|
Re: رحيل الشاعر (Re: فضيلي جماع)
|
الأخ الفاضل: الأستاذ الشاعر فضيلي جماع
حقاً صدقت في الأستاذ مصطفى سند وأوجزت، فهو فقد لا نعزِّي فيه ولكن فيه نُعزى. رحمه الله بقدر ما قدم، وبقدر ما أعطى، وبقدر ما أبدع، فقد كان كالبحر من كل النواحي أتيته فالشعر لجته والقريض ساحله. فقدانه من غير عوض أو مثيل يخفف الحزن، كما فقدنا بالأمس أحد فرسان الغابة والصحراء وشعراء التجديد الحر في بلادي الأستاذ محي الدين فارس.
الأخ فضيلي تأتي المكاره حين تأتي جملة ... وأرى السرور يجئ في الفلتات... تساقط عدد من عمالقة الأدب السوداني وتراثه في الألفية الثالثة، من غير عوض أو بديل يسد ثغرة الفراغ الذي أحدثه رحيلهم في بنية المكتبة السودانية، ذهبوا خلسة من غير ضوضاء، ودون أن نحتفى بهم رسمياً ونثمن آثارهم السابلة، كما كان ينبغي أن يكون، ذهبوا في وقت يعلو فيه دخان مساويط الرماد ويبخس كيل نفثات اليراع ... ومن هؤلاء في ذاكرة الأساتذه عبد الله الطيب، عون الشريف، أبوسليم، عمر الحسين، الطيب محمد الطيب، القدال، محي الدين فارس، مصطفى سند .. والقائمة تطول.
جعل الله بركة فيكم يا إمتداد ذلك الجيل العملاق كسباً وعطاءً.
أحمد إبراهيم أبوشوك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعر (Re: Ahmed Abushouk)
|
الأخ الأستاذ/احمد ابوشوك لك مني وافر الشكر والتقدير. نعم..تساقطت حبات اللؤلؤ من خزانة الأدب السوداني في العقدين الأخيرين لتضيف إلى بلاء أمتنا ومحنها ما ينوء به الكتف. عزاؤنا أن أمتنا ليست بعاقر. صحيح أن غياب أي مبدع خسارة لا تعوض.. لكن عشمناأن هؤلاء الكبار تركوا إرثاإبداعيا سيكون زادا للأجيال القادمة بإذن الله.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعر (Re: فضيلي جماع)
|
ترجل الفارس من على صهو القوافى وتوقف الحرف لحظة حداد ليمسح دمعة طفرت على استحياء ثم ليواصل المسير فقد علمه انه هو الابقى ...
ألا رحم الفقيد بقدر ما أعطى وأجزل وأبدله دارا خيرا من داره وجعل قبره روضة من رياض الجنة ولك استاذى فضيلى حار المواساة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعر (Re: علي الكرار هاشم)
|
Quote: العزاء لقبيلة الشعراء بل لكل من يحمل ذائقة للشعر والأدب والجمال كان مصطفي سند عملاقا وترك ارثا رائعا |
العزيز/ على الكرار هاشم..أحسنت القول..فقد كان مصطفى سند رحمه الله عملاقا كما قلت وترك إرثا رائعا في ديوان الشعر السوداني.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: رحيل الشاعر (Re: فضيلي جماع)
|
لك العزاء يا سيد الشعراء لكن هل يرحل الشعراء؟ هم بتقديري مثلك عصيون على ذهاب باقون ما بقت الكلمات جسراً للحب والقضايا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
نستدير بوجوهنا عن الأحزان بعد ان ابصر القلب فجيعته فعمي الصيف .. يوغل بنا هاهي الشمس أقل لونا والجو خااانق ياللذهاب كم خصب !! هذا الرحيل وعجاف سنوات هذه الحياه !!! سُنِة الأمل ودُوار لا علاقة للبحر به ربمافجاءة حزن متوقع !!! فماذا يحمل هذا الصيف إلا الموت الحريص جدا **** ياسيدي
{_أمانا عليك_ امامن نهار صبي يسامت وجهك عبر الشموس المدلة ثم ينام اما من مساء يرف على شاحنات الغيوم الحبيسة بين شراك الحنين وبين حبال الرجاء } امامن امان علينا لكي نورق أي شيء غير هذا الحزن ونقدر على احتمالات الرحيل المر اما من امان علينا ريث نكمل ما تبقى من دعاء
