حــــول قضــــية الـديـن والـدولة (قراءة في التأريخ الإجتماعي للدين الإسلامي)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-17-2024, 04:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-17-2008, 05:06 PM

abduelgadir mohammed
<aabduelgadir mohammed
تاريخ التسجيل: 04-20-2008
مجموع المشاركات: 733

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حــــول قضــــية الـديـن والـدولة (قراءة في التأريخ الإجتماعي للدين الإسلامي) (Re: abduelgadir mohammed)

    (وردت إليّ هذه الكتابة عبر الإيميل ؛؛؛ ورأيت إضافتها الي البوست مع ذكر إسم كاتبها ؛؛؛ لأنها حتماً ستضيف إلي البوست ؛؛وربما تزيد مساحات الحوار حوله)


    سعيـــد الكحل



    الحاكمية الإلهية‮ ‬
    هل‮ ‬يجب الحكم باسم الله‮..‬؟‮!‬
    ‮ ‬1- الحاكمية الإلهية تعني‮ ‬إقامة الدولة الدينية التي‮ ‬تطبق الشريعة بدلاً‮ ‬من القوانين الوضعية‮. ‬في‮ ‬الحاكمية المشرّع هو العقل الإلهي،‮ ‬وفي‮ ‬الدولة المدنية المشرّع هو العقل البشري‮. ‬يقول أيمن الظواهري‮:"‬فهؤلاء الحكام‮ [‬الذين‮ ‬يسعون للسلام مع إسرائيل‮] ‬خارجون عن الشريعة الإسلامية لاحتكامهم إلى قوانين ودساتير وضعية مخالفة للشريعة الإسلامية‮ ... ‬وهؤلاء لا‮ ‬يعتبرون حكومات إسلامية بل حكومات علمانية لا تحتكم إلى الشريعة‮. ‬وقد نص على كفر أمثالهم كثير من الأئمة المسلمين‮". ‬فكيف تنظرون إلى هذه الحاكمية الإلهية التي‮ ‬يتمسك بها الطيف الإسلامي‮ ‬السياسي‮ ‬من بن لادن إلى مهدي‮ ‬عاكف وعبد السلام‮ ‬ياسين وعلي‮ ‬بلحاج وراشد الغنوشي‮ ‬ويوسف القرضاوي؟
    ـ بداية لا بد من التنبيه إلى أن مفهوم الحاكمية لا أصل له في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . بل هو مفهوم صاغه أبو الأعلى المودودي . وقد استند في ذلك إلى عدد من الاجتهادات الفقهية التي أنتجتها ظروف سياسية طغت فيها الصراعات على السلطة . فجاءت تلك الاجتهادات الفقهية تشرعن موقف طرف سياسي وتضفي عليه "المشروعية" ، بل تزكي التحريض على الأنظمة السياسية الحاكمة في الدول القطرية . ومن ثمة اتخذ مفهوم الحاكمية "طابعا تحريضيا" أو "دورا تحريضيا" بتعبير الأستاذ طه علواني . ودعاة الحاكمية لا يريدون الفقه أو القضاء لتطبيق ما يعتبرونه "حكم الله" ، بل هدفهم الأساس هو السلطة وحكم الدولة ولا يضيرهم في هذا أن يحاربوا ويقتلوا كل من يخالفهم الرأي . وكان علي بن أبي طالب أول ضحية لشعار " لا حكم إلا لله" الذي سيكون فيما بعد قاعدة إيديولوجية ستتأسس عليها تيارات إسلامية كمذاهب أو كجماعات إسلامية متطرفة أو معتدلة ؛ كلها تعتبر المدخل لإصلاح الأمة وأسلمة الأنظمة الحاكمة هو "الحكم بما أنزل الله" . وبمقتضى هذا يميز دعاة الحاكمية