحمل حزب الامة المسؤولية التاريخية في نقل الصراع الي هذا المربع العرقي الكارثي ,, وما حدث اخيرا من انتهاكات اجهزة امن المؤتمر الوطني يتحمل الامة المسؤولية عنها بسبب استقواء الحزب المتجاوز دوما بالتراضي وادعاءه بوقوفه علي ارضية صلبة من الوفاق الوطني وفرها له حزب الامة!



    لي عودة

    تشكر أبو اقبال
                  

11-30-2008, 01:13 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: مؤيد شريف)


    الأخ الحبيب والشجاع مؤيد الشريف...
    خالص محبتي
    أشكرك على المرور والتعليق..

    نجيب مقالك هنا على أمل أن تواصل التحليل ورفد البوست بكل مفيد، حتى نشخّص مصائبنا جيداً


    Quote:

    ملمح لانهيار السودان

    مؤيد شريف
    ما كان من تلاقٍ وتعاهد بين أطراف المعارضة علي تشكيل جبهة وطنية متحدة في مواجهة الحزب الحاكم والذي دارت وانعقدت جُل لقاءاته في المركز العام لحزب الامة القومي نفسه يعزز الظن ان لم يكن يقيم الدليل علي أن الخطوة التي قام بها منفردا حزب الأمة القومي أو ما يسمى بـ (التراضي الوطني) وحزب المؤتمر الوطني ليست عملا أوليا وتجهيزيا كما يحاول حزب الأمة أن يصور ،، بل هو خيار متخذ وخطوة استراتيجية مقطوعة لتحالف بعيد الأمد وواسع الاهداف من حزب الأمة ،، فالحزب بزعامته المحنكة والعارفة بخبايا الأمور تدرك أن (التراضي الوطني) وبمجرد اقراره والحزب الحاكم يعني فعليا تحرك حزب الأمة ومغادرته لقواعد المعارضة بتنوعاتها باتجاه قواعد الحزب الحاكم ما يخلق واقعا حرجا في صفوف المعارضة يجعل من عودة حزب الأمة للاصطفاف معها في حال تعثر (التراضي الوطني) أمر فيه نظر .


    دعوة حزب الأمة لأطراف المعارضة للالتحاق به عند منعطف الحزب الحاكم لا تخرج عن كونها (غزومة مراكبية) فالتنازلات الكبرى التي قدمها حزب الأمة والمتصلة بكارثة دارفور ونقص اليات وضمانات التنفيذ بجداوله الزمنية الملزمة اضافة للتوقيت غير الموفق لتراضيه والحزب الحاكم في الوقت الذي تتعرض فيه الحريات العامة والصحفية علي وجه الخصوص لهجمة شرسة ومتواصلة دع عنك عدم صدور أية اشارات ايجابية حتى وان كانت أولية من النظام فيما يخص بالاسراع في تعديل (كمشة) القوانين المقيدة للحريات والغير متوافقة والدستور الانتقالي بالتشاور والتراضي مع القوى السياسية ؛ بسبب كل ما تقدم من تنازلات من حزب الأمة والتي لا يقابلها أي نوع من التنازل الجاد من الحزب الحاكم لا يتوقع أن تنظر المعارضة بجدية لدعوة حزب الامة لها بالالتحاق بتراضيه الوطني والوطني.. فهل يرى الحزب وامامه في كل ما تقدم من فراغات خلفها تراضيه لمماً لا يكترث لها ؟؟!!.


    يقفز هنا سؤال مهم : لماذا آثر حزب الأمة التخلي عن ما كان مضمر ومعمول له من تحالف عريض وكافة أقطاب المعارضة في مواجهة الحزب الحاكم ، بل والالتحاق طواعية بالحزب الحاكم ؟ لا شك أن هذا الموقف كان نتاجا لقراءة سياسية خاصة بالحزب وزعيمه ، وربما وضعت في حسبانها ما هو مطروح من مشروع للسودان الجديد وما صادفه من زخم وتأييد وقد تكون لهذه القراءة دخولاً علي مناطق خافية ومعتم عليها...
    الانتقادات العلنية والمعلنة والتي بادر بها السيد الصادق بوصفه لمشروع السودان الجديد بالمشروع الغامض أو كونه مشروعا للفتنة شكلت في حد ذاتها انحيازا مبكرا وميلا باتجاه الحزب الحاكم علي ما فيها من انتقاد واضح وبين لمسلك الحركة الشعبية واختياراتها السياسية ويبدو أن الحزب الطائفي وصاحب الوزن الأثقل في قوى السودان القديم قد حزم أمره بان في تجذر وترسخ وسيطرة مشروع السودان الجديد ضررا قد يلحق به وبوزنه وبوجوده وهذا تقدير ، في تقديري، قد يصح ، في حال التزام كل الأطراف بما هو معلن من مشروع وبرامج ، فهما حقيقة مشروعان متقابلان ومتعارضان طبيعةً .


    ارتكازا علي ما سبق يلوح سؤال آخر : ما هو الشئ المستجد أو الطارئ في علاقة حزب الأمة بالوطني وقارب بينهما ؟ أوليس في مشروعيهما تعارضا؟ في تقديري المتواضع لا توجد فروقات كبرى وذات دلالة في المنشآت والمنطلقات الفكرية للجانبين وان وجدت فروقات واضحة في شكل التفكير والسلوك السياسي فهي عائدة للتوجهات القيادية الباحثة عن فرز وتمييز الأوجه وكل ذلك يأتي في سياق التنافس السياسي فكلا الطرفين يمتلكان مشروعا عقائديا للدولة الدينية مع فارق في التفصيل هنا وهناك ؛ وان كان الاخوان يدعون لها انطلاقا مما يسمونه باستلهام التراث الاسلامي واعادة بعث الصحوة فالأمة يدعو لها أيضا من خلال شرعيته الأساس في الطائفة (الانصار) وليس (الأمة) الحزب ، والأمة في جذره التكويني لا يسعه التخلي عن شكل من أشكال الدولة الدينية وان عمد علي (تطعيمها) ببعض مسحات تحديثية .


    اذن ،الطرفان يمتلكان مصلحة مباشرة وحيوية تجمع بينهما في الابقاء علي قضية علاقة الدين بالدولة ملتبسة ومثار جدل وعراك متصلين ودائمين ، فبها ومن خلالها واعتمادا عليها يتحشدون ويحشدون مناصريهم ويوجدون زخما لمشروعهم السياسي ، علما بأن أكثر القوى المعارضة لهم في أقصى اليسار السوداني لا ترى ضيرا في أن تكون الشريعة مصدرا من مصادر التشريع ولا يحسبون ذلك تنازلا منهم لصالح القوى اليمينية بل يرون فيه مسايرة وليونة أمام الاحتياجات الخاصة بالتركيبة المجتمعية بتراثها وميراثها . هكذا نخلص الي أن مسألة علاقة الدين بالدولة لا تمثل نقطة جذرية للخلاف بين الأمة والوطني ، وما درجت عليه الانقاذ في سنواتها الأول وحتى الي وقت قريب من انتقاد وصل لغاية العداوة والمواجهة مع ما يسموها بطائفية حزب الأمة لم تكن سوى محاولة لصناعة وايجاد وتوهم العدو ، فتصورهم لـ(مشروعهم) الاسلاموي لا يستطيع أن ينمو ويتمدد الا من خلال "مواجهة" وخلق عدو وان كان متوهما وغير حقيقي ، واثبتت التجربة أن عدائهم للطائفية كان يدخل في سياق المناورة السياسية وصناعة الضد لضمان التواجد واستمرار التجييش الشعبي.


    يتضح مما سبق أن الصراع في جذره انما هو صراع حول شكل الدولة ودرجة اكتساب الحريات والحقوق فيها ، فالقوى اليمينية في طائفية السودان القديم التقليدية والطائفية الجديدة في الاسلام السياسي تريد من خلال طرحها الخاص وتصورها الغير مكتمل التخلق في أساسه لما تسميه بالدولة الاسلامية وما تسميه أحيانا بالثوابت واحيانا أخرى بقطعيات الشريعة أو تحت أي مسمى آخر للاستهلاك السياسي تريد أن تكبح جماح الانطلاقة المرجوة باتجاه دولة الحريات والحقوق الكاملة ، والتاريخ يقف شاهدا علي أن ذات القوى لم تدخر وسيلة من دكتاتورية صريحة عسكرية كانت أم مدنية متلبسة أو أي شكل مدعى به للدولة الاسلامية الا وانتهجتها بهدف تأخير أو اعطاب الانطلاقة المرجوة نحو الدولة الديمقراطية والتي لو قدر لها أن تتحقق علي نحو معقول أو في حد أدنى ستمثل تهديدا جديا علي قوى السودان القديم الطائفية وقوى الطائفية الجديدة ،

    حيث أن الحراك الاجتماعي والذي يتوقع أن يعقب تجذر دولة الحريات والمساواة والقانون والانفتاح يمكن أن يستحيل ثورة اجتماعية هادئة في تحركها المجتمعي ومزلزلة في مخرجاتها علي واقع الاوزان السياسية للقوى الفاعلة ، سوى أن نتيجة مماثلة لا يتوقع أن يُسمح لها بالتمظهر في مرحلة تشكُلية هي الأدق والأخطر في تاريخ السودان السياسي والاجتماعي كالتي تمر بها بلادنا في هذه الأوقات.
    الطائفية ، والتي يبدو ، وبعد دخول الجميع في دوامة العنف والعنف المضاد وأحداث أمدرمان الاخيرة المؤسفة ، اكتمال لبناتها في نظامنا السياسي والاجتماعي لهي من أشد الأمراض السياسية فتكا بمستقبل الشعوب واستقرارها ، والازمات الطائفية لا تنتهي الا لتبدأ من جديد ولا منطق يحددها ولا مرجعية عقلانية يمكن أن تحكمها سوى منطق التسوية والتسوية فقط هي السائدة والممكنة ،

