|
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم (Re: يوسف التجاني)
|
أعزائي جميعا شكرا لمروركم وتعليقاتكم الضافية. الحقيقة إن مرور 24 ساعة وأكثر على الأحداث لم يجل الصورة بالشكل المطلوب الذي يمكّن من تحليل ضاف.لكن المسألة برمتها كشفت عن خلل أمني خطير ظلت تتذرع به النخبة الإسلامية الحاكمة منذ مجيئها إلى السلطة في 30 يونيو 1989 حول التدابير التي اتخذوها للحيلولة دون وصول "الجيش الشعبي لتحرير السودان" إلى كوستي !!! كما طرحت – أو أعادت طرح – أسئلة كبيرة حول الهشاشة الأخلاقية والاجتماعية التي انحدر إليها المجتمع السوداني، وأجهزته الإعلامية التي راحت تصوّر – في إطار حملات دعائية الهدف منها التماسك/تماسك الجبهة الداخلية – الأمر على أنه انتصار على طغمة عملية ومجموعة من المرتزقة، (قال المتحدث باسم القوات المسلحة في تصريحات نقلها التلفزيون السوداني إن قائد الهجوم..[هلك])، مستعرضة جثثهم مكشوفة الوجوه، في تجاهل تام لحرمة الموت، ومدققة في وجوه الأسرى التي بان عليها التعذيب والضرب (إن لم أكن مخطئا)، وأمام الكاميرا جذب عنصر من الأمن رأس أحد الأسرى إلى الخلف !! الخرطوم الرسمية والشعبية ضجت قبل أسبوعين بالكاد لإطلاق سراح الزميل سامي الحاج من معتقل (غوانتنامو) الرهيب، المدان بحزم من كلّ النخب التي لا تزال تبحث عن قيم إنسانية، حتى النخب الأمريكية التي رأت أن المعتقل هو تعبير صارخ عن امتهان القانون وسوء معاملة الأسرى والمعتقلين، وإذا بها الخرطوم ذاتها التي تتحدث باسهاب عن (هلاك) (الأعداء) !! الخرطوم الرسمية والشعبية بما في ذلك (الصفحة الأولى لهذا المنبر) أغفلت الأسباب، التي من بينها – طبعا – وأخيرا، قصف الطيران السوداني – حسب منظمتين عالميتين للعون الإنساني، إضافة للأمم المتحدة على لسان أمينها العام، بان كي مون – منطقة مدنية في دارفور، متسببا بمقتل 12 على الأقل، وجرح 30 آخرين معظمهم من النساء والأطفال !!! صحيح، مغامرة الدكتور خليل إبراهيم، غير محسوبة العواقب، كانت خاطئة من الناحيتين السياسية والعسكرية، هذا إن لم تكن هناك تتمة ما في انتظار سكان الخرطوم، وصحيح أن الهجوم روّع مدنيين آمنين، لقي بعضهم مصرعه، لكن ذلك لا يجب أن يلفت أنتباهنا عن أسّ المسألة، فهو يتمثل ببساطة في (حريق دارفور) الذي عجزت النخب السياسية السودانية – كما هو دأبها، وهو شأنها كذلك في مسألة الجنوب – عن اخماده لعلة عميقة في الارادة السياسية، والأخطر من ذلك للتناقضات القيمية الجوهرية حول الإنسان ذاته، وهو السؤال المركزي الذي أعادت حركات الجنوب ودارفور والشرق (المسلحة) طرحه بشكل حاد، سؤال الثقافة السائدة حاليا، الثقافة التي لا تأبه كثيرا بـ(آلام الآخرين) وعذاباتهم، إلا إذا انتقل الجحيم إلى (هنا). وهو، للغرابة، سؤال استهلت به (الجبهة الإسلامية القومية) حكمها، حين عبرت عن رؤيتها بالقول إنها إن لم تأت لـ(بلغ جون قرنق كوستي) !! أيّ أن المهم ألا يأتي قرنق إلى كوستي، أيّ أن المطلوب أن يبقى (الحريق) في حدود الجنوب.والآن المطلوب – وطنيا وأخلاقيا – ألا يموت أطفال الخرطوم ونساؤها وشيوخها، لكن لا بأس بذلك إن حدث ذلك بعيدا، بعيدا جدا في الفاشر ونيالا، فالأطفال هناك، ربما تعودوا على الموت، وهو على أيّ حال أفضل لهم من حياة هامشية لا تهمّ أحدا سوى هذه (العصابات) المدعومة من تشاد التي تبتغي ترويع الآمنين !! أيّ وعي هذا، وأي (تطابق) رهيب مع رؤية غلاة المحافظين الجدد في واشنطن، المسنودين بمجتمع الصناعة، والرأسمالية المتمددة (عابرة القارات) التي ترى بالأساس في حياة (هذه الشعوب التافهة التي تعتاش على الاعانات، ولا توفر أيّ أسواق جديدة لصناعاتها) ترفا ما بعده ترف !! السؤال الآن، الذي يجب أن تشغل به النخب السودانية أذهانها، ليس