قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2024, 03:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2008, 03:58 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة (Re: kamalabas)

    Quote: من هنا يبرز السؤال ماهو الشكل الديموقراطي البديل للديموقراطية الليبرالية التي كفر بها الصادق المهدي?


    هي الديمقراطية المستدامة

    مقدمة:

    الحضارات الانسانية الكبرى: الفرعونية، والكلدانية، والسومرية، والبابلية، والاشورية، والفينيقية، والصينية، والفارسية، والهندية، واليونانية، والرومانية .. والاديان العالمية الكبرى: الهندوسية، والبوذية، والكنفوشية، واليهودية، والمسيحية .. هى التى عمرت ونورت الربع المعمور من العالم القديم واورثته قيمة الحضارية، وفلسفاته، واديانه، ونظمه السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية التى سادت لخمسة آلاف عاما حتى القرن السابع الميلادى.

    منذ القرن الميلادى حتى القرن السابع عشر أى لمدة الف عام هيمنت على العالم المعمور الحضارة الاسلامية العربية والاسلامية التركية والاسلامية الفارسية والاسلامية الهندية.

    منذ القرن التاسع عشر الميلادى حدثت فى الغرب ثلاث طفرات هامة هى:

    ثورة سياسية ادت الى بلورة الدولة القومية منذ 1684م.
    ثورة ثقافية حققت عصر النهضة الذى بلغ مداه فى القرن الثامن عشر.
    ثورة اقتصادية هى الثورة الصناعية بلغت مداها فى القرن التاسع عشر.
    هذه الثورات ادت الى تقويض المجتمع التقليدى القديم وادت الى حرية البحث العملى والتكنولوجى بصورة لم يعهد الانسان مثلها فى تاريخه. وادت الى قفزة نوعية فى قدرات الانسان الانتاجية، وقدراته فى الاتصال والمواصلات. وادت الى تطوير نظام سياسى حقق لاول مرة التداول السلمى للسلطة، واخضاع القوات المسلحة للقرار المدنى وكفالة حقوق الانسان وحرياته الاساسية. أى ادت الى قيام النظام الديمقراطى.

    العالم الغير غربى وقف فى الحال الحضارى والاجتماعى الذى كان سائدا فى العالم قبل الطفرات الثلاث التى شهدها الغرب فحقق بها الحضارة الغربية الحديثة.

    الحضارة الغربية الحديثة ابطلت مفاهيم ونظم العالم القديم فى الغرب نفسه وواجهت الاجزاء الاخرى من العالم وحضاراتها ونظمها الموروثة بمفاهيم ونظم وقدرات لا قبل لها بها فاخضعتها لها اخضاعا تاما عن طريق الاستعمار واقامت فيها الامبراطوريات الاوربية الحديثة: البريطانية، والفرنسية، والالمانية، والهولندية، والاسبانية، والبرتغالية.

    ونتيجة لتطورات معينة داخل الامبراطوريات، ونتيجة للصراع فيما بينها، ونتيجة للنزاع بين المستعمرين والشعوب المغلوبة، تراجعت الامبراطوريات لتخلفها الدول المستقلة الجديدة فى اسيا، وافريقيا، وامريكا اللاتينية، وجزر الهند الغربية.

    كانت اجراءات انتقال السلطة من الايدى الاستعمارية الى الايدى الوطنية فى الغالب سلمية. وكانت نظم الحكم الانتقالية ثم المستقلة فى الغالب مصممة قياسا على نظام الحكم فى الوطن الام أى ديمقراطية.

    القواعد الخمسة:

    الديمقراطية فى الغرب تنامت ثم نضجت عبر اكثر من قرن من الزمان. وسبقتها او تزامنت معها الثورات الثلاث: السياسية، والثقافية، والاقتصادية. لكنها فى التربة الاسيوية والافريقية غرست بصورة فوقية ودون ان تسبقها او تتزامن معها الثورات السياسية، والثقافية، والاقتصادية. هذه الحقيقة تفسر لنا الى حد كبير لماذا تعثرت الديمقراطية فى بلدان آسيا وافريقيا.

    القاعدة الاولى التى يجوز لنا استنتاجها هى: الديمقراطية فى الدول التى كانت مستعمرة نظام وافد وقد طبق دون ان تسبقه او تصحبه المقدمات السياسية، والثقافية، والاقتصادية كما كان الحال فى الغرب. مشاكل غرس الديمقراطية، صحبتها مشاكل تخلف الانتماء القومى وضعفه امام انتماءات طائفية، وقبلية، وجهوية فانعكس ذلك سلبا على استقرار الحكم.

    القاعدة الثانية: عدم استقرار الحكم فى ظروف الحرب الباردة التى تمددت آثارها فى كل مكان فى الفترة ما بين 48 – 1991 جعل بلدان العالم الثالث عرضة لتدخلات اجنبية من المعسكر الشرقى او الغربى. عثرات الديمقراطية، وعدم استقرار الحكم، والتدخلات الاجنبية ادت فى اكثرية بلدان العالم الثالث الى وقوع انقلابات عسكرية او مدنية غيرت نظم الحكم الديمقراطية الى نظم اوتقراطية ذات انتماء واضح لاحد طرفى الحرب الباردة.. هذه قاعدة ثانية.

