|
أخيرا يتحدثون عن الفقر : العبيد أحمد مروح وصحوة الضمير.
|
صحيفة الصحافة : الأثنين 10 نوفمبر عمود رأي العبيد أحمد مروح
مهمة افتراضية للجنة وزارية من قطاع الخدمات ما من بلد في العالم، إلا وبه فقراء وأغنياء، فقراء فقر مدقع وأغنياء غنى فاحش.. لا يستثنى من ذلك بلد في العالم شرقه وغربه، شماله وجنوبه، بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم في ذلك البلد، كان ديمقراطياً أم شمولياً أو بين هذا وذاك. لكن الفقر مثل العافية.. درجات، وربما جاز اعتبار الغنى كذلك، فرجل مثل بيل غيتس مثلاً، وهو أغنى أغنياء العالم، تساوي ثروته جملة الناتج المحلي الإجمالي لقارة بأكملها، أو تزيد على ذلك، وشركتان أميركيتان مفلستان مثل فاني ماي وفريدي ماك، كانتا تمتلكان نحو نصف ما تملكه سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة، أي نحو ستة ترليونات من الدولارات، وهو ما يفوق الناتج المحلى الإجمالي في الدول العربية مجتمعة!! والفقر، مثل المرض المعدي، عندما يصيب فرداً فإن آثاره -إن لم تتم محاصرتها- فإنها تتمدد خلال الأسرة فالمجتمع فالدولة فالقارة، وتكون لها آثار جانبية حيث تصاب الحياة بالشلل الجزئي أو الكلي، ولهذا فقد اعتبر الفقر على مستوى العالم مرضاً عضالاً يتعين الوقاية منه ومحاصرته ومحاربته، وخصصت له الأمم المتحدة يوماً للتذكير بمعاناة المجتمعات التي أصابها ولحشد الطاقات وحث القادرين على الإسهام في جهود تخفيف وطأته وتقليل تلك المعاناة، إن لم نقل إنهاءها، حيث أصبح يوم السابع عشر من شهر أكتوبر من كل عام هو اليوم العالمي لمكافحة الفقر، وذهبت الأمم المتحدة إلى تضمين خطة التنمية هدفاً تسعى لتحقيقه بحلول العام 2015م وهو خفض نسبة الفقر المدقع إلى النصف!! إن الفقر يورث الجوع والعطش، ويورث الجهل والمرض، والحال هكذا فمن البديهي القول بأن مقياس تقدم الشعوب والأمم أو تخلفها، يرتبط مؤشره انحداراً أو ارتفاعاً، بمدى فقرها وغناها، ذلك أن مؤشر قياس نمو المجتمعات يتراجع استناداً على وجود عطشى بين أفرادها أو جوعى أو مرضى غير قادرين على العلاج، أو أطفال في سن الدراسة ليس بوسعهم الذهاب إلى المدرسة، ومؤشر رفاهيتها يرتبط، فوق الكم بالنوع، حيث يبدأ الحديث عن مياه الشرب النقية والتغذية الجيدة ونوعية العلاج والتعليم المتاحين. السودان يقع ضمن قائمة دول العالم الأكثر فقراً، بل هو يحتل مرتبة متأخرة في هذه القائمة، ولعل السبب الرئيسي في بلوغ هذه الدرجة لا يعود إلى قلة الموارد المتاحة في هذا البلد، بل السودان يزخر بموارد هائلة حتى بشهادة من وضعوا في