... .. . استاذي فضيلي جماع
رف بروح شعره علينا فاورثنا غناءا جميلا ودواوين كي تبقى ترك هذه التجوالات الصادقة والقوافي المعلقة جسرا بينه وبيننا نحن المحزونين لرحيله كاجمل ما نتغناه كمنجة كمنجة و مامن بحر قديم
... .. . اللهم ارحمه رحمة غامرة
.... .. .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: REEL)
|
Quote: امامن نهار صبي يسامت وجهك عبر الشموس المدلة ثم ينام اما من مساء يرف على شاحنات الغيوم الحبيسة بين شراك الحنين وبين حبال الرجاء |
الدكتورة والشاعرة الرقيقة/ REEL كعهدي بكلماتك.. ينضح كل حرف تكتبين بالصدق النبيل. شكرا على ما أضفت من جميل الكلم في حق الراحل الكبير الشاعر مصطفى سند.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
لعبت عوامل شتي في أن يبقى صوت أدباء وشعراء سودانيين مجيدين خافتا حييا على المستويين :الإقليمي والقاري. يستوي في ذلك من يكتبون بالعربية ومن يكتبون بالإنجليزية. ففي المطروح من شعر في الساحة العربية مثلا لا يقل شأن مصطفى سند بأي حال عن أسماء كبيرة يضخها الإعلام العربي : مثل أدونيس وسعدي يوسف وغيرهما. وعلى الصعيد القاري فإن موات العمل الإعلامي (الثقافي منه على وجه الخصوص) وتغييب سلطات القمع له في بلادنا عن قصد، لم يعط مؤسسات الفعل الثقافي مثل اتحاد الكتاب السودانيين وغيره فرصة أن تقف وتقدم نفسها داخل قارتنا السمراء وخارجها. إن أدباء مثل تعبان لو ليونق وجمال محجوب وليلى أبوالعلا وفرانسيس مدينق دينق مثلا معروفون خارج الوطن أكثر مما يعرفهم القارئ السوداني ، وذلك لضعف انفتاحنا على المنابر الخارجية وعدم مشاركتنا فيها. حتى شرق وغرب افريقيا القريبان منا لا نعرف عن مواسمهما الثقافية الكثيرة شيئا. أما غيابنا عن شمال أفريقيا الحي والمتقدم ثقافيا بسرعة الصاروخ فحدث عنه ولا حرج. لا غرابة إذن أن يجهل قراء كثيرون في دول الجوار الأفريقي والعربي أي شيء عن أدبائنا. لكم الله يا شعراء وأدباء السودان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
الأستاذ الشاعر فضيلي جماع
رحم الله الشاعر الكبير مصطفى سند وأسكنه فسيح جناته0
أشهد أن الشاعر مصطفى سند كان ودودا وخلوقا ويفيض رقة وأدبا جما0 وكان بحر شعر عميق الرؤى فريد المسالك وصاحب دوزنة وايقاع يجبرك على الوقوف عنده إجلالا واحتراما0 لقد حزنت كثيرا لفقده وكنت قبل وفاته بأيام أعزيه في مفكرتي بجريدة الخرطوم في وفاة الشاعر الراحل محي الدين فارس0 ولم يخطر بباليي أن يلحق به بمثل هذه السرعة ليزيد من فجيعتنا0
لقد تعلمنا بحق من مصطفى حب الشعر وحاولنا عبثا الاقتداء بطرائقه الزاخرة بالصور والأخيلة الغنية والمترعة بالجماليات، ولكن هيهات0
له الرحمة والعزاء لكل قبيلة الشعراء والمحبين للقريض ولكل أفراد اسرته ومعارفه0
صلاح يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: Salah Yousif)
|
الأخ المسرحي والأديب/ صلاح يوسف سعيد أن أكون على صلة بك عبر الشبكة العنكبوتية في هذه المناسبة الحزينة. نعم كان الشاعر مصطفى سند نسيج وحده. كتب شعرا تقرأه فتعرف أنه فن جديد كل الجدة على السائد والمألوف من شعر في الساحتين السودانية والعربية..وعلى الصعيد الشخصي كان مصطفى كما تعلم شديد التواضع ، دمث الأخلاق وينأى بنفسه كثيرا عن العراك في غير معترك وعن الهتر وفاحش القول وفاجر الخصومة.