    القاعدة الثالثة: ولكن بصرف النظر عن عوامل الحرب الباردة، فان هشاشة التكوين القومى للبلدان المعنية، ورخاوة مؤسسات الدولة الحديثة فيها، وتقاصر قدراتها الاقتصادية عن تلبية ضرورات الحياة، وهى من اعراض الاقدام على الديمقراطية قبل ان تسبقها المقدمات المذكورة سابقا، عوامل فاعلة فى تعرية النظم الديمقراطية واغراء البدائل الاتوقراطية لبسط سلطانها.

    دراسة تاريخ الانقلابات العسكرية او المدنية والنظم الاتوقراطية التى اقامتها فى آسيا، وافريقيا، وامريكا اللاتينية تفصح عن الحقائق الاتية:

    الانقلابات العسكرية والنظم الاوتقراطية التى تقيمها صالحة كوسائل احتجاج على قصور النظم الديمقراطية، وصالحة كوسائل للتعبير عن الاهداف الوطنية المنشودة، وصالحة للتعبير عن تطلعات النخب الفكرية والسياسية الحديثة.
    النظم الاوتقراطية صالحة فى اقامة شكل مستقر للحكم مدافع عن الاستقرار بوسائل حديثة مستمدة من احكام واجهزة الدولة البوليسية كما اتقنها فى اليمين موسيلينى وفى اليسار ستالين.
    اذا كنا ذكرنا ان الديمقراطية وافدة فان الاوتوقراطية ايضا وافدة وان اتفقت مع بعض النظم التقليدية فى نفي الرأى الاخر.
    سجلت الاوتوقراطية اخفاقا ملموسا فى اربعة مجالات هى:
    اخفاق فى مهمة البناء القوى للبلاد لانها تحاول القفز فوق الواقع تدفع الرأى الاخر والولاءات التقليدية الى استقطاب حاد يجعل الاختلافات عداوات.
    اخفاق فى بناء الدولة الحديثة لأنها تجعل مؤسسات الدولة كالخدمة المدنية، والقضاء وغيرها ادوات لسلطانها فتفرغها من محتواها الوظيفى وتحاول جعلها روافد لحزب السلطة.
    هنالك علاقة تلازم بين الديمبقراطية والتنمية فاغنى بلدان العالم ديمقراطية وافقر بلدان العالم اوتقراطية. وفى عام 1993 نشرت مجلة الايكونمست Economist دراسة احصت دول العالم ونظمها ومستواها التنموى واثبتت تلازما واضحا بين درجة الديمقراطية والمستوى التنموى. هذا التلازم منطقى لان من شروط التنمية احترام قوانين الاقتصاد واقامة العلاقات الاقتصادية مع العالم على اسس موضوعية. هذا الشرطان تهدمهما الاوتقراطية وتكفلهما الديمكقراطية.
    الاوتقراطية تهزم نفسها لانها تنطلق من استخدام القوات المسلحة اداة للسلطة. والقوات المسلحة كفاءتها فى انضباطها وتدريبها فاذا اقحمت فى مجال السياسة فرطت فى ذلك وترهلت مثلما حدث للمشير عبد الحكيم عامر 1967، وجيش كولونيلات اليونان 1980، وجيش الارجنتين 1981، وجيش عمر البشير الان. الاوتقراطية تقوم على الكفاءة العسكرية ولكنها حتما تستنزفها.
    القاعدة الرابعة: مهما كان اخفاق التجارب الديمقراطية، فان التجارب الاوتقراطية اكثر اخفاقا وهى الى ذلك اكثر خطورة لسببين هما:

    زيادة حدة المشاكل الوطنية وتحويل الاختلاف حولها الى عداوات وفتح الباب لتمزيق الوطن.
    ابطال الضبط والربط فى القوات المسلحة يودى بكفاءتها ويبطل دورها الاساسى كصمام امان لوحدة الوطن وسيادته.
    القاعدة الخامسة: اعداء الديمقراطية فى اوربا ركزوا على سلبياتها داعين لبدائل يمينية ويسارية لها .. قال خرتشوف: التاريخ معنا وسوف ندفنكم! لكن الديمقراطية اثبتت انها مع سلبياتها قادرة على هزيمة النازية فى الحرب الساخنة وهزيمة الشيوعية فى الحرب الباردة. قال تشرشل: الديمقراطية اسوا نظام اذا استثنينا النظم الاخرى (أى انها الافضل اذا قورنت بغيرها). لقد ركز اعداء الديمقراطية فى العالم الثالث من دكتاتوريين، واوتقراطين، وشمولين، ومستبدين، وجلادين، على اخفاقاتها لكى يفسحوا المجال لنظمهم البديلة. ولكن الاستقراء التاريخى يثبت ان نظمهم اكثر اخفاقا وخطرا على مصالح الشعوب والاوطان.

    عتبت على سلم فلما هجرته وجربت اقواما بكيت على سلم!

    البندول الحزين

    إن الفرق الأوضح بين الديمقراطية والديكتاتورية في كون الأولى نظام يقوم على احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ويسمح لجميع الآراء أن تعبر عن نفسها، وللشعب أن يختار من يحكمه. بينما الثانية تقيم نظاما يصادر تلك الحريات والحقوق ويستند على الدولة البوليسية، ليدعم اسمتراريته في الحكم ويحمي نفسه من الرأي الآخر. في هذا الصدد لا يختلف اثنان أن الديمقراطية أفضل من الديكتاتورية. ولكن، وفي بقية الأوجه نشأ جدل بين النخب المثقفة حول النظام الأفضل للحكم في بلداننا، وشاعت عند العديدين مقولة: المستبد العادل، الذي يستطيع أن يتجاوز فوضى الديمقراطية، ويقيم بالقوة النظام الذي يحقق الإنجاز الوطني في جميع المجالات التنموية والتأصيلية وغيرها.