تلك المرتبة من تلك القائمة، وإنما يعود السبب -بحسب اعتقاد الكثيرين- إلى عجز الأنظمة الوطنية التي تعاقبت على حكم السودان عن استغلال هذه الموارد لصالح إقامة البنى التحتية واشاعة واتاحة الخدمات الأساسية من مياه وصحة وتعليم وغيرها. ولسنا هنا بصدد وضع اللوم على كاهل هذا الطرف أو ذاك، أو إزاحته، لكننا نود أن نذكر أن مجتمعنا يواجه أخطاراً جسيمة بسبب تفشي ظواهر وأمراض كثيرة جديدة وغريبة، وأننا لو بحثنا في مسببات هذه الظواهر والأمراض سنجد أن الفقر هو العامل المشترك الأعظم بينها جميعاً، وأن أثره يزيد أو يقل بحسب الظاهرة أو المرض المعين.. خذ مثلاً ظاهرة التشرد، وابحث في إحصاءات ودراسات وزارة الرعاية الاجتماعية، ومنظمات العمل التطوعي، وستجد أن الفقر هو المكون الأساسي لهذه الظاهرة. وأبحث في حجم الجهود المبذولة من قبل الدولة ومنظمات المجتمع لمحاصرة ظاهرة التشرد فستجد أنها تزيد بمعدلات تعتبر بطيئة، وأحياناً بطيئة جداً، إذا ما قورنت بحجم المشكلة ومعدلات زيادة أعداد المشردين!! والتشرد هو أحد افرازات النزوح، والنزوح أحد افرازات الحرب وأحد افرازات زحف الطبيعة وعوامل الطبيعة على معينات أو ممسكات الاستقرار في كثير من بقاع العالم ومن بينها السودان.. المشكلة إذن معقّدة ومركبة، لكن كونها كذلك فهذا ليس سبباً يدعونا للوقوف في خانة المتفرج، وهنا تأتي أهمية الأدوار التي يمكن أن تلعبها الدولة في التصدي لهذه الظواهر. والدولة تخطئ إن هي اعتبرت أنه بوسعها رصد الأموال اللازمة للقضاء على الفقر أو حتى رفع خطه إلى ما فوق خط الفقر المدقع، لأن الواقع ببساطة هو فوق قدراتها وميزانيات المؤسسات التي تتعاطى مع الفقراء، وعليه فالمطلوب من الدولة، فوق ما تبذله الآن -وهو ليس بالقليل- أن تبتدع سياسات جديدة يكون للمجتمع فيها اليد الطولى، لأن المجتمع -ويجب أن نجعله يدرك ذلك- هو الذي سيدفع ثمن تفاقم الظواهر السالبة، هذا إن استبعدنا أنه يسعى لإشاعة قيم الخير والفضيلة بين فئاته وطبقاته!! والبداية التي نقترحها هنا، هي أن يخصص مجلس الوزراء جلسة خاصة لهذا الموضوع، موضوع محاربة الفقر والظواهر الناجمة عنه، وليكن التركيز على ظاهرة التشرد، وفي تلك الجلسة تقدم للمجلس ثلاثة تقارير نوعية. التقرير الأول تقدمه وزارة الرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل، ويستعرض حجم الظاهرة وحجم الجهود المبذولة لمحاصرتها من وجهة نظر الوزارة طبعاً، ويستعرض المجلس كذلك تقريراً عن مهمة من المفترض أن يكون قد قام بها وزراء قطاع الخدمات في مدن ولاية الخرطوم للوقوف بأنفسهم على