ألا رحمه الله وأحسن إليه وجعل الخير من بعده في ذريته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: محمد حسن خضر)
|
أخي الفاضل/محمد حسن خضر شكرا على هذه الكلمات الحزينة والصادقة في حق شاعرنا الراحل المقيم مصطفى سند، وشكرا على ثقتك في شخصي الضعيف مناشدا لي أن أسلط الضوء على سيرة هذا الشاعر الكبير. أوفقك بأن هذا هو عين الواجب ما أستطاع الواحد مناإليه سبيلا بإذن الله تعالى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
أسْتفِزُاللحَظاتْ .. فتهربُ منّي اللحظَه أسْتدعِي الكلِمات .. وتَخنِقُني العَبرَه يعتصِرُنِي الألم بحرقة الآهات تَندثِرُ شَجاعَتِي لِبُعدِ المسافات يُدمرُنِي اليأسَ في الأعماق يطول الإنتظار ... وأقطعُه بالإسْتِغفار ما أشَّّّّّّّّّّّّّّّّّ ّّد وطأةَ الفُراق وما أتعسَ مَنْ يَعيشُه فما أعظم مصيبتنا بفقدك يااستاذى رافَقك الرحمنُ يا سند الحرف بنوره ورحمته وسقاكَ ربُّ العباد مِنْ ماء الكوثر وأسكنك في جنّات الفردوس ينتهي الكلام .. وتنتهي الحروف فكيفَ أوفيكَ حقكَ بكلماتِي ؟؟؟ كيفَ لي أنْ أرثيك ؟؟؟ !!! وأنا المُحتاجةُ لمِنْ يرثِينِي فيك اعزيك واعزى نفسى واعزى كل محبى الرائع الوطن سند استاذى فضيلى جماع
اللهم اغفر لعبدك مصطفى سند وارحمه واسكنه فسيح جناتك..إنك غفور رحيم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: بت العزازه)
|
مقاطع من: البحر القديم
بيني وبينك تستبين مخالبي وتسيل من شدقي الدماء وحش أنا غول خرافيُّ العواء تحوى توابيتي دقيق الموت تزحف من سراديبي ثعابين الشتاء سبري: عجين السدر سن الحوت هيكل مومياء بيني وبينك ما يراه الناس سروة شاطىء ناء وزهرة كستناء تتلاصقان على الرمال فتذهل الدنيا وترتعش الحقول كيف التجاؤك للتماثيل التي أسنت على برك الوحول ؟ منك الشباب عصارة النبت الجديد ومهرجانات الفصول ونراك تحفل بالعواجيز العتاق صفائح الأيّام مقبرة الأفول بيني وبينك سكّة السفر الطويل من الربيع الي الخريف تعلو قصور الوهم أنت ومرقدي في الليل أتربة الرصيف هم ألبسوك دثار خزّ ناعم الأسلاك منغوم الحفيف ودعوك تاج العزّ فخر العزّ مجد العزّ شمس العزّ عزّ العزّ صبّوا في دماك عصارة الكذب المخيف وأنا الذي حرق الحشاشة في هواك ممزّق الأضلاع مطلول النـزيف
من أجمل ما قرأت للراحل في أوائل عام 1992
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: هشام آدم)
|
الأديب والناقد/ هشام آدم أوافقك أن مااقتبسته هنا هو بالفعل من خرائد ما كتب سند. هل لحظت كيف أنّ انسياب الموسيقى وصخبها تغلبا على التكرار الذي كان من الجائز أن يكون مملاً لكلمة "عز" في قوله: Quote: ودعوك تاج العزّ فخر العزّ مجد العزّ شمس العزّ عز العز صبّوا في دماك عصارة الكذب المخيف وأنا الذي حرق الحشاشة في هواك ممزّق الأضلاع مطلول النـزيف !! |
تلك الدوزنة الصاخبة واللعب الراقي بالمفردة كانت من أبراز سمات الخطاب الشعري عند مصطفى سند.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
الأستاذ فضيلي
صادق العزاء لكم وللشعب السوداني في هذا الفقد الجلل .