    الدكتاتوريات السودانية تحاول إلقاء اللوم على الديمقراطيات السودانية. الحقيقة هي أن عمر الديمقراطيات اقل من عشر سنوات منذ الاستقلال بينما عمر الدكتاتوريات اكثر من ثلاثين سنة، ويمكن تقديم البرهان أن تخريب السودان من صنع الدكتاتورية الثانية والثالثة عبر حكمهما الذي زاد عن ربع قرن. لقد أوضحت في كتابي "الديمقراطية في السودان راجحة وعائدة" أن النظم الاوتقراطية الثلاثة تردت من الأقل سوءا إلى الأسوأ. بينما تدرجت النظم الديمقراطية الثلاثة من الحسن إلى الأحسن. وأوضحت أننا إذا أخذنا الأداء في مجالات: التأصيل التشريعي، والسلام، والاقتصاد، والعلاقات الخارجية مقياسا فإن أداء الديمقراطيات كان متفوقا.2

    عدد كبير من البلدان الافريقية شهد تأرجحا حزينا بين نظام ديمقراطى لبرالى يستمر لفترة من الزمان ثم تنقلب عليه القوات المسلحة فتحكم لفترة اطول ثم يطاح ليعقبها نظام ديمقراطى وهكذا دواليك.

    هكذا كان الحال فى اكبر بلدين فى افريقيا من حيث عدد السكان نيجيريا ومن حيث مساحة الارض السودان.

    لقد تعاقب على البلدين ستة نظم حكم ثلاثتها مدنية والاخرى عسكرية.

    الدرس المستفاد من التاريخ السياسى لهذين البلدين هو ان النظم الديمقراطية وان تفاوتت فى ادائها تجد نفسها محاصرة بهشاشة التكوين القومى، وضعف مؤسسات الدولة الحديثة، وتعاظم المطالب الاقتصادية، وتجد ايديها مغلولة بقيود دستورية وقانونية فيضعف اداؤها ويعصف بها الانقلابيون.

    النظم الاوتقراطية تستطيع فور استيلائها على السلطة كسر القيود الدستورية والقانونية واسكات الاصوات الاخرى واقامة دولة بوليسية. ولكن هذا الاستقرار الظاهرى لا يحل القضايا الوطنية بل يزيدها تأزما.

    الاخفاقات والقهر يولدان انفجارا يطيح بالنظام عاجلا او اجلا.

    النظم الاوتقراطية تحقق الاستقرار الظاهرى بثمن باهظ جدا لانها تفتح جبهة قتالية مع شعبها على حد تعبير امين هويدى. هذا الاستقرار الظاهرى الباهظ الثمن يتربع فوق بركان يعصف به وان طال الامد كما حدث لنظام جعفر نميرى ونظام سياد برى.

    ويقام النظام الديمقراطى على انقاض العهد المباد.

    هذه الظاهرة البندولية صحبت نظم الحكم فى كثير من البلدان الافريقية وتصورها تجربتا السودان ونيجيريا اصدق تصوير. الظاهرة البندولية واكبت الحرب الباردة واستمرت حتى يومنا هذا ففى النيجر، وقامبيا، وسيراليون انقلب القوات المسلحة على حكومات منتخبة فى الاعوام: 1992، 1995، 1997.

    السودان من اغنى واعمق البلدان العربية والافريقية تجارب فى التعامل مع الديمقراطية والاوتقراطية، ومع مغامرات اليسار واليمين، ومع الحرب الاهلية، ومع مقاومة الاستبداد.

    هذه التجارب الحلوة والمرة تجعل السودان من اكثر البلدان خبرة ذميمة فى اقامة الدولة البوليسية والمحافظة عليها وحميدة فى اقامة الديمقراطية والمحافظة عليها.

    نعم الديمقراطية هي النظام الذي يوفر احترام حقوق الإنسان وحرياته العامة، ونعم هي النظام الأفضل في كل ملفات الإنجاز الوطني، ولكن الديمقراطية في بلداننا تحمل بذور فنائها في جبتها وتتسبب في الظاهرة البندولية الحزينة. نعرض هنا لمشاكل الديمقراطية ومعوقات الأداء الديمقراطي، ثم نخلص إلى المعادلة الحل: الديمقراطية المستدامة بصفتها دواء دائنا المزمن: عدم الاستقرار السياسي ، فالتجارب السودانية تؤهل شعب السودان لفك هذه الطلاسم واكتشاف معادلة تحقق الديمقراطية وتحافظ عليها وتوقف هذا البندول الحزين.
    الأحزاب والصفوة في السودان

    الحزب السياسي هو آلة الديمقراطية التي تتم عن طريقها المشاركة الفكرية، والسياسية، والمنافسة بين الاختيارات المطروحة، وتدريب الكوادر السياسية، وتصعيد القيادات، والتنافس بينها أمام القواعد الحزبية وأمام الرأي العام. هذا هو التصور النظري الذي قلما يطابق الواقع الفعلي.

    إن هذه الفجوة بين النظرية والواقع أتاحت المجال لمفكرين ومنظرين يمقتون الأحزاب والحزبية وينادون بديمقراطية لا حزبية.

