دراسة نقدية في شعر سارة حسبو

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2024, 06:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2008, 03:28 PM

هشام آدم
<aهشام آدم
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 12249

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دراسة نقدية في شعر سارة حسبو

    _____________________
    الفنتازيا السحرية في نصوص سارة حسبو

    توطئة

    في حقبة ما من تاريخ الشعر السوداني المعاصر، وتحديداً في الفترة الواقعة ما بين منتصف التسعينيات وأواخرها، ظهر تيار شعري يعتمد على فكرة الإدهاش اللغوي المتركز على ربط المفردات التي لا يوجد بينها رابط مع الاحتفاظ –إلى حد الصرامة- بموسيقى وإيقاع الشعر الداخلي والخارجي. واعتقد البعض أن هذا الاتجاه سوف يصبح مدرسة أخرى من مدارس ما بعد الحداثة التي تغنت كثيراً بحرية الكلمة وحرية الشعر، إلى حد الانفلات؛ إلا أنه سرعان ما اختفى هذا التيار مع حركات النقد الجادة التي شهدتها الساحة الشعرية، بالتزامن مع بعث النمط الشعري الحديث إلى الحياة مرة أخرى، ليعود في تلك الفترة –وبقوة- جهابذة هذه المدرسة من أمثال الفيتوري ومصطفى سند وغيرهما الأمر الذي أعاد النهر إلى مجراه من جديد.

    ساعد على ذلك أيضاً تحزّب دعاة تلك التيارات النامية والتي -تعارف على تسميتهم بالمثقفاتية- في مجموعات بحيث لم تكن مؤثرة كفاية لتغيير اتجاهات المتلقي السوداني الشعرية؛ سيما أنّ هؤلاء كان أغلبهم من الشباب المغمور، ولم تجد كتاباتهم طريقها إلى النشر والتوثيق بينما ظلت متداولة في التجمعات غير المنظمة، وجلسات الاستماع، الأمر الذي أسهم في الإسراع بموت هذا التيار، أو على الأقل، اختفائه عن الساحة.

    ولعل الحديث هنا عن النمط الشعري يقودنا قسراً إلى الحديث عن اتجاهات الشعر وموضوعاته في تلك المرحلة والتي استصحبت الكثير من الجدل حول مفهوم الحداثة في الشعر، وطرح تساؤلات حقيقية كبيرة حول ماهية الشعر، وأغراضه، ومن هنا –كذلك- تأتي أهمية تناول بعض النماذج الشعرية من شعر هذه الحقبة، أو هذا التيار الذي امتاز بالتوغل في الأعماق الإنسانية بنسق الفنتازيا السحرية المتماهي تماماً مع تعرجات المسائل الوجدانية، وارتباط هذه الظاهرة الشعرية بالنفس الاجتماعي والسياسي السوداني العام، ساهم بشكل أكبر في إبراز هذا التيار بشكله الغرائيبي الذي أتى معبّراً عن المناخ السائد. ومن ناحية أخرى فإن المناخ العبثي أثر بذات القوة والمقدار على أنماط الشعر ليأتي الشعر في عبثيته المفرطة سواء من حيث البناء أو من حيث الموضوع فنجد قول أحدهم:

    وأنا أفتش للعلاقة بين كافتيريا الصخور
    وحزب "دن دن" المشاكل
    آيدولوجيا النوم

    إذ لا رابطة منطقية أو عفوية ظاهرة تفرض نفسها على النص، بينما تغلب عليه العبثية الموحية بالاستخفاف والتمرّد وفي أحيان كثيرة الإحباط. كما في قول الشاعر عثمان البشرى:

    الصمتُ فيَّ وفي خيانات الجسد
    بعض الشوارع لا تسيء لسابليها
    كل الشوارع لا تسيء إلى أحد
    أن الشوارع في الزبد
    ولك السماء بكل زرقتها
    ولكن شئت أن تمشي عليّ
    وتقطع الألوان عن رئتي
    وفي رئتي لأشهق للأبد
    أبد لهذه الريح
    الهكذا يبدو أمامي الكون؟
    في التحايا الصُفر والشُرف السميكة
    مسروقين نحن بنا
    بكل التافه العادي ودهشات الجليد
    مسروقين حتى لو تكلمنا
    عن الأوزون بعد دقائق
    من انتقال الأرض صوب مناخها التالي
    ولوخضنا حروب الفقه ضد الفقر
    أسسنا لنا شعب ودالية ورب
    هذا انكسارك دائما هذا انكساري