شواهد حيّة، أما في الفقرة الثالثة فيشاهد المجلس فيلماً وثائقياً تقوم بإعداده جهة محترفة يتتبع حياة أسر وأفراد حاصرهم الفقر، ويستنطق هؤلاء عن نظرتهم للمجتمع من حولهم!! المهمة الافتراضية من قبل وزراء قطاع الخدمات، من المفترض أن تستغرق ثلاثة أيام على الأقل، يوم للخرطوم ومحلياتها، ويوم لأم درمان ومحلياتها، ويوم للخرطوم بحري ومحلياتها، ويتعين على الوزراء -لإنجاح هذه المهمة- أن يتنازلوا عن كل مظاهر السلطة، ويمتطوا ظهر حافلة (هايس) تتسع لأربعة عشر راكباً، ويبدأ طوافهم يومياً عند الثامنة صباحاً!! والحكمة التي نتوخاها من وراء ذلك هي تمكين السادة الوزراء من أن يكونوا أقرب إلى الناس العاديين بحيث لا يجلب تجوالهم أي ضوضاء أو صخب، وحينها سيتمكنون من رؤية أشياء كثيرة هي أكثر تعبيراً عن الواقع من ما هو مكتوب على الورق.. سيتمكنون مثلاً من رؤية أطفال في سن الدراسة يتجولون بين الأزقة أو وسط البنايات قيد الإنشاء أو ربما يلعبون حتى، بينما مَنْ هم في مثل سنهم على مقاعد الدراسة، وسيتمكنون من رؤية رجال ونساء بملابس رثة يترقبون سماع صافرة عربات نقل القمامة فيسابقون عمال نقل القمامة لتفتيش محتوياتها بمجرد أن تخرجها خادمات المنازل إلى حيث مواقع التجميع، وسيرون بخلاف ذلك العجب مما عجزت صحافتنا من تصويره ومتابعته وإجراء التحقيقات بشأنه، فقد شغلتها السياسة!! وحينما يفرغ مجلس الوزراء الموقر من استعراض كل ذلك، فإن أفكاراً كثيرة ستتدفق نحو المنصة، لكن من المؤكد أن أفكاراً مبتكرة مثل بنك الطعام وبنك الملابس ستقفز إلى الواجهة، وستجد الدولة أن عليها أن تتنازل عن الكثير من طرق الجبايات وأن تبتدع الكثير من أساليب التحفيز، كي تجعل المجتمع قادراً على التحرك والمبادرة دون خوف من مغالاة في فرض رسوم صادر أو وارد أو رسوم جمركية.. ولئن سأل أحدهم عن ما علاقة هذا بذاك فإننا سنجيبه في مقال لاحق بإذن الله!!
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: أخيرا يتحدثون عن الفقر : العبيد أحمد مروح وصحوة الضمير. (Re: فتحي الصديق)
|
Quote: المهمة الافتراضية من قبل وزراء قطاع الخدمات، من المفترض أن تستغرق ثلاثة أيام على الأقل، يوم للخرطوم ومحلياتها، ويوم لأم درمان ومحلياتها، ويوم للخرطوم بحري ومحلياتها، ويتعين على الوزراء -لإنجاح هذه المهمة- أن يتنازلوا عن كل مظاهر السلطة، ويمتطوا ظهر حافلة (هايس) تتسع لأربعة عشر راكباً، ويبدأ طوافهم يومياً عند الثامنة صباحاً!! |
ابن كردفان الغرة يتحدث عن الخرطوم وكأن السودان هو الخرطوم وكأن الفقر هو فقر سكان المدن فقط..