هو مصير الدكتور خليل إبراهيم، أو أبعاد مغامرته، أو طوفان الدماء الذي غطى شوارع أمدرمان، بل، كيف تحل مسألة دارفور في اطار عريض و(ديمقراطي)، يجيب أول ما يجيب على الأسئلة التي لطالما أشعلت الحروب الأهلية في السودان، سؤال المركز والهامش، وسؤال من السيد ومن التابع في هذا القطر، سؤال المواطنة، وسؤال الهوية، سؤال الأحقية في الحياة والتعليم والعلاج و(الاهتمام والعناية) !! ولربما أرادت حركة العدل والمساواة اختبار القدرات الأمنية والعسكرية للخرطوم بشكل جدي، ونجحت في ذلك إلى حد ما، إنما بكلفة باهظة.ولربما أرادت جذب الاهتمام لقضية دارفور، ولربما الذهنية العنفية التي رعتها الحركة الإسلامية السودانية لعقود، هي المحرك والباعث، كون الذهنية تتوسل العنف دائما في تحقيق مآربها.وقد تكون للقصة (نهاية مختلفة) لم يتوضح منها إلا (المقدمة).ولربما حسب الدكتور خليل إبراهيم حساباته السياسية والعسكرية على نحو خاطيء.ولربما تكون نجماينا دعمته بالفعل، لكن، ألا يطرح ذلك أيضا أسئلة مهمة حول الأمن القومي السوداني، حاضرا ومستقبلا في ظل التوترات الدائمة بين الخرطوم وجيرانها، وفي ظل تناقضات المصالح، والمخالب التي تستخدمها عواصم المنطقة ضد بعضها بعضا ؟! ولربما يكون التخطيط الأساس هو أقصى تشتيت ممكن للطاقات الأمنية والعسكرية واستنزافها، كما فعل (أيمن الظواهري) باستراتيجية الضربات غير المتوقعة، تارة في خليج عدن، والسعودية، وكينيا وتنزانيا، ثم الولايات المتحدة (في عقر دارها) ؟! وإذا جرى ذلك (التشتيت) الأمني والعسكري، فما الذي سيعقبه؟! ما الذي سيعقب استنزاف الأجهزة الأمنية، أو حتى حالة الاسترخاء التي ستعقب التأهب الكامل ؟! الدكتور خليل يدرك جيدا العوامل التي أفشلت حركة 1976، ويعلم كيف كانت الكلفة باهظة حتى على المستوى النفسي على المعارضة السودانية (آنذاك).كما يعلم المعطيات التي كانت يمكن أن تنجح الحركة في 1976.ويعلم – أكثر من غيره – تكتيكات الأجهزة الأمنية والعسكرية في الخرطوم، ومدى الاستعداد والتأهب، فهل فات عليه كلّ ذلك؟! إما أن يكون (سياسي مبتديء)، أو راهن على معلومات مضللة ومبنية على سوء تقدير مبالغ به من قبل (حلفاء في الخرطوم)، أو أن المسألة برمتها، حتى الآن – حتى في ما يتعلق بوجوده في الخرطوم وتضارب الأنباء حول اعتقاله – هي في طور الاعداد و(التمويه) لما هو آت ؟! وهل يعني عجز الجيش والقوات الأمنية عن اعتراض (ناجح) للقوة التي تحركت من دارفور إلى أم درمان، هل يعني ذلك حاجة ملحة لمراجعة حقيقية وواسعة لكفاءة هذه الأجهزة وطرق رصدها ومتابعتها؟! وهل يعني ذلك أن أيّ اختبار جدي – آخر – من قبل قوى خارجية أوسع حيلة، وأكثر قدرات، يعني سقوط العاصمة في يدها ؟! ثم، هل تعني هذه العملية بدء هجمات كبيرة و(قاتلة) من قبل الحركات المسلحة في دارفور و(غيرها) خارج دارفور، لا سيما عمليات (نوعية) في كردفان وشمال السودان (سد مروي مثلا) ؟! وهل يعني فشلها (إذا كان فشلها تاما)، هل يعني الانتقال إلى عمليات نوعية أخرى داخل الخرطوم (تفجيرات مثلا) ؟! وهذا الظهور السريع لشركاء المؤتمر الوطني وقيادات المعارضة على شاشة التلفزيون الرسمي، هل يعني استشعارا عاليا بمسؤولية لاحقة و(كبيرة) بالضغط في اتجاه توفير حل (عادل وشامل) لمسألة دارفور، أم هو ظهور و..السلام، وأخلاقيا، ألا تترتب عليهم مسؤولية شجب الهجمات الأخيرة التي جرت في دارفور بواسطة الطيران السوداني (وأوقعت ضحايا مدنيين) ؟! وهل ستحاسب حكومة (الوحدة الوطنية!!) كبار مسؤوليها الأمنيين والعسكريين، أم ستكتفي بحالة الشعور الزائف بابعاد الخطر؟! وإلى أيّ مدى سيؤثر هذا الهجوم على (الهجمة الاستثمارية العربية على الزراعة في السودان) وهل كان هذا ضمن أهداف الدكتور خليل إبراهيم ؟! والسؤال الأهم هل تنجح هذه العملية في حمل قادة المؤتمر الوطني على القناعة بأن الحلول الأمنية والعسكرية – داخليا – تظل مكلفة للغاية ولن تجلب للسودان لا رخاءا ولا استقرارا ولا (أمنا) ؟!