|
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ (Re: kamalabas)
|
الأخ سبيل شكرا على المقاربة. أنا مثلك أعتقد أن فوكوياما ليست له الكلمة الأخيرة. ويقيني أن الكلمة الأخيرة لن تكون لغير العقل البشري، وهو يحاور النص المقدس من جهة، فيستنطقه، استنطاقا متغيرا، وفي نفس الوقت، يحاور الواقع، بمزيج النص المقدس، والفكر الثاقب المستنير. وعلى الرغم من أن فوكوياما قد قفز هو الآخر بالزانة، إلا أن مقاربته ليست مقاربة تبسيطية، بأي حال. وكل من يؤمن بالجدل، لا بد أن يرى في ما طرحه فوكوياالكثير من الوجاهة، ومن قوة العارضة، ومن فهم الواقع، بعيدا عن (أحلام اليقظة) السياسية. وفي كتابه The Great Disruption، الذي أعقب كتابه الشهير، (نهاية التاريخ) تراجع فوكوياما عن طروحاته الأولى، وبدا أكثر إعتدالا.
أما ماركس، الذي أشرت إليه، هو الأخر لم تتجاوزه حركة الواقع بعد. فأسأس طروحاته، يمكننا ترجمتها اليوم، في الحركة القاصدة إلى إصلاح النظام الرأسمالي، وكبح غلوائه، ولهفته لتوسيع نزعة الإستهلاك الجنوني، ومراكمة الأرباح، بغير حد. وما من شك أن الماركسية، والحركات اليسارية في أوروبا الغربية، قد أسهمتا في ترويض شراسة الرأسمال. الأمر الذي زاد كثيرا من فرص الإستماع إلى خطاب الإشتراكيين الديمقراطيين. الشاهد، أن حرية الأفراد، داخل الأنظمة الرأسمالية، لا تزال رهينة بتقليم أظافر الرأسمالية الكلوب، وتمثل أمريكا الوجه الأقبح للمارسة الرأسمالية. وقد أخذ اليسار التقليدي شكلا جديدا تجسد في تيارات الخضر، وناشطي البيئة. فالرأسمالية الكزة الكلوب، تجري مواجهتها على أصعدة جديدة، لم يكن ماركس ليبصرها، من موقعه ذاك في بطن التاريخ.
الشاهد، أنا ألا أدعو للإنسلاخ من تراثا، أو إهماله. وكوني أحرص على الإسترشاد بالتجربة الإنسانية، لا يجعل مني متغربا. أنا لا أفهم الديمقراطية، كحالة، يعبر عنها في لحظتناالتاريخية الراهنة هذه،إقتصادالسوق. وإنما افهما كممارسة، بدأها الإغريق قبل آلاف السنين. وكمسار، وكمنهج صالح لأخراج الناس جميعا، الغربيين منهم، غير الغربيين، إلى أوضاع أكثر إنسانية. وأظن أنني أعرف مزالق الديمقراطية الغربية الراهنة، معرفة معقولة. غير أن ذلك لا يدفعني، لكي أرتمي جملة واحدة، في أحضان السلف، أو أدخل أجحارهم التاريخية، متخندقا فيها، محتميا بها من جدل الواقع الحي. الديمقراطية الغربية ـ على الأقل ـ تحمل، في داخلها آلية تغيير نفسها. في حين لا يحمل غيرها هذه الآلية.
باختصار، وكما أشرت سابقا، الديمقراطية الغربية، على علاتها، أفضل من كل ما عداها من الأنظمةالراهنة. نعم، هي ديمقراطية عرجاء، وذلك لكونهالا تهتم بغير الربح، والربح وحده. وفي سبيل تحصيل الربح، لا تبالي بالتضحية بكل قيمة فاضلة. كما أنها ديمقراطية القلة المستأثرة بالثروة. ومن ثم، أصبحت هذه القلة، مستأثرة بالسلطة، أيضا. كماأن هذه القلة التي أصبحت تملك السلطة، والثروة، قد وظفت الآلة الإعلامية الضخمة لصياغة العقول، وغسيلها، وتدجينهامن أجل المحافظة على ما هو قائم، ومن ثم إعادة انتاج المظالم، وتعويد الناس على قبول المظالم. غير أن هذه الديمقراطية، رغم العيوب التي نراها فيها، تملك في داخلها آلية التغيير إلى الأحسن. على الأقل هي تملكها في المستوى النظري. وحتى في المستوى العملي، فإن إبعاد نكيسون عن الرئاسةـ مثلا ـ بسبب تجسسه على مقر الحزب الديمقراطي، دلل على إمكانية عزل أكبر رأس تنفيذي، تحت ضغط الرأي العام. وقد أوشك كلينتون أن يلقى ذات مصير نيكسون، بسبب مسلكه الأخلاقي غير المنضبط.