نسال الله ان يتغمد فقيد الأمة بواسع رخمته وان يسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.
وهكذا يمتد بلاء الشعب السوداني ولكن لا نملك الا ان نقول هذه مشيئة الله ولا راد لمشيئته
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: حسن الطيب يس)
|
Quote: وهكذا يمتد بلاء الشعب السوداني ولكن لا نملك الا ان نقول هذه مشيئة الله ولا راد لمشيئته |
أخي الفاضل/حسن الطيب يس شكرا على وافر العزاء. بعض الشعوب والأمم ابتليت بأكثر مما ابتليت به أمتنا..لكنها صبرت وناضلت نحو فجر أجمل. وأمتنا ليست استثناء. سيذهب حتما ليل الكوارث والإحن إلى غير رجعة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
الشاعر الاديب فضيلي جماع يا ريت لو تقام الاناشيد لصاحب النشيد مصطفي سند وصديقه محي الدين فارس بتخصيص يوم لقراءات شعريه من ديوانهما
ذكري واجر متصل لما تركاه لنا من جمال كلمة وحسن صورة اتمني ان نحتفل بما تركاه لنا هل تجد متسع من الزمن لاكرام حياتهما ومماتهما بان نعلي النشيد لاصحاب النشيد اقترح يوما علي بال تووك او هنا او هناك لك الحب والسلام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: Sabri Elshareef)
|
أخي الأستاذ/ صبري الشريف رحل الشاعران الكبيران محي الدين فارس ومصطفى سند أحدهما بعد الآخر وفي قرابة الأسبوع الواحد في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى بيت الشعر الضخم الذي أقاماه للأجيال. رحل الشاعران الكبيران في صمت بينما ضجيج المايكرفونات والبذلات العسكرية الخواء تسد الأفق!! هذا بلد أصابه سهم النحس منذ أمد بعيد. اللهم لا راد لحكمك.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: Sabri Elshareef)
|
أخي وصديقي الأستاذ فضيلي:
لا أدري لم يرحل عنا شعراؤنا في صمت وهم الذين يحترقون في مجامر الحرف ليشكلوا من صلصاله أملا ينير ما أدلهم من الطريق؟؟
أيها الشاعر الكبير:
أنتم أقدر على تخليد ذكرى هذا الشاعر الضخم شعراً ففي الشعر نجد ملاذاً من تصحر الحرف..
لك ودي أيها الرائع
ولفقيد الأمة نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم ذويه ومحبي شعره الصبر الجميل..