    ففي لبنان علي سبيل المثال رفضت الموالاة أن يُنصب زعيم التيار الوطني الحر وأحد أهم أقطاب تحالف المعارضة وحزب الله العماد ميشيل عون رئيسا علي لبنان ، فعاد عون ورفض لزعيم تيار المستقبل سعد الحريري أن يُنصب رئيسا للوزراء (واحدة بواحدة) ، هكذا هو منطق الاشياء في النظام السياسي الطائفي ؛ حيث يُغيب تماما مشروع الدولة في الوقت الذي فيه تتمدد وتتعزز مشاريع الطوائف استنادا علي دعم المحاور الاقليمية والمشاريع السياسية الدولية . وليس أكثر من النظام الطائفي غموضا وعبثية ، فبعد أن تقاتل الفرقاء في شوارع بيروت وسقط قرابة الثمانين ضحية وبدا المشهد وكأنه منزلق لا محالة باتجاه الحرب الأهلية الشاملة ، كانت بضع ساعات من الضغط الاقليمي والدولي كافية لا للتوصل الي حل وانما لاقرار تسوية جديدة للتسوية!!.. وأسوأ ما في النظام الطائفي أن الناس معه لا تملك الا أن تُزيف ارادتها بيدها وباختيارها ، فالانتماء فيه هو انتماء أولي بدائي ينزع للعرق والطائفة ولا يعرف بخلافهما محددا .


    كما أن اتفاق الدوحة الاخير والذي حسبناه جميعا نهاية للمأساة والتقاتل يقول عنه العارفون في لبنان أنه أسوأ من الطائف ، وان كان الطائف قد رسخ للطائفية بمقدار فرسخ ودعا للتقليل منها مستقبلا فاتفاق الدوحة رسخ لها بألف فرسخ باعتماده لقانون الانتخابات المعروف عندهم بـ ( الأقضية ) وهو قانون يجذر ويثبت للهيمنة الطائفية علي الواقع السياسي اللبناني ويضيق فرص المستقلين في الوصول للتمثيل النيابي الا من خلال محاصصة طائفية ما واتفاق مسبق يرضى عنه الشيخ او الزعيم وبشروطه لا يناكفه في ذلك أحد!! ما يعني أن الأزمات القادمة ستكون أشد حدة من السابقة ، ولبنان الأزمة منعته وحبسته مؤسسته العسكرية وقائدها المُجمع عليه من الانزلاق الي الفوضى والانهيار ،، فاين نحن من تلك ومن ذلك؟؟. وبعد كل هذه الدروس المجانية والتي يمنحنا اياها النظام السياسي الطائفي في لبنان تجدنا نندفع ونهرول بوعي من البعض واختيارهم وانقياد من آخرين باتجاه رسم الشكل النهائي للدولة الطائفية في السودان !!!..


    ما يحدث الان من حراك سياسي هو حراك سياسي نخبوي وفوقي ومنبت ومنعزل بدرجة كبيرة عن واقعه المجتمعي والقاعدي ، والا فكيف أمكن لحركة الاخوان المسلمين أن تدخل في العمق الاستراتيجي للطائفتين التاريخيتين !!، انها لعمري احدى أهم المنحنيات والتي سيكون لها ما بعدها ، فحالة الغموض والتعتيم المتعمدة تخلق اضطرابا وتشتتا في القواعد الشعبية ما يجعلها عرضة في أي وقت ومرحلة للاستغلال الطائفي والمذهبي ودفعها لاشعال الحريق وبداية التقاتل علي الهوية. وقد بدأت فعليا أولى مراحل الحريق القادم بعد أن اكتملت عملية زراعة التخويف والترويع من الآخر (ان لم تقتله قتلك) وهي مرحلة متقدمة جدا ومسمار صدئ لا يعقبه سوى التقيح والتقرح ، وبعد أن اتضح أن لا مؤسسة للدولة يمكن ان يجتمع شتاتنا عليها أو حولها ولا حتى شخصية يمكن ان نُجمع عليها . ويوم ان ينكب وينكفئ الناس علي ذوات مكوناتهم من دون تعقل فهذه طائفية كاملة وبغيضة وخطرة ،كل ما تبقى بعدها هو أن تُنتزع الفتيلة ويبدأ الحريق راسما ملامحا من قصة تفتت وانهيار السودان الحديث....




    يجب أن نعلم السبب في تأخرنا وفقداننا للديموقراطية في السودان جيداً

    معزتي
    أنور

                  

11-30-2008, 01:16 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)
                  

11-30-2008, 02:53 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)
                  

11-30-2008, 10:27 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)

    ــــــــ
    مرحب يا الشامي
    Quote: ما تقلته هو طبعا من مخطوطات حزب الامة
    وهو يحتاج الي وجهة النظر الاخري لتكتمل الحقيقة
    فالذي دفع عبدالله خليل الي تسليم السلطة للجيش
    ليس هو انقاذ البلاد وحماية سيادتها كما هو في النص
    المنقول في الاعلي
    وانما كان نتيجة لعزم حزب الشعب الديوقراطي26نائبا
    الانسلاخ من التحالف مع حزب الامة والانضمام الي الوطني الاتحادي 40 نائبا
    واسقاط حكومة عبد الله خليل 62 نائبا ولم يستطع عبدالله خليل ان يحتمل التطور الديموقراطي
    الي نهايته فدعي الجيش لتسلم السلطة

    هذا الكلام مجرد إستنتاجات وتحليلات فقط لا غير فلم تكن هي حقيقة واقعة لانو الواقع كان هنالك فلتان أمني , وفساد , وتتضجر من المواطن ...

    فهناك فرق بين الإستنتاجات والحقائق .
                  

12-01-2008, 04:03 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: emad altaib)

    Quote:
    هذا الكلام مجرد إستنتاجات وتحليلات فقط لا غير فلم تكن هي حقيقة واقعة لانو الواقع كان هنالك فلتان أمني , وفساد , وتتضجر من المواطن ...
    فهناك فرق بين الإستنتاجات والحقائق .



    عزيزي عماد تحياتي مجدداً...

    أرجو منك أن تترك الباب موارباً لإحتمالية أن تكون أنت على خطأ!!!

    فجلّ من لا يخطئ، ومن لا يسهو...!


    إن كانت إستنتاجات الغير وتحليلاتهم "فقط" لا تمثل عندك شئ...فأرجو أن تبرز "الحقائق" التي تريد إقناعنا بها...

    حتى الآن لم تعلن بوضوح أن حزب الأمة هو المسئول المباشر من الإنقلاب الأول!

    أرجو منك كتابة ذلك بوضوح، حتى تستتم لنا أرضية الحوار المفترضة!

    خالص مودتي وإحترامي

    أنور

                  

12-01-2008, 04:46 PM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)



    المَشْهَدُ الأوَّل: عَشِيَّة الكَارِثة(*)

    تميَّز الانقلاب الأخير في السُودان عمَّا سواه من الانقلابات الماضية, بأنه الأول الذي تواترت أخباره من وراء الحدود.. وخلالها، كان هناك من يُحاول القيام بواجبه, وقرع ناقوس الخطر قبل فترة طويلة, مُستشعراً السُلطة التنفيذية التي يقف على رأسها السيد الصادق المهدي، رئيس الوزراء.. «في يوم 18/3/1989في حديث عابر مع سفير دولة أوروبية, سألني عن الأوضاع بالسودان, وقال لي إنه سمع من بعض المسئولين المصريين أن انقلاباً سوف يحدث بدون شك, وأن الأمور لا يمكن أن تستمر على تلك الحالة, وبعدها حدثت محاولة انقلاب صلاح الضوي والمرحوم الزبير محمد صالح, وبعدها قمت بإرسال تقرير ضافٍ باليد للسيد رئيس الوزراء, مقيّماً الوضع بين السودان ومصر على ضوء التصريحات المتبادلة بين البلدين, وأشرت فيه إلى موضوع الانقلاب». ثم بعدئذٍ تكاملت الرؤى والمعلومات والوقائع مع ما كان يجري داخل الحدود.

    صباح الجمعة، 23 يونيو/حزيران 1989، تحلَق حول السيد الصادق المهدي، رئيس الوزراء ”المُنتخبُ“ آنذاك، بعض ضيوفه، في منزله الكائن بمدينة أمدرمان ”حي المُلازمين“.. دخل عليه ضابط من ذوي الرتب الوسيطة في القوَّات المسلحة، وكان يتأبَّط خبراً مزعجاً، تشيبُ له الولدان، وقد جاء تحديداً لإبلاغ المهدي به، فقال له: «هناك ترتيباتٌ تَجرِي لتنفيذ انقلابٍ عسكري لتَغيير السلطة الديمقراطيَّة»!!