    كذلك فإن تلك الحقبة شهدت ولادة العديد من التيارات المماثلة والتي تتشابه وتختلف بين بعضها البعض من حيث التناول الشعري، ليكون "الغموض" هو القاسم المشترك الأكبر بين كل هذه التيارات الحديثة، وطالت هذه العدوى حتى الشعر المكتوب والمقروء باللهجة المحكية فنجد أحدهم يقول:

    المكوجي ...
    بتوبو البنفسجي
    بخّ فيك ..
    توتر عام

    مثل هذه النماذج وغيرها الكثير تعبر عن روح عبثية متآمرة تسلّطت على الحركة الشعرية والاجتماعية بذات القدر. ومن باب العبث في الشعر أن يميل شعراء هذا التيار أو بعضهم على الأقل إلى التمثيل الجسدي أو الصوتي ليكون هذا التمثيل امتداداً طبيعياً لبنية النص الشعري وقد يدرج البعض كتابات عاطف خيري ضمن هذا التيار العبثي أو الغرائيبي والذي جعل من الرمزية ثيمة أساسية له، فظهرت الرمزية بأشكالها المتجاوزة للحد، حتى أنها لتكاد تستعصي على الفهم، ومن هنا فإننا نقول بضرورة السؤال عن ماهية الشعر، وهل يقال الشعر ليفهم، أم يقال ليُحس! إنّ قصيدة كقصيدة (سيناريو اليابسة) للشاعر عاطف خيري، تجعلنا نتساءل كثيراً حول موضوع القصيدة، وهدفه منها، لأن اختلاف المقاطع الشعرية في النص الواحد تكون مفتوحة على كافة الاحتمالات، فعندما نقرأ مثلاً قوله:

    اليابسة ... فِركة .. مدخورة لى يوم فيهو ساير النيل
    قطـّاع رحط كل الجزاير
    والبنات البفتحوا الباب للمطر
    وأنا جدولك شارف على كل الجداول الصاحية فيك
    والغباش فى دمى منك
    لو كسر ضلعين عذرتو
    لكن نهر كل العصافير البتلعب فى الوريد
    وفنـّاكى جواى زى حجر
    والبينـّا ما فات الدوائر
    الليل خِمار القمرة ..
    مجدوع فى الفراغ
    والرقصة لى البت فينا ..
    فوق كل المسامير الندقها فى البساط
    والرياح حكـّامة بى دلوكة مرّقت الشياطين .. المنها
    إتجنن فقير الحلة دقيناهو
    بى نفس السياط
    كل المجرات .. النيازك والشُهُب
    ودع راميهو الله على السما
    والدنيا زار

    إن قراءة سريعة وبسيطة لهذه الأبيات لا تتيح لنا معرفة المحور الرئيس لهذه الأبيات، ولا تعطينا ربطاً منطقياً بين كل فكرة وأخرى، إلا إن فكرنا في كل فكرة بشكل منفرد. ولا يغفل القارئ الاهتمام بالإيقاع الشعري في كل النماذج المتقدمة، في الوقت الذي يغفل فيه الشاعر بشكلٍ متعمد مسألة الفكرة، فالفكرة في حد ذاتها ليست عقيدة وإنما هي نقطة محورية تكبت الشاعر وتحول دون انطلاقه. إن هذا التيار الذي يمجّد الخيال ويقدس الإيقاع ويهيم بالفنتازيا كان لا بد له من الاختفاء وراء جدارية الرمز والرمز المبطّن لكي يجد مسوغاً لجنوحه المدهش.

    يمكن لكل شخص –إضافة إلى كاتب النص- أن يقرأ النص كما يحلو له وأن يرى فيه ما يعتقده وما يراه، وهذا هو سبب إعجاب أصحاب هذا التيار بهذه اللونية من الشعر، فقد يتحصّل على البراءة الكاملة من نصه دون أن يتحمل مسئوليته، لأن مسئولية النص تقع –عندها- على القارئ مباشرة. كذلك فإن تحميل القارئ مضان القراءة لهي فكرة مدهشة في حد ذاتها، لأن عدم القدرة على الربط بين الفكرة وأختها في ذات النص تجعلنا لا نركز على الأفكار بقدر ما نركز على التعبير عن هذه الأفكار وعن مفارقات النص. ففكرة أن تكون الكواكب "وَدِع" في السماء هي فكرة مدهشة ولكن لا يمكنك إيجاد رابط بين هذه الفكرة وفكرة الرياح التي شبّهها بالحكّامة* التي تقرع "الدلوكة" وتضرب عليه؛ وإن كنا سنعتقد للوهلة الأولى أنّ للمشهد علاقة بالسحر أو الشعوذة لوجود قرائن تدل على ذلك: "شياطين"/"فقير"/"ودع"/زار فإن ذلك لا يتسق مع الفكرة السابقة لهاتين الفكرتين، اعني فكرة (الليل خمار القمرة مجدوع في الفراغ) بل إننا لا نفهم ارتباط هذه الفكرة بفكرة (والرقصة لي البت فينا فوق كل المسامير الندقها في البساط) فالرابط إيقاعي أكثر منه رابط لغوي أو حسي.