الزاكي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
Quote: أيها الشاعر الكبير: أنتم أقدر على تخليد ذكرى هذا الشاعر الضخم شعراً ففي الشعر نجد ملاذاً من تصحر الحرف.. |
الأخ الأديب /الزاكي عبدالحميد أعطيتني شرفاً لا أدعيه كما قال الزعيم المصري سعد زغلول. مصيبتنا في الراحل مصطفى سند أن وقتاً طويلا سيمضي دون أن يطمح شاعر في سد مكانه. أمثال مصطفى سند هم نعمة الشعر التي نحمدها ونسأل الله أن يتغمده برحمته بما أعطى لأمته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: Sabri Elshareef)
|
غابَ من بعد طلوعٍ وخبا بعدَ التماعِ(1) خالد أحمد بابكر[/B]
(1) سقاكَ الغيث إنك كنت غيثاً ويسراً حين يُلتمَسُ اليَسـارُ أبتْ عيناي بعدكَ أنْ تكُفّـا كأن غضا القتات لها شفارُ وانك كنت تحلُمُ عن رجالٍ وتعفو عنـهمُ ولك اقتـدار وتمنـعُ أن يمسّهمُ لسـانٌ مخافة من يُجير ولا يُجارُ (المهلهل)
(2) مثلما تخبو زهور الخميلة آخر الليل، إرتحل شيخنا ونوّارة الشعر السوداني وأستاذ البيان والكلم الموشّى بالسحر والرصانة والمبنى والمعنى. مصطفى محمد سند (1936-2008م) من أفذاذ شعرائنا الأماجد المتبتلين في دير الجمال والفصاحة. هو عندي ثالث ثلاثة – من أهل الإبداع – ممن امتازوا بالتهذيب (الأسطوري) الجميل واشتهروا به طبعاً أصيلاً في سجاياهم: علي المك وعبد الله شابو ومصطفى سند. سمعته ذات يوم يتحدث بوفاء نادر عن صديقه الشاعر البارع محمد عثمان كجراي (1929-2002م) حديث الأمين الذي يرعى الذمم. وكان مما ساقه في ذلك الحديث تأكيده على سلامة العَروض واستقامته في سائر شعر كجراي دون غيره من شعراء التجديد من المُحْدثين. وبدا لي أن صلاح أحمد إبراهيم قد نبه لهذه المسألة في وقت باكر حين قال في شعر كجراي: « من احتذى حذو كجراي جاء شعره مبرأ من عيوب وسقطات الشعر الحديث». وقد بلغ من أمر صداقتهما أنْ زاره كجراي وهو يومئذٍ في جنوب السودان، حيث ركب الباخرة النيلية لأكثر من عشرة أيام ليبقى في كنفه لثلاث ليال فقط، ينعم بطيب المعشر وطلاوة الحديث!!. لسند نغم قويم وجرْس فخيم وموسيقا فارعة رشيقة القوام، ولعل ذلك ما حمل صلاح أحمد إبراهيم على القول أنها – أي الموسيقا – بلغت شأواً بعيداً. وليس من سبيل المغالاة القول ان موسيقاه لا تُضاها لاقترابها من الوجدان السليم ونفاذها إليه على نحو صاخب كمثل وقع الطبول الإفريقية. هكذا هي حال موسيقا سند الشعرية صخّابة يصعب التفلُّت من اثرها – جرياً على معنىً سديد للعزيز أحمد الأمين أحمد.