    سألَه المهدي في البداية -ولم يُبدِ اكتراثاً ملحوظاً لمجالسيه- عن مصدر معلوماته.. فقال له الضابط: «ليس هناك مصدر معيَّن».. لكنه شرح للمهدي أنه، بعلاقاته المتشعِّبة وسط زملائه من العسكريين، استطاع التقاط كثير مِن الهمس الذي يدور بين ضبَّاط المؤسَّسة العسكريَّة, لدرجة أصبح ذلك في حكم اليقين.. وأضاف أنه لا يعلمُ متى سيحدث الانقلاب، ولا كيف؟! وبعد فترة ران فيها صمت رهيب على المكان, باغته المهدي بسؤالٍ استنكاري: «تفتكر مُمكن ضابط يغامر ويهِد الشرعيَّة الدُستورِيَّة؟!».

    لم يكن المُساءل في حالٍ يستطيع معها أن ينفى ولعاً شرهاً وطموحاً أرعن، أصاب كثيرين من منتسبي تلك المؤسَّسة بداء الانقلابات العسكريَّة, عبر سنوات من تأسيسها، لحماية ”الأرض والعِرْض“.. فردَّ على سؤال المهدي بقوله: «يا سيِّد الصادق، الضابِط المُغامر عندما يركب الدبَّابة، لا يعرِف ”المؤسَّسة الشرعيَّة“, وكلُّ تفكيره يكونُ مركَّزاً في اتجاه أن حياته في خطر، ممَّا يحفِّزه لتنفيذ تلك المُهمَّة فقط»!!

    عاجلَه المهدي بسؤالٍ تَقريري آخر، ينضح تواضعاً: «تفتكر ما الذي يمكن عمله؟».. لَم يتحذلق المُساءل في سؤالٍ يعلم أن سائله بمقدوره أن يؤلِّف فيه كتباً, فحصر اجتهاده فيما يعلمه، وقال له: «مِن الناحِية العسكريَّة، أستطيع أن أقول لك إن قادة الوحدات العسكريَّة يجب أن يكونوا ملازمين في وحداتهم بدرجة استعدادٍ قُصوى، وتَأهُّبٍ كامل, كما يمكن أن توضع كتيبة، أو أكثر، في منطقة ”فتَّاشة“ تحسُّباً».

    بدا السؤال الذي ألقى به المهدي فضفاضاً، يغري بالاجتهاد, فكسر حاجز الصمت الذي خيَّم على الحاضرين, وتمطَّى الحديث بنهمٍ، تنظيراً وتفعيلاً، باستدعاء كل شاردة وواردة.. فمن قائل بأهمية تسريع خطى اتفاقية السلام, ومن رأى ضرورة طواف السُلطة التنفيذيَّة -التي على رأسها رئيس الوزراء- على الوحدات العسكرية المختلفة، لتوضيح أهميَّة الحفاظ على النظام الديمقراطي، وحماية ”الشرعيَّة الدُستوريَّة“.. وشمل الحديث ضبط الأسعار الفالتة في الأسواق، لإشعار المواطنين بأنَّ هنالك سلطة ترعى شئونهم!!

    كان المهدي يصغي -كعادته- بإيحاء من تدبَّر لغده أمراً، أو هكذا ظنَّ مجالسوه, فانفضَّ سامرهم، كلٌ مضى إلى حال سبيله، بِما فيهم ناقل ”الكُفر“ بالنظام الديمقراطي.. ونودي على المهدي ليدرك صلاة الجمعة.

    بعد يومين مِن ذلك التاريخ، وتحديداً في يوم 25 يونيو/حزيران 1989، كان بِضعة أفرادٍ مِن جهاز الأمن الداخلي يحاولون رصد وقائع اجتماعٍ هام لعدد من قيادات ”الجبهة القومية الإسلامية“ في ضاحية ”المنشيَّة“، شرقي الخرطوم، منزل ربيع حسن أحمد, وكانت الإجراءات التأمينيَّة لهذا الاجتماع مثيرة بدرجة تثير الفضول, وتَشي باحتمالات حدثٍ قادم.. «ومن المفارقات العجيبة، أن يمر بهم السيد عبدالرحمن فرح، رئيس جهاز أمن السودان، في ساعةٍ متأخرة من الليل، وهو في طريقه إلى منزله بالمنشيَّة, وحرص أحد هؤلاء الضباط على إطلاعه على مهمَّتهم، وتنويره بما يجري في هذا الاجتماع المصيري.. ومن أطرف الحوارات التي دارت في تلك الليلة، المشحونة بالتربُّص، حوارٌ بين رئيس الجهاز وذلك الضابط، الحريص على أداء الواجب في تلك الساعة المتأخِّرة من ليلٍ خانق، اشتدَّت فيه وطأة الأحداث، ووطأة الحرِّ.. في هذا الحوار، قال الضابط، وهو برتبة نقيب أمن، لرئيسه: يا ريِّس، نحن الآن نقوم بِرصد اجتماعٍ هام لقيادات الجبهة الإسلاميَّة.. وعلى الفور سأله رئيس الجهاز: وما هي الأسباب من وراء هذا الرصد؟ أجاب النقيب: سعادتك.. الجماعة يرتبون لشيء ما.. أعتقد أنه انقلاب.. وقد وزَّعتُ القوة لمعرفة ما يدور، ولمتابعة الأمر.. ضحك عبدالرحمن فرح، وقال باستخفاف: الجماعة ديل يعملوا انقلاب؟! ثم تابع قائلاً للنقيب: إنتو مشغولين بالفارغة.. عينكم لـ”المايويين“ متحرِّكين وبيعملوا في انقلابات، وإنتو ترصدوا في ناس الجبهة؟ ثم طلب رئيسُ الجهاز في هذا الحوار القصير من ضابط أمنه أن ينهوا هذه المهمَّة، ويعودوا إلى أشغالهم، والاهتمام بالمايويين».

    ”المايويُّون“ الذين عناهم رئيسُ جهاز الأمن، هم بقايا الرئيس المخلوع جعفر نِميري, وقصد بحديثه ذاك محاولة انقلابيَّةَ مزعومة، قيل إنها كان ينبغي أن تحدث في يوم 18 يونيو/حزيران 1989، لتغيير الحكم, وكان اللافت فيها صمت كل المسؤولين في أجهِزة الدولة، بأجنحتها المختلفة, عدا ثلاثةٌ من الجهاز التنفيذي، جميعهم بهويَّة حزب الأمَّة, انبروا في الحديث عنها بسيناريوهاتٍ مثيرة, وتفاصيل استخفَّت بالعقل الجمعي لأهل السُودان بصفة عامة، وساسته بصفة خاصَّة.. ابتدرها السيِّد مُبارَك الفاضل المهدي، وزير الداخليَّة آنذاك، بالحديث إلى عدَّة صحفٍ محليَّة ودوليَّة، مؤكداً أن الخطة الانقلابيَّة كانت ستنفَّذ يوم 18/6/1989، لتتزامن مع مخاطبة رئيس الوزراء للجمعيَّة التأسيسيَّة, حيث كان من المتوقع أن تهاجم المجموعة الانقلابيَّة البرلمان، وتقضي على القيادتين، العسكريَّة والسياسيَّة، وتشل الحركة في الدولة، فيما يعود نميري.. ثمَّ أضاف شيئاً من ”المشهِّيات“ اللازمة، بما يجعل من السيناريو حدثاً مهضوماً!! فيما رأى رئيس جهاز الأمن، المسكون بـ”فوبيا المايويِّين“، أن الأمر يتطلب مؤتمراً صحفياً, عقده بالفعل يوم 20/6/1989، واسترسل فيه بخيال خصب, بدءاً مِن اكتشاف مبالغ مالية كبيرة في حوزة المعتقلين, مروراً بخططهم, وانتهاءً باتخاذ الحكومة لإجراءاتٍ أمنية مشدَّدة، في المطارات والموانئ، لئلا يهرب ”المتورِّطون والمتعاملون معهم“ من البلاد.

    أما رئيس الوزراء، الصادق المهدي، فلم يتوان في خلع جلبابه المدني، وارتداء بزَّة الجنرالات، وهو يخاطب الجمعية التأسيسية صباح اليوم التالي 21/6/1989، فأكد أن الانقلابيين كانوا يزمعون إطلاق قذائف مدفعية على مبنى البرلمان، للقضاء على السلطة التنفيذية والتشريعية, وتحريك الوحدات العسكرية المختلفة، والمبعثرة في أرجاء العاصمة وضواحيها، للاستيلاء على مبنى الإذاعة.. وتجاوز رئيس الوزراء في حديثه سقف الخيال، في التأكيد أيضاً بأن الانقلابيين، حال ما تؤول لهم السلطة، فإنهم سيقومون: «بإحضار السفاح نميري، وتصفية كل المعارضين, وبعد ذلك تتم تصفية السفاح نفسه»!! وأحكم رئيس الوزراء الحبكة الدرامية، بتحديد ساعة الصفر، والتي قال إنها: «الحادية عشرة صباحاً».

    واقع الأمر، كان ذلك أمراً عصياً على الفهم والإدراك، في روايات المسؤولين الثلاثة, ولكن بغضِّ النظر عن خيالاتها الشاطحة, وبرغم المثالب التي اعتورتها, فقد كان من الطبيعي أن يستدعي الحدث -بمقاييس الفعل ورد الفعل- الشروع في تحوُّطات عسكرية وأمنية وسياسية, تحمي ”الشرعية الدستورية“ وتكسبها واقعاً مُهاباً. غير أنَّ البديل، كان ”استرخاءً“ سمجاً، حشرت السلطة نفسها في دولابه, ونام كل من أدلى ببيانه للناس قريرُ العين، هانئها, علماً بأن الفارق الزمني بين الانقلاب المزعوم والواقعي الذي حدث بعدئذٍ, لم يتجاوز العشرة أيام.. والمسؤولون الثلاثة، هم المُناط بهم بالدرجة الأولى السهر لحماية ”الشرعية الدستورية“.