    فكرة تلك التيارات الشعرية –كما قلت- كانت قائمة على الإدهاش من خلال ربط ما لا يمكن ربطة لا من حيث المفردات ولا من حيث المعنى، ليصبح الشعر أحجية يدعي شاعرها أنه فقط وثلة من النخبة من يملك مفاتيح أسرارها، ويرجئون استهجان المتلقي لهذه النوعية الشعرية إلى أن ليس بمقدور الجميع إدراك المعاني الحقيقية وراء مثل تلك النصوص المبهمة بل الموغلة في الغموض. كان ذلك النمط الشعري إنما يراهن على ذلك. حتى أولئك المتلقون الذين انساقوا وراء هذا التيار لم يكونوا قادرين على إيجاد تفسير منطقي وواضح لاندهاشهم وإعجابهم بتلك اللونية الشعرية. وربما كان الأمر الأكثر وضوحاً في هذه اللونية هي أنها ساهمت بل قامت على أنقاض وحدة الموضوع والوحدة المكانية والزمانية في القصيدة.

    ومما لا شك فيه أنّ هذا التيار نشأ في رحم ظروف موضوعية ساعدت كثيراً في بروزه على الأقل على مستوى الطبقات المثقفة والنخبة، ورغم أنّ هذا النمط الشعري تمت مواجهته بسيل من الهجوم العنيف والنقد اللاذع إلا أنه لم يندثر أو لم ينحسر مده تبعاً لذلك، بل -كما قلت- كانت الحركة النقدية وعودة النماذج الشعرية التقليدية سبباً مباشراً وراء ذلك. ورغم الانتقاد الذي يوجه إلى أشعار هؤلاء (مصطفى سند مثالاً) إلا أننا نجد أن الذائقة العامة للمخيّلة الشعرية السودانية، تحتفي بمثل هذه الأمثلة وتضعها في المراتب الأولى، متجاهلة بذلك ضرورة المعنى، لأن القارئ لنصوص مصطفى سند مثلاً، قد يستشعر نشوة الإيقاع وجرس الألفاظ المناسب بعذوبة محترفة، ولكنه رغم كل ذلك لم يكن باستطاعته الإمساك بالثيمة الأساسية للنص الشعري: أي حول ماذا يدور النص، وما موضوعه. ويدلنا ذلك على أنّ ذلك لم يكن إحدى هواجس الشعر السوداني الحديث، فقد عمدوا إلى خلع الموضوع والاهتمام بما يمكن أن أسميّه بتعدد الموضوع، إذ أن كل مجموعة من الأبيات تحتوي داخلها على موضوع منفصل تماماً عن مجموعة الأبيات التالية أو السابقة، وتشترك كل هذه الموضوعات في النسق العاطفي العام لها.
                  

العنوان الكاتب Date
دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-09-08, 03:28 PM
  Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-09-08, 03:34 PM
    Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-09-08, 03:38 PM
      Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-09-08, 03:56 PM
        Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-10-08, 09:48 AM
          Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-10-08, 09:51 AM
            Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-10-08, 09:53 AM
  Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو Osama Mohammed06-10-08, 10:15 AM
    Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو معتصم محمد صالح06-10-08, 10:34 AM
    Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-10-08, 11:04 AM
      Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-10-08, 01:10 PM
        Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-12-08, 06:31 AM
          Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-12-08, 06:34 AM
            Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-12-08, 06:41 AM
  Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو zumrawi06-12-08, 07:47 AM
    Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-12-08, 08:27 AM
  Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو محمَّد زين الشفيع أحمد06-12-08, 08:07 AM
    Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-12-08, 09:13 AM
  Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو NGABY AJOOZ06-12-08, 09:18 AM
    Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-12-08, 11:34 AM
      Re: دراسة نقدية في شعر سارة حسبو هشام آدم06-16-08, 08:27 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de