(3) أورد الأستاذ مجذوب العيدروس ميرغني في كلمة له في (الصحافة 27/5/ 2008م) قائلاً: « أكاد أن أقول ان مصطفى سند أكثر شاعر سوداني وضع بصماته على خارطة شعراء السبعينيات، ولا تُخطيء العين هنا أو هناك تأثيراً لمصطفى سند». ويضيف:« حين كتب الناقد صديق أبوضفيرة عن تأثير السيّاب على سند، غضب بعض منا، وذهب بعضهم مذاهب شتى في تأويل ما كتبه صديق، ولم يُقرأ في السياق الصحيح: ان الشعر العربي سلسلة يأخذ بعضها عن بعض». أقول إن التأثير والتأثر أمر واقعي وارد الحدوث في حقل الشعر، فالشاعر لا يكتب من فراغ – كما يرى أستاذنا شابو. بمعنى أن الشاعر بالضرورة واقع تحت تأثير مجايليه ومن سبقوه. فهو – على أية حال – لا يمكنه أن ينفصل بوجدانه عن شعراء زمانه ومنتوجاتهم مهما أوتي من براعة وموهبة. وهذا ببساطة ما عبّر عنه الشاعر الإنكليزي (ت. س اليوت) بقوله: « أكتب وفي عظامي كل شعراء العالم». لقد تأثر جمع غفير من الشعراء العرب بالشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السيّاب. ولا غضاضة في ذلك، فالسيّاب نفسه قد تأثر بـ (اليوت) في كثير من أشعاره، وإلى هذا الشأن ذهب نقّاد كثر وبرهنوا على ذلك التأثير من قِبَل اليوت على السيّاب. ومن أجمل ما قرأت – في ذات الخصوص – دراسة وافية حول تأثر السيّاب بإليوت للناقد والباحث المدقق الصديق عبد المنعم عبد الله عجب الفيا. وتأثر بإليوت كذلك الشاعر صلاح عبد الصبور الذي صحَّ عنه أنه استوحى مسرحيته (الحلاج) من مسرحية اليوت (جريمة قتل في الكاتدرائية). مثلما تأثر السيّاب بإليوت وتأثر سند بالسيّاب – كما ذهب إلى ذلك أبوضفيرة، نجد أن سنداً رحمه الله كان صاحب سطوة في الشعر على شعراء السبعينيات والثمانينيات الذين تأثروا به أيما تأثر. فالنَفَس السنَدي أو السنداوي والتفعيلات الباذخة واضحة عند المعز عمر بخيت والطيب برير وعبد القادر الحبيب وروضة الحاج وآخرون كثر. أنظر قصيدة (براءة) للأستاذ عبد القادر الحبيب الذي يقول في بعض مقاطعها: وتظل تبني لي من الأحلامِ مملكةً بما نشتاقُ أو نهوَى لنبدعها بدفء العشقِ منبجساً يسافرُ عبر أزمنة المحالِ إلى مدارات الحقيقةِ جوهر الأشياءِ فوق مداركِ الأسماءِ مرتحلاً بكل براءة الدنيا إلى قمم التمازجِ والعطاءْ إلى قوله: هي ذي طباعكَ أيها المقبورُ في رحمِ المواجع والمطامع تشرئب إلى الخلاصْ كم ذا رجوتكَ أن تفارق مهجتي عتقاً لوجه الله لكن ليس ثمة منْ مناصْ! لو أستطيع خنقتُ فيك النبضَ مزقت الشرايين التي تمشي بها الكلماتُ جهراً تحت أبصار الوجود وعدتُ منك بلا رفيق أما الأستاذ الطيب برير فهو سنداوي الملمح – كما يرى الناقد العيدروس، ففي نصوصه موسيقا شامخة كثيفة الإيقاع، يقول: بعضٌ منك لا يلقاكَ إلا في المدادْ هكذا النيران تدفن غبنها في حزن ذاكرة الرمادْ فاحفظ لنفسك ضوؤها لو مسها شيء من التهميشِ من غَبَش الحيادْ أو تبين بيتكَ ولنقُلْ قبراً يماثل قدرة المعمار في فهم الغراب