ربما لا نختلف على كل ما تقدم، ولكننا حتما نختلف، في قراءة واقع التجربة الغربية. أعني استنتاج المسارات المحتملة التي تترتب على نوع القراءة. فأنا اراك تقفز للنتائج، دون إحكام المقدمات. إذ لا يكفى أن نحكم على كل التجربة الغربية بالفناء، والمحق، إنطلاقا من حادثة بعينها.فعنوانك نفسه، عنوان اتسم بالتطرف. وهو يقرأ كما يلي: ((مسمار برئ في نعش الديمقراطية الغربية .. أين أنت يا فوكوياما؟) هذا عنوان مشحون، ومتطرف. اللهم إلا إن كنت لا تفكر في مدلولات الكلمات حين تكتبها. فالذي فهمته أنا من مقاربتك، أنك ترى أن الديمقراطية الغربية قد فشلت، ولم يبق سوى دق بضعة مسامير في نعشها. ومثل هذا يقول به السلفيون بكل ألوان طيوفهم. وإني مما قرأته لك من مقاربات، لأراك واحدا منهم. وإن شئت ان تنفي ذلك، فالباب مفتوح لك.
كما أني أراك تحاجج من أجل المحاججة فقط. فقولك أنني بنيت مسألتي على تخمين، لكوني قلت أنني لمحت أمورا بعينها بين سطورك، قول في غير محله. فالسطور، عادة، لها ما بينها. فكثير من الأفكار تفهم ضمنامن السياق، وإن لم يتم التعبير عنها صراحة. وهذا معلوم في اللغة، وأنت رجل شاعر. لقد جاء قولك في سياق المحاججة هكذا:
Quote: يا صديقي انت اكاديمي ودكتور مرموق ، فكيف تقول شممت ما بين السطور او لمست .. يعني استنتجت ثم تبني على ذلك؟ حرام عليك هسع لو قلت ليك انا ماقاصد كدا حاتقول شنو، أم انك ستقول لي كضاب !! |
ألا ترى أن هذه محاججة من أجل المحاججة؟ ألست أنت القائل في بوست آخر، أن مسألة الدين تؤخذ كما نزلت، من غير إعمال فكر؟ وهل لا يعني مثل هذا الإعتقاد أن صاحبه، مؤمن إيمان العجائز، وأنه لا يرى لأي فكر بشري، مهما علا شأنه، قيمة بإزاء النصوص المقدسة، حتى لو عارضت هذه النصوص الواقع، كنصوص حق الزوج في تأديب الزوجة بالضرب! ونصوص حق اتخاذ الإماء من الرقيق والإستمتاع بهن بغير عقد زواج، لكونهن مما ملكت الأيدي؟ ونصوص منع المرأة من السفر إلا مع ذي محرم، وغير ذلك. أحسست أنك تبشر ضمنا بدولة دينية، قائمة على الشريعة كما فهمها، وطبقها السلف. وأنت فيما بدا لي، كثير الدفاع عن عقائد السلف. أما إن كنت ترى غير ذلك حقا، فافصح لنا عنه، وحينها يكون لكل حادثة حديث.
