|
الليلة العشرين بعد العودة
|
وأنا أستعد للنوم ، مدت زوجتي يدها حولي ، ووضعت رأسها فوق ذراعي الممدودة فوق الوسادة ، فأحسست بدمعة منها تنزل فوق ذراعي ، فلففتها بذراعي الأخرى واحتضنتها وبدأت أهدهدها ، وأسألها ما بها ، ما الذي أصابها فجأة ، ما الذي دفعها إلى أن تنتحب هكذا ؟ قالت : كأني أشعر أن أهلك يسعون لأخذك منا مرة واحدة . قلت : من أي باب أتاك هذا الإحساس ، نحن نتكلم عن عمل ، ولا يوجد طرف منا يرغب في احتواء الآخر ، لا أنا ولا أهلي ، ولم أشعر مطلقا أن أهلي يرغبون في أن أكون بينهم للأبد ، لكنهم ربما أرادوا إقامة رابط قوي بيني وبين القرية ، وأعتقد أن هذا الأمر مطلوب أصلا بحكم سني غيابي الطويل. قالت : لكني أخشى من العقلية المزواجية لأهل الريف . ضحكت كثيرا من هذه الوصفة لعقلية أهلي ، وعقبت : لكنني لست صبيا ، ولا فكرت مطلقا في مثل هذا الأمر . قالت أخشى أن يدفعوك إليه دفعا ، أنا أحس هذا ، وأحسب حسابه . قلت : أراك تطرقين أمورا لا تخطر لي على بال ، ولا أعتقد أنها تخطر على بال أحد من أهلي . قالت : أنا لن أفرط فيك ، ولن أتركك لهم مطلقا . قلت : أؤكد لك أنهم لا يرغبون في أمر كهذا ، ولا هم يدخلون معك في منافسة ، إنما هو عمل فقط ، ولم يتطرقوامطلقا لما تفكرين به ، لا من قريب ولا من بعيد . فهل ترين أن أرفض العمل معهم ، وهم قد منحوني كل شئ ؟ قالت : لا ، لا ترفض العمل معهم ، لكنني أرغب أن أكون معك باستمرار ، سأعمل معك ، وأساعدك في عملك الجديد . قلت : لكن أعمال الزراعة والرعي أعمال ذكورية بحتة ، ولا يقبل الناس اشتراك المرأة فيه ، وأهلي هناك أكثر حساسية لهذا الأمر . قالت : هذا هو الحل الوحيد ، أن أكون معك . قلت : وأولادك ، وبيتك ؟ قالت البنت ستتزوج ، والأولاد تخرجوا من الجامعات ماعدا الصغير ، ويمكن أن يشق كل واحد منهم طريقه ، وبيتي سيكون لي ولأولادي ، هم يعيشون فيه وسأزورهم من وقت لآخر ، أما أنا فطريقي هو طريقك ، حجلا حول رجل ، لا فكاك . قلت : هناك زمن كاف للتفكير في هذا الموضوع بروية وبتؤدة . قالت : لن أفكر أكثر مما فكرت ، إذا كنت ستسير في هذا الطريق فأنا لا محالة سائرة معك . قلت : لكنك ستحرمين نفسك من الراحة والهدوء اللذان طالما تمنيت أن تستمتعين بهما في وطنك . قالت : لا راحة لي إذا كنت سأعيش تحت هاجس مستمر بأن زوجي سيختطف مني . تمددت أفكار زوجتي كأنها حبل شيطاني ، وأحسست بها وكأنها تعود بنا إلى البدايات الأولى حين تعرفنا على بعضنا لأول مرة ، حين كان كل منا حريص على الظفر بالآخر ، لكن ذاك كان يتم خلف ستار من حياء ، أما هذا الذي نحن فيه فإنه يتم علنا ويمكن أن ينتقل إلى مرأى ومسمع الجميع . فحاولت أن أخفف حدة توترها بمداعبة خصلات شعرها باطراف أصابعي ، لكن ذلك لم يجلعها تتراجع عما هي فيه . يا ترى هل يمكن لكل هذه العشرة ، وكل هذه السنين ، وكل هذه الإلفة أن تنقلب إلى مشاعر سلبية فتحطم أسرتي ؟ هل يمكن أن أنتقل هكذا ببساطة إلى حضن آخر ؟ وما أدراني بعمق هذا الحضن الجديد وما مدى حرارة دفئه ؟ هذه المرأة ما زالت تحبني بجنون ولن تتركني إلا لأحمل إلى قبري . قلت لزوجتي ، أنني لا أمانع من تنفيذ اقتراحها بأن تصبح شريكا في عملي الجديد ، ويمكنني - إن كان ذلك يريحها - أن أتعهد لها تعهدا مكتوبا بأن لا أفعل أبدا شيئا مما تفكر فيه ، وأن لا أستجيب لأي شروط تفرض عليّ من قبل أهلي تتعلق بإقامة زواج ثان . وطلبت منها أن تخلد إلى النوم على أن نفكر لاحقا في كل الأمور بهدوء وبدون انفعال وفي وقت أوسع .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-18-04, 03:23 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ابو جهينة | 02-18-04, 03:52 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-18-04, 09:11 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | حسن الجزولي | 02-18-04, 06:38 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-18-04, 11:19 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | Alsawi | 02-18-04, 09:52 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | Tumadir | 02-18-04, 11:55 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | Haydar Badawi Sadig | 02-19-04, 04:50 AM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | abuguta | 02-19-04, 08:15 AM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-19-04, 03:10 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-19-04, 10:26 AM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-19-04, 09:35 AM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-19-04, 09:10 AM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | شتات | 02-19-04, 12:46 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | abuguta | 02-19-04, 03:55 PM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-20-04, 10:17 AM |
Re: الليلة العشرين بعد العودة | ودقاسم | 02-19-04, 06:19 PM |
|
|
|