| |
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: أخيرا يتحدثون عن الفقر : العبيد أحمد مروح وصحوة الضمير. (Re: فتحي الصديق)
|
صديقي فتحي
لقد وقع بالصدفة عدد جريدة الصحافة الذي يحتوي على هذا المقال ولقد تشارك اسم المقال واسم الكاتب في جذب اتمامي لقراءته
المقال لا يتحدث عن الفقر بالمعنى الذي نعنيه والذي يحس به غالبية المواطنين المجني عليهم بواسطة هؤلاء الأدوات فاقدة الضمير والإحساس ظاهرة التشرد قد يكون بينها وبين الفقر علاقة أو أكثر لكن ليست كل مشكلة المواطنين المتشردين الفقر من الواضح أن الحديث صار واجبا ومتعينا عن أية معالجات يريدونها لحقيقة أن شوارع العاصمة صارت مفرخا "عظيم الكفاءة" لما يمكن أن نسميه "رجال ونساء المجاري والسلسيون" والذين هم نتيجة طبيعية لاستمرار "هؤلاء" في الحكم طيلة هذه المدة وما نتج عن هذا الحكم من حروب ونزاعات وانفلاتات امنية وـ أيضا - تخلي الدولة عن واجباتها تجاه الفقراء والأطفال وسائر المواطنين (تعليم ، صحة ، رعاية اجتماعية ... إلخ)
ولكن باب الفقر أوسع من ذلك وأية محاولة لحصر الحديث عن الفقر في ظاهرة المتشردين هي محض إمعان في الهروب إلى الأمام وجحود الحقيقة الواضحة وإمعان في الهروب من مسئولية النظام الفاسد القائم تجاه المجتمع بأسره
الفقراء بامتياز الان هم موظفون في الدولة والقطاع الخاص وآخرون مغيبون عمدا عن هذا الدولاب الفقراء بامتياز الان هم العمال المهرة وغير المهرة والفنيين وجنود القوات النظامية والقوات المسلحة من غيرذوي الحظوة والفهلوة الفقراء الان هم باعة متجولون وتجار صغار ومتوسطون يكدحون طرفي الليل وآناء النهار في "حوانيت " و "طبالي" وو "أرضيات" مطلوب منها أن "تخرج" جبايات مهولة لا يكفي طرفا الليل وآناء النهار لدفعها وتأمين قوت ضروري - بعد ذلك - للعيال الفقراء الآن يا فتحي هم خريجون "عتتوا" في بيوت آبائهم وأمهاتهم بالسنوات الطوال ولا بارقة عمل ولاسانحة توظيف ولا معجزة اغتراب أو لوتري ولا حتى "كابوس" عتالة أو ما شابهها يقيم الأود ويفتح الباب أمام تكوين النفس وتحقيق الطموحات البيولوجية العادية حتى الفقراء الان هم المغتربون والمهاجرون في أقاصي الدنيا والذين يعيشون دائما على الكفاف أو أقل نتيجة لسياسات هذا النظام الفاسد الفقراء الان باختصار هم كل الشعب يا فتحي والسبب الرئيسي لفقرهم ، في وقت تهاجر فيه الطير والبهائم والناس إلينا لتطعم وتغنى ، هو هذا النظام "الكلب" وما الاستاذ عبيد مروح وأمثاله - مع احترامنا له ولهم - إلا أدوات بأيدي وأقدام هذا النظام الكلب وإن كان لهذه المخالب والأنياب أن تعلن توبتها وبراءتها مما ظلت تفعل بالوطن وأهله فلتفعل ذلك صراحة ودون مواربة أما الاختباء وراء مقالات ذات عناوين براقة وفحوى ضعيفة مضللة فلن يجديهم فتيلا وربما أعود إلى هنا لو أمكنني ذلك
شكرا لك أنك فتحت هذا الباب - الجرح ولك وللمتداخلين هاهنا وافر التحية وعميق الامتنان
| |
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
Re: أخيرا يتحدثون عن الفقر : العبيد أحمد مروح وصحوة الضمير. (Re: فتحي الصديق)
|
Quote: الفقراء بامتياز الان هم موظفون في الدولة والقطاع الخاص وآخرون مغيبون عمدا عن هذا الدولاب الفقراء بامتياز الان هم العمال المهرة وغير المهرة والفنيين وجنود القوات النظامية والقوات المسلحة من غيرذوي الحظوة والفهلوة الفقراء الان هم باعة متجولون وتجار صغار ومتوسطون يكدحون طرفي الليل وآناء النهار في "حوانيت " و "طبالي" وو "أرضيات" مطلوب منها أن "تخرج" جبايات مهولة لا يكفي طرفا الليل وآناء النهار لدفعها وتأمين قوت ضروري - بعد ذلك - للعيال |
الأستاذ الصديق فتحي لك السلام والأمنيات الرجل لم يعايش الفقر ولم يحس به الا بأيام ماضيات من عمره أنت تعلمها وأنا وهو..سأنتظرك هنا يا صديقي .وأرجو أن تعود..
| |
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|