بين النظم السياسية "الإسلامية" وهي التي "تحكم بما أنزل الله" ، وبين النظم التي لا تحكم بما أنزل الله فتكون "كافرة" وإن أقام الحكام الصلاة . إذن ، وبهذا المعنى ، ينصب دعاة الحاكمية أنفسهم نوابا عن الله يقضون بكفران الأنظمة والشعوب ويوجبون قتالها . وفي هذا اعتداء على إرادة الله وصفاته ، إذ يجعلون من الله ما يريدونه أن يكون ويتصرفون في شريعته وخلقه وفق ما يشتهون . فهم من يحدد شروط الإيمان ومن يملك مفاتيح التوبة ومن يقيم الساعة قبل أوانها . بمعنى هم من يشرّع نيابة عن الله فيعطلون تشريعاته ويشاركونه الحكم بما يفترون . وهنا يضع دعاة الحاكمية أنفسهم في تناقض مع كل الشعارات التي يرفعون ومع صدق الإيمان الذي يدعون . فلم يعد الذي يحكم ويشرّع هو الله تعالى ، بل هم دعاة الحاكمية الذين يقتلون الناس ويكفرونهم ويشرّعون لذلك . إن الله تعالى حرّم قتل النفس إما لمعتقد أو عصبية وهم يفعلون باسم الشرع . كما أن الله منع نبيه الكريم من إكراه الناس على اعتناق الدين الإسلامي ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) ( لا إكراه في الدين ) ( لست عليهم بمسيطر ) ، بينما دعاة الحاكمية يفعلون ويقتلون ويكفرون وفقا لشريعة افتروها على الله كذبا وبهتانا . فالله تعالى أشرك الناس في الحكم فيما يتعلق بعلاقة العبد بربه وذلك واضح في الآية الكريمة ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرم ومن قتلَهُ منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتَلَ من النَّعَم يحكُمُ به ذوا عدل منكم ) المائدة : 95 . بيّن إذن أن الله تعالى ارتضى حكم عباده وتحكيمهم في قضايا لا تتعلق بالمعاملات ، ولكن بالعبادات . فكيف يزعم دعاة الحاكمية أنهم يحرصون على تطبيق حكم الله وهم أول من يخرقه ويعتدي على سلطة الله ؟ وبسبب ذلك عرفت الأمة الإسلامية تجارب دامية ولا زالت تعاني منها ولم تتحصن من عودة المآسي باسم "حكم الله" وتطبيق شريعته . وما فعلته حركة الطالبان بأفغانستان والمحاكم الإسلامية في الصومال دليل قاطع عن فداحة الجرائم وبشاعتها التي ترتكب باسم الدين السمح وباسم الله الرحيم .
    ‮ ‬2‭-‬ هل التخلي‮ ‬عن الحاكمية،‮ ‬أي‮ ‬عن تطبيق الشريعة بما فيها من عقوبات بدنية كجلد شارب الخمر،‮ ‬وقطع‮ ‬يد السارق،‮ ‬ورجم الزاني‮ ‬والزانية حتى الموت،‮ ‬وقطع رأس المرتد‮. ‬كفر بواح كما‮ ‬يقول الإسلاميون،‮ ‬أم هو ضرورة من ضرورات العصر،‮ ‬والضرورات تبيح المحظورات كما تقول القاعدة الفقهية؟