    أكد كثيرٌ من المراقبين، والمحللين السياسيين أن الانقلاب الحقيقي في 30 يونيو/حزيران 1989، استخدم الانقلاب المزعوم كغطاء تمويهي لتعزيز نجاحه, وهو افتراضٌ -بغضِّ النظر عن جدليته- يوضح مدى استخفاف الانقلابيين بـ”الشرعية الدستورية“، لأن الفاصل الزمني يستلزم التحوطات التي ذكرنا، وليس العكس.. بالتالي، فالذي أقدم على ”مغامرة“ كتلك، كان يدرك تمام الإدراك أنها سلطة لن تحرِّك ساكناً، طالما أن ”حرَّاسها“ في أوهامهم سادرون.

    سواءٌ كان الانقلاب المزعوم غطاءً تمويهياً للانقلاب الفعلي، أم لا, فالأنكى والأمرُّ في كل تلك الرواية, أن الانقلاب المزعوم نفسه, والذي تبارى السادة المذكورون في رسم سيناريوهاته بخيال ”هوليودي“ استند من جهة في حقيقته على طموحٍ أقرب إلى الهذر والسذاجة، ممن سُمِّي بقائد المحاولة، ”العميد أحمد فضل الله“، نائب مدير كلية القادة والأركان.. ومن جهة أخرى، ألبس ذلك الطموح ”اللواء صلاح مصطفى“، مدير الاستخبارات العسكرية، ثوباً فضفاضاً، وقدَّمه لمرءوسيه في هرم القيادة, حيث التقط القفاز بعضهم، وطرحوه طازجاً بين يدي السلطة التنفيذية, والتي أضافت له من خيالها الخصب ما جرى ذكره.

    كنا قد توقفنا حيث أنهى نقيب الأمن مهمة مجموعته، استجابة لطلب رئيس الجهاز عبدالرحمن فرح.. انصرفوا لقضاء ما تبقى من الليل مع أسرهم, على الرغم من أنهم كانوا قد استيقنوا -دونما تفاصيل تشبع رغبتهم- بأن الاجتماع كان محوره الأساسي التخطيط لتنفيذ انقلابٍ عسكري لصالح الجبهة القومية الإسلامية.

    بَيْدَ أن المهمة لم تنته في صباح اليوم التالي 26/6/1989، بالنسبة لمدير إدارة الأمن الداخلي، اللواء صلاح الدين مطر, الذي أعدَّ تقريراً ”خاصاً وعاجلاً“ إلى رئيس الوزراء، بنسخة منه إلى وزيري الدفاع والمالية، رصد فيه بصورة شاملة ردود الفعل المتباينة في أوساط الأحزاب، والتنظيمات النقابية والعسكرية، وكذلك آراء المواطنين، بالنسبة لما أُعلِنَ عن المحاولة الانقلابية المذكورة، جاء فيه: «يرى بعض العسكريين أن القوات المسلحة كان لها رأى واضح في الوضع الراهن بالبلاد, عكسته مذكرة الجيش في فبراير 1989, وما أوردته من أسباب موضوعية فيها -على حد تعبيرهم- يجعل أمر التحرك العسكري لتغيير الحكم شيئا متوقعاً, وأنه سيلقى الدعم من الوحدات».. وخلص فيه إلى أنه: «ظل يتردد أن بعض قيادات الجيش صرَّحت بأنها لن تتمكن من السيطرة والتحكُّم في من هم تحت إمرتها، ومنعهم من المغامرة، طالما أن الأسباب لقيام الانقلابات قائمة».. وأورد التقرير أيضاً مواقف الأحزاب المختلفة، بما فيها الجبهة القومية الإسلامية, ثم آراء المواطنين بصورة شاملة.. وختم مدير الأمن الداخلي ما جاء في التقرير بتعليقٍ وضع فيه قلمه على الجرح النازف، ذاكراً: «من خلال استطلاع آراء المواطنين، اتضح أن الكثيرين، وبسبب المعاناة المعيشية والحياة, أبدوا تعاطفهم مع ”التغيير“، وليس ”الانقلاب“».. ثم أسدى النصح لرئيس الوزراء، الذي لم يستبنه إلا ضُحى الغد: «والبعض الآخر يرى، ولتفادي السلطة لأي مغامرة جديدة, أن تعالِجَ مشاكل البلاد الاقتصادية والمعيشية، وتحارِب الفساد، وعلى أعلى المستويات، وتقديم كل من يثبُت فساده للمحاكمة، وأن تمضى قدماً في مساعي إحلال السلام في الجنوب والغرب».

    هذا التقرير، الذي أصبح يُعَدُ من أهم الوثائق التي تجاوزت أحاديث الشفاهة, فيما كان يصل إلى مسامع رئيس الوزراء في شأن الذي كان يجري فوق -وتحت- سطح الواقع السياسي السُوداني, ماذا كان حظه؟! كتب السيد الصادق مُلاحظاته عليه بخط يده، ووجَّهه إلى ”أخي الحبيب“.. ورغماً عن أن الوثيقة المنشورة كشطت الاسم, إلاَّ أن قرائن الأحوال تشيرُ إلى أنه واحدٌ من اثنين، لا ثالث لهما: إما وزير الداخلية نفسه، السيد مُبارَك الفاضل، بحُكم أن إدارة الأمن المذكورة تقع تحت دائرة مسؤولياته, أو رئيس جهاز أمن السُودان، السيد عبدالرحمن فرح، الذي تتكامل مسؤولياته مع الإدارة المعنية, وكلاهما من قادة الحزب العتيد.. بل إن رئيس الوزراء وصف التقرير لأحدهما، بأنه: «كالعادة، مُبتسرٌ من حيث الحقائق والتحليل»!! وتساءل باستخفافٍ مُمعنٌ في السُخرية: «متى يرقى الأمن الداخلي للإحاطة بالحقائق والتحليل الأشمل؟».

    تساؤل لم يكن الله وحده -جلَّ شأنه وعلا- يعلمه، كما قال المهدي في ختام تعليقه, فالثابت عندئذٍ أنه هو أيضاً كان يعلمُ إجابته.. والمُوقنون بهذه القدرية -فيما نعلم- يشمِّرون عن سواعد الجد، ليدرأوا الشبهات بالحيطة والحذر, ويَعمَدون إلى السياسات التي تطعم المُسغبين, وتحارب المُفسدين, وتبُثُ الأمن والطمأنينة في نفوس المُتعبين, وتُعِدُّ القوة ورباط الخيل للمستهترين بمصائر الخلق, وبعدئذٍ سيجدون أن الخالق الذي سألوه إلهاماً وإلحافاً أقرب إليهم من حبل الوريد!!

    في اليوم التالي لتقرير مُدير الأمن الداخلي, كان ثمة سيناريو يجري في موقع آخر.. فقد أورد سياسي ينتمي أيضاً للحزب الكبير شهادته عنه, ولكن بعد عشر سنوات من وقوع الطامة الكبرى، إذ قال: «في يوم الثلاثاء 27/6/1989، زرتُ الأخ إدريس البنَّا، ممثل حزب الأمة في مجلس رأس الدولة (قيادة جماعية) في مكتبه بالقصر الجمهوري، للتشاورِ معه حول ما كان يتردَّد عن انقلابٍ يوشك أن يقع، فيما رئيس الوزراء لا يحرِّك ساكناً.. اقتحم علينا خلوتنا الأخ أحمد عبدالرحمن محمد، وهو من قيادات الجبهة القومية الإسلامية، وهو يقول ”قفشتكم يا رجعيين, قاعدين تتآمروا على كيفية الفرار من الانقلاب؟ والله جاييكم.. جاييكم“.. هكذا أكد لنا عن مرئياته حول المتوقع».

    غير أن السيد إدريس البنَّا نفسه كان أكثر تحديداً في تحميل رئيس الوزراء -وهو رئيس حزبه أيضاً- المسؤولية، حيث قال في حوارٍ نشر مبكراً, بعد نحو عامين من الانقلاب, في صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 7/11/1991: «ذهبتُ إلى المهدي في مكتبه قبل خمسة أيام من وقوع الانقلاب، لأخطره بمعلوماتٍ تؤكد حدوث انقلابٍ وشيك, إلا أن المهدي لم يهتم.. بل استبعد تلك المعلومات». ولعل المُفارقة الغريبة فيما أدلى به من اعتراف, أنه بالرغم من عُضويته في أعلى هرم سيادي في السلطة الديمقراطية, إلا أنه، هروباً من المسؤولية التاريخية أيضاً، جعل من نفسه رسولاً يلقي البيان المُبين على مسامع رئيس الوزراء، دون إقرارٍ بمسؤولية المجلس الخماسي نفسه، فيما يمكن اتخاذه من تدابير، تقطع الطريق على الانقلابيين, علماً بأن ذات المجلس كان قد فاجأ المواطنين السُودانيين, بعد نحو عام ونيف من اختياره, وتحديداً في 25/7/1987، باستلهام آليات النظم الديكتاتورية، وتلبيسها للنظام الديمقراطي، حيث أصدر بياناً أعلن فيه فرض حالة الطوارئ: «تأميناً للجبهة الداخلية في مواجهة أعداء الديمقراطية والوطن».. والمُدهش أن الأعداء المُفترضين والمُتربصين بالوطن، وديمقراطيته, كانوا في واقع الأمر طلاَّباً ومواطنين، قاموا بتظاهرات تطالب أُولِي الأمر برفع أعباء المعيشة المُتصاعدة عن كاهلهم، المُنهك أصلاً ببلايا ورزايا من انتخبوهم لتمثيلهم.

