|
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات (Re: Abuelgassim Gor)
|
الحلقة الرابعة
أتخذت هذه الدراسة من الرؤية الاجتماعية، والمفاكرة الاستراتيجية مدخلا لها. وهى بها كثير فروض ومجادلة راكزة على وعى بطبيعة التطور التاريخى والاجتماعى لتلك المنطقة، ولانسانها المسيرى وثقافته البقارية، والدينكاوى وثقافته المونجانقية. أقول فيها أن أكثر الرؤى وأدخلها الى سنام مقالتى هى اننى أدعو الى نبذ العنف، والاستماع الى الآخر، والتعاضد، والتحمل، واحترام كافة أنواع الحياة، والديمقراطية الثقافية بين الاقوام هناك بعد أن اشتجرت بينهم شعب الحياة، وتنابذوا، وتخاصموا. ثم بحثت فى أسباب تفشى الكراهية، والاحقاد، والعهن بين المجموعتين من الدينكا نقوك والمسيرية العجايره فوجدتها ليست من أصل ثقافة المونجانق ولا من ثقافة البقارة، لكننى لمست نار الحرب تأكل الثقافتين وتقضمها قضما سريع، حتى خشيت أن يأتى يوم يصير الناس فيه عسكراً وعسساً شداداً غلاظاً، مخلفين وراءهم تاريخاً، وارثاً وعادات تحتشد بمفردات السلم. انه من بين ما لمست فى صراع (المونجانق والبقاره) موضوع الهوية ورأيت فيها حجر الزاوية لتاسيس أى بنائية أو منظومة تهدف الى الخروج من هذا النفق المظلم المخيف المرعب...انه مثلث اختفاء السلم فى السودان. ستظل مشكلة أبيى مهدداً أساسيا لمشروع الأمن الشامل فى السودان..السودان الذى يقترب من تلكم النقطة الفاصلة، فى تخلقه الجغرافى – الاستراتيجى.. أى ان الجغرافية، ومساحة السودان الشاسعة، مليون ميل مربع هى اساس أى استراتيجية لدولة حديثة فى السودان.ما يهمنى اليوم هو لفت نظر المونجانق والبقاره الى حقيقة انه لا يوجد اليوم على ظهر الأرض من هو أدرى بطبيعة خلافهم أكثر منهم...هم أنفسهم، المونجانق والبقارة ثقافتان مختلفتان، موجودتان على بقعة جغرافية واحده، هذا هو اختبار التاريخ، والجغرافية، وقبل كل ذلك هو ابتلاء، وامتحان الخالق لعباده، ليس هناك مخرج غير الامل، والايمان بحب الخالق وحب الوطن... أبيى هى اختبار السياسة فى السودان وفى قارة أفريقيا ان لم تجد الحل الناجع، والسلام الدائم الذى يقوم على احترام الهوية و وديمقراطية الثقافة التى تقول : ان يكون الناس ما يشاؤون من دينكا ومسيرية. ثم يأتى من بعد ذلك الخطاب السياسى الذى يقود لحكم راشد...وهذا يحتاج الى رجال حكماء، ليس دينهم البغضاء، ولا سجيتهم (تكميل الحدود) والتعبير (تميل الحدودى من حكم ثقافة البقارة) ويعنى اتاحة الفرصة للآخر، وتحمل تمظهراته الثقافية، ومزاجه السياسى...لقد تعلمنا من تاريخ الشعوب، وثقافاتها هناك عامل اساسى للتنمية، وهو (المزاج السياسى والثقافى) هذا المزاج لا يمكن صناعته، ولا يمكن اغتصابه، ولا يمكن قتله فهو تركيبة جينية.اليوم يتضح البعد الاستراتيجى لمنطقة أبيى وهى تعمل على فرملة آليات المقاربة بين الشريكين (لم تعد أبيي قرية صغيرة تقع عند الجزء الجنوبى الغربى لولاية غرب كردفان سابقاً، بل أضحت بؤرة توتر استرتيجى، واجتماعى تشمل كل ما يمكن أن نطلق عليه اليوم محافظة أبيي سابقا بأبعادها الجغرافية و الديموقرافية.تعتبر منطقة أبيى أكثر مناطق النزاعات وأشدها توترا فى السودان من الناحيتين الاستراتيجية والاجتماعية.لقد كان لهذه المنطقة الصغيرة أثر كبير فى انهيار اتفاقية أديس ابابا ثم كادت أن تعصف بمفاوضات السلام بنيفاشا فى عام 2004م بعد أن تسببت فى تأسيس نقاط الاختلاف على سياقات الهوية السودانية والتاريخ والجغرافيا بين طرفى الاتفاقية حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان) من كتاب: "ابيى مستقبل السلم والنزاع" فى هذه الحلقة أدعو الى النظر فى مشروع (مفاصلة الهوية وتحضير الحياة) الذى ظل مشروعا للتنمية البشرية بين الدينكا نقوك، ربما بمبادرات من قادة المسيرية، كل ذلك يقود الى التوازن. ان الحقيقة القاطعة تنص على أن منطقة أبيى تعيش ما يمكن تسميته (عدم التوازن السياسى) بين الشريكين (الحركة الشعبية) و(المؤتمر الوطنى). هنا أعيد صياغة هذا الحديث، ببعد نظر، وتحليل دقيق، بعيدا عن اليومى. طوب الارض يعلم أن اتفاقية السلام الشامل تصير اتفاقية حقيقية فى حالة عمل وتوافق هذان الحزبان، الشريكان هما طرف المعادلة (اتفاقية السلام الشامل). لا يمكننا اليوم أن نتخيل كيف تنمو المبادرات الاجتماعية، التى تهدف الى سلام مستدام بمنطقة أبيى بعيدا عن (التعاون) البناء بين هذين الشريكين. تدل كل الوقائع، ان الشريكين لم يركنا الى التنافس والتعاون البناء، لتأسيس خطاب سياسى ديمقراطى، يكسب فيه صاحب الطرح القوى والحجة الدامغه، والمشروع الذى يفيد الناس فى شأن حياتهم. لأن كل الناس، وكل عباد الله تعيش من أجل كرامتها وقيمها... غير انهما - الشريكان - اتخذا من التمظهرات السياسية ديدناً للتنافس، حتى اذا ما أكملا قولهما اتجها الى العنف فكان أمرهما فُرطا. انتهى
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-16-08, 11:11 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-16-08, 11:20 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-16-08, 11:26 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Biraima M Adam | 05-17-08, 00:44 AM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-17-08, 03:41 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-17-08, 03:51 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-16-08, 11:49 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | سلمى الشيخ سلامة | 05-17-08, 04:16 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-17-08, 05:26 PM |
Re: البقارى والمونجانق : مقاربة سيو-ثقافية فى خمسة حلقات | Abuelgassim Gor | 05-18-08, 05:26 AM |
|
|
|