    ـ إن الأحكام التي ذكرت ليست كلها أحكام أقرها الإسلام ونص عليها . بل أحكام من وضع البشر لأسباب تاريخية وسياسية . ومن تلك الأحكام المفترى على الشرع بها رجم الزناة وقتل المرتد . إذ لا وجود لنص قرآني يشرع لرجم الزاني . وسيكون من الأفيد التذكير بما سبق وحكاه الدكتور القرضاوي ( عند حديثه عن مؤتمر ندوة التشريع الإسلامي المنعقدة في مدينة البيضاء في ليبيا عام (1972)، قوله: «وفي هذه الندوة فجر الشيخ أبو زهرة قنبلة فقهية، هيجت عليه أعضاء المؤتمر، حينما فاجأهم برأيه الجديد. وقصة ذلك: أن الشيخ رحمه الله وقف في المؤتمر، وقال: إني كتمت رأيًا فقهيًّا في نفسي من عشرين سنة، ... وآن لي أن أبوح بما كتمته، قبل أن ألقى الله تعالى، ويسألني: لماذا كتمت ما لديك من علم، ولم تبينه للناس؟. هذا الرأي يتعلق بقضية «الرجم» للمحصن في حد الزنى، فرأيى أن الرجم كان شريعة يهودية، أقرها الرسول في أول الأمر، ثم نسخت بحد الجلد في سورة النور. قال الشيخ: ولي على ذلك أدلة ثلاثة: الأول: أن الله تعالى قال: «فإذا أُحصِنَّ فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب» (النساء: 25)، والرجم عقوبة لا تتنصف، فثبت أن العذاب في الآية هو المذكور في سورة النور:«وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» (النور 2) والثاني: ما رواه البخاري في جامعه الصحيح عن عبد الله بن أوفى أنه سئل عن الرجم..هل كان بعد سورة النور أم قبلها؟ فقال: لا أدري. فمن المحتمل جدًّا أن تكون عقوبة الرجم قبل نزول الآية في سورة النور التي نسختها. الثالث: أن الحديث الذي اعتمدوا عليه، وقالوا إنه كان قرآنًا ثم نسخت تلاوته وبقي حكمه أمر لا يقره العقل، لماذا تنسخ التلاوة والحكم باق؟ وما قيل: إنه كان في صحيفته فجاءت الداجن وأكلتها لا يقبله منطق )( موقع شفاف الشرق الأوسط ـ مارس 2007) . ونفس الرأي أفتى به الدكتور حسن الترابي لما اعتبر أن الرجم ليس حدا شرعيا ، بل هو شريعة اليهود . أما ما يتعلق بباقي الأحكام ، فلا شك أن غاية الإسلام ليس إنزال العقوبة ولكن هداية الناس وإصلاحهم . ومصلحة الناس هي غاية الشرع . وأية عقوبة تحقق هذه المصلحة لا بد وأنها مشروعة حتى وإن لم تلتزم بما نص عليه الشرع . وسبق للخليفة عمر أن اجتهد وأوقف العمل بعدد من الأحكام الشرعية ومن ضمنها المساواة في الإرث بين الإخوة من الأب الذكور والإناث على خلاف الآية الكريمة ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ). وما ينبغي الإقرار به هو أن دعاة الحاكمية يتخذون من الآية الكريمة ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) مبررا لعدوانهم على أمن الشعوب واستقرار الدول . فالسعودية مثلا ، تطبق "شرع الله" وتعتبر أحكامها القضائية مستمدة من الشريعة وليس من القوانين الوضعية ، ورغم ذلك يحاربها دعاة الحاكمية بنفس المبررات التي يحاربون بها بقية الأنظمة السياسية . إذن ليس الغرض تطبيق الشرع بل الغرض هو شرعنة الحرب على الأنظمة السياسية بهدف إسقاطها والاستيلاء على السلطة .
