|
من يفك طلاسم الرحلة رقم SD109
|
من يفك طلاسم الرحلة رقم SD109
قرأت التقرير الذي أصدرته شركة ايرباص حول الطائرة السودانية المنكوبة ، غادرت الطائرة خط الإنتاج في المصنع عام ا990 م ،أما موديل الطائرة فهو يعود لعام 1983 ، وقد حلقت في السماء أكثر من خمسين ألف ساعة ، أجتازتها بنجاح من خلال 21 ألف رحلة ، وقد دخلت في خدمة الخطوط الجوية السودانية في سبتمبر 2007م ، لم يشير التقرير كيف حصل السودان على هذه الطائرة ، لكن الترجيحات الغير رسمية تفيد أن السودان ربما أشترى هذه الطائرة من مزاد في تركيا أو الهند ، وقد تطورت تقنية الطيران كثيراً بعد 1990 ، وهناك الموديل رقم 380 الذي يمتاز بتقليل نسبة الوقود المحروق ، أي أن هذه الطائرة – وهي موديل 310 - منتهية الصلاحية من ناحية التكنولوجيا الحديثة ، لكن ربما الذين قاموا بشرائها لنا عملوا بالقول السوداني " الما عندو قديم ما عندو جديد " ، أو أن هناك "conflict of interest" ، حيث تلعب كل من العمولة والخدمات الفندقية دوراً كبيراً في تسهيل عملية البيع والشراء ، والآن عزمت شركة أيربص على إرسال خبراء إلي السودان للمشاركة في التحقيقات وذلك وفقاً لاتفاقيات الدولية ، وهؤلاء الخبراء لم يأتوا من أجل سواد عيون المسؤولين السودانيين الذين وضعوا كل بيضهم في سلة من يأتي من الخارج ، بل هم أتوا لتقييم الحادث للإستفادة منه في المستقبل ، ولمعرفة العيوب التصنيعية لهذا النموذج القديم ومحوه من سجلات الخدمة ، فهذا الفريق من الخبراء أشبه بفريق التسويق ومهمته لن تتعدى نطاق مسؤولية الشركة المُصنعة ، لكن دوامة الإخفاق في الداخل جعلت المسؤولين السودانيين ينتظرون هذا الفارس الخارجي لمعرفة كيف أحترقت هذه الطائرة ؟؟ ولماذا فُتحت ثلاثة أبواب فقط من مجموع ستة ؟؟ ولماذا كان طاقم الطائرة هو أول الواصلين لمستشفى الشرطة ؟؟ وهل صحيح أن المياه المتجمعة في البرك جعلت الطائرة تنحرف عن المدرج ؟؟ ففريق أيربص القادم ليست له علاقة بهندسة الجسور والطرق ، ونتائج التحقيق ننتظرها من الجانب السوداني فقط .لكن زيارة خبراء الايرباص مهما كانت فلن تختلف عن زيارة خبراء لاهاي الذين سوف يحكمون في قضية أبيي ، وتختلف بالتأكيد عن زيارة خبراء الأمم المتحدة لتحسين الوضع الأمنى في دارفور ، أو خبراء القانون الجنائي الدولي الذين يترصدون المتهمين الذين أقترفوا الجرائم البشعة في إقليم دارفور ، الخبراء الدوليين أصبحوا حاضرين في كل أزمات السودان من النزاع حول الأرض والتحكيم في الدماء ونهايةً بأسباب سقوط الطائرات . وهذا الحادث يفتح باب التساؤلات عن مستوى خدمة الخطوط الجوية السودانية ، غير أنها بؤرة للفساد والمحسوبية فهي تحولت لمُصنعٍ للموت في السودان من الدرجة الأولى وبلا منافس ، وقد عُرف عن الخطوط الجوية السودانية سلك خطوط طيران طويلة تمر عبر مختلف العواصم ، وعامل الربح جعل هذه المؤسسة تعطي الأولية للمردود المادي قبل ترقية الخدمة ، وعُرف عنها التركيز على العائد الذي يأتي من الوزن الزائد الذي يحمله المسافرون ، هذا العامل تجاهله المحللون في تفسير حادثة سقوط العاشر من يونيو ، فالوزن الزائد يتسبب في عدم إتزان الهبوط ويجعل إطارات الطائرة تنفجر ، هذا الحادث يتطلب من الحكومة إتخاذ قرار شجاع بإغلاق هذه المؤسسة للأبد ، أو البديل هو تجهيز القبور الجماعية عند كل رحلة ، ويمكن للسودان منح الإمتياز لشركة أجنبية قادرة على تحمل نفقات السلامة ، وهذا الكبرياء الزائف لن يعيد لنا الذين فقدناهم بسبب تحطم هذه الطائرة ، وإن كان لا بد مما ليس منه بد ، وبأن السودان لن يتخلى عن إرثه التاريخي في خدمة المسافرين فلنجعل الخطوط الجوية السودانية متخصصة في نقل رموز الدولة الذين ألفوا السفر والترحال ، وكبش الفداء يجب أن لا يكون المريض الذي ذهب للتطبب في الأردن ولكنه عاد إلي السودان جثة " مُتفحمة " كما يقول التلفزيون السوداني المجبول على جلب الكلمات التي تجعل القلوب تطير من الخوف ، ألا يكفي بأن نقول أنهم موتى أو شهداء ؟؟ فما الداعي لإستخدام عبارة " متفحمة " ، فلو أصلحنا حال الطيران المدني في السودان فنحتاج أيضاً إلي إصلاح لسان المسؤولين في وسائل الإعلام ، عليهم أن يراعوا مشاعر الناس وهم يرددون هذه الألفاظ ، فالحرب ضد حركة العدل والمساواة لا تعني أن هذه اللغة أصبحت معممة ومسموح بها . سارة عيسي
|
|
|
|
|
|
|
|
|