أمااحتجاجك بأن يكون لنا فكرنا الخاص بنا، واستنادك على مقولة المهدي (هم رجال ونحن رجال)، فلا يجٍّوز لك الدعوة لإعادة اختراع العجلة، من جديد. التأصيل، والإحتفاظ بمكونات تراثنا، وثقافتنا، لا يعنيان بحال، ركل كل التراث البشري. إذ علينا ان نستأنس بكل التراث البشري، ونأخذ الصالح منه. ومبدأ الديمقراطية، القائم على أن يكون للشعب ممثلين، منتخبين، يديرون شؤونه بالنيابة عنه، وفق تفويض منه، مبدأ صالح، ويجب الأخذ به. وهو، في زماننا هذا، أفضل من مبدأ الشورى الذي نصت عليه أيات الشورى، وقام عليه التطبيق في الماضي. فحين ثار الناس على سيدنا عثمان، واحاطوا به، مطالبين إياه بأن يخلع نفسه، قال لهم: (والله لا أخلع ثوبا ألبسنيه الله). وحقيقة الأمر هم لم ينتخبوه ليخلعوه. فكل الخلفاء الراشدون لم يتم انتخابهم. وهذا ما يدلل على أن الشورى ليست مطابقة للديمقراطيو، وإنما هي مرحلة تاريخية، فيها قبس قليل من الديمقراطية، سمح بح حكم الوقت، آنذاك. أماالديمقراطية، فيمكن التأسيس لها بإحكام إحكام آية ((فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر)). وقد ورد هذا بتفصيل في كتابات الأستاذ محمود محمد طه، فلتراجع في مواضعها. فالحاكم في الأصل خادم للشعب، وليس سيد له. وللشعب حق عزل الحاكم، لأن الحاكم في المستوى الإنساني الرفيع، مفوض تفويضا من قبل الشعب، وهو، أي الحاكم، لا يملك تفويضا إلهيا، يجعله فوق إرادة الشعب. ولقد أشار أبو العلاء المعري إلى هذا المعنى منذ زمان بعيد، حين قال: مُلَّ المقام، فكم أعاشـر أمـَة أمرت بغير صـلاحها، أمراؤها ظلموا الرعية، واستباحوا كيدها، وعدوا مصالحها، وهم أجـراؤها فالحاكم في مبدأ الأمر، خادم للرعية، استأجرته لأدارة شؤونها، وهكذا يجب أن يظل. وهذا لا يكون بغير الديمقراطية، التي وردت الإشارة إليها في القرآن. غير أن ضوابطها، وتفاصيلها، توفرت عليها التجربة الأوربية الحداثوية الممتدة منذ فجر الثورة الفرنسية. وهذه التجربة ميراث لكل بني الإنسان، ونحن منهم.
وأخيرا،أعتذر أخي سبيل، إن بدا في نبرات خطابي إليك، شيء من الحدة. فهذا ربما يكون عائدا لكوني، قد كنت أقرأ شعرك، وأعجب به كثيرا. غير أني حين قرأت فكرك السياسي، فجعت فيه. وربما شاركني كثيرون، هذه الفجيعة. وعلى كل حال، أنت حر في أن تعتقد ما تشاء. غير أني، ولا أخفي عليك، ايضا، قلت في قرارة نفسي، ليته لم يفصح عن هذه الأراء السياسية، وليته لزم كرسيه الشعري المتميز. لك الود، وصادق المحبة، وتصوم وتفطر على خير. أخوك، النور حمد
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-08-03, 09:41 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-08-03, 01:37 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-09-03, 12:34 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | doma | 11-09-03, 07:58 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | نصار | 11-09-03, 08:49 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | doma | 11-09-03, 09:10 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | mohammed alfadla | 11-09-03, 09:15 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | نصار | 11-09-03, 09:31 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-10-03, 05:14 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | doma | 11-10-03, 10:41 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | نصار | 11-10-03, 08:03 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | kamalabas | 11-16-03, 07:21 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | lopy | 11-11-03, 05:59 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-11-03, 10:01 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | Abdel Aati | 11-12-03, 08:41 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-12-03, 11:06 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | kamalabas | 11-12-03, 11:48 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-13-03, 09:10 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | doma | 11-13-03, 10:10 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | Alsawi | 11-13-03, 10:26 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | kamalabas | 11-13-03, 09:20 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | Dr.Elnour Hamad | 11-14-03, 06:26 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | Alsawi | 11-15-03, 09:38 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-15-03, 11:20 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | doma | 11-15-03, 05:31 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | kamalabas | 11-15-03, 10:33 PM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | Dr.Elnour Hamad | 11-16-03, 09:34 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | محمد عبدالقادر سبيل | 11-16-03, 11:20 AM |
Re: مسمار برئ في نعش الديمقراطية الليبرالية .. اين انت يا فوكاياما ؟ | kamalabas | 11-16-03, 09:57 PM |
|
|
|