    من أهم نقاط الضعف في الديمقراطية السودانية وجود جزء من الصفوة الفكرية والثقافية السودانية ذات الموقف السلبي من الحزبية والديمقراطية القائمة عليها. هذا الموقف السلبي مهما كانت مبرراته يشكل معينا ثرا للمتآمرين على الديمقراطية من انقلابيين وشموليين وأوصياء. ما هي أسباب هذه السلبيات ؟

    كثير من حملة الشهادات والمؤهلات الأكاديمية والمهنية في العالم الثالث يشعرون بنوع من التعالي نحو المجتمع المحيط بهم. انه تعال يظهر أحيانا في تعاملهم مع أسرهم الخاصة خصوصا إذا كانت تلك الأسر ريفية أو بدوية أو من الشرائح الحضرية الأمية. الأحزاب السودانية ذات الوزن الشعبي مرآة للواقع الاجتماعي السوداني بولاءاته الدينية، والقبلية، الجهوية. لا غرو أن يشعر كثير من أفراد الصفوة المثقفة بالتعالي على هذه الأحزاب. هؤلاء يشعرون بأنهم أكثر أهلية للقيادة السياسية أي طموح وصايا لا يمر عبر الواقع الاجتماعي الماثل.
    العسكريون لا سيما حملة البراءة Commission عرضة لمثل تلك المشاعر. ولكن عددا كبيرا من هؤلاء يستخفون بكل ما هو مدني استخفاف هو جزء من التباهي بالعسكرية الذي يقابله انتقاص الآخرين من شأنها الصفوية، والتباهي بالعسكرية، يصحبهما إحساس بالقوة تورثه علوية الأمر المطاع وحماسية النيران التي يستطيع توجيهها الضباط لتطويع الإرادة المضادة. هذه العوامل تخلق وهما لدى كثير من العسكريين أن حل المشاكل متوقف على إصدار الأوامر. هذا المزاج العسكري يوهم أصحابه أن الخلاص بيدهم وتطويع الكم المدني المجبول أصلا على الجدل الفارغ والاسترخاء.
    الأحزاب العقائدية اليسارية، أو اليمينية، أو القومية تنتمي أصلا لحركات تستمد من تراث اللينينية أو الموسولينية أو الناصرية أو البعثية وهي وان اختلفت في أطروحاتها واحتربت فيما بينها تتفق في التعامل الجراحي مع الواقع الاجتماعي. لذلك لم يكن مستغربا أن يكون اتجاه الأحزاب العقائدية السودانية وهي تستمد كوادرها وقواعدها من القوى الحديثة وأفكارها من الأيديولوجيات المذكورة أن تهجم على الواقع الاجتماعي لاستنهاضه ببرامجها الثورية وأن تتعامل مع الأحزاب السياسية ذات الوزن الشعبي كعقبات في طريق الإصلاح المنشود وأن تستبطئ الطريق الانتخابي للسلطة السياسية التي سوف تمكنها من تطبيق برامجها التي سوف تفعل فعل السحر في إعادة صياغة الإنسان السوداني!!
    المطلوب هو اختصار الطريق للسلطة السياسية بوسائل ثورية سواء كانت تلك الوسائل انقلابية مدنية باستغلال النقابات والصحف أو انقلابات عسكرية باستغلال الضباط.
    الحسب الاجتماعي والسياسي في السودان تمحور حول القبيلة والكيان العشائري، والطريقة أو الكيان الديني. هذه الكيانات ترسخت في المجتمع السوداني منذ سلطنات الفونج، الفور، وتقلي، والمسبعات،وغيرها واستمرت عبر العهود التي حكمت السودان حتى أن الإمام المهدي أشار لأصحاب الجاه الموروث هؤلاء بأبناء المراتب. وفي عهد الحكم البريطاني المسمى الحكم الثنائي - وهي ثنائية في الشكل أحادية في الحقيقة- زاد نفوذ الكيانات الدينية عبر مؤسسة السادة الثلاثة*. وازداد نفوذ الكيانات القبلية عن طريق قانون الإدارة الأهلية الذي قنن واقعا موروثا وطوره مما خلق ولاء للأسر صاحبة الزعامة. وكرست آلية التوارث استمرار الولاء للزعامات الدينية والقبلية. هؤلاء الزعماء صاروا بمثابة أعيان البلد بحق التوارث والوراثة وهم يعتقدون أنهم أسياد البلد سيادة يقرها لهم كثيرون من أبناء الطائفة أو القبيلة. لقد اعترف لهم الحكم البريطاني بمكانة وجعلهم محل مشورته. وعندما انفتح الخريجون على العمل السياسي فانهم تحالفوا معهم لتكوين الأحزاب، وحتى النظم التي أعلنت معاداتها لمكانتهم السياسية والاجتماعية عادت لاسترضائهم إن قبلوا التعاون معها. هذه الحقائق خلقت لدى بعض هؤلاء شعور بوصاية مستحقة على البلاد.
    حركة 1924 استمدت قيادتها وتأييدها من القوى الاجتماعية الحديثة التي أفرزها الحكم الثنائي بعد المهدية. استطاع الحكم الاستعماري ضربها وعزلها بسهولة.
    حركة الخريجين في بدايتها كانت حركة ثقافية اجتماعية. وربما توهم بعض رجال حكومة السودان الاستعمارية استخدامها لموازنة نفوذ بعض القادة الدينين – الإمام عبد الرحمن – لشعورهم أن طموحه صار أكبر من المجال المتاح له في تقديراتهم.
    ونتيجة لعوامل عدة أهمها الحرب العالمية الثانية ( 1939 – 1945) تعاظم وعي الخريجين السياسي. واستشعارهم لواجباتهم الوطنية. لذلك قرر مؤتمر الخريجين العام تخطى الحدود المعهودة وتقديم مذكرته السياسية التاريخية في عام 1942. اقتحام مجال السياسة، واختلاف الخريجين حول مصير البلاد هما السببان اللذان أديا لانفتاح متبادل بين الخريجين والكيانات الدينية ذات الوزن الشعبي، هذا الانفتاح أدى لتحالف بين طرفيه تكونت على أساسه الأحزاب السياسية السودانية ذات الوزن الشعبي.
    الصراع بين أصحاب الوصايات والاعتبارات المفصلة هنا من شأنه أن يحرم البلاد الاستقرار السياسي ويخلق أزمة حكم في البلاد تؤرق الديمقراطية والدكتاتورية ما لم يحدث أحد أمرين :
    هيمنة حاسمة لإحدى الوصايات فتقيم الحكم بأمرها.
    التراضي على وسيلة ترجيح تحتكم للشعب في آلية ديمقراطية تقيم الحكم وتحدد كيفية مساءلة الحكام وكيفية التناوب على الحكم.
    إن أزمة الحكم في السودان منذ الاستقلال نتيجة مباشرة لإخفاق إحدى الوصايات في حسم الأمر لصالحها وتأمين سلطانها الدكتاتوري. وإخفاق الجسم السياسي السوداني في اتخاذ أساس ديمقراطي للشرعية تقبله كافة الأطراف.
    معوقات الأداء الديمقراطي