(4) كنت زاملت أستاذنا سند في الكتابة من خلال الملف الثقافي لصحيفة (الصحافة) على عهد الأديب عيسى الحلو. وكانت زاويته الأسبوعية (مراجعات أدبية) تنضح بالغالي والنفيس من الرؤى النقدية التي أغضبت بعض كتاب ما يُعرف إصطلاحاً بـ (قصيدة النثر) أو النص النثري الحديث. فقد ظل سند مستمسكاً برأيه الرافض لهذا الضرب من الكتابة. ولعل ذلك كان موضع استهجان من بعض الأسماء التي تنتسب لهذا الجنس الكتابي. على أن سنداً رحمه الله كان محقاً في ذلك، بعد أن كشفت التجربة القصيرة للنص النثري الحديث عن مدى الغوغائية والفوضى المطلسمة. ولا أجد وصفاً حقيقياً لذلك سوى أن هذه النصوص النثرية ولدت نافقة في مهدها. جاء في حوار معه أجرته الأستاذة وفاء طه وأعيد نشره في (الصحافة 27/5/ 2008م) أن الأستاذ الشاعر التجاني سعيد ذكر في حوار مع (الصحافة) أن سند شاعر من الماضي وهو – أي التجاني سعيد – شاعر من المستقبل. وكان أن ردّ سند بقوله: « أخونا التجاني سعيد من أوائل السودانيين الذين كتبوا ما يسمى بقصيدة النثر. ولي إعتراض على هذه التسمية إصطلاحاً، فقصائد برمائيات طلعت بدري شوية، وكنا نتمنى ونأمل هناك وهناك إذا كان التجاني جاداً في هذه المسألة أن يمضي في هذا الطريق خطوات إلى الأمام، ويخرج لنا مجموعة أخرى ومجموعات كثيرة ولكنه توقف، وهذا أعطانا إنطباعاً بأنه توقف لأنه شَعَر بلا جدوى من الإستمرار في هذا الطريق، وأن الطريق أمام قصيدة النثر مقفول ومغلق، وهي لا تصل إلى وجدان المتلقي ولذلك هجرها وانتبه إلى أشياء أخرى، ربما كانت منها القصيدة التي تترنح موسيقى وتهتز بهذا الإيقاع الموسيقي المعروف الذي يميز الشعر عن الكلام النثري». لاشك عندي أن التجاني سعيد شاعر كبير حين يكتب بالفصحى وبالدارجة. وما لقيه نصه الأشهر (أرحل) من نصيب في الذيوع ومن قبول فاق نصوصاً مغناة عديدة. لكني أرى أن برمائيات التجاني سعيد جاءت مخيبة ولا تشبه شاعريته الحاذقة، وسرعان ما خفت صوتها. وقد كان سند صادقاً حين أشار إلى أن التجاني سعيد هجر ذلك الجنس النثري وانتبه لأشياء أخرى ربما كانت منها القصيدة التي تترنح موسيقى وتهتز طرباً بالإيقاع. واليوم غدا التجاني سعيد فيلسوفاً أكثر منه شاعراً.
(5) أحيي في هذا المقام الشعراء فضيلي جماع ومحمد المكي إبراهيم والطيب برير، وأحمد الأمين أحمد وصلاح شعيب وتلميذ سند أبوعاقلة إدريس الشاعر وكل من كتب سطراً في رحيل شاعرنا. وددت لو أن الناقدة الحصيفة الدكتورة نجاة محمود أحمد الأمين والأستاذ عبد المنعم عجب الفيا والصيرفي عبد اللطيف علي الفكي وأسامة الخواض ومحمد جميل أحمد ومصعب الصاوي ومصطفى محمد أحمد الصاوي وأحمد عبد المكرم وعز الدين ميرغني.... وآخرون من نقدة الآداب يضيق الحيز الضيق أصلاً بذكرهم... هلا استجابوا؟ أيها السادة كان سند رمزاً شعرياً من رموزنا... وها قد ارتحل... ترك وراءه أربعة عشر ديواناً: أولها (البحر القديم) وآخرها (إنها بردة الجمال).
