|
Re: الى الذين تسللوا الى جامعة فاس المغربية -نداء عاجل (Re: omer abdelsalam)
|
عمر حيمري - الكاتب المغربي يكتب عن - صبر السوداني ************************************************************** ارسل لنا الباحث والكاتب المغربي مشاركة جديدة تضمن ذكريات مع رفاقه من الطلبة السودانيين في جامعة فاس السبعينات في سنوات السبعينات Quote: صبر السوداني
التحقت بعد صلاة المغرب بالغرفة 478 متأخرا على غير عادتي, فوجدت بها الأخ مصطفى أبو إدريس, والأخ كامل, وكانا كما عهدتهما, لا يفترقان أبدا. كأن كل منهما, ظلا للآخر,فمن المستحيل أن ترى أحدهما دون الآخر, ,وبجانبهما الأخ مسلمي ,ويقابلهما في المجلس ,الأخ مغراوي . كانت الغرفة مظلمة ,إلا من القليل من النور, المنبعث من الشرفة (البالكون) التي تطل على المطعم الجامعي . لم يستقبلوني كعادتهم بالفرح ,والمرح ,وقولهم (أش زيكم أنا لي زمان ماشفتكم). كان الصمت سائدا ,والحركة منعدمة, وكأن الطير على رؤوس الجميع . بدت لي الغرفة غارقة في موت رهيب, وظلام دامس, وكآبة خانقة,لم تنطلق منها أصوات الترحيب العالية, التي عهدتها عند دخول أي زائر عندنا ,ولم تكن ممتلئة بالمرح المصحوب بالقهقهات المتعالية , التي طالما عجت بها غرفتنا , عند لقاء الأحبة .انتابتني الحيرة, ولم أفهم سر هذا التحول الطارئ على غرفتنا .جلست,كالأخرس , دون أن أفوه بكلمة ,وأنا كلي حيرة ,وقلق وتساؤل, عما يمكن, أن يكون قد حدث من مكروه لأحدنا .ويخرجني أحدهم من هذه الحالة الكريهة إلى نفسي بقوله:رحم الله أم أخينا مصطفى. كالصاعقة نزلت علي هذه المقولة .نظرت إلى مصطفى , كان هادئا كعادته, لكنه كله حزن وألم ,اختفت ابتسامته الخفيفة ,التي عهدتها تصدر منه بتلقائية بمجرد ما تلتقي أعيننا .ضاعت مني كل كلمات العزاء, التي تقال في مثل هذه المواقف, ولم أجد ما أواسيه به إلا قولي: هل ستسافر ؟أجابني لا .الإمكانيات ضعيفة ,وأنا لم يمر على مجيئي إلا أشهر قليلة,وثمن تذكرة الطائرة غاليي جدا .عندها صححت ما بنفسي ,من أخطاء كنت اعتقدها .وهي أن كل سوداني يدرس في المغرب هو من الطبقة الميسورة التي تعيش في بحبوحة من النعم,ورغد العيش ,ولم يكن هذا شعوري وحدي ,فجل الطلبة يقاسمونني نفس الشعور.وما يعزز هذا الحكم عندنا . عدم شكوى الإخوة السودانيين من الفقر, والحاجة, وقلة اليد, ولم نكن نعلم.أن عزة النفس والكرامة, التي يشعر بها هؤلاء القوم.هي التي كانت تمنعهم من الشكوى. كان موت والدة مصطفى أبو إدريس, بعد عيد الأضحى (العيد الكبير كما يقول المغاربة ) بقليل أو قبله بقيل. لم أعد أذكر جيدا.
نظرت إلى الأخ مصطفى من جديد و أنا أردد في نفسي (يا ألله اجتمعت عليه الغربة , والحاجة ,ومصيبة الموت).كان كالجبل راسيا لا ينهد , لا يتزلزل, رغم معاناته القاسية مع الغربة .هذه الغربة علمته بدون شك كيف يكتم أحزانه, وآلامه بداخله ,دن أن يبديها لغيره , وإن كانت عيونه البريئة ,وسريرته الطاهرة , لا تستره ,وتفضحه .كان وقع خبر الموت عليه قاسيا بدون شك ,ولكنه تقبل بنفس راضية ,المصيبة التي ألمت به وتحمل وصبر ولم يجزع, لما أصابه من مصيبة الموت, ولما هو فيه فاقة, وغربة , ولو كنت مكانه للعنت رحلتي إلى المغرب ,ودراستي بجامعة فاس , ولحزمت حقيبتي ورحلت.ومن يومها فهمت واستوعبت ,لماذا وفى الله الأجر للصابرين, وبدون حساب .وصدق الله العظيم {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [/ QUOTE ] **صورة من ارشيف عمر حيمر ي تجمع : من اليمين الى اليسار السوداني مسلمي الزين ، رقم 2 - بن مسعود من المغرب ، رقم 3 عمر حيمري من المغرب
(عدل بواسطة omer abdelsalam on 09-23-2007, 12:36 PM)
|
|
|
|
|
|
|