    ما أكثر الرواة، والحدث واحد.. فقد تعدَّت أخبار الانقلاب دوائر الخرطوم العاصمة، التي لا تعرف الأسرار، والتي ”نامت نواطيرها عن ثعالبها“, ووصلت إلى بعض الأقاليم، فشاطرتها العلم بها.. ففي مساء الثلاثاء 27/6/1989 أيضاً، كانت نذرها قد وجدت طريقها إلى راعي الحزب الشريك في الائتلاف.. جاء قادماً من مدينة كسلا العميد محمد عثمان كرَّار، حاكم الإقليم الشرقي، إلى الخرطوم، وقصد منزل السيد سيد أحمد الحسين, وزير الخارجية والأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي, ووجد معه أحد كوادر الحزب ”محمد المعتصم حاكم“, وأوضح أن سبب مجيئه تواتر أخبار مؤكدة عن حدوث انقلاب, فاقترح عليه الحسين إبلاغ السيد الميرغني بذلك، فذهب ثلاثتهم إليه، وأطلعه اللواء كرَّار على المعلومات التي من أجلها قطع الفيافي، وترك تصريف شئون الإقليم، وهو يقود سيارته بنفسه.. كان رد الميرغني عليه: «الحديث عن انقلاب مالي البلد.. لكن دا ما حيحصل.. مُجرد إشاعات»!! وكرَّر الأخيرة هذه ثلاث مرات، حتى يبث الطمأنينة في نفوس زائريه, وطلب من اللواء كرَّار العودة صباح اليوم التالي إلى إقليمه، لأن هناك مهام كثيرة في انتظاره!!

    ثم جاءت شهادة أخرى ”بعد أن حلب الدهر أَشطرَهُ“، كما تقول الأعراب, وقائلها هو من وردت مسئوليته فيما سبق, ولكنه هنا أراد التحلحل منها، ورميها على كاهل رئيس الوزراء، وصنوِّه الآخر، الذي يحلو له إدارة الشأن السياسي من وراء حجاب.. ففي أول إفادة مقروءة له، بعد عقدٍ ونصف من وقوع الكارثة, قال السيد عبدالرحمن فرح: «كنت مستشاراً، أو وزيراً مركزياً للأمن، وكنت أعلم بالكثير، حتى بهذه الإنقاذ وخلافها, غير أنني كنت مغلول اليد, مبتور اللسان.. ورغم ذلك بلَّغتُ لطرفي الحكم في ذلك الوقت، رئيس الوزراء السيد الصادق المهدى، والآخر السيد محمد عثمان الميرغني يداً بيد, ولا أملك غير التبليغ». ويضيف بما هو أسوأ: «سقط الحكم على يد الإنقاذ, وإن لم تفعل كان سيسبقها عليه آخرون».. وبالرغم من إقراره -أو إن شئت- علمه بأن السُلطة المسؤول عن أمنها قد تزلزلت هيبتها، حتى تبارت فيها الحركات الانقلابية.. وبالرغم من رد فعله حيال الذين كانوا يرصدون اجتماع قيادات الجبهة القومية الإسلامية، وفق ما جرى سرده من قبل, فهو يقول إنه كان ”مبتور اللسان“, ”مغلول اليد“ و”لا يملك غير التبليغ“!! والذي أوصل من خلاله الرسالة إلى المصب، الذي تتجمَّع فيه أسرار الدولة العليا.. ومن عجبٍ، لعله هنا قد روى الرواية أعلاه، ليضاعف مسؤولية رئيس الوزراء، ويستثني نفسه منها.

    كانت المعلومات تتدفق، حتى قبل ساعاتٍ من ساعة الصفر.. ففي يوم الخميس 29/6/1989، الساعة الواحدة ظهراً, كان السيد جيمس جرانت، مدير اليونيسيف، على موعدٍ مع رئيس الوزراء.. قبيل ذلك بلحظات قليلة، لاحظ السفير علي حمد إبراهيم، رئيس مكتب التنسيق بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، وأحد قيادات حزب الأمَّة, أن ضابطاً برتبة عقيد -سقط اسمه من ذاكرته- يذرع ردهات مجلس الوزراء جيئة وذهاباً, بصورة قلقة، تلفت الانتباه.. فسأله عن غرضه, فقال إنه يريد مقابلة رئيس جهاز الأمن لأمرٍ هام, ثم أفصح له عنه، دون مُداراة: «أنا ضابط ملحق بمؤسسة الزبير رجب, وبناء على معلومات توفَّرت لي، هناك انقلاب سيحدث غداً».. أبدى السفير اهتماماً شديداً برواية الضابط، وأثناء ذلك، دخل إلى المبنى السيد عبدالرحمن فرح، فانتحى بحامل الرواية جانباً، وقضى معه وقتاً ليس بالقصير، غادر بعدها الضابط المبنى، بعد ما أفضى بمكنون صدره.. فسأل السفير السيد فرح، الذي قال له: «المعلومة ما جديدة عليَّ.. الحاجة الماعندي هي ساعة الصفر.. وأنا رئيس جهاز، لا أستطيع أن أعتقل, وإنما لدي سلطة تبليغ مجلس الأمن الوطني». ثم دخل على رئيس الوزراء, ولا يُعرَف إن كان مجيئه لهذه الغاية, أو تداول معه المعلومة؟! وبعده حضر السيد جرانت محمَّلاً بعرضٍ جاذب لرئيس الوزراء، وهو تخصيص الهيئة الأممية لمبلغ 500 مليون دولار للحكومة السُودانية، لتعمير ما دمَّرته الحرب في الجنوب, إن هي مضت في اتجاه تنفيذ مبادرة السلام!! وأيضاً لا يُعرَف إن كانت أخبار الانقلاب قد طرقت آذان المسؤول الأممي، وبناء عليه جاء بذلك العرض المُغري, أم أنها الآلية الوحيدة التي تعرفها الأمم المتحدة في مثل تلك المواقف؟!

    ثم جاء التوثيق الأخير -بعد أن سبق السيف العذل- وكان أكثر شمولاً، لأنه أُثير في جمعٍ من المُصابين بتعدُّد مشاربهم السياسية, وقد أمَّن على تفاصيله كل من كان عليه شهوداً.. ففي إحدى حلقات النقاش التي دأب المعتقلون على عقدها داخل سجن كوبر، بعد الانقلاب, بُغية طرد الملل وتبديد السأم الذي يضجر النفوس, صَدَرَ عن السيد الصادق المهدي قولٌ أراد به تعميم المسؤولية، فقال: «كلنا مسئولون عن الانقلاب».. فبادره السيد محمد إبراهيم نُقد بعبارة اعتراضية، قائلاً له: «الحقيقة أنتم لوحدكم المسئولون».. فسأله المهدي قاطباً جبينه، كتعبيرٍ عن حالة الضيق التي اعترته: «كيف؟!».. فقال نُقد: «أبلغناكم به».. فردَّ المهدي: «أبلغتم مَن؟!».. فرد نُقد: «أبلغنا صلاح عبدالسلام (أحد قيادات حزب الأمَّة وكان يشغل منصب وزير شؤون الرئاسة) الذي يجلس بقربك»، مشيراً نحوه بسبابته.. فسأل المهدي الأخير: «صحيح الكلام ده يا صلاح؟!».. فقال صلاح: «نعم»!! ساد صمتٌ عميق، تبَعثرت خلاله نظرات الجالسين، واهتزَّت له جدران السجن العتيق، والمتشققة أصلاً من هول أحداثٍ جسام، عَبَرَت خلالها طوال عقود زمنية.

    ذلك غيضٌ من فيض.. ولو شاء المرء حصر كل الشواهد والأدلَّة, لما وسِعَه هذا الكتاب.. ويمكن القول بأن تداعي النظام الديمقراطي, والترتيبات التي كانت تجرى لتنفيذ الانقلاب, كانتا كتاباً مفتوحاً، قرأه معظم السودانيين, أو بحدٍ أدنى غالبية المُتابعين للحراك السياسي. ومن المؤكد أن الروايات السابقة، المثبتة، ليست هي كلُّ -أو جُلُّ- ما وصل لمصبِّ رئيس الوزراء، والآخرين الذين يشاطرونه المسئولية.. ولعلَّ القليل الذي وصل، واستنطق الصخر العصيَّا، كان المهدي قد عالجه -بما جرى سرده- بكثير من اللامبالاة, وهى الوجه الآخر للعجز في الأداء، والفشل في اتخاذ القرار.

    غير أن المُفارقة، أنه لا يرى الأمر كذلك, حينما عزا العيب إلى البلاد التي اضطر لإدارة شئونها: «إنني كنت أتمزَّق ما بين 1986-1989 وأنا مضطرٌ لإدارة بلادٍ معجِّزة، وظروفها لا تسمح بمواجهة قَدرها بحزمٍ, فاضطررتُ لتسيير البلاد بالاستجداء، والصلات الطيبة». وبالطبع يعجز أي كائنٍ أن يفسِّر مغزى هذا الاضطرار!! ليس هذا فحسب، فهو يلقي بعجزه على الديمقراطية نفسها.. ففي سؤالٍ استصحبه الصحفيون دوماً في حواراتهم معه، منذ أفول نجم الديمقراطية الثالثة، حول مسئوليته في التفريط الذي أدى إلى سقوطها, يوردُ المهدي -في سياق مبرِّراته غير الواقعية- تناقضاً عجيباً، فيقول: «أما مسألة التفريط في الديمقراطية, فهي مسألة تتلخَّص، وببساطة شديدة، في عجز أي حكومة ديمقراطية في مقاومة الانقلابات العسكرية, ومن الصعوبة بمكان أن تحول، من خلال وسائل قانونية، دون وقوع انقلاب عسكري, وإزاء وجود تآمر من بعض القوى الحزبية غير الملتزمة ديمقراطياً. لقد كان في إمكاننا وقف أي انقلاب عسكري خلال الفترة الماضية».