    دعايات النظم الدكتاتورية في السودان شوهت سمعة الأحزاب السياسية ذات الوزن الشعبي بأكثر مما يقتضيه النقد الموضوعي لأنها تصورت أن نسف الأحزاب سوف يفتح لها الطريق لفرض وصايتها.

    1. أول وسائل التشويه : الحديث عن الأحزاب كأنها شئ واحد.

    * الأحزاب الشعبية سيما الأمة والاتحادي الديمقراطي هي التي تعاملت بأسلوب ناجح مع دولتي الحكم الثنائي. واستطاعت بمواقف حازمة ومناورات ذكية أن تقود البلاد إلى الحكم الذاتي، والحكم الانتقالي، والجلاء، والسودنة، والاستقلال المبرأ من الشوائب.

    وهي التي التزمت بإجراء انتخابات عامة ومحلية نزيهة ووضعت الانتخابات في أيد مستقلة من توجيه السلطة التنفيذية. وهي التي التزمت باحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. والتزمت بحياد الخدمة المدنية، وبقومية القوات المسلحة، وبقوانين مؤسسات التعليم، وباستقلال القضاء، وباحترام مؤسسات الدولة الحديثة، وبدولة الرعاية الاجتماعية في السودان.

    والتزمت بمقاومة الحكومات الاتوقراطية وامتنعت عن التآمر ضد النظام الديمقراطي. نعم هناك شبهات :

    شبهة دور حزب الأمة في انقلاب 17 نوفمبر 1958. كان حزب الأمة يعاني من انقسام حاد عام 1958 بين تيار يقوده أمين عام الحزب ويرى أن مصلحة البلاد تقتضي أن يستمر الحزب مؤتلفا مع حزب الشعب الديمقراطي. وتيار أخر يقوده رئيس الحزب يرى عكس ذلك وأن مصلحة البلاد والحزب توجب الائتلاف مع الحزب الوطني الاتحادي. وكان الاختلاف حول الموضوع حادا لدرجة جمع توقيعات نواب الحزب في البرلمان لتأييد هذا التيار أو ذاك. وجاءت معلومات لأمين عام الحزب وهو في الوقت نفسه رئيس الوزراء أن الحزب الوطني الاتحادي مجتهد للوصول للحكم سواء كان ذلك عن طريق الائتلاف مع حزب الأمة أو التآمر لذلك قرر تسليم الحكم لقيادة القوات المسلحة واتفق معها على أن يكون الإجراء مؤقتا ريثما يزول الخطر الذي تصوره. التيار الآخر في الحزب وهو الأقوى اعتبر الانقلاب موجها ضده لذلك أعلن رئيس حزب الأمة بطلان الانقلاب وأعتبر أن تأييد راعي الحزب للانقلاب مبني على سوء فهم. وسرعان ما اكتشف راعي الحزب وأمين عام الحزب أن الفكرة من أساسها كانت خاطئة وتضامن أمين عام الحزب مع مقدمي المذكرة الشهيرة من ساسة البلاد. كان الانقلاب على حزب الأمة مثلما كان على القوى السياسية الأخرى.
    شبهة دور الاتحادي الديمقراطي في تأييد نظام الفريق إبراهيم عبود بعد قيامه، ثم تأييد نظام جعفر نميري. نعم أيدت شريحة من الاتحادي الديمقراطي ذينك النظامين ولكن شريحة أخرى من الحزب ساهمت بحماسة في معارضة النظامين وشاركت في إسقاطهما.
    2. الحديث عن الحزبين الكبيرين كأنهما توأمان ليس صحيحا. لقد تعرضا لانقسامات لأسباب مختلفة واتخذا خطين مختلفين نحو التطوير والتحديث. ينبغي إخضاع كافة أحزاب السودان لدراسة فاحصة لمعرفة الإيجابيات ودعمها ومعرفة السلبيات واستئصالها.