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | خالد عويس | 05-11-08, 03:35 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | ahmed haneen | 05-11-08, 05:53 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Abomihyar | 05-11-08, 05:59 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | فتحي الصديق | 05-11-08, 06:08 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Nagi Ahmed | 05-11-08, 06:17 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Waly Eldin Elfakey | 05-11-08, 06:37 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Nagi Ahmed | 05-11-08, 06:56 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Waly Eldin Elfakey | 05-11-08, 07:21 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | مجدى محمد مصطفى | 05-11-08, 07:21 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | البحيراوي | 05-11-08, 09:32 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | waw | 05-11-08, 10:12 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Adil Osman | 05-11-08, 10:12 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | SARA ISSA | 05-11-08, 10:46 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | waw | 05-11-08, 11:40 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Yasir Elsharif | 05-11-08, 01:53 PM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | welyab | 05-11-08, 04:32 PM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | mohmed khalail | 05-11-08, 09:42 PM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | يوسف التجاني | 05-11-08, 10:45 PM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | خالد عويس | 05-12-08, 00:58 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Bashasha | 05-12-08, 01:19 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Bashasha | 05-12-08, 01:23 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | خالد عويس | 05-12-08, 02:40 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Seif Elyazal Burae | 05-12-08, 02:48 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | مصطفي سري | 05-12-08, 03:05 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | تبارك شيخ الدين جبريل | 05-12-08, 02:44 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | hanouf56 | 05-12-08, 03:18 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Bashasha | 05-12-08, 03:12 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | خالد عويس | 05-12-08, 03:22 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | ثروت همت | 05-12-08, 03:39 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Bashasha | 05-12-08, 03:53 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | ثروت همت | 05-12-08, 04:35 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Yasir Elsharif | 05-12-08, 07:32 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | الرفاعي عبدالعاطي حجر | 05-12-08, 10:13 AM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | Tabaldina | 05-12-08, 05:07 PM |
Re: أسئلة مهمة حول أحداث الخرطوم | خالد عويس | 05-12-08, 07:04 PM |
|
|
|