نظرة اشتهاء ...عنوان روايه جديده تمت مصادرتها من التوزيع داخل السودان....

Quote: نظرة إشتهاء . . . يا للعجب غوغائي من العوام الجهلاء وصل به جهله الى حد التطاول والدعاء على جباة ضرائب جلالة المعصوم المعظم بالموت الزؤام. همجي من العوام يتمرد على قواعد قانونية شرعها عراب جلالته أبوالشرائع الواوي الذي سهر الليالي الطوال حتى تمكن من وضع هذه القوانين حرفا ً حرفا ً، وكلمة كلمة، ومادة مادة، بغية إنقاذ هؤلاء الهمج بثورة إنقاذية من التشرد والجوع والضياع. بذل أبوالشرائع الواوي جهدا ً فوق العادة، لإرساء دعائم مشاريع الثورة عبر هذه القوانين، بدئا ً من الدستور الذي تغالى عليه المعارضون وجميع دول العالم والمنظمات الدولية والمعاهد المتخصصة وفقهاء القوانين إذ أنهم جميعا ً إتفقوا على أن هذا الدستور كالسمكة في الماء، يصعب مسكها باليد، إذ أن مواد هذا الدستور، وجميع قواعد القوانين المنبثقة عنه، قد دوخت علماء القانون والقضاة واللغويين الذين بحثوا في جميع قواميس اللغات الحية ومشاريع القوانين ومداولات الجلسات التشريعية، وأدبيات القوانين، و نظرياتها العامة، لكي يجدوا تفسيرا ً لقواعدها، و لما تعنيه كلمة (التواليات) في القانون لم يجدوا شيئا ً، ولم يجدوا نصا ً واحدا ً يشير الى ثمة حق ٍ مكفول لأحد من مواطني البلد الكبير من غير أتباع النظام. لقد خرجت قواعد تلك القوانين من مخيخ أبو الشرائع الواوي، مطاطة ومطواعة تستوعب كافة دروب السطو بالقانون، والأهواء المفضية الى خلق إنسان مخنث صامت بطبعه. أجل، إن الصمت هنا هو النظام، والكلام بكل صنوفه إخلال بالنظام وتمرد وثورة على النظام، وهذا الغوغائي اذا استمر برفع صوته هكذا، سيسن سنة للآخرين الصامتين، وربما قاد ذلك الى ثورة شعبية. *** عقب تلك السلسلة من الترتيبات الامنية والقضائية، باشر جلالته خطابه للامة، بشأن تلك البادرة التآمرية الخطيرة، التي تهدد بشكل مباشر، حلم أمبراطوريته الكونية، فإستهل خطابه قائلا ً: - أيها الشعب، إن هذه المؤامرة الجبانة الخائنة، لابد من ورائها أيدي أجنبية إستعمارية حاقدة و طامعة في ثروات هذا البلد، وهي تسعى بكل جهدها الى تفتيت وحدة هذا البلد وإستغلال إنسانه وإستعباده، والأمر المؤسف هو أن عملاء لهم ينتسبون لهذا البلد زورا ًيقومون بأعمال تخريبية و يسهلون عليهم مهماتهم الإستعمارية.. تخيلوا! يمدونهم بالأسلحة كي يتمردوا علينا، لكننا لا ولن نتساهل معهم أبدا، سنضربهم بيد ٍ من حديد، سنجتثهم من جذورهم، لن نسمح لكائن ٍ من كان، أن يعارض نشاط سندنا الميمون، لأن هؤلاء الميامين الفرسان الابرار، ينفذون إرادة السماء التي أُوُكلت إلينا شخصيا ً لتطبيقها على أهل الأرض كافة، فمن يعارضنا أو يعترض على نشاطها، ليس له حق الحياة ومباح ٌ ماله وعرضه. وفي تلك اللحظة، رأى جلالته بأم عينيه، جميع سكان البلد الكبير فردا ً فردا ً داخل بيوتهم و في كل مكان، وقد دفنوا رؤوسهم في التراب وأرجلهم الى أعلى يتنفسون بأدبارهم و يرتجفون رعبا ً، فسره المنظر بالغ السرور، فطفق يضحك بصوته الشبيه بأصوات نباح الكلاب المسنة وهو نشوان....