|
|
 Re: الخاتم عدلان ذلك الإنسان ..حركتنا بسكونك أيها الملك.............(ع الوهاب همت ) (Re: الطاهر ساتي)
|
الخاتم عدلان ذلك الإنسان ..حركتنا بسكونك أيها الملك(2-2)
عبد الوهاب همت
[email protected]
ذهبت إلى القاهرة من دمشق أقمنا في مدينة نصر والمنزل مكتظ بالزوار وقادة العمل المعارض حينذاك وظروف القاهرة... القاهرة ينفق الخاتم كلما يملك للمساعدة في دفع إيجار منزل أو لعلاج قادم من قهر الجبهة الإسلامية وسجونها. العدو معروف ومكشوف يأتي ابن الشرق المناضل الأستاذ إبراهيم آداب القيادي في جبهة الشرق حالياً بالخطط والمشاريع بل وبالقوة الضاربة للإطاحة بنظام الجبهة الإسلامية, يضع الخاتم نفسه رهن إشارته مقاتلاً في الصفوف الأولى وعوامل كثيرة تقف حائلاً دون نجاح الأمر.
في 10 يناير 1994 نتحرك سوياً إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب, وكنت احمل في يدي كتاب الأستاذ محمد إبراهيم عبده كبج بعنوان خمس سنوات من الإفقار والدمار في ظل حكم الإنقاذ رجل الأمن المصري البليد الواقف عند مدخل المعرض يطير فرحاً ر غم أن العنوان واضح كالشمس في رابعة النهار, يقرر أن الكتاب يبشر بفكر الإنقاذ, يتدافع رجال الأمن نحونا وفي فترة لا تزيد على العشرة دقائق نحاط الخاتم وأنا بأكثر من أربعين شخصاً, يتم إدخالنا لغرفة محتشدة بأصحاب الذقون المتطرفين المصريين, يرفض الخاتم رفضاً قاطعاً الدخول إليها ويقول نحن غادرنا السودان من اجل أمثال هؤلاء ولا يمكن أن ندخل معهم في مكان واحد, يبدأ التحقيق بالأسماء مصطفى طه وهو الاسم الذي دون في الجواز الذي غادر به الخاتم السودان يأتي دوري اسمك ويمتد التحقيق لقرابة العشرين ساعة يفاجئني الخاتم إن هذا الكتاب يخصه هو ولا يخصني رغم أن الكتاب عثر عليه بين يدي, وبعد عدة اتصالات يتم تحويلنا من ارض المعارض إلى لازوغلي حيث مباني امن الدولة وهناك تصل وشاية بان الأسماء غير صحيحة والمحقق هو المسئول عن القسم السوداني برتبة مقدم, يصر على أن نمده بكيفية استخراج جواز الخاتم ولماذا ضحك على الأمن المصري ولماذا حذفت أنا اسم والدي نذهب لنعاود الحضور لعدة مرات في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر وفي الأخير يحيي ضابط الأمن المصري الخاتم على جلده ويقول أشياء ...
أنا أتحدث الآن عن شخص يمنح دونما ضجيج واستعلاء شان العالم المفكر المتواضع بتواضع وهدوء وأنت الشامخً فكراً المتسلح بالخلق والأدب كنت تسير راسخ القدمين غير مساومً على القيم .. منفتح العقل والقلب على آفاق أرحب.
نهرً من العطاء هادئاً كالنيل الأبيض يروي الأرض ويسقي الغرس دونما منِّ من اجل العطاء ومن اجل الخير.. ومن اجل الديمقراطية والحرية.. حرية الاختيار لرؤية الواقع ورؤية قواه الثورية, أو رؤية هذا الصراع في حركته الدائمة داعماً بل ومتحدا مع القوي المناضلة وتحريض الجماهير في اتجاه تحريرها وخلاصها من هوان الاستعباد, وهوان الذل والجهل, وهوان الجوع والمرض. مسترشداً بالعلم ومستضيئاً به في رؤية الإنسان والكون والمجتمع والحياة..
أنت أحد الذين أسهموا في إثارة الوعي وخدمة قضايا الوطن والمواطن, مهتدياً بالعقل والفلسفة التي اعتنقتها لحقيقة التناقضات التي كانت ولا زالت تصطرع مستوعباً تحولات عصره, ومنحازاً إلى الجوهر الثوري الذي تحويه هذه التحولات, صادحاً بالوقوف إلى جانب التطور ومؤمناً بأن التطور هو السمة الوحيدة لحركة التاريخ وانه ليس هناك تكويناً أبديا جامداً وأن كل شيء ماض في سيرورة التغير الدائم وأن البشر هم صناع أقدارهم وسعادتهم لم تنكص يوماً في تصويب سهامك بالكلمة المسموعة أو المقروءة وأنت المقاتل الأكثر حماسة وتوقداً وثباتاً ونفاذ بصيرة وقدرة تعبيرية وشمول ثقافة للتصدي للقوى التي تتدثر بلباس الدين تحت مسميات مختلفة وتوجهات متنوعة جبهة إسلامية... أنصار سنه... تكفير وهجرة.. إنقاذ ... مؤتمر وطني.. مؤتمر شعبي ..الخ من أضاليل وأباطيل, تتلاقى في محصلاتها الأخيرة على التقليل من دور العقل في معرفة الكون ومن قدرة العلم على خدمة تقدم البشرية جمعاء..
