|
الحركة الشعبية ليست دلالا ونحن لسنا بضاعة بائرة
|
الشراكة بين الإنقاذ والحركة الشعبية ‘ والتي سنساق إليها بمبررات السعي نحو السلام ، نتوقع أن تكون شراكة تقوم على أسس وطنية وعلى قدر من الأمانة والطهارة السياسية ، نتوقع أن تكون النواة التي ستنطلق منها الديمقراطية الرابعة وهي الديمقراطية التي نأمل أن تفضي بنا إلى السودان الجديد ، خاصة وان الحركة ظلت تحمل السلاح عشرين عاما لتحقيق ذلك ، وأن كل القوى السياسية في السودان بما في ذلك الإنقاذ قد اقتنعت قناعة تامة بضرورة السعي لبلوغ هذا السودان الجديد . ولعل الإنقاذ أكثر اقتناعا بهذه الضرورة بحكم الحرب التي يواجهها بها الشعب السوداني طيلة فترة حكمها بالرغم من كل محاولات التجميل والتجمل التي تبذلها ، وقد بدأت الإنقاذ في الاستجابة للضغط الشعبي منذ عدة سنوات ، لكن استجابتها كانت بطيئة ومتلكئة ، حتى أن ذلك أحدث فيها انشقاقا كاد يفقدها السلطة وما يزال يهددها ، وهي تحسب له ألف حساب . لا يهم أن نكون خارج سلطة الفترة الانتقالية أو داخلها ، ولا يهم أن نكون طرفا في أي سلطة في أي زمان أو عهد ، لكن من المهم جدا أن تكون السلطة عادلة وديمقراطية ووطنية ، وأنها تكتسب شرعيتها من أنها تمثل الغالبية من المواطنين . من المهم جدا أن تكون السلطة قومية ، لا تسعى لتمكين حزب ، أو جماعة ، أو تمكين أشخاص بعينهم ، وأعتقد أن الإنقاذ تفهم ذلك وتعيه جيدا ، وأنها قد ذاقت مرارة الحفاظ على السلطة في ظل عدم الشرعية ، وذاقت مرارة التمكين للحزب على حساب الوطن ، وذاقت مرارة ممارستها لتهميش الآخر وإقصائه ، ولن ينسى التاريخ مطلقا للإنقاذ أنها ظلت طيلة فترة حكمها تحرس نفسها بقوانين الطوارئ ، وما ذلك إلا لأنها جافت قوانين العدل والمساواة والحرية والديمقراطية . والإنقاذ حين تسعى للسلام لا تسعى إليه حبا فيه ، ولا تسعى إليه لأنه من صميم مبادئها ، فهي جاءت بالعنف واستمرت به ، لكن العنف المستمر والذي قابلته مقاومة مستمرة يوهن صاحبه ويعيده إلى رشده مهما طال الزمن ، أو بالضرورة أن ينكسر قرن الوعل من صلابة الصخرة ، فالإنقاذ أجبرت على الولوج إلى السلام والقبول بشروط الآخر والاستجابة إلى ما ينتظم العالم من مناداة بالديمقراطية والعدل والمساواة وإطلاق الحريات والالتزام بحقوق الإنسان ، ولن يقبل الشعب ولا الشعوب المجاورة ولا العالم بغير ذلك . وعت الإنقاذ كل هذا فاتجهت نحو السعي للسلام ، لكن الإنقاذ كعادتها لا يمكنها أن تتخلى هكذا فجأة عن أطماعها وعن انتهازيتها وعن مكرها وخداعها ، فهي مهما بلغت درجة وعيها فإنها لن تصيب وعيا كاملا إلا إذا وجهت لها الضربة القاضية ، فلذا نجدها تناور وتحاول الخروج ببعض المكاسب وتجنيب نفسها الفناء ، لكنها كما تعلمت تدرجا فإنها ستتعلم المزيد وسترى المزيد من المواجهة مع الشعب ومنظماته المدنية . الحركة الشعبية لن تتفق مع الإنقاذ على استمرار الديكتاتورية وتهميش الآخر وإقصائه ، والحركة الشعبية لن تقبل أن يقوم السودان الجديد على أوساخ السودان القديم ، والحركة لن تقبل انتهاكا لحقوق الإنسان ولن تقبل بغير العدل والمساواة ، لأن كل ذلك ليس من طبيعتها ، ولأنه ليس من مبادئها ، ولأنه ليس من أدبياتها ، ولهذا فإن الحركة ستظل شوكة حوت في حلق كل من يريد أن ينكص عهدا ، أو أن يتراجع للوراء ، أو من يسعى لإرجاع السودان إلى عهود الديكتاتورية والتسلط وانتهاك حقوق الإنسان . الذين يقولون أن الحركة باعت حلفاء الأمس واختارت حليفا جديدا هو الإنقاذ ، نقول لهم أن هذا وهم تعيشه الإنقاذ ونأمل أن لا تعيشوه معها ، لأن الحركة ما تزال في صف واحد مع حلفاءها ، وحليف الحركة الأساسي هو الشعب السوداني ، وأحزابه تمثله والحركة تعي ذلك تماما . والحركة في حساباتها أنها لم تحصل على كل ما أرادت ، وقد يرى البعض أنها تنازلت عن بعض مما كانت تنادي به ، لكن الحركة تعرف أن ظروف المساومة تقتضي ذلك ، لكنها أيضا تعلم أن الطريق طويل والأمر لن ينتهي بتوقيع الاتفاق ، وفي كل ذلك تعمل الحركة بتنسيق تام مع حلفاءها وتعكس رؤاهم وأمانيهم في كل سانحة ، ورؤى هؤلاء وأمانيهم هي رؤى الشعب وأمانيه ، فإذا استصحبتها الحركة فإنها تكون قد فاوضت باسمنا جميعا ، وهي فعلا تفعل ذلك وسؤال هام جدا ، هو ما الذي تريده الأحزاب الشمالية التي تحالفت مع الحركة ؟ هل هذه الأحزاب تسعى للسلطة من أجل عيون السلطة ، أم أنها تريد للسودان إصلاحا وتنمية ؟ هل هي تسعى لتمكين أحزابها وتريد أن تقهر المواطن السوداني وتصادر حرياته ، أم أنها تسعى للديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة ؟ وإذا تحقق كل هذا فكيف يكون من حققه قد باع الآخرين ؟ نحن نريد السلام ، نريد الحرية ، نريد الديمقراطية ، نريد العدل والمساواة ، واحترام حقوق الإنسان ، نريد أن نحتكم للمواطن عبر آلية نظيفة لا تشوبها شائبة ، نريد وطننا يتسع لنا ولغيرنا نحن نكره الحرب والديكتاتورية والظلم وانتهاك حقوق الإنسان والاحتكام إلى القوة واللجوء إلى الإقصاء والتهميش من أتى بما نريد فنحن معه ولن نقول له أنك بعتنا ، لكن نقول له نعم البيع بيعك ، ومن أتى بما نكره نقول له أننا سنظل في مواقعنا ، وسنشرع في وجهك كل وسائل المقاومة إلى أن ينتصر الحق على الباطل ، أو يقضي الله أمرا كان مفعولا
|
|
|
|
|
|
|
|
|