    3ـ يكفر الإسلام السياسي‮ ‬القوانين الوضعية وحقوق الإنسان لثلاثة أسباب‮: ‬1‮-‬أنها من صنع البشر‮ ‬2‮- ‬أن مرجعيتها‮ ‬غربية عن المرجعية الإسلامية‮ ‬3‮- ‬أنها تحلل ما حرمت الشريعة‮ ... ‬ويضربون على ذلك مثلاً‮ ‬بمادة الإعلان العالمي‮ ‬لحقوق الإنسان التي‮ ‬تعترف للإنسان بحقه في‮ ‬حرية التدين وحرية الاعتقاد‮ ... ‬قائلين بأن ذلك‮ ‬يعني‮ ‬حرية المسلم في‮ ‬الردة،‮ ‬أي‮ ‬تغيير دينه أو التخلي‮ ‬عنه جملة‮. ‬فما ردكم على هذه الاعتراضات؟
    ‮إن تيار الإسلام السياسي يختلف جزئيا عن التيار الجهادي في مسألة الديمقراطية وحقوق الإنسان والانتخابات . ذلك أن تيار الإسلام السياسي يعرف ديناميكية داخلية جعلت كثيرا من فصائله تقبل بالعملية الديمقراطية وتنخرط فيها رغم بعض التحفظات التي تبديها من حقوق الإنسان المتعلقة بحرية الاعتقاد وبحقوق النساء . وتراجع قادة هذا التيار عن مواقف سابقة إما بفعل إكراهات الواقع أو بفعل النهج البراجماتي الذي ينهجه هذا التيار . بينما التيار الجهادي يتخذ مواقف عدائية وتكفيرية ضد النظم الديمقراطية وقوانينها الوضعية . إذ نقرأ من بين ما يستند إليه هذا التيار التكفيري من معتقدات ( نعتقد أن الديمقراطية دعوة كفرية تعمل على تأليه المخلوق و اتخاذه ربا و ترد له خاصية التشريع والحكم من دون الله تعالى فهي كفر بواح و خروج عن دائرة الإسلام فمن اعتقد بها أو دعا إليها وناصرها أو تحاكم إليها فهو كافر مرتد مهما تمسح بالإسلام وتسمى بأسماء المسلمين.
    ونعتقد أن الأنظمة الوضعية السائدة في بلاد الإسلام نظام كفري مقتبس من قوانين اليهود و النصارى واضعوها شركاء لله في الحاكمية و العاملون بتلك الأنظمة أو المقرون لها أو المتحاكمون إليها مشركون
    ونعتقد كفر الحكام الذين يبدلون شرع الله بشرائع و قوانين الكفر و الحاكم الذي يجعل من نفسه ندا لله في خاصية التشريع فيشرع التشريع الذي يضاهي شرع الله .
    ونعتقد أن العلمانية على اختلاف راياتها ومسمياتها و أحزابها المعمول بها في الأمصار التي تفصل الدين عن الدولة و الحياة و شؤون الحكم و العباد و تجعل ما لله لله و هي زوايا التعبد و حسب و ما لقيصر لقيصَـر و هي جميع مرافق و شؤون الحياة وما كان لقيصر لا يصل إلى الله وليس من حقه ولا من خصوصياته التدخل فيه غرس خبيث و دخيل على الأمة و هي كفر بواح و مروق من الدين فمن اعتقد بها أو دعا إليها أو ناصرها أو قاتل دونها أو حكم بها فهو كافر مشرك.
    ونعتقد أن الديار التي تعلوها أحكام الكفر هي ديار كفر و حرب ولا يلزم من هذا تكفير ساكنتها مع اعتقادنا بأنها خليط بين الكفار و الفساق و المسلمين كل يعامل بحسب حاله و لا نقول بقول غلاة المكفرة أن الأصل في الناس الكفر .
    و نعتقد أن الكفر بالطاغوت شرط في صحة الإسلام فمن لم يكفر بالطاغوت منفي عنه الإيمان و غير داخل في دائرة الإسلام إذ هو الركن الركين في شهادة التوحيد بنص القرآن) .
    وبناء عليه ، تلتقي جماعات وخلايا هذا التيار على عقيدة الولاء والبراء التي لا تترك من خيار سوى الانتقال إلى الفعل وممارسة العنف والقتل والتدمير باسم "الجهاد" ضد المجتمعات المسلمة ـ مجتمعاتهم الأصلية ـ بحجة أن الجهاد ضد مواطنيهم مقدم على الجهاد ضد غيرهم بحجة أن ( جهادهم مقدم على جهاد اليهود لسببين : القرب والردة ) كما أفتى بهذا عبد الكريم الشاذلي أحد شيوخ هذا التيار. وتجسيدا لهذه العقائد أصدر شيوخ التيار الجهادي الفتاوى والأحكام التالية :
    ـ المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع كافر ، لأنه استبدل القوانين الإسلامية بالوضعية ، وأن مظاهر الانحلال والفساد فشت فيه، وأن المعروف قد أصبح منكرا ، والمنكر أضحى معروفا .