لقد قارعتهم يا خاتم بدراية وشجاعة دون يأس أو كلل أو ملل على امتداد حياتك العامرة الفاعلة.. كشفت و بتعابير رائعة زيف مرتكزاتها الفكرية, وخطر وخطل مفاهيمها وأنت على وعي كامل بما ستجره عليك من ويلات مع أصحاب هذه المفاهيم الموغلة في غياهب التخلف وهي قوى فاجرة في خصومتها.
أنت الآن هناك لا احد يفقه لغة الصمت ويستنكه بلاغته ولا احد يجيد قراءة الداخل متصفحا أغواره مثلك.
الوطن يا خاتم مثخن بالخرائب والأشلاء يغطيه الدمار.. أبناء الوطن الخلصاء يصطفوا الصف الأول صفاً للشهداء البواسل الذين غاصوا في ترابه واصلبوا عوده وعززوا صمود شعبهم, وآخرين اكتظت بهم السجون وشرع القتلة في تعذيبهم وسحلهم داخل الأقبية وبيوت الأشباح, بعضهم يمم وجه شطر الهجرة والمنافي لكنهم تدافعوا لقيادة العمل المعارض والإطاحة بحزب أتى ليلاً وأذاق شعبه الأمرّين, لكنهم أحبطوا فالمغانم الشخصية والحزبية حجبت عنهم رؤيا الوطن الذي تحول إلى فسيفساء.. كان قائد هذه المعارضة يصلح لكل شيء لكنه لا يصلح لقيادة هذا العمل الضخم الذي وجد نفسه فيه بلا مؤهلات ....الحكومة الآن تعد عدتها لاستقباله,لا مجتثا لجذورها كما وعد بل داعما لها وربما مندغما فيها.... بفضل هؤلاء وأمثالهم لا زالت الإنقاذ تتشبث بالسلطة حيث الثراء الفاحش للبعض والسيادة المطلقة للتافهين والتنمر للزائفين.. هي الإنقاذ التي قلت عنها منذ قرابة العشرة أعوام ياخاتم( أنها لا تصلح ولا تصالح) .
وأنت تتأمل من أي اتجاه تطل على الخاتم عدلان, وأنت جالس إليه تحتار كيف ومتي ومن أين تبدأ وعندما يبدأ هو في الاسترسال تتوه أنت في لججه, وتتأمل وتفكر في كنوزه وصخوره.. مع أمثاله وهم قلة يصبح الإيجاز مستحيلاً وهو الذي لم يجوز عطاياه علينا , في كافة المجالات والأصعدة, موسوعة في إنسانيته, تجد نفسك تصغي إليه طائعاً لتنهل بعض من معينه. وعندما ينصت هو إليك يقضي معك ساعاته الطوال دونما كلل أو ملل وهو العصامي الصلب.. المناضل الثوري والثورة تعني له الحب الكوني.
انه الصديق المتواضع الوفي.. الرفيق المقاتل الشرس.. رفيق شطر زاه مخصب من العمر.. المفكر واسع الأفق ..الكاتب المجيد.. المترجم البارع .. الخطيب اللسن.. جاهر الصوت واضح المخارج والعبارة .. دقيق الوصف.. الإنسان النابض بالخير المؤانس المتوقد وبقية الصفات المنقرضة في هذا الزمان.
هذا هو الخاتم كعهده حتى في الموت تقدم صفوفنا انه الآن سبقنا إلى ثرى السودان في عالم آخر انتصر المرض على جسد الخاتم , لكن الخاتم انتصر على الموت بفكرة .. الخاتم عدلان يكرم الأرض بجسده الطاهر وفكره النير..الخاتم الشجاع حتى في موته وموقفه من الوجود قال بعبارات واضحة..لو عشت ليومين أو ساعتين أو دقيقتين سأظل داعيا للوعي والاستنارة!!!!!!!!!!!!! من يتزعزع ولم يجزع وقال..نعم أنا أحب الحياة لكني لا أجزع من الموت. وقد كان يواجه الأم الداء العضال بثبات أسطوري..
الخاتم داخل مركزه المشع بالفكر ونحن في حضرته يصغي إلينا .. يفكر ..يحاول أن يقول ولكن في صمت.
لقد أعطى الخاتم وأوفى وزاد .. كان عطاؤه نضالياً صموده إبداعيا..وفكره نيرا
ترك لنا كل ذلك وغادر لنتعلم من حياته الماجدة والباسلة .
سأكتب عن الصديق؟.. لا..سأكتب عن إنسانيته الفذة سخية الشموس ؟ لا.. سأكتب عن صموده الأسطوري أمام قناعاته؟..لا سأكتب عنهم جميعاً ؟..لا لن اكتب ......
هل يمكنني تسوير العاصفة ؟... قبض المجرة أو الزلزال؟ هل يمكنني حجب قرص الشمس ؟ هل يمكنني إن ادخل الفيل في سم الخياط ؟ ..لا..لا..لا.. اذاًٍ يجب أن أتوقف...
أنها رفقة عمر طويل لا تترجم بكلمات يا خاتم..
http://www.alsahafa.sd/Raay_view.aspx?id=48578
(عدل بواسطة الطاهر ساتي on 05-19-2008, 04:08 PM)
|
|
 
|
|
|
|
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست