|
إتحاد طلاب جامعة الجزيرة .. التجربة والتاريخ
|
مقدمة:
تعتبر المرحلة الجامعية , للذين وجدوا الفرصة فى التعليم الجامعى , من أكثر المراحل فى حياة الإنسان التى ينضج ويُصاغ فيها إجتماعيا وفكريا وسياسيا . فمع التحصيل الأكاديمى الشاق , تتميز المرحلة الجامعية , ومن بدايتها , بالنشاط السياسى والفكرى والإجتماعى الجاد والمسئول للطالب الجامعى , حيث تبدأ شخصيته الحقيقية وتوجهه الفكرى والسياسى فى الدخول الى مرحلة التركيز والتمحور والصقل النهائى , وذلك بالطبع , قبل أن يخرج للحياة العملية ناضجا ناشطا ومساهما , عملا وفكرا , فى بناء المجتمع من جهة , وأبا أو أما راعيا أو راعية لأسرتها من جهة أخرى.
ولا يمكن لهذا النشاط السياسى والفكرى والإجتماعى أن يتم بصورته المثلى , ولا أن يحقق غاياته المرجوة فى بناء شخصية الطالب الجامعى , من دون وجود الجسم أو المنبر الطلابى الذى يمثل ويدير كل أوجه حياة الطلاب السياسية والفكرية والإجتماعية والثقافية , ويُدار ويُفعًل بواسطة الطلاب أنفسهم .. ولا أحد غيرهم , وهو إتحاد الطلاب .
فوجود الإتحاد وتفعيله , والمساهمة والمشاركة العملية فيه أو الوقوف فى ضفة المعارضة له , يمثل قمة النضوج السياسى والفكرى والإجتماعى المسئول للطالب الجامعى , فعليه وبه تدور المنافسة السياسية الشريفة للمجموعات والأحزاب السياسية المختلفة فى الوسط الطلابى , ومن أجله يتم تفعيل العملية الديموقراطية الحقيقية وتعلمها وممارستها داخل الحرم الجامعى , ومن خلال كل ذلك , يحرص الطلاب , ومن مختلف الإتجاهات الفكرية والسياسية , على تجويد كل ما يصاحب هذه المنافسة الديموقراطية من أدوات للحراك والنشاط السياسى والثقافى والإجتماعى المتمثل فى الندوات وأركان للنقاش والأسابيع الثقافية والمهرجانات الرياضية والفنية المختلفة والمتنوعة .
ما دعانى الى كل هذه المقدمة , والحديث عن أهمية وجود الإتحاد فى حياة الطالب الجامعى , هو ما تم طرحه من قبل الأخوة خريجى وطلاب جامعة الجزيرة فى هذا المنبر , حول الغياب , أو التغييب المتعمد , لإتحاد طلاب جامعة الجزيرة لأثنى عشر سنة كاملة , وغنى عن القول هنا أن هذه جريمة تربوية لا تغتفر إطلاقا أيا كانت مبرراتها , بل ويستحق مرتكبيها أن يوضعوا خلف القضبان مدة طويلة من أجلها . وفى الحقيقة ما حيرنى أكثر , كيف عن لطلاب جامعة الجزيرة أنفسهم أن يتخلوا عن إتحادهم بهذه السهولة وكل هذه الفترة الطويلة !!. كيف يمكن لأثنى عشر عاما دراسيا جامعيا أن تنقضى , ولا يقاتل الطلاب الجامعيين فيها قتالا شرسا ومتواصلا , كائن من كان , من أجل إسترداد إتحادهم ؟؟.
ربما يكون قد تم "بعض" الحراك السياسى والإجتماعى والثقافى كل تلك السنين الطويلة من دون وجود الإتحاد , ولكنه , إن تم , يظل نشاطا وحراكا ضعيفا ومحصورا داخل كل كلية أو جمعية على حدة , يظل نشاطا وحراكا قاصرا وهامدا , نشاطا لا طعم ولا لون .. ولا رائحة له .
وهنا يأتى السؤال الأهم , هل حقا أعتبر هؤلاء الخريجيين أن حقبتهم الجامعية تلك .. مكتملة وناضجة ؟؟.
ربما كان الأجابة .. نعم , للجانب الأكاديمى , ولكن فى الجانب السياسى والثقافى والفكرى المكمل لنضوج الخريج , فالأجابة قطعا .. لا .
|
|
|
|
|
|