    3. بصرف النظر عن ما للحزبين الكبيرين وما عليهما فإن ثمة عوامل في النظام الديمقراطي الليبرالي خلقت في ظروف السودان أزمة سلطة فأعاقت الديمقراطية.

    أولا : التركيبة الفعلية للمجتمع السوداني حالت دون حصول أحد الأحزاب على أغلبية مطلقة تفضي إلى قيادة تنفيذية قوية. اللهم إلا في العام الأول لحكومة الرئيس إسماعيل الأزهري الأولى 1954 – 1955.

    نتيجة لذلك صارت حكومات السودان الائتلافية تعاني من معارضة داخلية قوية تكاد تشل حركتها وظهر هذا الشلل في عدد من الحالات :

    اقتضت ضرورات الائتلاف أن يكون رئيس الحزب الأكثر نوابا رئيس الوزراء. وأن يكون رئيس الحزب الآخر أو ( ممثله) رئيس مجلس السيادة والمجلس نفسه حسب مقتضيات الديمقراطية المعيارية يملك ولا حكم. ولكن في الواقع كان الرئيس المعني ممثلا لقمة حزب سياسي مؤتلف وذا نصيب في السلطة التنفيذية فصار يباشر مهاما تنفيذية فخلق ذلك ثنائية بين مجلس السادة ومجلس الوزراء انعكست سلبا على قيادة البلاد التنفيذية.
    اختلف الحزبان المؤتلفان حول جهاز أمن السودان مما عرقل قيام الجهاز لمدة عامين عاشتهما البلاد مكشوفة أمنيا.
    الخلاف حول جهاز أمن السودان بعضه مبدئي لأن بعض الساسة وانطلاقا من مثاليات ليبرالية رأوا عدم الحاجة لجهاز أمن خاص خارج نطاق الشرطة العادية وهو الرأي الذي ساد منذ الحكومة الانتقالية التي حلت جهاز الأمن القومي وامتنعت عن تكوين جهاز بديل. ثم تركز الخلاف حول تبعية الجهاز لحساسيته وللنفوذ الذي يتيحه لمن يتبع له.
    ‌المجلس العسكري الانتقالي ( 1985 – 1986) عدل قانون القوات المسلحة الموروث من عهد جعفر نميري بقانون جعل القوات المسلحة أشبه ما تكون بجهاز مستقل عن السلطة التنفيذية في البلاد وحجم وزير الدفاع ليصبح مجرد حلقة وصل بين قيادة القوات المسلحة ووزارة المالية. هذا القانون همّش السلطة التنفيذية في البلاد وأبعد القوات المسلحة من أي رقابة سياسية مما فتح المجال واسعا للتآمر السياسي داخلها.
    لقد شعرت الحكومة الائتلافية الديمقراطية بهذا الخلل وخططت لتعدله ولكن التنافس بين الحزبين حال دون الإسراع بسد هذه الثغرة.
    حصلت الجبهة الإسلامية على إمكانات مادية واسعة من جماعات وأفراد خليجيين … واستخدمت إمكاناتها في إقامة إعلام صحافي قوي يملك ست صحف ويتخذ نهجا واضحا لاستنزاف الديمقراطية عن طريق الإثارة والمبالغة والإشاعة والنكتة والأكاذيب.القانون العادي كان عاجزا تماما عن احتواء هذا الافتراء. وكل من لجأ إليه للإنصاف لم يجد ضالته. بل كان القانون العادي يشكل حماية لهذا الافتراء مما جعل القضاة يأمرون بإعادة إصدار صحف أوقفتها الحكومة إداريا لمبالغتها في الكذب والإثارة ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍.
    ههنا وقع اختلاف بين طرفي الائتلاف حول إصدار قانون يعطي صلاحيات خاصة لضبط الصحافة لأن فريقا قال هذا يتناقض مع حرية الصحافة لذلك تعثر إصدار قانون للصحافة ينظم حريتها ويحول دون استغلالها.

    ثانيا : حرية التنظيم هي إحدى الحريات الأساسية. وأثناء الفترة الانتقالية ( 1985 – 1986) رأينا أن يتولى الحكم التجمع النقابي لتنصرف الأحزاب لتنظيم شئونها والاستعداد للانتخابات العامة. لكن في الفترة الانتقالية وأثناء حكم التجمع النقابي خضع ممثلو التجمع في الحكومة لضغط قاعدي أدى لسن قوانين نقابية منحت النقابات نفوذا كبيرا. وفتحت باب استغلال للتسلق السياسي. وفجرت بينها مباريات مطلبيه بلا حدود.

    كان المتوقع أن تلتزم الفترة الانتقالية بميثاق الانتفاضة وخلاصته : تصفية آثار نظام مايو، وإصدار قانون القصاص الشعبي لمعاقبة السدنة، وإلغاء قوانين سبتمبر 1983، وإنهاء الحرب الأهلية باتفاقية سلام عادل، كان المتوقع أن تلتزم الحكومة الانتقالية بهذا الميثاق وتدير البلاد لعام ثم تجرى انتخابات عامة حرة.