هامش: - العنوان مقتبس من قصيدة بعنوان (داوي ناري) للدكتور إبراهيم ناجي تغنى بها الفنان زيدان إبراهيم، وهي من أشهر أغانيه التي تمشي بين أهل السودان. يقول في بعض منها: قف تأمل مغرب العمر وإخفاق الشعاعِ وابكي جبار الليالي هَدّه طول الصراعِ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: خالد أحمد بابكر)
|
الأخ الأديب / خالداحمد بابكر شكرا لك على هذه السياحة التي نفحتنا فيها الكثير من اللمحات النقدية والتحليل الجيد للخطاب الشعري للراحل المقيم مصطفى سند وتأثير هذا الخطاب على جيل من الشعراء السودانيين. يكون أجمل أيها الصديق لو توسعت في هذه اللمحات لتكون دراسة قائمة بذاتها يفيد منها القارئ لشعر سند. في مداخلتك هذه الكثير من رؤوس المواضيع التي يمكنك توسعتها بشيء من روح البحث والدراسة النقدية.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
كانت نابضات الزهور... تذهب الي حيث الامعقول.... ويخمر سؤال .... علي جبين الدروب... اين ذهبوا؟ يوم كانو يتحدثون ... يضحكون ... يعشقون.... اين ذهبوا ؟ استاذي الفاضل فضيلي جماع الكلمات لا تموت قوافي شعره شموس ضوئيه.. ستظل تضيئ دواخلنا.. شوقا .. ولهفه .. حبا ... وحياه .. له الرحمه والمغفره
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: يا بت يا نيل)
|
Quote: الكلمات لا تموت قوافي شعره شموس ضوئيه.. ستظل تضيئ دواخلنا.. شوقا .. ولهفه .. حبا ... وحياه .. |
أختي الشاعرة الرقيقة/ يا بت يا نيل لك السلام وشكرا على مرورك البهي في هذه المناسبة الحزينة. صدقت وأنت تقولين: الكلمات لا تموت ! أكيد أن ما كتبه الشاعر العظيم/ مصطفى سمند سيظل صداه ما بقى الحرف العربي منطوقا به. لك التحية العطرة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: فضيلي جماع)
|
أُستاذُنا / فضيلي جَمَّاعْ ..
شُكْرًا وفيًّا لِرُوحِ حَرْفِكَ
الجميلة ..
و" لِمُصْطَفانا " أقُولُ :
هَـا قدْ باتَ الشِّعْرُ بفقدِ والدِ الجمالِ
فينا يَنْتَحِبُ الحُرُوفَ ونَحْنُ أسْفَلَ البُكاءِ
واجِمينَ نُعَاينُ طُقُوسَ الفاجِعَةِ
وَوَيْلاتِ الرَّحيـلْ ..
فشُكْرًا بحجمِ حُرُوفِكَ النَّاطِقَةِ
بِنا ولَنَا تِلالَ عافيةٍ وَوَرْدَ
أمَـانْ ،
قَطْعـًا رحَلْتَ عنَّا جسَدًا لكـنَّ
حَرْفَكَ يَسْكُنُ في دَوَاخِلِنا التِصَاقٌ
وامْتِزَاجٌ لا تُبَدِّلُهُ السّنُونْ ،
نتمنَّى لكَ فِرْدَوسَ الجمالِ حيثُ يَطيبُ
بِكَ الوُجُودُ ويَفْرَحُ بمَجيئِكَ المقـامْ ..
وتحيَّتي لكَ يا أُستاذَنا / فضيلي .. يَحْمِلُها
سِرْبُ أوِزٍّ حزينْ ..
احترامي ..
أخوك / محمَّد زين ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: لقد رحل إلى الفراديس اليوم أجمل بيت شعر !! (Re: Sabri Elshareef)
|
Quote: الأخ الأديب / خالداحمد بابكر شكرا لك على هذه السياحة التي نفحتنا فيها الكثير من اللمحات النقدية والتحليل الجيد للخطاب الشعري للراحل المقيم مصطفى سند وتأثير هذا الخطاب على جيل من الشعراء السودانيين. يكون أجمل أيها الصديق لو توسعت في هذه اللمحات لتكون دراسة قائمة بذاتها يفيد منها القارئ لشعر سند. في مداخلتك هذه الكثير من رؤوس المواضيع التي يمكنك توسعتها بشيء من روح البحث والدراسة النقدية. |
شاعرنا/ فضيلي جماع
التحية لك... أشكرك كثيراً على التعليق.. وكلي أمل في أن نتوسع في تلك المقالة لتصبح دراسة في تأثر بعض الشعراء المعاصرين بشاعرنا الكبير سند. كما آمل أن تتوسع في كلامك حول الغموض الشعري، فلي بعض الآراء التي سأحاول لاحقاً أن أثبتها في هذا البوست علنا نكون قد فعلنا فعلاً نافعاً... ولك الود من قبل ومن بعد
| |
|
|
|
|
|
|
|