" لقد بدانا التجمع اين انتم ؟؟" اتانى صوت الزميل نزار عابدين ينفح هذه الجملة عبر الهاتف فى تمام الساعة التاسعة صباح يوم الاربعاء 13\6\ 2007 ... " انا اسف ليس لدى المال لتحريك عربة حتى كجبار لقد اخذت الرحلة السابقة كل مالى " هكذا كان ردى واضفت عليه " لم يبقى لدى حتى ثمن السيجارة " ضحكنا وتمنيت لهم التوفيق وتمنانى معهم لاننا كنا نتبادل الهتاف معا فى كل التظاهرات السابقة .... بعد هذه المكالمة استعدت تفاصيل اخر مظاهرة قمنا بها كنت احمل المايكرفون المحمول واهتف بشعارات البقاء للنوبة وكنا مجموعة فى المقدمة عندما انهالت علينا الرصاصات من كل جانب وتذكرت اننى ارتكبت خطا كبيرا ... هو لم يكن خطاى فى الفعل ولكنه كان خطأى بالكامل فى الاعتقاد .... كنت اهتف فى الناس انها رصاصات فارغة وعليكم عدم الخوف والتقدم وبالفعل تقدمنا تحت الرصاص حتى اصيب الاخ مزمل الذى كان بجانبى برصاصة مباشرة حينها فقط ادركت خطأى وبدأت اطلب من الناس التراجع وكان الامر قد فات ... من سنين الصدامات مع هذه الحكومة اعلم انها لا تتورع فى كل شئ ان تقتل فى عرفها حلال ان تعذب فى قانونها مباح ان تسجن وتنكل بالاخر فى اعتقادها مبرر ولكننى ما تخيلت ابدا لحظتها فى ذاك المكان بالذات ومع تلك الجماهير البسيطة التى لا تحمل سلاحا ولا عصى وبغالبيتهم نساء واطفال ما تخيلت ان يكون المقابل لهم رصاص حى .... عدت التظاهرة بخيرها وشرها وسيطرنا على الامور واصبح افراد الشرطة تحت رحمتنا وحينها ظهر ما ينفى كل حجج هذه الطغمة القاتلة فى ادعائتها ... كان فى امكاننا فعل ما نشاء فى افراد الشرطة ولكن ... لكننا نوبيون شربنا من النيل قبل الماء معنى الحياة رغم صعوبتها ورغم قساوتها ... تعلمنا من الجبال المحيطة معنى البقاء والتواضع على الاذى مع الشموخ رغم انف الطبيعة وغضبها ... والقليل من النخيل الباسقة علمتنا ان نلقى الثمر لمن القى علينا حجرا او حتى رصاص ... الساعة الواحدة تقريبا من يوم 13\6 تلقيت مكالمة جديدة من شخص لم يذكر لى لا اسمه وهو نفسه لا يعرف عنى الا اسمى "دايرين تلج كتير عشان الميتين " اى ميت واى ثلج ؟؟؟ ضربت اخماسا باسداس ولاننا بشر فان الصدمات المفاجأة تلغى فينا اى شئ اسمه الادراك .... هل يعقل ان يقتلوا بشرا مسالمين اطفال كل ما يعرفونه فى الدنيا انهم يريدون البقاء نساء كل ما يفهمنها سنين الحب والود الذى كان ... قتلوهم بكل بساطة . لا ادرى اين وجدنا المال اقسم بالله العظيم لا ادرى كل ما اعرفه اننى لم اكن املك مليما احمر فى جيبى ولكن وجدت ثلاثة عربات تحت تصرفى وجوال من البلح والواح من الثلج ... لا ادرى ربما هى مسجلة كدين باسم هشام حتى الان ولكن لا ادرى .... عندما وصلنا وجدت الامة النوبية كلها هناك الا نحن ... الكل يبكى والكل يتعانقون فى بكاء مر الذى تعرفه ومن لا تعرفه يحملك فى حضنه ببكاء مر وكانهم يومها كانوا يبكون الانسانية لا الشهداء فقط .. لم استطيع الحديث لان الموقف كان اكبر من التحمل ... دخلت على الشهداء فى صالة بمستشفى فريق ... تخيلوا معى ان ارضية الصالة كلها مغطاة بدمائهم النقية ورغم ذلك لا تشم الا رائحة العطر الذى استخدم فى المكان .. وكانوا هناك كانهم يغطون فى النوم لا فى الاخرة .. اشرف الشباب وانبلهم رحلوا وكان الرصاصات التى انطلقت من يد الهوليكوست كانت تعرف من تختار ... اجمل الشباب وارقاهم رحلوا وكان الحور العين هى من استعجلت روحهم لا ملك الموت .. اصدق الرجال قد رحلوا وكان مستقبل النوبة من اختارهم بجواره لانهم لا يشبهوننا ولسنا فى قامت من ضحى بروحه ...... هل من اطلق الرصاص وحده هو المجرم وهل وحده من يستحق القصاص والموت ؟؟؟ هل الذى اطلق الاوامر هو المسؤول ؟؟؟ ام الذى اتى اصلا بايدلوجيا القتل من اجل البقاء ؟؟؟ نعم كلهم شركاء فى الجريمة وكلهم ملطخة يدهم ولكن الذى يستحق الرجم قبل الموت الذى يستحق النفى قبل السلام الذى يستحق اللعن والمقاطعة ليسو هم فقط .... ماذا نقول عن من هم منا وفينا وساندوا ولا زالوا يساندون القتلة ؟؟؟ ماذا عن من هو نوبى اللسان والمنشأ ويحمى القتلة ؟؟ يا ترى اى عقاب يستحق من جعل نفسه محامى الدفاع عن الخفافيش والقتلة ؟؟ ثم كيف تعرف انسانا بكامل قواه العقلية وهو يريد بيع اهله من اجل حزب ومن اجل مصالح شخصية هى الى زوال ....؟؟؟ عفوا كجبار انه زمن العقوق وزمن المغيرين لا مخيرين ... عفوا انه زمن الدناءة والبذاءة والخنوع ... انه زمن الرجال اشباه الرجال ... انه زمن النفس اولى من الصاحب والاهل والعرق والجنس والانتماء ووووو ... الانسانية . عفوا كجبار لاننا لم نعطيك حقك قدرك ولم نحميك كما يجب القضية اختبار لانتماءنا وقوتنا ولكننا كنا الرجال الخطأ فى الزمن الخطا والمكان الذى لا نستحقه ... عفوا كجبار لان من بين ابناءك من يبيعون ويخونون لاننا بشر بيننا من يرضع العقوق والغدر . شكرا لشهدائنا وانتم تقدمون لنا معنى الحياة بشرف او الموت كرماء شكرا لدمائكم التى كتبت لنا تاريخا كنا نسيناه عمتم سلاما ولكم فى اعلى الجنان تحية ... وان لم تكن الجنة لكم فلا وجود لها ولا من يستحقها .. هشام عباس
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة