|
طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود
|
السودان كبلد ينتمي للعالم الثالث ، أو في أحسن الأحوال كبلد نام ، يسعى إنسانه لتنميته ،ولا يملك خطة لذلك ،، وينظر الناس إلى التنمية على أنها بنا ء ينتج مزيدا من البناء ، فيتحدثون دائما عن بناء البنية الأساسية كمدخل لانطلاقة التنمية الزراعية والصناعية ، ويربطون كل ذلك بما يقتضيه من خدمات متطورة تشمل كل جوانب الحياة الإنسانية . وبناء البلدان ليس أملا أو طموحا أو حلما يتحقق دون أن تمتلك الشعوب متطلبات وعناصر ومكونات التنمية المطلوبة ،، فإن لم تمتلك البلاد تلك المتطلبات فإنها تكون كمن يطبخ حجارة صماء على نار مضطرمة دون أن يتمكن من عض شيء أو إدخال شيء في جوفه ،، وبلادنا وهي تخرج من حالة الحرب إلى حالة السلام تكاد لا تمتلك المقومات المادية للتنمية ، وأهم هذه المقومات رأس المال اللازم لشراء مكونات التنمية ، وتوفير الخدمات التي تناسب مرحلة البناء، وتدريب اليد المنتجة وتطويرها . والبنية الأساسية ما تزال ضعيفة وهشة ، والعديد من المشروعات القائمة لا تمتلك إمكانية صيانة أجزائها ، وغالبيتها في أحسن الأحوال تعتبر مشاريع إعاشة ،، ولتصبح مشاريع إنتاجية لها سهم مقدر في الدخل القومي فإنها بلا شك تحتاج إلى راس مال قد لا يكون متوفرا لديها الآن ،، ورأس المال ، هذا المفقود الأساسي ، لا يمكن توفيره إلا عبر : 1. المدخرات المحلية : وهي ضعيفة لا يمكنها إلا أن تسهم إلا إسهاما محدودا في أي مجهود تنموي ، إضافة للخبرة المحدودة لرؤوس الأموال المحلية ولجبنها وترددها . 2. المنح والقروض : وهي مرتبطة في كثير من الأحيان بالتوجهات السياسية للمانحين والمتلقين ، إضافة إلى أنها ربما تدخل البلاد في دائرة تقودها إلى الفقر بسبب أن القروض كما يرى الكثيرون ما هي إلا شراك لاصطياد شعوب العالم الثالث ينتج عنها تكبيل هذه الشعوب بالديون وتراكم الفوائد والرسوم ، إضافة إلى الهيمنة السياسية للجهات المانحة وفرض شروطها ،ودوننا تجربة القروض التي تلقتها البلاد في السبعينات والثمانينات ، 3. فتح البلاد على مصراعيها للاستثمار الأجنبي : وهذه أيضا لها مخاطر عديدة على المستثمر المحلي الذي لن يتمكن من منافسة المستثمر الأجنبي ، إضافة إلى أن رؤوس الأموال الأجنبية لن تنتقل إلى بلد إلا إذا ضمنت مردودا ضخما تنقله إلى بلادها الأصلية مع توفر ضمانات مالية وسياسية وربما إلزام الدولة المضيفة بقبول شروط اجتماعية أو دينية أو سياسية معينة ، كما يشترط كثير من المستثمرين الأجانب توفر مستوى معقولا من البني التحتية والتي قد لا تكون متوفرة في السودان حاليا .. 4. خليط من كل ما ذكرنا آنفا ، وهو غالبا ما يحدث في كثير من البلدان ، مع استمرار وجود مخاطر ومخاوف وإشكاليات أي من هذه المكونات . وحتى مع وجود الخليط الأخير هذا ، فإن النصيب الأكبر سيكون من حظ الأجنبي ، قرضا ، أو مستثمرا ، وكما قلنا آنفا أن هذا الأجنبي لن يأت إلينا لأجل عيوننا ، إنما سيأتي إلينا فقط إذا تأكد من أنه سيحقق عائدا ماديا قد لا يتوفر له في بلاده أو في بلاد أخرى له ، أو لغيره ، تجارب سابقة فيها . كما أنه لابد من توفر الضمانات التي تمكنه من نقل أمواله بحرية وسهولة إلى بلاده أو إلى أي بلد آخر . وكما قلنا أن للأجنبي دائما شروطه التي يعتبرها جزءا من شروط الجدوى الاقتصادية ، ولن يقبل الدخول في عمل استثماري إلا إذا تحققت هذه الشروط ،، والمستثمر الأجنبي لا يقبل العمل بشروط الاستثمار قصير الأجل ، فهو إن استثمر أرضا أو مشروعا على وجه الأرض أو باطنها ، فإنه لن يقبل إلا بشروط الأمد الطويل ،، لذا فإن البعض يعتبر الاستثمارات الأجنبية نوع من الاستعمار الجديد الذي يحدد بنفسه سني عمره . وقد يفرض المستثمر الأجنبي شروطا تلغي بعض جغرافيتنا أو تاريخنا أو تدخل تعديلا ما على بيئتنا ، ولا أعلم مدى استعدادنا لقبول ذلك ، خاصة مع ما نتميز به من حساسيات مفرطة تجاه كل ما يمس ممتلكاتنا ، أو ثقافاتنا ، أو معتقداتنا ، حتى وإن كان البديل مكسب قومي .. لكن الأسئلة الهامة هي : هل يقبل المستثمر الأجنبي والمؤسسات المانحة للقروض على الدخول في مشاريع استثمارية في السودان عندما يتحقق السلام ؟ هل يقبل هؤلاء ببنيتنا الأساسية الحالية ، وهل يثقون في قدرتنا على إكمال البنية الأساسية المطلوبة ؟ هل في الإمكان دخول المستثمرين أنفسهم في إكمال البنية الأساسية ؟ وهل يمكن أن تكون الإجابات على كل الأسئلة السابقة بنعم ولكن بثمن مادي معقول ؟ وهل يمكن أن تنطلق خدماتنا من خانة العدم التي تعانيها الآن إلى إمكانية ملاحقة أي تطور اقتصادي قادم ليصبح ممكنا تساوي الخدمات مع متطلبات التنمية ؟ هل من الممكن إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية متوازنة ومرضية لكل الأقاليم ، وفي نفس الوقت تحقق شروط التنمية القومية الشاملة ؟ هل بالإمكان إلغاء كل ذلك ، واستبداله بتنمية تتبع طريق التنمية الاشتراكية ؟ أم سنبقى نتحدث عن إمكانية الخلط بين هذه وتلك ؟ وإن كان الخلط ممكنا فبأي النسب يكون أنسب لبلادنا ؟ هل يمكن أن يطرح اقتصاديو المنبر ، الرأسماليون والاشتراكيون ، رؤية متكاملة عن مستقبل التنمية في السودان ؟ آمل أن أرى ذلك ..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ودقاسم | 02-06-04, 11:24 PM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | theNile | 02-07-04, 01:33 AM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ودقاسم | 02-07-04, 08:06 AM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ibnomar | 02-07-04, 11:05 AM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ودقاسم | 02-07-04, 12:22 PM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | theNile | 02-07-04, 02:39 PM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ودقاسم | 02-07-04, 03:33 PM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | theNile | 02-08-04, 03:23 AM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ودقاسم | 02-08-04, 08:47 AM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ahmed haneen | 02-08-04, 08:09 AM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ودقاسم | 02-08-04, 10:20 AM |
Re: طريق التنمية الرأسمالية في السودان ، طريق ذو مخاطر أم أنه طريق مسدود | ibnomar | 02-09-04, 12:50 PM |
|
|
|