|
رمضاء الدم -- ظل الوجع
|
ترفع الأرض وجهها ليحدثك التراب عن أناس تعشقهم، بشر أتوا قبل مولد الحزن، عن آخرين أتوا معه وكلهم لا يعرفون إلا وجه الحزن
وفى إفتتاحية الأبجدية الأولى كان المعلم الأول يمسك حرف الحا من يده العليا، يرفعه عاليا ويقفز به فوق شبح المفردات ويتجاوز رهق "الحا" يتجاوزه ربنا الى حب أو حديقة، حنين أو حقل
وقطعا لم يكن الدرس الأخير عن ال – الحب – هدية لعقول الكبار، قبل قلوبهم، بل كان عن ال – حرب-
تنتهى كل الدروس، ولكن أكثر الناس لا يفقهون
أناس فى بلادى أعشقهم يشاركون التراب تفتحه الأبدى يكتبون على ألواحه: إنا قديما كنا هاهنا منذ أزل العشق فما بالك يا هابيل تحتضن الفجيعة
هو منك وفيك وإليك
قاتلا أومقتولا
أناس فى بلادى على وجوههم إتخذ الود موطنه إن هم ضحكوا، تهب السماء أفضل ما فيها من أنس وإن هم غضبوا، تحول الود زلزلة وبحرا من هدير الحمى ولكن، حتى وهم فى غضبهم النبيل ذاك لا تملك إلا أن تهبهم المحبة أناس يرتدون لون الطين جلدا عليهم والنجمات شامات وضيئة ترصع ذلك الأديم الجلدى
ولكن أكثر الناس لا يفقهون
إقتله، إقتلها، إقتلهم
لم تود قتلهم؟ وفى الهواء متسع من شهيق يبذر الحياة فيكم جميعا
لم تود قتله يا قابيل؟
وأنتم ليس إلا فروعا فى شجرة واحدة تهب الظل رائحته تمنح الوطن اسمه وتوسم جباهكم بعلامة البقاء
كيف إذن إن أنتم قطعتموها ستفترشون ظلكم الندى، لترقص على حفيف أوراق دمكم الطينى كل أمنيات الأهل والأحباب والصحاب
أناس فى بلادى أعشقهم، تعشقهم
حين يذهب من يحبونهم يتشحون بالقصائد والرماد والتراب فالتراب تعويذة الحياة لديهم عزيز يمضى الى التراب وهاهو ترابك يا عزيز على رؤوسنا أى حزن زاهى مشع، ذلك الحزن ويلبسون الأبيض حدادا ليس تهميشا للأبيض، بل إجلالا للأسود
أناس يبكون حين تأتيهم بعد غياب ويبكون حين تفارقهم وبين جدران البكاء وصفحات كتاب الفراق فرح يسيل مع الدمع، ومودة بطيبة الأرض والعيون
فكيف بالله لا تحبهم؟ هنا أو هناك كيف بالله يطاوعك القبح، أو أنت تطاوعه تستل بأصابعه مدية خوف لا وجود له إلا فى بطن الوهم وتغرسها فى صدر الحب، وتقتلهم؟ وفى الوقت متسع من الضياء، لتغرس نخلة وسنديانة وبانة وأبنوسة على صدر الأمل الوضئ
ولكن أكثر الناس لا يفقهون
يا قابيل لن يصير دمك ذهبا أو ماءا ولن يخلع جلدك ثوبه الطينى عنه ولن تجد من يحبك، إن أنت حالفت الهزيمة فى رؤاك وتخاصمت مع أحلام الأرض إكتب إسمك على صفحة روحك وليشع السناء وتفنى خيبات الموت و الفناء، ولتزهر بسمات البقاء
لتهزم الضياع فى عيون ذلك المكان، ليبقى عشق أسمه السودان إن ضاع ضعتم، إن ضعتم ضاع
ولكن، أكثر الناس لا يفقهون
|
|
|
|
|
|
|
|
|