    الحكومة الانتقالية قامت ببعض إجراءات تصفية آثار النظام المايوي ولكن فيما عدا ذلك عزفت عن استخدام شرعيتها الثورية لتنفيذ باقي بنود الميثاق الوطني كما ينبغي، عزفت عن إصدار قانون القصاص الشعبي وقدمت سدنة النظام المايوي للمحاكمة حسب القانون العادي، وعزفت عن إلغاء قوانين سبتمبر 1983. ولم تجد من القوات المسلحة تجاوبا يؤدي لإنهاء الحرب بل اعتبرت المقاومة المسلحة الحكم الانتقالي امتدادا لمايو. لقد التزمت السلطة الانتقالية بإجراء الانتخابات العامة الحرة في موعدها. ولكنها تركت للحكومة المنتخبة ورثة مثقلة بتمدد نقابي أو سلطان نقابي ( Trade Union power) وتسابق مطلبي حاصرا الحكومة المنتخبة.

    ثالثا استقلال القضاء أحد أركان الديمقراطية ولكي يحافظ القضاء على استقلاله فإن عليه أن يراعي توازنات في التعامل مع المناطق الرمادية ما بينه وبين السلطة التنفيذية وما بينه وبين السلطة التشريعية. لأن عدم مراعاة هذه التوازنات يجر القضاء إلى مواقف تقوض النظام الديمقراطي نفسه. القضاة أنفسهم من حيث الكفاءة والسلوك ينبغي أن يكونوا أهلا للاستقلال فلا يستغلون سلطاتهم هذه أبدا لأغراض شخصية أو حزبية.

    هذه الشروط لم تتوافر للقضاء في ظل الديمقراطية الثالثة وتصرف عدد من القضاة بصورة حزبية. كما أن قانون الهيئة القضائية الذي وضعته لنفسها في فترة التيه الانتقالي جعل الهيئة القضائية فوق السلطة التنفيذية من حيث حرمان وزير المالية أن يكون عضوا في مجلس القضاء العالي للمشاركة في تقديرات ميزانية الهيئة القضائية. بل صار الوضع القانوني هو أن يقرر مجلس القضاء العالي دون مراعاة لأية إمكانيات مالية ميزانيته وما على الحكومة إلا التنفيذ. هذا الوضع جعل الهيئة القضائية بعيدة عن أي ضوابط تفرضها الإمكانات المالية. كما أن كادر القضاء الذي يقرره المجلس صار حافزا لفئات أخرى من الحقوقيين في ديوان النائب العام للمطالبة بتطبيق تلقائي لامتيازات القضاء عليهم وإلا أضربوا. وجاءت مطالبة نقابة الأطباء التي رأت أن تكون على قمة الكادر الحكومي لأن الأطباء هم الأكثر امتيازا وأطول تأهيلا. وقال المهندسون أنهم عصب التنمية في البلاد مما يؤهلهم لصدارة الكادر الحكومي. وقال الأساتذة انهم هم أولى بالصدارة لأنهم علموا الجميع.ينبغي أن يراعى استقلال القضاء توازنات تحكم المناطق الرمادية بين السلطات، وتراعي مؤهلات خاصة للقضاة , وتراعي مسئولية السلطة التنفيذية عن المال العام. وإلا استنزف استقلال القضاء بصورته المعيارية الديمقراطية نفسها.

    رابعا : أخيرا وليس آخرا يمكن أن نقول إن أهم عامل ساهم في عدم استقرار الحكم في السودان هو الحرب الأهلية التي اندلعت منذ 1963.

    الحرب الأهلية ما بين ( 1963 – 1983) كانت حربا محدودة للغاية وتخللتها أعوام من السلام ( 1972 – 1983) في تلك الحرب كان عدد قوات أنانيا الأولى لا يزيد عن ثلاثة آلاف. ولم تجد دعما من دولة أجنبية. ولم تستطع في أية مرحلة من مراحل الحرب أن فاستولى على حامية أو مدينة داخل جنوب السودان.

    وكان الشرطة والإداريون وسائر كوادر الخدمة المدنية غالبا من الشماليين المنحازين تماما للمجهود الحربي الذي تقوم به القوات المسلحة.

    هذا كله تغير تماما في الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 1983 بقيادة الجيش الشعبي لتحرير السودان.

    الجيش الشعبي وجد من البداية دعما خارجيا وأيده حلف عدن المكون لتوه من اليمن الجنوبية وليبيا وأثيوبيا تحت مظلة الاتحاد السوفيتي. وحجم قواته بلغ بسرعة عشرة أضعاف قوات أنانيا الأولى. واحتل بسرعة مواقع وحاميات في الجنوب.

    هذا الموقف العسكري والسياسي والدبلوماسي شكل تحديا خطيرا لنظام مايو وساهم مساهمة كبيرة في إسقاطه. كان المتوقع حسبما جاء في ميثاق الانتفاضة أن الحرب الأهلية سوف تنتهي بموجب اتفاقية سلام عادل تبرم أثناء الفترة الانتقالية.

    هذا التوقع استحال تحقيقه لعدة أسباب ونتيجة لذلك ورث النظام الديمقراطي حربا أهلية أخطر عشرات المرات من الحرب الأهلية التي عاشتها الديمقراطية الثانية ( 1965 – 1969).