    ـ أفراد هذا المجتمع وحكوماته مرتدون مارقون ، والمظاهر الإسلامية في هذا المجتمع مظاهر كاذبة
    مضللة منافقة ، فشيوخ الدين ممالئون للسلطان الكافر .
    ـ الجهاد مفروض لتغيير هذا الواقع ، وإحلال شريعة الله مكان شريعة الكفر .
    ـ الوسائل السلمية لا تجدي فتيلا ولا توصل للهدف السابق لأن كل عمل سلمي للدعوة يقابل بالدعاية الحكومية الكافرة .
    ـ ما دام الحكام كفرة والجهاد واجبا ، فقد وجب الخروج عليهم وقتالهم بالسلاح .
    ـ يجوز قتل كل من تترس به الكافر ولو كان من المسلمين .
    ـ ليس للنساء والأطفال حرمة ، لأن أولاد الكفار من الكفار .
    ـ يجوز قتل الكفار ـ وهم الحكام والشعوب الراضية ـ ليلا ونهارا ، وبغير إعلام وإشعار لهم ، ولو قتل في ذلك نساؤهم وأطفالهم .
    ـ لأن النظام نظام كافر ، فالدار التي نعيش فيها دار حرب ، وبذلك تكون كل ديار المسلمين الآن ديار حرب ، يجوز فيها ما يجوز في دار الحرب ، من القتل والسلب والنهب والغصب والخطف .
    ـ ليست هناك طريقة لإيجاد الحكم الإسلامي إلا بالحرب) .
    إن الذين يرفضون الديمقراطية ويكفرون المجتمعات بحجة أنها تشرع لنفسها ، عليهم أن يدركوا حجم التناقض الذي يسقطون فيه . فإذا كان رفضهم للديمقراطية بمبرر أن الإنسان يشرع ، أي يضع قوانين وتشريعات وفق ما يخدم مصلحة المجتمع من خلال المجلس التشريعي الذي هو مؤسسة تضم ممثلي الشعب ، ومن ثم يكون هؤلاء الممثلون أدرى بمصلحة المواطنين ، فإن الفقهاء هم أنفسهم بشر يجتهدون وفق ما تقتضيه مصلحة الأمة/الشعب . فالفقهاء يستنبطون الأحكام ويجتهدون في وضع تشريعات يعتقدون أنها مستمدة من الشرع وقد لا تكون كذلك ، كما هو فقه البداوة الذي يحرم على المرأة كل مشاركة في الحياة العامة ويجردها من إنسانيتها . فهذا الفقه هو شرعنة للأعراف والقيم البدوية التي جبها الإسلام ، ورغم ذلك يعتبرها دعاة الحاكمية "شرع الله وحكمه " . فهل من شرع الله منع ولاية المرأة على نفسها وعلى غيرها ؟ ألا يتناقض هذا التشريع الفقهي مع التشريع الإلهي الذي أقرته الآية الكريمة ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ) ؟ ألم يثن الله تعالى على حكمة ملكة سبأ وجعلها عبرة تحتذى ؟ وهل من شريعة الله تحريم تعليم المرأة وعملها ؟ أليس هذا تشريعا منافيا للتشريع الإلهي ؟ ألا يجعل الفقهاء أنفسهم أندادا لله في التحريم والتحليل ؟ إن التشريع هو التشريع سواء وضعه الفقيه أو البرلماني ، فكلاهما يجتهدان في وضع تشريعات وقوانين . لكن الفرق بينهما ، حسب دعاة الحاكمية ، ليس تحقيق المصلحة العامة وفق ما ينص عليه التوجيه النبوي الشريف ( ما كان من أمر دنياكم فأنتهم أدرى به ) ، بل الفرق هو العمامة واللحية والتمسح بالقرآن والتخفي وراء تلاوته . لقد أكدت عدة تجارب أن هؤلاء أشد عداء لمصلحة شعوبهم . إذ ما تعانيه المرأة في المجتمعات الشرقية بسبب جرائم الشرف لا نظير له ولا أساس له في شرائع الإسلام . وبسبب الأعراف الاجتماعية والقيم الذكورية يعيد دعاة الحاكمية إنتاج تأويلات تكرس الأعراف