    وبغض النظر عن جدلية أن الديمقراطية تحميها الوسائل القانونية، أو المواثيق الوضعية وحدها, لكن فيما بدا أن الصحفي الذي أجرى الحوار بُهِتَ في تصحيف عبارته الأخيرة، التي ادعى فيها أنه: ”كان بإمكانه وقف الانقلاب“.. فأردف الصحفي متسائلاً: «كيف؟!».. فأجابه المهدي: «من خلال اتخاذ وسائل غير قانونية.. كأن ننشئ مليشيات مسلحة.. كان بالإمكان عمل ذلك, لكن النظام الديمقراطي يفترض مبادئ معينة.. افتراض أن القوى المدنية ملتزمة ديمقراطياً, أي ليست لها مطامح في استلام السلطة عن طريق العنف, وافتراض أن القوى العسكرية منضبطة, فإذا رفضنا هذين الافتراضين، سوف تصبح لدينا قوى ضاربة خارج الجيش, وعمليات استقطاب من داخل الجيش. مشكلتنا الأساسية أننا أطعنا القانون, على الرغم من أن لدينا [50] ألف مسلح ”تحت الطلب“»!! بالرغم من أن المهدي افترض خطأً بأن الخروج على القانون هو السبيلُ الوحيد لتحصين النظم الديمقراطية، من داء الانقلابات العسكرية, لكن لو سأله الصحفي: «أين؟!»، تعليقاً على عبارة ”50 ألف مسلح تحت الطلب“ لما وجد عنده إجابة شافية, وذلك استناداً إلى ما جرى على لسانه يوم أن كان على سُدة الحكم، وقبل ثلاثة أشهرٍ فقط من الانقلاب: «لا وجود للمليشيات في حزب الأمة، فكيان الأنصار قام برفع السلاح ضد نميري, ولكنهم قاموا بتسليم ذلك السلاح للجيش عند عودتهم من الخارج، بعد سقوط نظامه».

    هكذا ينسخ رئيس الوزراء أقواله, ويجعلُ لكل مقامٍ مقالاً.. ومرة أخرى ينسى أنه قائل النفي أعلاه، وبمهارة لاعب سيرك متمرِّس، يتلاعب بالأرقام، قال: «نحن باختيارنا لم نقم بعمل عسكري, كرئيس وزراء كنت أستطيع إنشاء جيش فيه عشرون ألفاً من المليشيا من دون صعوبة مادية أو بشرية.. هم يعلمون أننا كأنصار في دمنا تربية جهاديَّة، يمكنها بسهولة أن تتحول إلى طاقة قتالية, لكننا علقناها كي نلعب في المجال السياسي بالقواعد الليبرالية». ويمضي في محورٍ آخر من الحوار، بنفس الحيوية، فيقول: «نحن لدينا إمكانيات بشرية ومادية وعسكرية كافية لأن نقهرهم سبع مرات».. والمُبشَّرون بـ”القهر“ هنا هم الذين اغتصبوا السلطة!! وبالنظر لتاريخ الحوار، سنرى لاحقاً ما الذي حدث، حينما طبَّق المهدى نظريته، و”تمرَّد“ على القانون الذي لم يكن بوسعه أن يتمرَّد عليه وهو في السلطة, وذلك حينما دعا أنصاره ”المنتظرين تحت الطلب“ إلى ”الهجرة“, بغية قهر النظام، لمرة واحدة، وليس سبعاً كما تمنى وأكَّد!!

    من جهةٍ ثانية، لم يجد المهدي حرجاً في سرد بعض الوقائع، فيما حدث يومذاك، بطريقة لولبية: «في مارس من عام 1989، زارني السيد أحمد سليمان، وعرض عليَّ أن نقيم نظاماً رئاسياً أقوده ليحكم البلاد، ويحسم مشاكلها، وتدعمه الأمة والجبهة، ويُفرَضُ على الآخرين بالأغلبية النيابية، إن أمكن، وبالقوَّة إن لزم.. رفضتُ ذلك الاقتراح, وأوضحتُ أني مع إدراكي لعيوب الديمقراطية، أرى أن إصلاحها ينبغي أن يكون بالوسائل الديمقراطية, ولكن التسرُّع المعهود، والإعجاب الخفي بالوسائل اللينينة والبعثية العراقية, دفعتهم نحو مغامرة الإنقاذ, فأقاموا نظاماً ألحق بهم كحزب سياسي ذي برنامج فكري، وبالإسلام، أذىً بالغاً». المُفارقة، أن المهدي يُسمِّي ”التآمر“ اقتراحاً, ولا غروَّ إن بلغت الجرأة بأقطاب الجبهة الإسلامية أن يطرحوه مُباشرة على رئيس الوزراء، ولا يحرِّك هو ساكناً!! وكُتِبَ على أهل السودان، أن يطالعوا ذلك في مُذكراته، مقروناً بتفسيراتٍ لن تحرِّك شعرة في رأس أحد, سيَّما وأن النظام ألحق أذىً بالغاً بالسودان والإسلام، فذلك لن يختلف فيه اثنان, ولن تنتطح فيه عنزان.. ولكن، من المسئول؟!

    لأسبابٍ غير مفهومة، أسقط المهدي اسم د. حسن الترابي من تلك الزيارة, وكأن أحمد سليمان -الذي جاء بصحبته- قد عرض ذلك ”الاقتراح“ عليه قبل مجيئهما معاً، مؤكداً للترابي بأنه لن يرفضه: «لأن به وَلعاً للرئاسة، بغضِّ النظر عن النظام الذي يستند عليها».. وقد استحسن الترابي ”الفكرة“، رامياً بأثقالها على صاحبها.

    بَيْدَ أن هذه الرواية، رغم ما احتشاها من هزال، إلاَّ أن لها تكملة أخرى، لم يشأ المهدي أن يذكرها، لأن فيها طرفاً كان يهمه أمره، يومذاك.. فقد قدِّم له نفس ”الاقتراح“، مرة أخرى، وبذات السيناريو، في أواخر مارس/آذار نفسه من السيدين مُبارَك الفاضل، وزير الداخلية، وأحمد عبدالرحمن محمد، قطب الجبهة الإسلامية.. حضرا إليه معاً، لإقناعه بما تمنَّع عنه من قبل, وكان ردَّه مكرَّراً.. وتلك مثالية، وإن كان البعض لا يسميها كذلك، ويُسبغون عليها النقيض الذي لن يُرضي متوخيها.. لكنها على كلٍ، محمدة تنقصها الشفافية مع المحكومين, وينقصها التدبير، تحسُّباً لما هو قادم!!

    وأيضاً يجافي السيد مُبارَك الفاضل الحقيقة، بمكافيليته المعهودة، في تغبيش وقائع التاريخ, ويدَّعي أنه نصح رئيس الوزراء يومذاك، في مذكرة 5/5/2004، أي وثيقة اللواء شرطة صلاح مطر التي تمَّت الإشارة إليها.. وذلك خطلٌ في أحاديث السياسة، فالمسئولية -كما هو معروف- طالته أيضاً.. إلاَّ أنه يجافي الحقيقة مرة أخرى، فيقول: «الذي قطع شعرة معاوية بيني وبين الجبهة الإسلامية، هو من خرج عن الخيار الديمقراطي, لذا اتخذتُ موقفاً حقيقياً، حتى من أصدقائي الشخصيين المنتمين للجبهة». وتلك فرية، ظلَّ يردِّدها منذ وقتٍ مبكر، وأراد بها أن يدحض ما عُرِف عنه، إبان الفترة الديمقراطية، بأنه ”رجل الجبهة الإسلامية في حزب الأمَّة“، وهو الاتهام الذي وجَّهَهُ له المؤلف من قبل، فجاء رده على النحو التالي: «القضية بالنسبة لي قضية مبدأ, وأنا ملتزمٌ لمبادئ حزب الأمَّة، والديمقراطية التعدُّدية, وبالتالي تلقائياً أجد نفسي في مواجهة أي جماعة أو نظامٍ يدعو لمصادرة حقوق المواطنين، وإقامة نظام ديكتاتوري تعسُّفي, وفى إطار هذه المواجهات، أنهيتُ كل علاقاتي الشخصية مع قيادات الجبهة الإسلامية، باعتبار أنهم خونة, وأنا أرى أن العلاقة الشخصية لابد وأن تقوم على الصدق والأمانة، وطالما انعدمت المصداقية والأمانة، بالتالي تسقط كل الاعتبارات الشخصية, ومنذ يوليو 1989 رفضتُ رفضاً تاماً مقابلة أي من قيادات الجبهة الإسلامية، التي اتصلت بي في الخرطوم قبل خروجي إلى طرابلس، وفي لندن، وغيرهما». بالطبع لن يحتاج القارئ لمصباح ”ديوجين“ لاكتشاف الصدق فيما ظلَّ مُبارَك الفاضل يردِّده، دونما اكتراثٍ للواقع، الذي ناقض أي حرف فيما ادعاه, وفي ذلك تفاصيل سنأتي على ذكرها لاحقاً.

