|
الدكتور أمين مكي مدني ..فارس العدالة في عهد الظلامات
|
الدكتور أمين مكي مدني ..فارس العدالة في عهد الظلامات
تذكرني المحاكمات التي يجريها نظام الإنقاذ الآن لقادة حركة العدل والمساواة ، بالمحاكمات التي كان يجريها النظام العنصري في جنوب أفريقيا ضد منتسبي حزب المؤتمر الأفريقي بقيادة الحكيم نيسلون مانديلا ، التهم في الحالتين كانت تتراوح بين نشر الكراهية ، العصيان المسلح ، التحريض ، تشكيل مجموعات إرهابية ، والقضاة هنا وهناك متشابهون ، وكذلك المتهمين الذين يقفون بين يدي القاضي المُتحيز ، والمُستعلي بالعرق ، فقد خاب رجاء من قالوا أن أفريقيا قد طوت الظلام ، ومنظر جلاوزة الإنقاذ وهم يقطعون بالسياط ظهور أطفال دارفور ، ثم يطلبون منهم الزحف على بطونهم في رمضاء ترمض الجُندب ، يذكرني بقوافل الرقيق الأسود التي كانت تنطلق من غرب أفريقيا ، وهي في طريقها إلي مزارع القطن والتوباكو في القارة الجديدة ، هي حياة عبودية عاشها أؤلئك الناس مكرهين ، أما الذي حدث في السودان ، غير أنهم أعادوا للأذهان تلك الظاهرة ، إلا أن الزبانية أخذوا هؤلاء الأطفال إلي مكان إسمه المحرقة ، ردة فعل النظام بعد هجوم العاشر من مايو أهلكت العديد من الأرواح البريئة ، وقد تم تنفيذ أحكام الإعدام في الشوارع ، كان النظام يأخذ " بالظنة " ، ولا أعتقد أن الذين يُحاكمون هم فقط الذين أعتقلتهم حكومة الإنقاذ ، ففي أحد أحياء أمدرمان ، فتى في الحادية عشرة من عمره كان يلعب في الشارع ، بناءً على الخلفية العرقية والعُسر في مخارج اللغة العربية تم إعتقاله ، وهو يُضرب في الشارع بلا رحمة ، حاولت أخته جاهدة أن تنقذه ، تقدمت نحو الجنود بكل رباطة جأش ، حاولت أن تجعلهم يفهمون أن أخاها ليس إلا طفلاً بريئاً قذفت به الأقدار في هذا اليوم إلي الشارع ، أنه شعور الخنساء نحو صخر ومعاوية ، أنه شعور أخت موسى ، ألقته في اليم وبصرت به عن بعد وهو تتقاذفه مياه النيل نحو قصر الفرعون ، فتلقت هذه السيدة السودانية رصاصة قاتلة من سلاح أحد الجنود ، ماتت هذه السيدة في سودان يتقاتل رموزه الآن حول شكل الإنتخابات القادمة ، أنهم يتقاسمون ورثة الفقيد وهو لم يُدفن بعد ، هذه الحادثة وثقتها منظمات حقوق الإنسان ، وهي الحادثة الوحيدة التي تجد فيها أن الجندي الإسرائيلي كان أكثر رحمةً ، وأكثر رأفةً في تعامله مع الفلسطينيين ، فأي شيطان رجيم لا يتعامل مع النفس البشرية بهذا الشكل ، فهم قد قتلوا إمرأة ، ليس أقل ولا أكثر ، فهم كما قال الشاعر الحطيئة : دع المكارم فلا ترحل لبغيتها فأقعد فأنك الطاعم الكاسي حظهم من المكارم أنهم قتلوا إمراة ، وموقعهم في ميدان الشجاعة مثل النعامة ، فتخاء تفر من صفير الصافر ، نعم ، أنهم لا يحاكمون قادة حركة العدل والمساواة ، فهم يحاكمون شعب كامل ، أنهم يحاكمون قضية وجود ، أنها معركة بين الوجود والعدم ، ومعركة بين الظلم والمساواة ، يحاول الدكتور أمين مكي مدني أن ينحت في صخر ظلمات الإنقاذ ، أنه يثبت لأهل السودان أن القيم الإنسانية التي تربطنا مع بعض لم تنتهي ، أنه فارس العدالة في دولة الفوضى وعهد الخوف ، أنه الجبل الشامخ في زمن الطوفان ، هذه المحاكمات الجائرة لن تكسر هامة أهل دارفور ، وحبل المشنقة لن يطيل عنق النظام ، ومهما بلغت نجاعة العقوبة ، فهي أقل من قتل 500 ألف إنسان ، وحرق أربعة آلاف قرية ، وتشريد أكثر من 4.8 مليون إنسان من ديارهم ، فالحكم الجماعي ضد أهل دارفور بالقتل فقد صدر قبل مدة ، ومن المؤسف أن كل من يقتل إنساناً دارفورياً ينجى من فعلته ، بل يمكنه تسلم الأنوطة والنياشين ، من يلغ في دماء أهل دارفور يُمكن أن يصبح وزيراً كحالة أحمد هارون ، وقائد المليشيا يُمكن أن يصبح مستشاراً في الحكم الإتحادي كحالة القائد القبلي موسى هلال ، كل هؤلاء تقربوا للإنقاذ بدم أهل دارفور . سارة عيسي
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|