وتجعلها دينا من الدين . ففي الباكستان ناهض الإسلاميون بشراسة تغيير بنود " قانون الحدود" الخاصة بجريمتي الاغتصاب والزنا . وكان هذا القانون أقر خلال حكم الجنرال ضياء الحق عام 1979 ، وينص أساسا على تطبيق عقوبة الإعدام على كل امرأة تقدمت بشكوى تعرضها للاغتصاب دون أن تتمكن من تقديم أربعة شهود " مسلمين ورعين" . وفي محاولة للضغط على البرلمان وتهييج الرأي العام ، قاطع نواب المعارضة الإسلامية جلسة البرلمان ، بعد أن حذروا بشدة من الإصلاح القانوني المقصود واتهموه بكونه سيجعل من باكستان «مجتمعا تسود فيه الحرية الجنسية». إذ سبق وصرح في البرلمان ، زعيم المعارضة مولانا فضل الرحمن أن(هذه محاولة لإنشاء منطقة حرة للجنس في باكستان) . فالأمر بالنسبة له لا يدعو إلى تغيير القوانين على اعتبار أن (القوانين الحالية صحيحة ويجب المحافظة عليها. ليست هناك حاجة لإدخال أي تعديل. التغييرات لا تتفق مع تعاليم الإسلام ) .
    وفي المغرب ، وعقب صدور مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية ، هاج الإسلاميون تكريسا لظلم المرأة وابتذالها من خلال مناهضتهم لمطالب الرفع من سن الزواج إلى 18 سنة وتقييد تعدد الزوجات ، ووضع الطلاق بيد القاضي واقتسام الممتلكات الزوجية . إنهم لا يراعون في المرأة إلاًّ ولا ذمة . ولولا سلطة إمارة المؤمنين وهيبتها لما وجد مبدأ المساواة منفذا ليكون قاعدة بنود مدونة الأسرة وموجهها . أما في الكويت فظل الإسلاميون يناهضون كل قانون يضمن للمرأة حقها في المشاركة السياسية عبر التصويت والترشيح وتولي المناصب الحكومية . وسبق لجريدة "الخليج الإماراتية" أن نظمت ندوة في موضوع الحقوق السياسية للمرأة إلى أين ؟ نشرتها في عددها ليوم 13 ـ03ـ 2005 ، شارك فيها الأمين العام للتجمع السلفي خالد سلطان بن عيسى الذي قدم مسوغات الرفض التالية : ( هذه قضية شرعية نحتكم فيها لما جاء في الشريعة الإسلامية التي تمنع عمل المرأة بالولاية العامة، ولما كان منصب عضو البرلمان يدخل تحت بند الولاية العامة، فإن الأمر المقرر شرعاً هو عدم جواز مشاركة المرأة فيه، ولذلك فإننا لا نتفق مع أية آراء شاذة تقول غير ذلك، ونحن مستعدون لإثبات ما نقوله بالأدلة والبراهين الشرعية) . واستمر الوضع عقودا حتى تكسر عنادهم على إرادة الأمير ونضال قوى المجتمع الحية . ورغم ذلك يفوتهم الاعتبار ليظلوا يطاردون كل نور يضيء سبيل المرأة إلى الارتقاء والانعتاق . وفي الأردن ظل البرلمانيون الإسلاميين يعارضوا إلغاء المادة 340 من القانون الجنائي التي تقدم عذر التخفيف لفائدة القاتل فيما يعرف بجرائم الشرف ، لدرجة أن عقوبة الجاني لا تتجاوز في أقصى الحالات سنة سجنا . ودفاعها عن موقف الإسلاميين هذا ، قالت إحدى برلمانيات التيار الإسلامي الأردني مشرعنة جريمة القتل ( ولكن لو تم القتل فهناك الحكم الذي نقوله نحن دائما ، هذا الحكم هو : قال الإمام العلامة الفقيه المحدث ابن قدامة المقدسي ( وإذا وجد رجلا يزني بامرأته فقتله فلا قصاص عليه ولا دية لما روي عن عمر ابن الخطاب ) .