    مواصلة للمبحث الذي ابتدرنا به هذا الفصل، يمكن القول بأن مسئولية رئيس الوزراء لم تتوقف عند حدود العلم المُسبق بالانقلاب, أو عجزه ولا مُبالاته في اتخاذ التدابير المُمكنة, وإنما في الإسهام الفعلي في الأزمات التي صاحبت النظام الديمقراطي، وهيَّأت المناخ للانقلاب, وذلك في محورين أساسيين:

    • سياسياً: ثمة افتراض ردَّده كثير من المراقبين السياسيين، حتى بات في حكم اليقين, وهو التأكيد على أن انقلاب الجبهة الإسلامية تم لقطع الطريق أمام تنفيذ ”اتفاقية السلام“, باعتبار أن مجلس الوزراء كان سيجتمع صباح الجمعة 30/6/1989، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتزويد اللجنة الوزارية للسلام، بما هو مطلوب في اجتماعها المشترك مع الحركة الشعبية يوم 4/7/1989، والذي افترض أيضاً أنه سيُفضي إلى الموافقة على ترتيبات انعقاد المؤتمر الدستوري في 18/9/1989، كمحطة نهائية لرحلة مرهقة، وضعت لبناتها اتفاقية السلام, المُسمَّاة بـ”اتفاقية الميرغني- قرنق“ في 18/11/1988.

    واقع الأمر، إن وضع الوقائع بالطريقة أعلاه، ينطوي على قدر كبير من اختزال ما كان يجري حقيقة في دهاليز صناعة القرار, منذ توقيع الاتفاقية، وحتى لحظة تنفيذ الانقلاب.. فقرائن الأحوال تشير أيضاً إلى أن تلك الصورة المتفائلة, يقابلها، على قدرٍ سواء، احتمالات مواصلة الأمور لجريانها في ذات الحلقة المُفرغة، التي رَدَحَت فيها طوال تسعة أشهر, ولم يرشح عنها شيء ملموس.

    في الأصل، فإن انعقاد ”المؤتمر الدستوري“ المذكور كان قد تحدَّد له تاريخ 31/12/1988.. استقال وزراء الحزب الاتحادي قبله بيومين، لأن حزب الأمَّة والجبهة الإسلامية صوَّتا في الجمعية التأسيسية ضد المُبادرة, وكان علاج رئيس الوزراء لتلك الأزمة، الاستمرار في التحالف مع الجبهة الإسلامية، تحت مظلة ”حكومة الوفاق“, أو بالأحرى ”حكومة الحرب“ كما نُعِتت, وذلك بالرغم من أنها لا تملك من أدواتها نصباً, سوى الصوت الجهير المؤجِّج لنيرانها!! ولم يكن ثمَّة منطق يدعو الطرفين إلى رفض الاتفاق، سوى النزعة الذاتية, التي لم تكترث لأشواق غالبية أهل السُودان للسلام, خشية أن ترتفع أسهم الغريم السياسي.

    وبرغم المواقف التي وحَّدت القوى السياسية، والنقابية، والعسكرية فيما تلا من شهور, إلاَّ أن موقف رئيس الوزراء، حيال الاتفاقية، ظلَّ مبهماً ومراوغاً, وأهدر كثيرٌ من الوقت والطاقات، فيما لا طائل من ورائه.

    بناء عليه, فالزعم بأن اجتماع مجلس الوزراء ”الطارئ“ ذاك، في صبيحة الجمعة 30/6/1989، كان مُخصَّصاً لتحضير ملف الحكومة الخاص بتنفيذ بنود اتفاقية السلام, أمرٌ فيه نظر, ودوننا في ذلك ما خطَّه بنان رئيس الوزراء نفسه، توثيقاً لتلك الفترة: «كتبتُ إلى رئيس الوزراء المصري، د. عاطف صدقي، بشأن قرارنا الخاص بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك, والتي صار إلغاؤها رسمياً تقنيناً لواقع ماثل, وقد ردَّ عليَّ بالموافقة على ذلك، ما دامت هذه هي رغبة السودان, أما البروتوكول السوداني- الليبي الذي وقَّع عليه من الجانب السوداني وزير الدفاع في الفترة الانتقالية، اللواء عثمان عبدالله, فقد استنفد مدَّته, وبهذا أعلَنَت ليبيا، على لسان العقيد أبوبكر يونس، ترحيبِها ودعمها لمساعي السلام السودانية».

    أما بشأن تجميد الحدود، فقد مضى رئيس الوزراء في تفسير الماء بعد الجهد بالماء، بقوله: «رأينا أن يكون تفسير التجميد بعد تداول وتقنين ذلك الإجراء كالآتي: 1- توقيع العقوبة على الجرائم الحدية تعزيراً دون الحد وتقنين ذلك الإجراء. 2- يُصدِر رأس الدولة عفواً عاماً على المحكومين بالقطع وذلك على أساس أن العيوب الموجودة في قوانين سبتمبر شبهة تدرأ الحد. 3- الذين عليهم دِيات وظلوا في السجون لمدة طويلة، لأنهم لا يستطيعون دفعها, تدفعُ عنهم الدولة دياتِهم من الزكاة».

    إذا ما كان ذلك هو الملف، الذي ستحمله اللجنة الوزارية للقاء نظيرتها في أديس أبابا، يوم السبت 4/7/1989، فذلك أدعى للقول بأنه مرفوضٌ سلفاً من الطرف الآخر, وذلك لعدَّة أسباب، منها إن الاتفاقية تحدَّثت في موجز يسير عن قضايا أوضح من الشمس في رابعة السماء: «1- تجميد الحدود وكافة المواد ذات الصلة في قوانين سبتمبر 1983 إلى حين انعقاد المؤتمر الدستوري.. 2- إلغاء الاتفاقيات العسكرية التي تؤثر على السيادة الوطنية.. 3- رفع حالة الطوارئ.. 4- وقف إطلاق النار».

    حتى ذلك الوقت, بل حتى بعد وقوع الكارثة، فالسيد رئيس الوزراء يتحدَّث عن حيثياتٍ وإجراءات في البند الأول، مع أن الاتفاقية تشير إلى ”التجميد“، ولا شيء غيره. ويتحدَّث عن ”إلغاء نظري“ من الأطراف المعنية في الاتفاقات العسكرية, علماً بأن لمثل هذه الاتفاقات طرقاً قانونية معروفة في إبرامها ونقضها, دائماً ما تكون موضَّحة في ذات النصوص.. ولا يحسبُ المرء أن ذلك أمرٌ تغفله دائرة المعارف الخاصة بالسيد رئيس الوزراء, الذي استهان بالأمر، لدرجة اعتماده على حديث طيَّره الهواء لمسؤولين ليس بينهم وبينه حجاب.. وحتى افتراضه في اتفاقية الدفاع المشترك، فقد نسخه السيد مكرم محمد أحمد رئيس تحرير مجلة المصور, والمقرَّب من دوائر صنع القرار في مصر, في مقالٍ له صادف نشره يوم 30/6/1989, أورَدَ فيه ما قاله الرئيس حسني مبارك لوفد نقابة الصحفيين السودانيين، الذي زار القاهرة تلك الفترة، حول مسألة الإلغاء: «إن مصر ليست غاضبة من طلب السودان بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك, ولكنها غاضبة لأن حكومة الخرطوم طلبت من مصر اتخاذ الخطوة الأولى باتجاه إلغاء الاتفاقية».. ذلك ما يؤكد أن للإلغاء طرقاً معروفة، لم يجتهد فيها رئيس الوزراء، لغرض في نفسه يعزُّ عليه الإفصاح عنه.. والمعالجة ”النظرية“ تنطبق على البروتوكول مع ليبيا، اعتماداً على حديث الشفاهة الذي أدلى به مسؤول للإعلام، ويمكنه التنصُّل منه ببساطة النطق به.

    أما السبب الثاني، فقد ذكرَته الحركة الشعبية في بيان، نشر على الملأ يوم 13/6/1989، أي قبل أن يصلها وفد اللجنة الوزارية للسلام بجناحٍ مهيض: «اتفق الطرفان على الخطوات التي اتخذتها الحكومة فيما يتعلق بإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع مصر, وأصرَّت الحركة على تأكيد ذلك بقرار من الجمعية التأسيسية. أما محضر الاتفاق العسكري مع ليبيا، فقد اختلفت حوله الآراء, حيث أكَّد وفد اللجنة الوزارية أن الإجراء الذي اتخذ يفي بالمطلوب, بينما رأت الحركة أنه غير كافٍ».