    كان الموقف الصحيح للديمقراطية العائدة في أبريل 1986 هو التوصل الفوري لاتفاقية سلام أو تعليق الحريات الأساسية لحكم البلاد بقانون الطوارئ حتى نهاية الحرب وإقامة السلام. لكن في عام 1986 وبعد ظهور نتائج الانتخابات العامة مباشرة راهن ثاني وثالث أكبر حزبين في البلاد على رفض إعلان كوكادام الصادر في مارس 1986 كأساس للسلام. اتفق الحزبان المذكوران على الآتي :

    لا لإلغاء قوانين سبتمبر. لا لإعلان كوكادام، لا لقانون القصاص الشعبي، واتفق الحزبان أن يدخلا الحكومة معا أو يقفا في المعارضة معا. هذا الاتفاق قفل الطريق أمام اتفاقية سلام تقوم على إعلان كوكادام وتجيزها الجمعية التأسيسية.

    وكانت البلاد حديثة عهد بحكم قهري وتتطلع لممارسة الحريات الأساسية بصورة مبالغ فيها، لذلك لم يكن ورادا تعليق بعض الحريات الأساسية ريثما يتحقق السلام.

    ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
                  

العنوان الكاتب Date
قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-07-08, 05:30 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة عبدالله عثمان06-07-08, 06:47 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة عبدالله عثمان06-07-08, 06:49 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Abdulgadir Dongos06-07-08, 07:06 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-07-08, 07:27 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-07-08, 07:45 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-07-08, 07:53 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة صلاح شعيب06-07-08, 08:00 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Mohamed Doudi06-07-08, 08:15 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-07-08, 08:32 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-18-08, 04:09 AM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Hololy06-07-08, 08:19 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة مؤيد شريف06-07-08, 08:38 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Sabri Elshareef06-07-08, 08:28 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة lana mahdi06-07-08, 08:49 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة مؤيد شريف06-07-08, 09:02 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-07-08, 09:10 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة wesamm06-07-08, 09:13 PM
          Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-07-08, 09:21 PM
            Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-07-08, 10:03 PM
              Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-08-08, 03:30 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-10-08, 11:56 AM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة عبدالله عثمان06-07-08, 11:59 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة El hadi A.bashir06-08-08, 01:00 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة مؤيد شريف06-08-08, 11:27 AM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-08-08, 11:53 AM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد الواثق06-08-08, 02:06 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-08-08, 02:17 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة ابوهريرة زين العابدين06-08-08, 03:19 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة مؤيد شريف06-08-08, 04:48 PM
          Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة ABDALLAH ABDALLAH06-08-08, 06:09 PM
            Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-08-08, 06:36 PM
          Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-08-08, 06:57 PM
            Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة lana mahdi06-08-08, 07:10 PM
            Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-08-08, 08:38 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد الواثق06-08-08, 08:07 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة ABDALLAH ABDALLAH06-08-08, 08:47 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-08-08, 08:52 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة lana mahdi06-08-08, 09:03 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة مؤيد شريف06-08-08, 09:29 PM
          Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-08-08, 09:50 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خرماج06-08-08, 09:44 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 10:52 AM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Ashraf el-Halabi06-09-08, 08:22 AM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 10:20 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة نيازي مصطفى06-09-08, 11:49 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-09-08, 12:17 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة mohammed elsaim06-09-08, 02:20 PM
          Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-09-08, 03:14 PM
            Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة khallo06-09-08, 04:58 PM
              Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-09-08, 08:37 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد الواثق06-09-08, 02:48 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-09-08, 03:43 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 03:58 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 04:08 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 04:10 PM
          Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 04:13 PM
            Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد الواثق06-09-08, 05:13 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-09-08, 04:13 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-09-08, 05:31 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 06:00 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-09-08, 07:30 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-09-08, 08:33 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة خالد عويس06-09-08, 08:52 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد الواثق06-09-08, 08:57 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-09-08, 09:00 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-09-08, 09:09 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Sabri Elshareef06-10-08, 11:20 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة فضل الله رابح06-11-08, 00:16 AM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة El hadi A.bashir06-11-08, 01:18 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة الفاتح ميرغني06-11-08, 07:24 AM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-11-08, 09:48 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة lana mahdi06-11-08, 01:32 PM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة مؤيد شريف06-11-08, 01:51 PM
          Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-11-08, 04:51 PM
            Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة lana mahdi06-11-08, 05:14 PM
              Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة lana mahdi06-11-08, 05:33 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Elbagir Osman06-11-08, 04:55 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-11-08, 05:45 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-11-08, 06:15 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-11-08, 06:31 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-11-08, 06:50 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-11-08, 07:09 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-11-08, 07:22 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة عبد المنعم عبدالله06-12-08, 00:29 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة El hadi A.bashir06-12-08, 01:42 AM
        قصة عجيبة و الله!! lana mahdi06-12-08, 07:54 AM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Sabri Elshareef06-12-08, 02:41 AM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة حيدر حسن ميرغني06-12-08, 04:05 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة الفاتح ميرغني06-12-08, 07:45 AM
        Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-12-08, 05:07 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Nasr06-12-08, 08:08 AM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة ثروت سوار الدهب06-12-08, 06:48 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة kamalabas06-12-08, 06:24 PM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-12-08, 09:45 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة محمد حسن العمدة06-12-08, 10:27 PM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة طلعت الطيب06-12-08, 10:50 PM
  Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة Mahadi06-13-08, 00:06 AM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة حيدر حسن ميرغني06-13-08, 00:43 AM
      Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة طلعت الطيب06-13-08, 01:00 AM
    Re: قراءة في الخطاب السياسي للسيد الصادق المهدي في الفترة الأخيرة El hadi A.bashir06-13-08, 01:24 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de