    وفي مصر لا يكاد يخمد هيجان حتى يتلوه موجان ضد أي تصريح أو تلميح يتناول "الحجاب" وحتى "النقاب" . فبعد الداعية جمال البنا والأستاذة سعاد صالح كان دور وزير الثقافة المصري فاروق حسني لا لشيء سوى لكونه وصف ارتداء الحجاب بأنه "عودة إلى الوراء".
    4 هل تشاطرون من‮ ‬يطالبون بتعديل الدساتير والقوانين في‮ ‬البلدان العربية لتطهيرها من رواسب الحاكمية مثل اللامساواة بين الرجل والمرأة،‮ ‬والمسلم وغير المسلم،‮ ‬والتنصيص على دين الدولة ودين رئيسها وحرمان المسلمة من الزواج من‮ ‬غير المسلم ؟
    ـ بالتأكيد أن المطالبة بوضع دساتير ديمقراطية مبنية على مبادئ حقوق الإنسان ، تزداد ملحاحية أمام الدعوات التي يقودها دعاة الحاكمية ومعتنقو عقيدة الولاء والبراء . فهذه العقائد لا تقر بحقوق المواطنة ولا بمبادئ حقوق الإنسان . وما يعانيه الأقباط في مصر مؤشر على حجم المخاطر التي تتهدد مجتمعاتنا ويظل مصدرها دعاة الحاكمية . وحتى تقطع الحكومات العربية الطريق على هؤلاء ، عليها أن تعجل بوضع التشريعات التي تقر بالمساواة في المواطنة وفي الحقوق السياسية والمدنية . ومن شأن تشجيع الاجتهاد الفقهي في هذا الشأن أن يقلل حدة المقاومة التي يبديها دعاة الغلو والتطرف والحاكمية . ذلك أن زواج المسلمة من المسيحي بات واقعا لن تمنعه آراء الغلاة ، فضلا عن الاجتهادات الفقهية التي تجيز هذا الزواج . لهذا يكون الانفتاح على مثل هذه الاجتهادات أمرا ضروريا لتحصين المجتمع وتقوية تماسكه . إن الدول العربية بحاجة إلى أن تحكمها القوانين التي تعبر عن إرادة الشعوب وحاجاتها ومصالحها ،لا أن تحكمها الفتاوى التي ، في معظمها ، تظل مصدر فتن لا تبقي ولا تذر . فالدين لله والوطن للجميع . وحتى يكون الأمر كذلك يتوجب التواضع على تشريعات تحمي حقوق كل المواطنين في الانتماء للوطن والمساهمة في بنائه وإدارة شؤونه العامة والمحلية .
                  

العنوان الكاتب Date
حــــول قضــــية الـديـن والـدولة (قراءة في التأريخ الإجتماعي للدين الإسلامي) abduelgadir mohammed05-19-08, 10:34 AM
  Re: حــــول قضــــية الـديـن والـدولة (قراءة في التأريخ الإجتماعي للدين الإسلامي) abduelgadir mohammed06-17-08, 05:06 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de