    كان ذلك مهرجان المُزايدات الكبير, والمُماحكات التي تدثرت بها الأجندة الخفية, وعليه فالصورة لم تكن وردية بالكامل، كما رآها كثيرٌ من المتفائلين يومذاك. ذلك حتى لو افترض المرء جدلاً أن تنفيذ بنود الاتفاقية تمَّ وفق ما هو مطلوب، بحذافيره, وحملته اللجنة الوزارية، والتقت به الحركة الشعبية, فهل يظنَّن أحدٌ أن ذلك سيقع موقع صدقٍ في قلوب قادة الحركة، ويكون بمثابة فصل الختام في كتاب الحرب والسلام؟! افتراضٌ كان يمكن أن تكون إجابته ميسورة بـ”نعم“، إذا ما أغفل المرء ظروف الحركة يومئذٍ, فقد كانت في أوج تماسكها التنظيمي، وقمة عنفوانها العسكري, حيث كانت الحاميات والمدن في أعالي النيل والاستوائية تتساقط على يدها، كما أوراق الأشجار الذابلة، بصورة وصلت في مُنتهاها إلى إحكام الحصار على مدينة جوبا, وأدركت من خلال عملياتها العسكرية أنها تواجه خصماً مفكَّك الأوصال, بلا عدة سياسية ولا عتاد عسكري، علاوة على إدراكها أيضاً أن الحكومة التي تواجهها غرقت في لججِ الخلافات الائتلافية، بقيادة ربَّان تمرَّس في خلق الأزمات, ولا يهنأ له العيش إلاَّ في كنفها.

    إلحاقاً بالسؤال السابق، هل يمكن القول إن القضايا الأربع المحدَّدة، والبسيطة، التي تضمنتها الاتفاقية تمثل طموحاً أعلى بالنسبة للحركة الشعبية آنذاك؟ وبما أنه سؤالٌ افتراضي، فإجابته بالطبع اجتهادية، وإن كانت مُستندة على مُعطيات الواقع في تلك الفترة, والتي تشير إلى النفي, باعتبار أنه لو كان الطموح بتلك السهولة، وذاك اليُسر, لأمكن التوصل إليه, بل ربما إلى أفضل منه مع القوى الوطنية والديمقراطية، عشيَّة سقوط الرئيس المخلوع نِميري العام 1985.. ولربما كان ذلك من شأنه أن يلقي بظلال كثيفة على كثير من القضايا, بدءاً بتغيير موازين القوى في النظام الديمقراطي, مروراً بتغيير خارطة التحالفات, وانتهاءً بقطع الطريق على القوى الظلامية التي باضت فساداً، وأفرخت سِفَاحاً في 30/6/1989.

    ------------------------
    (*)
    المصدر
    الفصل الأول من كتاب سقوط الأقنعة للكاتب فتحي الضوء
    ------------------
    http://sudanyat.org/vb/showthread.php?t=4187
    الشكر لجهد الأخ خالد الحاج، سودانيات

                  

12-01-2008, 09:42 PM

مؤيد شريف

تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 4052

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)

    الأخ الكريم أنور :


    في حوار أجريته مع القيادي بالمؤتمر الشعبي المحبوب عبد السلام - لم ينشر بعد- أكد علي أن (الجبهة) كانت دولة داخل دولة بكل المعنى : كانت لهم تشكيلات مليشيوية عالية التدريب من المدنيين الملتزمين بالتوجية الجبهوي ،، ولهم أسلحة قتالية الية متطورة خاصة ولا تتبع لاي من الاجهزة الرسمية ولا علم لها بها ،،، كما ولهم دائرة اتصال خاصة بعيدة عن رقابة الاجهزة الامنية وشديدة الامان قام علي انشائها وتثبيتها احد المهندسين الملتزمين بمشروعهم السياسي ،،،


    السؤال:
    أين كانت اجهزة الدولة من هذه الدولة المستبطنة ؟؟!!

    غالب الظن أنهم شعروا وعرفوا ما كان يجرى ويحاك .. اذن ، ماذا حدث؟؟؟
    هذا هو السؤال
                  

12-02-2008, 02:16 AM

emad altaib
<aemad altaib
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 5300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (حزب الأمة هو المسئول):إخفاقات الديمقراطية.. خمسون عاماً على الانقلاب الأول (Re: AnwarKing)

    ــــ
    Quote: ألتمس بعض التهجم من مداخلتك

    يازول وين التهجم الهجمتك بيهو؟! من الله ما خلقني ما شفت لي سؤال أنقلب هجم النمر
    Quote: كونك تسألني عن الديموقراطية وفهمي لها

    إذا إنت شايف فيها حاجة أسحبها ليك نهائياً أسئلتي دي وبلاش منها
    Quote: فقد وضعت نفسك في وضع لا تحسد عليه

    وضع شنو يا أنور وكمان لمن أحسدعليهو ده؟! كمان ماتقولي دخلت في قزازة بس , الله يستر
    Quote: مستبطناً أنك وحزبك تملكان نواصي الديموقراطية

    بالجد كدا يا العزيز أنور عجبتني كلمت "مستبطناً" طيب إذا أنا مستبطناً ذي ما قلت علي هسع دا ما إتهام لي ؟! وكيف زاتو إنت عرفت أنا مسبطناً , برضو إنت أستبطنت ؟!
    Quote: وعليه فأنت تستجوبني لفهمي "المفترض أنه خاطئ" للديموقراطية

    يا زول أنا سألتك وأنت لم تجاوب حتي الان , والشيء البعرفو أنو صاحب المقال الأول د. حيدر رجل يساري عندو (رؤية) ومقاله هذا قرأته من أول يوم نزل وحتي الردود التي فيه قرأتها من أيام التراضي الوطني , لكن بالجد كده لا عارفك إنت مخطي في فهم الديمقراطية أو غيره .
    Quote: ببساطة مخلة، أو غير مُخلة...
    فهمي للديموقراطية هو عكس ما يحدث في حزب الأمة تماماً...وأحزاب سودانية أخرى...كمان

    إذا ديموقراطيتك لم تكن تتمثل في أي حزب سوداني , يعني ما عندك رؤية وأضحه اناقشك علي ضوئها؟! وإذا ديمقراطتيك شخصية فهي مزاجية ، فكل يوم سوف تأتي رؤية جديدة أقصد بمقال لشخص تختلف رؤيته عن الأخر والمهم ليك إنهم إنتفقوا علي شيء إسمو حزب الأمة .
    Quote: -حتى لا تنفذ الي من باب أنني منحاز لسين أو صاد من الأحزاب...-
    ماني نافذ أبداً أطمئن , لا بي جسمي ولا بروحي وصلت لي فكرتك .
    Quote: حكاية الزعيم الأبدي دي، ما أظنها صحية للديموقراطية.....

    طالما هي حكاية ما في داعي للظن أصلاً ,
    Quote: بعدين اذا كان زعيم حزبك الصادق المهدي* خلال هذه السنة فقط، مضى للمؤتمر
    الوطني على عدد من الشيكات البياض

    إنت مزعلك الشيكات وبياضها بعد قصة الأزمة المالية دي علشان كدا جبت المقال دا , لكن بالجد كدا زعيمنا الصادق المهدي دا غلطان وبالغ كان إجي يستشيرك يا أنور .
    Quote: ، "من إدانة لغزوة العدل والمساواة من داخل القصر الجمهوري"

    ما عندك مشكلة حدد ليهو المرة الجاية من وين يدين , لكن بيني .
    وبينك الجماعة ديل بدو يتحدثو عن السلام وكدا وإن شاء الله عندك خبر وعلم بيهو الموضوع دا ..!
    Quote: ، و ........، وإنتهاء بالتراضي الوطني الذي هدم آمال الكثيرين في أي تحول بالحسنى، فيجب أن يركز لأحدى آليات الديموقراطية البسيطة جداً وهي الرأي الآخر...والمحاسبة Accountability

    هو قبل شوية ما قلت ضيع أمال ملايين الشباب في نفس البوست دا , والأن أصبح أمل , سنة يا أمل ..
    طيب الناس القاعدين جوه البرلمان ديل , والحركة الشعبية اللي شريكة للمؤتمر اللاوطني هم ما بيقدرو يجبو الديمقراطية البسيطة , ويعرفوا يحاسبوا أصلو الصادق المهدي ده في نظرك ذو القرنيين ..!!!
    ما في أحزاب تانية تقدر تكابس أو تراضي أو تشارك أو تلاوي , لكن برضو أبشر ما بقصر من طلبك ..
    Quote: بالمناسبة: أرجو أن لا أحس ومن خلال الحوار...أنك تريد تبرير أفعال الإمام فقط...

    قلت إحساس , وإنت يا أنور إحساسك راقي جداً في السياسة ,
    Quote: أرجو أن أرى لك نقداً واضحاً لحزبك...الآن وأمام أعيننا...عشان ما نبقى في قصة تنس الطاولة

    ما عندك مشكلة يا الحبيب أنو ر أصور ليك الجواز وأصور ليك الإجتماعات من الأمين العام للفرعية التابع ليها , علشان القصة تكون بالإثبات الحقيقي , بدل التنس والطاولة لأنها دي لعبة ..
    Quote: ...أديك سؤال، ترد عليّ بسؤال التي يجيدها الكثيرون هنا وهي غير مجدية بتاتاً للحوار...

    أكتب إنت مقال كامل وأنتقد زي ما عاوز حزب الأمه وزعيمو الصادق المهدي ,
    سؤال شنو اللي أديني ليهو وما جاوبتك عليهو يا أنور , ما فوق كتبت ليك التناقض اللي إنت بسوي فيهو ناقل بتتكلم عن تاريخ الحزب جيت تتحدث عن مستقبل , جبت ليك تاريخ الحزب كامل دون أن أسالك بشيء , أخذت اللي عاوز تقتبسه , ووضعت ليك ضحكة , وهو ده برضو حوار؟!
    Quote: سأستفيد من هذا البوست الموثق جيداً لحزب الأمّة

    ما في زول حاسدك تستفيد , وشكل رؤية كاملة حول مشكلة ما يسمي السودان .

    وسلام











(عدل بواسطة emad altaib on 12-02-2008, 02:32 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de